زملاء

بيــان إلى الرأي العام : عام أول على انعقاد المجلس الوطني ….. عام آخر على قضية الحرية في سورية

قبل عام ونيِّف، وفي حدث استثنائي في سوريا المحكومة بتأبيد حالة الطوارئ وحكم الحزب الواحد واللون الواحد، التي أوصلت البلاد إلى ما هي فيه، تداعى مائة وثمانية وستون من مناضلي إعلان دمشق، هم أعضاء المجلس الوطني في دورته الأولى، إلى عقد مجلسهم الذي شكل محطة هامة على طريق مأسسة الإعلان وترسيخ مشروعه، على الرغم من المناخ الأمني الخانق، وخروجاً على حالة الخوف والانزواء التي زرعتها ممارسات الاستبداد في عقول السوريين وقلوبهم.ناقش المجتمعون وثائق الإعلان وتوجهاته وآليات عمله، لتأمين انتقال سلمي وآمن لسوريا نحو الديمقراطية، وانتخبوا عبر عملية ديمقراطية مشهودة، الأمانة العامة لإعلان دمشق، مكتباً للمجلس، وقيادة للإعلان تمثّلت بالأمانة العامة، وأصدروا بيانهم الختامي الذي حدد معالم سوريا المستقبلية وعلاقاتها في المحيطين الإقليمي والدولي. وفي هذه المناسبة يعيد الإعلان تأكيد تلك المنطلقات والتوجهات:

– إن إعلان دمشق الذي انطلق في 16/10/2005 وطرح شكلاً جديداً ونوعياً للعمل السياسي في سوريا في مواجهة نظام استبدادي من نوع خاص، ونجح في تكوين ائتلاف عريض، ضم قوى وتيارات سياسية متنوعة ومتباعدة تاريخياً، قومية ويسارية وليبرالية وإسلامية ديمقراطية، عربية وكردية وآثورية، حملت مشروعاً للتغيير الوطني الديمقراطي في سوريا التي أنهكها الاستبداد المديد، وبدّد طاقاتها، ونهب ثرواتها، وخنق صيحات الحرية في حناجر أبنائها، وتركهم نهباً للسجون والمنافي والإفقار، وهو ما عطّل نموها وتقدمها. وهذا المشروع يستحق ثقة الشعب السوري، ويعبّر عن تطلعاته ويحمل دعوة مفتوحة ودائمة لكل السوريين وقواهم الديمقراطية للالتفاف حول مشروع التغيير ودعمه، دون الادّعاء باحتكار العمل المعارض.

– إعلان دمشق حمل مشروعاً للمواطن السوري، من حيث هو إنسان قبل أية صفة أخرى، من حقه أن يعيش في دولة حق وقانون تضمن له الحق في الحياة وفي التعبير والعيش الكريم، دولة تستمد فيها السلطة شرعيتها من الشعب، الذي هو مصدر كل شرعية، وليس من سطوة القوة.

– وهو مشروع يسعى إلى إعادة اللحمة الوطنية، التي مزقتها ممارسات الاستبداد، وأنعشت فيها الولاءات التقليدية ما قبل الوطنية. ويجهد في الوقت ذاته لعودة سوريا إلى حضنها العربي، بعد أن قطّعت سياسات النظام الأنانية والمغامرة عرى التواصل الطبيعي معه، ما أدخل سوريا في عزلة عربية ودولية، لم تحصد منها إلا مزيداً من الأزمات فوق أزماتها.

– وهو مشروع يعمل لتقدّم سوريا وديمقراطيتها، ولعودتها جزءاً طبيعياً في العالم، تساهم بفاعلية في رسالته الحضارية، وتشارك العصر تطلعاته نحو الحرية والتقدم والسلام. وإعلان دمشق إذ ينبذ العنف وكل أشكال الإرهاب في الداخل وفي الخارج، أياً تكن الجهة التي تمارسه، يرى أن حالة عدم الاستقرار التي تعيشها منطقتنا ليس مردّها التدخلات الخارجية والاحتلالات المرفوضة فحسب، بل إن أسّ البلاء يكمن في الاستبداد الذي ينيخ على صدر مجتمعاتنا، ولا بدّ من مواجهته وتجاوزه. والآمال، كل الآمال عندنا، معقودة على الشعب السوري والتفافه حول مشروع التغيير الوطني الديمقراطي.

عام مضى على انعقاد المجلس الوطني، وإعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي ماضٍ نحو هدفه بخطاً واثقة وواعدة، على الرغم من الهجمة الأمنية الشرسة التي واجهها بعد انعقاد مجلسه، والتي لم تقف عند حدود اعتقال اثني عشر مناضلاً من قيادته، بل إنها ما زالت مستمرة بأشكال مختلفة، و كذلك محاولات التشويش والإرباك التي تعرّض لها هذا الخط. ومع ذلك فقد كان صدر الإعلان رحباً، ولم تدّخر أمانته العامة جهداً يساهم بالتئام وحدة المعارضة الوطنية الديمقراطية ووحدة قوى الإعلان. وهي تُثمّن عالياً كلّ الجهود الطيبة التي تحاول إنجاح الحوار مع الجهات التي جمّدت نشاطها في المرحلة الماضية.

إن إعلان دمشق يتوجه إلى الشعب السوري وقواه الديمقراطية المتطلّعة إلى التغيير بالتحية والإكبار، على الصمود والصبر في مواجهة القهر والإفقار المُمَنهج الذي يمارسه النظام ضدّ هذا الشعب عبر سياساته في الاقتصاد، والتي لا تقلّ كارثيةً عمّا يمارسه في السياسة والاجتماع والثقافة، وأدخلت سوريا في دوامة لا تنتهي من الأزمات، ولن يكون آخرها رفع أسعار المحروقات بأكثر من ثلاثة أضعاف سعرها، من دون أن يعود لخفضها كما فعلت كلّ دول الجوار والعالم، بعد أن انخفضت أسعار النفط إلى ثلث ما كانت عليه، وهو ما أضاف عبئاً لا يحتمله دخل المواطن السوري وشكّل ضربة قاصمة لقطاعات الإنتاج كافة، وستظهر آثارها الخطرة بخاصة على قطاع حيوي في سوريا، هو قطاع الزراعة الذي يعتمد عليه أغلب السوريين في معيشتهم.

وفي هذه المناسبة أيضاً، يتوجه الإعلان- ومعه أبناء الشعب السوري وقواه الديمقراطية- بالتحية والإكبار إلى معتقلي الرأي من قيادة الإعلان الإثني عشر ومعتقلي إعلان بيروت- دمشق، وكلّ معتقلي الرأي في سوريا، الذين يُعبّدون بإراداتهم الصلبة وتضحياتهم العظيمة طريق الحرية نحو سوريا ديمقراطية نعمل من أجلها جميعاً.

كذلك تتوجه قيادة الإعلان باسم كلّ مناصريه في الداخل والخارج بالتحية إلى كلّ المناضلين العاملين في لجان الخارج، وتُثمّن عالياً الجهود المضنية والسامية التي بذلتها اللجان في فرنسا وبريطانيا وكندا وأمريكا وألمانيا وإسبانيا وهولندا والسويد، وكذلك أخوتنا في حركة العدالة والبناء، للتعريف بالإعلان على الساحة الدولية وتوطيده وشدّ أواصر الربط بين معارضة الخارج والداخل وإشراك أبناء سوريا في المنافي في عملية التغيير.

لا شكّ أن انتقال سوريا نحو الديمقراطية هدفٌ دونه جهود مضنية، وطريق التغيير ليس سهلاً؛ بحكم التعقيدات المتراكمة التي ولّدها الاستبداد؛ وهو يحتاج إلى مشاركة كل أبناء الشعب السوري وقواه الديمقراطية للالتفاف حول مشروع التغيير الذي خطَّه إعلان دمشق. ونحن على ثقة بأن هذا الشعب الذي له تاريخ طويل في النضال من أجل الديمقراطية، لن يسمح بأن تأخذه التوجهات الخطرة التي تستسهل التغيير عن طريق الأفكار والأعمال الانقلابية والعنفية، أو تلك التي تعوّل على النظام نفسه، أو على الفعل الخارجي.
عاشت سوريا حرةً وديمقراطية
الحرية لكلّ معتقلي الرأي

دمشق في 20/12/2008
الأمانة العامة لإعلان دمشق

اظهر المزيد

نشــــطاء الـرأي

نشــــــــطاء الـــرأي : كيان رمزي وخط إنساني لحرية الإنتقاد الثقافي و الفكري والسياسي ، بدعم مالي مستقل Organization for peace and liberty – OPL : www.opl-now.org

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق