زملاء

“إشعاع هوكينغ” ينطفئ

وفاة العالم الفيزيائي ستيفن هوكينغ الذي طالب “إنهاء الحرب في سوريا”

إذا بحثنا بقوائم أفضل عشرة فيزيائيين بالقرن العشرين قد لا نجد ستيفن هوكينغ فيها،لكنه يظل متميزا بين فيزيائيي القرن وبتاريخ الفيزياء، حيث تتكرر فيها يوميا معادلته “إشعاع هوكينغ”. 

يُعد ستيفن هوكينغ من أشهر النجوم اللامعة بسماء الفيزياء النظرية، رغم الكاريزما التي تميز بها، وحالته الصحية الخاصة جدا، وأفكاره المثيرة للجدل. فقد تجاوز صيت آراء هوكينغ شهرة اكتشافاته العلمية، وأبرزها “إشعاع هوكينغ” الذي أثبت فيه أن الثقوب السوداء، رغم جاذبيتها العالية جدا التي لا تسمح حتى للضوء بالهرب منها، تشع طاقة.


ستيفن هوكينغ – إنهاء الحرب في سوريا: 
كان الفيلسوف اليوناني أرسطو يعتقد أن الكون أزلي سرمدي، وأن السبب في عدم تطور الإنسانية بحسب اعتقاده هو وجود الفيضانات أو الكوارث الطبيعية التي تعيد الحضارة إلى نقطة الصفر.
إن البشر يتطورون اليوم أسرع من أي وقت مضى، ومعرفتنا تزداد أضعافا مضاعفة ومعها التكنولوجيا، لكن البشر ما زالت تتملكهم الغرائز، وبصفة خاصة الدوافع العدوانية مثلما كان عليه الحال أيام رجل الكهف. هذا العدوان يشكل ضرورة في بعض الأحيان للبقاء، لكن عندما تجتمع التكنولوجيا الحديثة مع العدوان القديم، تكون الإنسانية كلها والحياة بوجه عام على الأرض، عرضة للخطر.
اليوم في سوريا نشهد التكنولوجيا الحديثة في صورة قنابل وأسلحة كيماوية وأخرى تستخدم لتحقيق أهداف سياسية ذكية. لكن لا يبدو من الذكاء أن نشاهد أكثر من مائة ألف شخص يقتلون، أو أطفالا يستهدفون. هنا يبدو الغباء المطلق أو ما هو أسوأ من ذلك، عندما تمنع الإمدادات الإنسانية من الوصول للمستشفيات التي تبتر فيها أطراف بعض الأطفال بسبب عدم وجود متطلبات طبية أساسية، ويموت الأطفال في الحضانات بسبب انقطاع الكهرباء.
إن ما يحدث في سوريا عمل بغيض يشاهده العالم كله ببرود شديد من بعد، أين هو ذكاؤنا العاطفي، وشعورنا بالعدالة الجمعية؟
عندما أناقش الحياة الذكية في العالم، يأتي من بينها الجنس البشري، رغم أن الكثير من سلوكه عبر التاريخ لم يسع للمساعدة في بقاء الأنواع. وعلى الرغم من أنه لم يتضح أن للذكاء قيمة وجودية طويلة الأجل، على عكس العدوان، تشير طبيعة ذكائنا البشري إلى أن القدرة على المعرفة والتخطيط ليست قاصرة على أنفسنا فقط، بل على مستقبلنا الجمعي أيضا.
يجب علينا أن نعمل معا لإنهاء الحرب السورية، وحماية الأطفال، بعد أن وقف المجتمع الدولي يشاهد هذا الصراع من بعد وهو يزدري كل الآمال ويدمرها. وكأب شاهد معاناة أطفال سوريا، يجب علينا أن نقول الآن «كفى».
أتساءل: كيف سيبدو مظهرنا أمام الكائنات الأخرى التي تشاهدنا من الكون السحيق المجهول؟! فعندما ننظر إليه، فإننا نراه في الماضي، لأن الضوء يستغرق وقتا طويلا جدا جدا ليصل إلينا من تلك الأجسام البعيدة، وبالمثل فإن الضوء من أرضنا سيستغرق ذات الوقت ليصل إلى تلك المناطق، التي قد يكون فيها من يرانا ويتابعنا. نحن إخوة على هذا الكوكب، ويجب ألا نعامل بعضنا بمثل هذه الطرق. كيف نسمح لأشقائنا بمعاملة أطفالنا على هذا النحو؟
قد يكون أرسطو مخطئا في رأيه حول أن الكون وجد من اللانهاية، لأننا نعرف أنه بدأ منذ 14 مليار سنة مضت، ولكنه محق في أن الكوارث تعيد الحضارة البشرية إلى الوراء، وما يحدث في سوريا قد لا يمثل نهاية الإنسانية، لكن كل ظلم يقع يمثل كسرا في الروابط التي تجمعنا معا. صحيح أن مبدأ العدالة العالمية ليس متأصلا في القوانين الفيزيائية، ولكنه أساسي في وجودنا واستمرارنا، ولولا ذلك لفنيت الإنسانية منذ أمد بعيد.
* مؤلف كتاب «تاريخ مختصر للزمن»، وأستاذ الرياضيات السابق في جامعة كمبريدج.


  • ولد ستيفن هوكينغ في 8 يناير/كانون الثاني 1942 في أكسفورد بإنجلترا.

    الدراسة والتكوين
    التحق في البداية بجامعة أكسفورد لدراسة العلوم الطبيعية في عام 1959، قبل أن يحصل على الدكتوراه في علم الكون من جامعة كامبردج.

    المرض
    أصيب هوكينغ في عام 1963 بالتصلب الجانبي الضموري، وهو مجموعة من الأمراض التنكسيةالتي يميزها تضرر خلية العصبون الحركي في الدماغ وفي الحبل الشوكي وفي المسالك المسؤولة عن انتقال الإشارات العصبية بينهما، وحينها توقع الأطباء أنه سيعيش سنتين فقط.

    لزم كرسيا متحركا معظم سنوات حياته، ومع تدهور حالته اضطر إلى الحديث عبر جهاز إلكتروني والتواصل مع الآخرين بتحريك حاجبيه.

    التجربة العلمية
    رغم المرض الذي أقعده، أنجز هوكينغ العديد من الأبحاث النظرية في علم الكون وأبحاثا في العلاقة بين الثقوب السوداء والديناميكا الحرارية، كما أن له أبحاثا ودراسات في التسلسل الزمني.

    وكان من أبرز اكتشافاته ما يتعلق بالثقوب السوداء، حيث أثبت هوكينغ نظريا أن الثقوب السوداء تصدر إشعاعا على عكس كل النظريات المطروحة آنذاك، وسمي هذا الإشعاع باسمه “إشعاع هوكينغ”.

    وعرف العالم البريطاني بمواقفه من قضايا علمية وتكنولوجية عديدة، فقد أعرب في نوفمبر/تشرين الثاني 2017 عن مخاوفه من أن يحل الذكاء الاصطناعي محل البشر، وقال إن نتيجة ذلك التطور المحتمل هو أنه سيكون هناك شكل جديد من الحياة.

    وكان هوكينغ قد دعا إلى التعامل الحذر مع التكنولوجيا لتفادي تدميرها للبشرية، ودعا الناس إلى تحديد التهديدات المحتملة للتكنولوجيا والتعامل معها قبل أن تتفاقم الأمور إلى خطر على الحضارة الإنسانية.

    كما كان يرى أنه لا مستقبل للبشر على الأرض بسبب ما قد تتعرض له من كوارث مهلكة، ودعاهم إلى استعمار أجرام أخرى في الفضاء.

    وانتقد عالم الفيزياء البريطاني في يوليو/تموز2017 قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الانسحاب من المعركة العالمية ضد تغير المناخ، وقال في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إن “تصرف ترمب يمكن أن يزج بالأرض إلى الهاوية، لتصبح مثل كوكب الزهرة الذي تصل حرارته إلى 250 درجة مئوية، ويمطر حامض الكبريتيك”.

    ومن مواقف هوكينغ خارج المجال العلمي، أنه انسحب في مايو/أيار 2013 من مؤتمر إسرائيلي، وقالت حينها جامعة كامبردج إنه فعل ذلك في إطار مقاطعة من قبل بعض الأكاديميين البريطانيين احتجاجا على احتلال إسرائيل للضفة الغربية.

    المؤلفات
    انطلق هوكينغ لعالم الشهرة على الساحة الدولية عام 1988 بعد أن أصدر كتابه “تاريخ موجز للزمن”، وهو من أعقد الكتب التي حظيت باهتمام جماهيري، إذ ظل على قائمة صنداي تايمز لأفضل الكتب مبيعا لمدة لا تقل عن 237 أسبوعا.

    وصدرت لهوكينغ عام 2013 مذكرات “تاريخي المختصر”، وفي 2014 عرضت قصة حياته في فيلم “نظرية كل شيء”.

    وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2017 قدم رسالة الدكتوراه التي أعدها عام 1966 تحت عنوان “خصائص توسع الكون”، وشهدت إقبالا كثيفا، ما تسبب في توقف موقع جامعة كامبردج البريطانية الذي قام بنشر الرسالة لتكون المرة الأولى التي تتاح فيها للعموم.

    الوفاة
    توفي هوكينغ  يوم 14 مارس/آذار 2018 في منزله بمدينة كامبردج الجامعية البريطانية، وقالت أسرته إنه توفي بسلام وهو نائم.

    ووصف البروفسور ستيفن توب نائب رئيس جامعة كامبردج هوكينغ بأنه كان شخصية فريدة، لها مساهمات استثنائية في المعرفة العلمية ونشر العلوم والرياضيات بين عامة الناس.

 المصدر : واشنطن بوست+الجزيرة + وكالات + نشطاء الرأي

اظهر المزيد

نشــــطاء الـرأي

نشــــــــطاء الـــرأي : كيان رمزي وخط إنساني لحرية الإنتقاد الثقافي و الفكري والسياسي ، بدعم مالي مستقل Organization for peace and liberty – OPL : www.opl-now.org

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق