أحمد سليمان

أحمد سليمان : آلهة الحرب المقدسة

في هذه المعبودة ” السورية ” الجمهورية المغتصبة ، سأقص عليكم منشورات كتبتها بمنامي ، اصبعي المتيبس على الحاسوب ، وهاتفي الموصول بنبضات آخر سوري قتلوه في الأمس . كما أعلم ، بل أنتم الأخبر ، أيضا في الحرب لا تتساوى نهايات البشر ، البعض يموت من الرعب ، وفينا من يموت ببرميل متفجر ، او يسقط عليه صاروخ طائش ، أو حتى بطلقة قناص ، وأحيانا بواسطة منشار ، أو بسكين قيل لنا بأنها مباركة من إله يعبدونه .
أما قبل .. وقد ضاقت بنا نداءات الغوث ورسائل التنديد … وسطاء كُثر .. وهيئات الأمم ومؤتمرات ، أيضا اجتمع أباليس العالم .. لكن الثابت ، أنها حرب مُنظمة في شكلها ومضمونها ، حرب على شعب يتكاثر كلما قصفته طائرة أو صواريخ ، كلما رمي بالنابالم والفسفور ، حرب تنتج شعب يتكاثر بقوة وإصرار ضد طغاة انتجتهم مصالح دول وسلطات في امكنة أخرى ..
يا أنت المعبود الغفور ، مع انني لم ادخل اي من بيوتك ، لم أتعبد أحدا من قبل . سأدق الدفوف إثر مرات ،واطوف حول اضرحة وجثث منثورة، ثم اصعد كي أهتف بكَ. سائلا عن إعجاز ينتظره أبناء هذه الأرض الذاهبة الى التصحر ، أرمني بمعجزة واحدة فقط ، كي لا يشغلني صمتك .. المؤلم .. فقد أخذت قلوب محبيك ، و امتحنت ما يزيد عن الوعي الشقي ، بأكثر من كون و سماء عاشرة .
المجنونة هذه الحرب .”المعبودة” و” الملهمة ” لسفهاء الإجرام المحلي والدولي ، المشغولة بعناية مختبرات تفقس في كل يوم طوابير تبارك قرارات مجلس أمن . فيما هي تفتك بكل شيء ، إذ لم تعد لها بوصلة أو معين ، كما لو إنها موصوفة ومركبة من قبل رب رمزي مُحاط بسماوات توزع الشر على بسطاء العالم .
لكن كما نرى ، وبمنتهى الدقة ، صمت طويل ، يترافق مع مجازر صريحة ، وما فهمنا العبرة من أن يُقتل كل لحظة ما يزيد عن حرب إبادة .. حتى هذه المجنونة اللغة لم تسعفنا وخذلتنا أثر لعثمة ، ظننا بأن نشاز الكيماوي فكك وعينا وما قتلتنا .
ثمة في بلدي أكثر من كعبة ، من قدس وكنيس ، أكثر من أم وامهات وأمم ، أكبر من جحيم أحرق ملائكة ورُسل سلام ، يا أبانا الذي يترقب كل هذا الدمار ببث مباشر ، بلا أقمار رصد أو حتى شاشة تلفاز .
ها أنذا ، أكتب إسمك في غوغل ، أمعن النظر في المعاجم .. لعلني أقرأ تفسيرا يقنعني … وما فهمت… صمتك ايتها الآلهة المعبودة ، صمتكم أيها العالم الحُر . أكبر من أن يُقاس منذ بدء الكون ، أعدكم ، بأن أكون أكثر من قس و شيخ و ناسك في معبد .. خذوني إليكم إن شئتم ، وسحقا لفضول يشوش وعينا ، كي لا افهم .لغطا أو عن سابق يقين ان الخالق لعبيده يدعم الطغاة لا أكثر .
فهذي الجموع من شعبي .. اطفال ونساء وشباب وكهلة تم قتلهم ، فيما ألحظ صمت هجير ، يشعلني في نار ولم تمحى . فيما أنت تأمل ما يشبه السحر الأسود . زدنا قليلا من بصيرة أو علم يا عزيز البشر . زدني قليل من خبر ، أو كثير من إثم إن شئت . فقط كي اتفحص “ذنوب “شعبي ، إن كان بحق ذي “جرم عظيم ” . فقد ابتلعتنا هذه الحرب ، لكننا نتنفس بعض اللغة كي نكتب تواريخ كل مجزرة ، أو خبر عاجل عن ذبح بشري واحد ، أو موت معتقل تحت التعذيب . هذي خطايانا … فقد غصت بنا المقابر  .

المصدر : نشطاء الرأي

اظهر المزيد

نشــــطاء الـرأي

نشــــــــطاء الـــرأي : كيان رمزي وخط إنساني لحرية الإنتقاد الثقافي و الفكري والسياسي ، بدعم مالي مستقل Organization for peace and liberty – OPL : www.opl-now.org

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق