زملاء

أفندي حلب يشرح العلاقة بين داعش والنظام وكيف سقط مطار الطبقة

Desktop2

عليــك أن تكــون مجنـــونا حقيقيـــا كي تصـــدق المعلومات الواردة أدناه 
ولكن هذا ما جرى تماما”!!
الحديث عن التواطؤ بين السلطة و”داعش” ليس مجانيا، وليس ارتجاليا، وليس دون أساس. لكنه أمر مختلف كليا عن القول إن “داعش” صنيعة النظام. فهذا القول الأخير عبارة عن هبل حقيقي وهذيان لا ينطق به إلا نزيل عصفورية، أو نصاب، مثل جورج صبرا وميشيل كيلو وبرهان غليون ومعلمهم رياض الترك! وهؤلاء تتوفر فيهم الصفتان كلتاهما: النصب والهذيان!
النظام وأجهزته الأمنية، وبتحديد أدق: مركز صناعة القرار فيه كما يمكنني أن أؤكد بالقرائن، دخلوا جميعا في حفلة رقص مع الذئب “البغدادي” منذ اللحظة الأولى لخروجه على طاعة ولي أمره “أيمن الظواهري” ربيع العام الماضي، وقراره توسيع نطاق “دولة العراق الإسلامية” إلى “الدولة الإسلامية في العراق والشام”، والاستقلال بها نهائيا وإلى الأبد عن “القاعدة”، بل و وراثة إرثها كله.
أدرك النظام، بحكم خبرته المتراكمة من الصراع مع المنظمات الإسلامية الإرهابية، واختراقه لها منذ ثمانينيات القرن الماضي، أن “دولة البغدادي” ستكون أمرا مختلفا عن توأمها “جبهة النصرة”. فقد استوعب البرنامج المعلن وغير المعلن لكل منهما. وبناء على ذلك حدد سياسته الأمنية والعسكرية إزاءهما.

أدرك النظام أيضا، وهذا هو الأمر الجوهري الذي بنى عليه سلوكه كله إزاءها منذ إعلانها عن نفسها، أن “داعش” لن يكون على جدول أعمالها شعار “إسقاط النظام” قبل أن تتخلص من المجموعات الأسلامية وغير الإسلامية الأخرى. ومن الغريب أن أحدا ـ باستثناء صناع القرار في أعلى هرم السلطة ـ لم يلاحظ حتى الآن أن “داعش” لم تطرح شعار”إسقاط النظام” أبدا، بخلاف جميع فصائل “المعارضة” الأخرى ، المحلية منها والأجنبية متعددة الجنسيات على السواء.

جرت ترجمة هذا “التفاهم” غير المباشر بين الطرفين ميدانيا من خلال حرص كل منهما على تجنب الصدام مع الطرف الآخر عسكريا، حيثما كان هناك نقاط تماس. وفي أماكن أخرى ، كما في دير الزور والرقة، حصلت لقاءات مباشرة بين الطرفين برعاية جهات ثالثة هي على الأغلب “وجهاء عشائر”، رغم أن هذه اللقاءات غالبا ما اقتصرت على صياغة تفاهمات بشأن حقول النفط والغاز وأنابيبها وتبادل المنافع بشأنها. وإذا كان كثيرون قد لاحظوا غياب الصدام العسكري بين الطرفين حتى حزيران / يونيو الماضي، فإنه نادرا ما جرى فهم الأمر على صورته الصحيحة في أوساط “المعارضة”. على العكس من ذلك، ترجم “المهابيل” هذه الحالة بالقول “إن داعش صنيعة النظام”، أو قول ميشيل كيلو في رسالة ( أملك صورة عنها) إلى صديقه في وزارة الخارجية الأميركية “ماثيو إيروين” ربيع العام الماضي إن “داعش صنعت من قبل مكتب الأمن القومي السوري، وإن شخصية البغدادي أسطورية لا وجود لها إلا في أراشيف المخابرات السورية وفي أدراج علي مملوك المتوقع أن يكون هو نفسه البغدادي ولا أحد غيره”! وليس عندي شك في أن “ماثيو إيروين” ضحك من أعماقه وقلب على قفاه عندما قرأ رسالة ميشيل كيلو وقال له في نفسه “يا لك من تافه وغبي أنت ومن يعوّل عليك”!
تقاطع المصالح بين الطرفين، “داعش” والسلطة، كان واضحا للعيان، ويكاد ينحصر ـ إذا ما استثنينا قضايا النفط والغاز ـ في نقطة واحدة هي مساهمة كل منهما في إضعاف وضعضعة وتهشيم خصم الثاني، الذي هو واحد بالنسبة لهما، ما عدا استثناءات قليلة في الزمان والمكان.
خطة النظام كانت أخبث من ذلك بكثير، وأكثر حنكة، بالمعنى القذر والساقط لكلمة “خبث”. فهي بدأت عمليا منذ الساعات الأولى لانفجار الأزمة ربيع العام 2011. ويمكن تلخيصها بالتالي: ضرب السلميين لصالح المسلحين، وضرب المسلحين الأقل خطرا لصالح المسلحين الأكثر خطرا وشراسة، وضرب الأقل تزمتا وتطرفا دينيا لصالح الأكثر أصولية و وحشية و بربرية. أي عملية تصفية وغربلة وفق متوالية “هندسية” بحيث لا يبقى في الميدان، في نهاية المطاف، سوى الأكثر بربرية و وحشية أمثال “داعش” و”النصرة” من أجل وضع العالم تحت الأمر الواقع وإجباره على الوقوف إلى جانبه في محاربتهم. وهو ما وصل إليه مؤخرا من خلال قرار مجلس الأمن 2170 الذي صدر في 15 من الشهر الجاري، وترجمته ـ من تحت الطاولة ـ من خلال التنسيق الأمني بين السلطة والولايات المتحدة التي تقتصر حتى الآن على تزويد السلطة ـ عبر طرف ثالث ـ بمعلومات استخبارية جوية وفضائية تتيح للجيش السوري تسديد ضربات أكثر إحكاما ودقة لمواقع الإرهابيين!
استمر”التواطؤ” المتبادل بين السلطة و”داعش” حتى حزيران / يونيو الماضي حين شنت السلطة غارة جوية متوسطة القوة على بعض مواقع “داعش” في مدينة الرقة، ثم داخل الأراضي العراقية الشهر الماضي في مناطق الموصل وتلعفر والقيروان والرطبة. وكان علينا أن نلاحظ أن استهداف مواقع”داعش” لم يبدأ إلا حين بدأت مشاورات “مجلس الأمن” والدول الغربية الأخرى لتكوين “تحالف دولي لمكافحة الإرهاب”، الذي جرى التعبير عنه قبل أيام من خلال قرار مجلس الأمن المذكور. فقد كان النظام يريد أن يقدم نفسه باعتباره “عضوا في هذا التحالف” لا يمكن تجاوزه وإهماله، الأمر الذي جرى رفضه بقوة من قبل الدول الغربية، على اعتبار أن قبول النظام في عضوية هذا “التحالف”، يعني “تطبيع” وضعه و إعادة الاعتراف به كشريك، بكل ما يترتب على ذلك من وجوب وقف تسليح وتمويل المجموعات الأخرى التي تعتبرها واشنطن “معارضة معتدلة”، كـ”الجبهة الإسلامية” وحواشيها، رغم أن هذه الأخيرة تنتمي إلى السلفية الجهادية التي تنتمي إليها “داعش” و”النصرة”، وإلى الإيديولوجيا الوهابية ذاتها، ولا تختلف عنها إلا في شكل الوحشية والبربرية.

فهمتْ “داعش” من الهجمات الجوية التي نفذها الطيران السوري في الرقة وداخل الأراضي العراقية أن النظام قرر أن يلغي العمل بـ”التفاهم” القائم، فسارعت إلى الرد من خلال مهاجمة مقر “الفرقة 17” المحاصر شمال مدينة الرقة بحوالي 3 كم فقط. إلا أن النظام، وخلال الهجوم، فتح قنوات اتصاله مع “داعش” فيما بدا أنه محاولة لإزالة “سوء التفاهم”، والتأكيد على أن “تفاهم المساكنة” لا يزال قائما. وقد أدار الاتصال من طرف النظام قائد الفرقة، “اللواء عادل عيسى”، الذي كان تواصل مرارا معهم خلال فترة الحصار. إلا أن “داعش” رفضت تجديد الثقة، وأصرت على إخراج مقر الفرقة من المنطقة ، فاستجاب لها النظام. وما جرى بعد ذلك كان عبارة عن “تسليم” لا عن “استسلام” خلال ليلة 23/24 تموز/يوليو. وما يؤكد ذك هو أن الهجوم لم يستمر سوى أقل من ساعة ، وأن حوالي المئة من ضباط مقر الفرقة ، على رأسهم عادل عيسى نفسه، خرجوا من الفرقة بحماية “داعش” وسياراتها إلى مقر “اللواء 93 ” في منطقة “عين عيسى” شمالا. وبعض هؤلاء الضباط ركب بسيارات “داعش” نفسها! 
كان الضباط الخارجون من الفرقة بحماية مسلحي “داعش” هم الذين يهتم النظام بأمرهم. أما من تبقى من الضباط والجنود، فليذهبوا إلى الجحيم. وهكذا بدأ مسلحو “داعش” يفتكون بالباقين قتلا وقطعا للرؤوس ومطاردة للمئات منهم ممن استطاعوا الخروج من مقر الفرقة بعد الهجوم المباغت إلى المزارع والقرى القريبة. وكانت الغارات الجوية التي شنها النظام على محيط الفرقة ، وصواريخ “سكود” التي أطلقها على المنطقة مجرد “رفع عتب” وتضليل إعلامي رخيص. فهي لم تقتل ولو عنصرا واحدا من المسلحين. كما أنها لم تستهدف مقر الفرقة نفسه كما يفترض في هكذا أحوال من أجل القضاء على أكبر عدد من المسلحين حين احتلالهم الموقع، بل المنطقة المفتوحة في البادية المحيطة بمقر الفرقة. 
باختصار: يمكن اعتبار الغارات الجوية الاستعراضية التي شنها النظام على مواقع “داعش” في الرقة، وداخل الأراضي العراقية، لمجرد تقديم أوراق اعتماده إلى الأمريكيين “كشريك في تحالف مكافحة الإرهاب”، هي السبب الذي أدى إلى المذبحة الرهيبة التي حصلت في مقر الفرقة ثم “اللواء 93”. فقد أدركت “داعش”، وهي الوحيدة من بين العصابات الإرهابية التي تعمل بعقل استراتيجي لافت، أن النظام دخل في لعبة مع الأمريكيين لمجرد تطبيع وضعه، وأنه لن يتردد في “خيانة تفاهماته” معها كلما احتاج إلى ذلك. ولهذا بدأت تتعاطى مع “تفاهماته” معها بحذر بالغ، بل وتفرض شروطا ومطالب من أجل “إعادة تثبيت التفاهم” واختبار مصداقيته إزاءها. وهكذا بدأت لعبة ابتزاز لم تتوقف!
بعد أن قامت “داعش” بتهريب اللواء عادل عيسى إلى مقر “اللواء 93″، جرى تعيين هذا الأخير من قبل رأس السلطة والقصر الجمهوري قائدا لحامية الدفاع عن المطار. وفور مباشرته مهامه، جدد تواصله مع “داعش” من خلال القنوات العشائرية نفسها. وخلال تلك الفترة ، وتحديدا في 15 من الشهر الجاري، صدر القرار 2170 الذي أعرب النظام عن ترحيبه به من خلال ممثله في الأمم المتحدة بشار الجعفري. إلا أن الصمت الرسمي في دمشق بقي سيد الموقف. فقد كانت السلطة تحاول جس النبض عبر القنوات الدولية والإقليمية المعتمدة لمعرفة مدى إمكانية قبول عضويتها في “التحالف” العتيد. ورغم صدور إشارات مطمئنة من بعض الجهات الغربية ، غير الرسمية، عن أنه من الصعب أو المستحيل مكافحة “داعش” في العراق دون سوريا، وأن سلاح الجو لا يكفي وحده للقيام بالمهمة ، وأنه لا يوجد قوة على الأرض يمكن التعويل عليها في ذلك سوى الجيش السوري، كانت الإشارات الرسمية أكثر وضوحا، سواء من الولايات المتحدة أو أذنابها في أوربا، لاسيما ذنبها الفرنسي. فقد أكدت واشنطن بلسان رئيسها أنه من غير المقبول أن يكون خيارنا محصورا بين “الأسد أو داعش”، وأن نظام الأسد “ليس جزءا من تحالف مكافحة الإرهاب”. وعندها سارع وزير خارجية النظام إلى عقد مؤتمر صحفي في 25 من الشهر الجاري (أي بعد عشرة أيام على صدور القرار!؟) أعلن فيه أن أي استهداف لـ”داعش” و”النصرة” بموجب قرار مجلس الأمن “سيكون اعتداء على السيادة الوطنية إذا لم يتم من خلال التنسيق مع الحكومة السورية”!

قبل المؤتمر الصحفي بليلة واحدة فقط جرى تسليم مطار الطبقة العسكري لـ”داعش” بكل ما تعنيه كلمة “تسليم” من معنى. لكن الأهم والأخطر من هذا هو ما جرى قبل ذلك بستة أيام ، وتحديدا يوم الثلاثاء الواقع في 19 من الشهر الجاري. ففي هذا اليوم، وطبقا لمصادر موثوق بها ومطلعة جدا على العملية لأنها شاركت فيها ميدانيا، حطت طائرة “إليوشن 76” في مطار الطبقة تحمل حوالي 60 طنا من الذخائر والأسلحة ، كان من بينها ـ وفق أحد أعضاء طاقم الملاحة الذي قادها وتمكنتُ من التواصل معه ـ صواريخ مضادة للطائرات من طراز “إيغلا” ( إس إي 16 و إس إي 18) ، وقواذف مضادة للدروع من طراز ” كورنيت” و” كونكورس”، وكميات كبيرة من ذخائر هذه الأسلحة، فضلا عن رادار صيني خاص بالمطار، وكميات من المواد الغذائية والطبية. وكان لافتا أن الطائرة نقلت فوق استطاعتها المصرح بها تقنيا. وهو ما يعتبر مجازفة في الطيران من دمشق إلى الرقة وفي إمكانية هبوطها على مدرج المطار بشكل آمن ، رغم أنه جرى تحديثه قبل نحو عشر سنوات بحيث يستطيع مهبطاه كلاهما استقبال طائرات النقل الضخمة. (الأسلحة المذكورة ظهرت في الصور التي وزعتها “داعش” بعد استيلائها على المطار. وكانت لم تزل في صناديقها الخشبية وأغلفتها البلاستيكية كما خرجت من مصانعها!) 

لم يُخفِ الضابط الملاح الذي تمكنتُ من التواصل معه ريبته وشكوكه في طبيعة الأسلحة والذخائر التي نقلها وزملاؤه. فهي ، وباستثناء قسم صغير منها، لم تكن للأسلحة التي تحتاجها الحامية المدافعة عن المطار، لاسيما منها القواذف المضادة للطائرات من طراز “إيغلا” وذخائرها. فليس هناك أي مجموعة مسلحة تقاتل الجيش السوري تستخدم الطائرات، لاسيما “داعش” التي تسيطر على المنطقة. وبالتالي لا مبرر لنقل صواريخ “إيغلا” إلى المطار. كما أنه ليس لدى المجموعات المذكورة دبابات من النوع الذي يحتاج لقواذف صاروخية من هذا النوع وبهذه الكمية للتصدي له. أما رادارات المطار وهوائياته الحالية فحديثة نسبيا، وتقوم بمهام الملاحة الجوية للطائرات الخاصة بالمطار على نحو جيد جدا في نطاق المجال الجوي العملياتي لطائراته، وهي كلها من طراز “ميغ21” وبعض الحوامات!

كان من الواضح، وفق المصدر، أن النظام قرر تسليم هذه الأسلحة لـ”داعش” في إطار خطته لـ”تمكينها” من التصدي للطائرات الأميركية وطائرات التحالف الأخرى إذا ما قررت استهداف مواقعها في المستقبل القريب ، بحيث تتورط واشنطن في الوحل السوري مباشرة “عقابا لها على استثناء النظام مع الشراكة في التحالف المناهض للإرهاب، ورفضها التنسيق معه في ذلك بالطريقة التي يريدها، وهي التطبيع السياسي والديبلوماسي معه أولا وقبل كل شيء”. وأما الرادار الصيني، فكان بهدف التمكن من رفع استطاعة هوائيات المطار على إجراء عمليات الاستطلاع الجوي والإنذار المبكر من على مسافات بعيدة إذا ما قرر “التحالف” استهدف “داعش” على الأراضي السورية!
مساء اليوم نفسه، الثلاثاء 19 آب، جرى اتصال بين اللواء عادل عيسى وأمير”داعش” في المنطقة وأبلغه بأن “الأمانة وصلت وجرى توضيبها في المخازن الفلانية في المطار”، وجرى تحديد مخازنها في نقطة معينة على أطراف المطار هي عبارة عن “ثغرة” كان أخلاها اللواء المجرم من الحراسة والرصد، على أن يكون التسليم عبر هذه “الثغرة” بعد غياب الشمس وهبوط الظلام. وبعد غياب الشمس، وهبوط الظلام، تقدمت مجموعة من “داعش” تعدادها حوالي 15 سيارة تقل قرابة مئة مسلح من النقطة المتفق عليها. إلا أنه حصل ما ليس في الحسبان. فقد وقعت المجموعة في كمين لم يكن مفاجئا لها فقط، بل للواء المجرم نفسه. ولم يكن الكمين إلا مجموعة العقيد “محمد محلا” ومسلحيه من “آل بري”!

العقيد محلا، وهو ابن قرية “عين العروس” في ريف القرداحة، وضابط سابق في الحرس الجمهوري، كان فعل ما فعله العميد”سهيل الحسن”. فهذا الأخير، وذلك واحد من الأسباب الأساسية لنجاحاته، أسس تشكيلا من العسكريين والمدنيين قوامه لواء مشاة تقريبا ، تسعة أعشارهم من “المسلمين السنة” أبناء ريف إدلب ، يتمتعون بكفاءة عالية ونزاهة واضحة لجهة عفة أنفسهم عن “التشبيح ” و”التعفيش”. وبهم خاض جميع معاركه الناجحة حتى الآن. وقد فعل “محلا” الأمر نفسه، حيث أنشأ تشكيلا من بضع مئات معظمهم من عشيرة “آل بري” في حلب وريفها. 

حين تقدم مسلحو “داعش” باتجاه المطار من أجل تحميل “الأمانة”، وقعوا في كمين مطبق. وبعد معركة بسيطة، سقط معظمهم بين قتيل وجريح ، بينما فر الباقون. وقد اعتبرت”داعش” الأمر “فخا خيانيا” مدبرا من قبل “عادل عيسى”! ولهذا عاودوا تجميع صفوفهم بعد استقدام حوالي ألف مسلح آخر وعدد من “الانغماسيين” ، وباشروا شن هجوم صاعق يقوده “أبو عمر الشيشاني” الذي كان انتدب من قبل “البغدادي” لقيادة عمليات منطقة الرقة. ورغم نجاح اثنين من “الانغماسيين” ( “أبو هاجر الشامي” و “ماجد محمد السحيم” المعروف باسم “أبو إسلام الجزراوي” السعودي الجنسية) في التقدم إلى المطار، إلا أن يقظة العقيد”محلا” ومقاتليه أفشلت الهجوم وأحبطته، فقد استهدفوا السيارتين وتمكنوا من تفجيرهما قبل أن تصلا إلى مواقع مجموعته. ومن يعد إلى الصفحات الرسمية لـ”داعش” على موقع “تويتر” ليلة 19 /20 ، سيجد تخبطا واضحا في الأخبار المنشورة تلك الليلة. فبعد أن أعلنوا عن سيطرتهم على المطار، عادوا وتراجعوا عن الأمر والتأكيد على أن مسلحيهم يخوضون معركة عنيفة مع “الجيش النصيري” ( كان تسعة أعشار من تصدى لهم من مجموعة “محمد محلا” من آل بري المسلمين السنة!!).

لم تفلح اتصالات اللواء المجرم “عادل عيسى” مع أمير “داعش” في المنطقة في إقناع هذا الأخير بأنه لم يكن على علم بالكمين الذي وقع فيه مسلحوه، وبأن ما جرى كان “عملا مرتجلا” من قبل العقيد “محمد محلا” ومقاتليه من “آل بري” الذين لا يخضعون لأوامره! وعندها تعهد عادل عيسى للأمير “الداعشي” بتمكينه من رقبة “محمد محلا” ومجموعته “عربونا لتجديد الثقة”! وكان “محلا” ومقاتلوه، إلى حين قدوم اللواء المجرم “عادل عيسى”، يشكلون ضمانة حقيقية للدفاع عن المطار. وبعد أن وصل الأخير إلى المطار وكلف بقيادة الحامية، رغم جريمتيه في “الفرقة17” و”اللواء 93″، كان العمل الوحيد الذي قام به هو كتابة التقارير إلى رؤسائه في دمشق من أجل إبعاد “محلا” و مقاتليه عن المنطقة. وكان واضحا أن مهمته هي تسليم المطار لـ”داعش”، وأن الضابط المذكور يشكل مع مقاتليه حجر عثرة في سبيل ذلك! ويؤكد شيخ عشائري من المنطقة أن الاتصال بين “عادل عيسى” والأمير “الداعشي” انتهى بتأكيد هذا الأخير على أن “تفاهم الثقة” أصبح لاغيا، وأن “جيش الدولة الإسلامية” سيأخذ المطار عنوة. وهذا ما حصل.

بعد ذلك، وفي يوم السبت 23 من الشهر الجاري، بث التلفزيون السوري شريطا لمراسله “كريم الشيباني” من مطار الطبقة يعتقد أن جرى تصويره نهار اليوم نفسه. وبثت وكالة “سانا” الرسمية شريطا مماثلا على موقعها. وقد أكد الضباط الذين ظهروا في الشريطين جاهزية المطار للتصدي لأي هجوم جديد ودحره. ولم يكونوا يبالغون. فقد كانت “داعش” فشلت في ثلاث محاولات سابقة لاقتحام المطار، بالنظر لقوة الحامية وتسليحها، وبشكل خاص مجموعة العقيد “محمد محلا” التي فتكت بهم وقتلت وحدها منهم أكثر من مئة وخمسين مسلحا في الهجمات السابقة، ظهرت جثثهم عند تخوم المطار في أشرطة وصور كثيرة. لكن، وبعد بث الشريط بساعتين أو ثلاث، اجتاح مسلحو”داعش” المطار بأسهل من اجتياح سكين لقالب من الزبدة!

ما جرى في واقع الحال كانت عملية “تسليم” حقيقية. فمساء ذلك اليوم ، وبعد استئذان القصر الجمهوري، قام “عادل عيسى” بالفرار مع ضباطه بطائرة هيلوكبتر إلى مطار حماة العسكري. وجاءت عملية فراره مشابهة تماما لفراره التآمري من “الفرقة17” ومن “اللواء93” قبل ذلك بفترة. وأما العقيد “محمد محلا”، الذي كان أبعده عادل عيسى يوم الجمعة 22 / 8 عن المحاور التي سيهاجم عبرها إرهابيو “داعش” المطار، فقد تمكن من العودة إلى المطار تسللا يوم الاثنين الماضي 25 / 8 من أجل استطلاع ما جرى، لكن انقطع معه الاتصال بعد ذلك مباشرة، وفق ما أكده أحد أقربائه. وليس معلوما بعد مصيره مع مقاتليه، وما إذا كانوا في عداد الأسرى الذين وقعوا في قبضة “داعش” وقامت بإعدامهم خلال اليومين الماضيين!

أفندي حلب

اظهر المزيد

نشــــطاء الـرأي

نشــــــــطاء الـــرأي : كيان رمزي وخط إنساني لحرية الإنتقاد الثقافي و الفكري والسياسي ، بدعم مالي مستقل Organization for peace and liberty – OPL : www.opl-now.org

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق