زملاء

محمد منصور : أيها الكورد الأحرار.. قاطعوا الكتابة بلغة العنصريين العرب!

من خلال متابعتي لسيل الشتائم المتظلمة (بكسر اللام) التي يغرق بها الأخوة الأكراد صفحات موقع (الأورينت نت) وصفحة تلفزيون (الأورينت) الرسمية على الفيسبوك، وبعض الصفحات الأخرى التي أحب زيارتها بين الفينة والأخرى كصفحة الدكتور فيصل القاسم، صار عندي شبه يقين أننا نحن العرب (عنصريون) فعلاً، وأننا (نحن) وليس نظام البعث، ولا عائلة الأسد، من كنا نستمتع بسلب حقوق الأخوة الأكراد، وحرمانهم من الهوية السورية، ومنعهم من تدريس لغتهم، واعتقالهم في أفرع المخابرات التي كانت تأتمر بأمرنا… ونحن وليس مخبرو الأمن، من كنا إذا وجدنا في جيب طالب جامعي ورقة كتب عليها كلمة بالكردي، أو شعاراً أو صورة تمت بصلة لرمز كردي، نسارع إلى “شحطه” إلى الفرع، مستفدين من التهمة المخابراتية الجاهزة المسماة (النزعات الانفصالية) التي كان يرفعها ويتاجر بها (الشعب)، لا السلطة ولا نظام الأسد لا سمح الله!

نعم لقد صار عندي يقين، من كثرة ما شُتمنا واتُهمنا وكُشفنا على حقيقتنا، أن نسمة الهواء التي كان يتنفسها العرب السوريون (عنصرية)، وأنهم اضطهدوا الأكراد مئات السنين، وأن نظام الأسد لم يكن يفعل شيئاً سوى أنه كان في مسألة اضطهاد الأكراد تحديداً (في خدمة الشعب) يلبي رغاباته، وينفذ ما تمليه عليه أحقاده الدفينة، وهو كان يفعل ذلك مرغماً، مع أنه في قرارة أعماقه متعاطف جداً مع المطالب المحقة والعادلة للأكراد، ويود أن يعطيهم كل تلك الحقوق، لكنه كان يخشى أن تنفجر إرادة الشعب السوري في وجهه، أو يتم حجب الثقة عن الحكومة في البرلمان، أو إسقاط النظام بالمظاهرات أو الاعتصامات التي كان النظام سيرتعد خوفاً منها على الفور!

أكثر واحد فهم هذه الحقيقة هو صالح مسلم وحزبه (pyd) ولذلك فهو يرفض أن يعادي نظام الأسد حتى الآن… معتبراً أن الذين ثاروا عليه هم أعداء الكرد التاريخيين وليس هو… وعندما ينظر صالح مسلم في صور بشار الأسد ومن قبله أبيه الذي سلم أوجلان للأتراك، فلا بد أن يوقن أن (الصبّ – أي العاشق- تفضحه عيونه) ولهذا فهو يسامحه على كل جرائمه ضد الأكراد، بما فيها قتل الشيخ (معشوق الخزنوي) تحت التعذيب، وسحق انتفاضة القامشلي 2004، موقناً أنه فعل هذا مرغماً تحت ضغط رغبات عامة الشعب من العنصريين الذين كانت كلمتهم لا تصير اثنتين لدى ضباط القصر الجمهوري وفي أجهزة المخابرات!

ثم… ما هذه (العربية) التي حشرت في الاسم الرسمي لـ (الجمهورية السورية)؟!

بالفعل يجب إزالتها… فما هذا الإلغاء والاضطهاد في فرض العروبة على مكونات ليست عربية… متى سنتخلص من هذه الثقافة؟! لنترك العربية جانبا، مادمنا سنترك الإسلام جانباً، ونفكر في مستقبل يجمعنا… على أسس جديدة، بدل أن نكون أسرى لهذا الماضي (البعثي) المقيت!

وهكذا… وبناء على الإقرار بكل هذه الحقائق الدامغة، أدعوا الأخوة الأكراد إلى عدم الاكتفاء بالشتائم والاتهامات، يجب أن يقوموا بخطوات ملموسة للدفاع عن هويتهم وثقافتهم…. وأن يتسغلوا الفرصة السانحة لهم الآن لاستعادة إمبراطوريتهم الميدية التي كانت قبل أربعة آلاف سنة، وباعتقادي فإن أولى الخطوات التي يتوجب القيام بها الآن… أن يقاطعوا الكتابة باللغة العربية، التي يتكلمها العنصريون العرب… أولم يقاطع الكثير من الجزائريين اللغة الفرنسية في السنوات الأولى من نيلهم الاستقلال، وقاموا بحملة تعريب شاملة، كي يتسعيدوا هويتهم من المستعمر الذي حاول طمسها طيلة 130 عاماً من الاحتلال؟!

فلماذا يكون الجزائريون ممتلئين بالكرامة الوطنية والأكراد لا؟! قاطعوا اللغة العربية رجاء. لا تكتبوا بها، ولا ترسلوا مقالاتكم لصحف عربية، وقاطعوا المهرجانات السينمائية والمسرحية والغنائية العربية.. التي تجبركم وسائل الإعلام العربية العنصرية على أن تكتبوا عنها للعرب وباللغة العربية وفي وسائل إعلام عربية!

وإذا أردتم التواصل مع جيرانكم العرب غير المستعدين (بسبب عنصريتهم وحقدهم) لتعلم اللغة الكردية الحية، فهذه اللغة الإنكليزية أمامهم… ليكتبوا بها وليترجموا عنها إذا أرادوا سماع أصواتكم. لماذا إذا أرادوا معرفة شيء عن إسرائيل يترجمون عن العبرية، مع أن هناك الكثير من اليهود – مثلكم – يجيدون العربية… مسيرة الاضطهاد والإلفاء اللغوي هذه يجب أن ينتهي!

أقول لكم بصراحة… بدل الشتائم قاطعوا. وبدل سياسة الاندماج القسري (انفروا خفافاً وثقِالا)…

اصنعوا وسائل إعلامكم الخاصة وبلا (منيّة) وعنصرية العرب الذين لازالوا يصرون على استخدام الأسماء العربية التي ألصقت بمدنكم التاريخية، فيسمون (سري كانيه) رأس العين… هكذا بكل وقاحة. و(كوباني) يجعلونها عين العرب… و(قامشلو) يغيرون الحرف الأخير منها، فقط للنكاية لا أكثر… وفوق ذلك يطالبونكم بكل صلف وتكبّر أن تبرزوا مراجع تاريخية عن هوية تلك المناطق الكردية قبل 200 عام فقط، بدل أن يصدقونكم ويبصمون لكم بكل رضا وتسليم أنها مناطق كردية منذ عهد سيدنا ابراهيم الخليل الذي كان كردياً بدوره عليه السلام!

أيها الكتاب الأكراد… أيها الإعلاميون والصحفيون… كونوا على قلب رجل واحد… وقاطعوا… لا تغرقوا (الأورينت نت) و(زمان الوصل) و(كلنا شركاء) بعشرات المقالات المكتوبة باللغة العربية، انسحبوا وانظروا كيف ستتراجع الثقافة وستنهار مقالات الرأي، وسينعدم التحليل.. وسيجد العرب أنفسهم مضطرين للاستعانة بمترجمين كي يترجموا مقالاتكم كما يفعلون مع الكتاب الغربيين الذين يشاركونكم الانتماء للعرق الآري!

وإذا أردتم مثلا أن تكتبوا في صحيفة (القدس العربي) أو (العربي الجديد) – كما تتهافتون الآن- فاشترطوا أن تلغى (العربي) من اسميهما، كما تريدون إلغائها من الاسم الرسمي لسورية، وعلى صديقي الصحفي إبراهيم حاج عبدي – على سبيل المثال لا الحصر- أن يكف عن الكتابة شهرياً، واستكتاب كتاب أكراد حصراً، في (المجلة العربية) التي تصدر في السعودية، حتى يغيروا اسمها العنصري.. وخصوصاً أنها ليست ذات نفس علماني كما جريدة (الحياة) التي يكتب بها عن المحطات التلفزيونية العربية حصراً!

ولا تنسوا جبهة الأدب… هذه جبهة مهمة جداً يمكن دحر العرب عليها. كفوا عن كتابة روائعكم الأدبية باللغة العربية، واكتبوا باللغة الكردية الحية، وإذا أراد هؤلاء العرب أن يتسمتعوا بروائع أدبكم، فعليهم أن يتحملوا مشاق ونفقات الترجمة، كما يفعلون مع الأدب الأوربي والأميركي وحتى الهندي والسنسكريتي والفارسي والتركي. تخيلوا كم سيكون مؤلماً أن يحصد أحد الكتاب الأكراد جائزة نوبل للآداب ذات يوم، ثم يكون جل أدبه مكتوباً بالعربية.
يا للفضيحة!

سيأتي هؤلاء العنصريون العرب ليقولوا أنه أديب عربي (من أصول كردية) ويضعونها هكذا بين قوسين، بدليل أنه يكتب بالعربية كما تفعل فرنسا مع الكتاب الفرانكوفونيين… ألا يفعلونها؟!
أنا عربي وأقول لكم بصراحة: نعم نفعلها ونص!

صدقوني إذا فعلتم هذا سترتاحون من هؤلاء الحاقدين… ومن وسائل إعلامهم ولغتهم والجدال العقيم معهم الذي لا يوصل لنتيجة سوى تبادل الشتائم… وبعدها، وعندما يعرفون “أن الله حق” كما يقول المثل… يمكن أن تفكروا في أن تعودوا عن مقاطعتهم إذا غيروا ما بأنفسهم من عنصرية تجاهكم، وما يكنونه من غيرة تاريخية لكم!

• كاتب سوري ورئيس تحرير موقع أورينت نت

اظهر المزيد

نشــــطاء الـرأي

نشــــــــطاء الـــرأي : كيان رمزي وخط إنساني لحرية الإنتقاد الثقافي و الفكري والسياسي ، بدعم مالي مستقل Organization for peace and liberty – OPL : www.opl-now.org

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق