زملاء

الحرب تمزق العائلات السورية واللجوء والهجرة تزيدها تشتتاً

بدأت الحرب في سورية تنتج ظاهرة جديدة آخذة في الانتشار، تمثلت في تشتت العائلات السورية اللاجئة، فيتفرق أبناء العائلة الواحدة، حيث غالباً ما يبقى الأب والأم وحيدين، بينما يتوزع الأبناء في بلدان مختلفة في قارات متباعدة، ما يجعل الأمل بلم الشمل مجدداً شبه مستحيل، خصوصاً حين يكون من بين أفراد العائلة من هو معتقل ومصيره مجهولاً.

وفي لبنان، يضطر العديد من السوريين إلى المغادرة لأسباب عديدة أهمها تعرضهم لمضايقات أمنية تتعلق بالإقامات، وكذلك لعمليات خطف وتهديد من “حزب الله”، فيختارون الهجرة الشرعية وهي في الغالب إلى كندا، أو حتى المغامرة بحياتهم وعائلاتهم ومواجهة خطر الموت غرقاً خلال رحلة اللجوء غير الشرعي إلى أوروبا.

وقال خالد عبد الواحد (22 عاماً) اللاجئ السوري في لبنان منذ 2012 قبل أيام من هجرته إلى كندا: “أهاجر إلى كندا وحيداً. طوال بقائي في لبنان لم أعش مع عائلتي في بيت واحد. خلال 4 سنوات ونصف السنة من مغادرتي سورية بسبب الملاحقات الأمنية، لم اجتمع بأهلي إلا مرتين ولفترات قصيرة لا تتعدى أياماً. هم لا يستطيعون القدوم إلى لبنان بسبب تكاليف المعيشة لذا أنا أعيش بمفردي مع أقربائي هنا. لم أستطع الالتحاق بأهلي في مصر بسبب فرض شروط وتأشيرات على السوريين”.

وأضاف خالد أن “الغربة واحدة (سواء في لبنان أو كندا)، لكن بالإضافة إلى كل الخوف والقلق الأمني والرعب والغربة عن البلد (سورية)، هناك مأساة تتمثل بأن ما من أحد إلى جانبك حتى أهلك. هو أمر يحز في القلب ألا تعيش مع أبيك وأمك وأخوتك الذين تربيت معهم، ولن يستطيعوا أن يكونوا معك في أي مكان: لا في مصر ولا في لبنان”.

وأردف “نحن كسوريين نمر بهذه الغربة. السوريون ابتعدوا عن كل ما يجمعهم بحياتهم الماضية. بالنسبة لي فإن ذكريات 20 عاماً عشتها في الحارة (الدمشقية) وبيتنا هناك انتهت: ابن عمي الذي كان يسكن قريباً منا استشهد، ابن عمي الثاني توفي تحت التعذيب، رفاقي الذين شاركناهم التظاهرات (منذ مارس/آذار 2011) صاروا بعيدين. منهم من هو معتقل ومن هو مسافر وصار مهتماً بأموره الشخصية، وبعضهم ما زال مؤمناً بالثورة وما زال في سورية”.

وأردف بحزن “سفري إلى كندا غربة صعبة . بين ليلة وضحاها اصبحت وحيداً”. وأوضح خالد أن التشتت الذي أصاب عائلته بين لبنان ومصر، والآن بين كندا ومصر، هو حالة صارت شائعة بين اللاجئين السوريين، ولفت إلى أنه على المستوى الشخصي يعرف “أكثر من 25 عائلة، أولادهم إما في المعتقل أو استشهدوا أو هاجروا إلى تركيا وغيرها من الدول، وبعضهم في دول اللجوء مثل لبنان والأردن”.

ومضى قائلاً: “الموضوع صعب جداً حين تقابل أم شهيد، وتخبرك عن ابنها الشهيد والآخر المعتقل وزوجها الشهيد، والأكثر أن من بقي حياً من أبنائها هاجر، وبقيت بمفردها مع ابن أو ابنة صغيرين. هذه النسب عالية جداً وبالنسبة لنا صارت اعتيادية… العوائل الذين أعرفهم معظمهم عوائل شهداء، وأولادهم الأحياء بين لبنان وتركيا والأردن”.

وتحدث عن عائلة لاجئة في لبنان كنموذج لما يحصل، “أعطيك مثلا عن عائلة.. أم ابنها شهيد والثاني معتقل وزوجها شهيد أيضاً، وبسبب المخاوف الأمنية اضطر ابناها الآخران إلى السفر لتركيا ومن هناك غامرا بحياتهما ليصلا إلى أوروبا”.

وأضاف “غالبية الشباب الذين تحدثت عنهم وكانوا مع أهلهم ثم سافروا .. فعلوا ذلك عبر التهريب. همهم أن يصلوا إلى أوروبا مثل ألمانيا وايطاليا واليونان، والكثير ممن أعرفهم فعلوا ذلك ليعيلوا أهلهم”.

يبدو خالد شديد التأثر لمغادرته لبنان وهو الأمر الذي لم يكن يخطط له، وقال “وصلت إلى لبنان أواخر 2012، والهدف أن أكون قريباً من سورية، وأعمل هنا في أي مجال يجعلني أشعر أني لم أخرج من الأجواء (الثورة).. في نهاية الشهر التاسع (سبتمبر/أيلول 2013) تعرضت للخطف من قبل حزب الله لمدة 7-8 ساعات من دون أي سبب. اقتادوني من أحد وسائل النقل العمومية (في الضاحية الجنوبية لبيروت) وبدأوا استجواباً وتحقيقاً وتهديداً”.

وأضاف “حين أتيت إلى هنا (لبنان) لم أكن أفكر بمغادرته إلى بلد آخر، لأنه بالنسبة لنا لم نحس فيه بالغربة.. والوضع هنا يشبه الوضع الذي كنا نعيشه في سورية، لكن هذا التهديد والخوف والرعب بعد الخطف جعلني أتعلق بأي أمل يخرجني من لبنان”.

وشرح خالد أنه عندما قرر للمرة الأولى أن يسجل نفسه كلاجئ بشكل رسمي لدى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان وتحديداً في “مكتب الحماية الذي يمكنه أن يحميني من جهة حكومية. مثلاً إذا أنا خالفت بأمر قانوني وليس جنائياً، كعدم تجديد إقامتي فلا يمكن ترحيلي إلى سورية”.

لكن ذلك لم يسهم إلا في زيادة مخاوف خالد، لأن المسؤولين في مكتب الحماية التابع للأمم المتحدة “أخبروني حرفياً: إذا تعرضت مرة ثانية لأمر مماثل (الخطف)، فلا يمكن أن نفعل أي شيء لأن من خطفك ليس جهة رسمية”.

وأضاف “أفهموني بصريح العبارة: نحن لا نستطيع أن نحميك بأي طريقة إذا تعرضت للخطف من قبلهم (حزب الله) على الرغم من أن التهديد الموجه لي (من الحزب)، إضافة إلى التهديد بالقتل، هو أن (حزب الله) أقوى سلطة في لبنان، نستطيع إعادتك إلى دمشق بأي لحظة نريدها”.

وشدد على أن “الخروج بدافع الخوف بالنسبة لأي شاب من سورية، هو ليس الخوف من الموت بل من الاعتقال. أي أن تعتقل وتتحول إلى مخفي قسرياً ويعيش أهلك بسببك حالة هم بغنى عنها. هذا ما دفعنا للهروب من سورية. أنا خرجت بسبب ذلك، وليس لأتعرض للخطر نفسه في لبنان خصوصاً أني وحيد. لذلك عندها تأكدت أن الأمان يعني العيش بعيداً عن لبنان وسورية”.

قبل خالد عندما عرضت المفوضية تأمين هجرته إلى كندا، خصوصاً أن وضعه خاص كونه معرض للخطر في بلدين: بلده الأصلي وبلد اللجوء، وبعد أكثر من سنة و10 أشهر من المقابلات والفحوصات الطبية تم إبلاغه في أواخر يناير/كانون الثاني الماضي أن سفره خلال أيام وهو ما تم فعلاً.

لكن على الرغم من انتظاره السفر بفارغ الصبر، روى خالد كيف أنه كاد يتراجع عن ذلك حين تم إبلاغه أن سفره سيكون خلال أيام، ووصف حالته النفسية قائلاً: “عقلي يقول لي أن أذهب إلى هناك (كندا) وعاطفتي تدفعني للبقاء هنا (لبنان). لولا التهديد الذي تعرضت له كنت آمل أن أبقى في لبنان ولا أغادره. هو أقرب بلد إلى سورية. العدد الكبير للاجئين هنا يجعلك تشعر بغصة في القلب أي أن تغادر مكاناً كنت قادراً أن تقدم فيه للثورة أكثر مما تستطيع تقديمه وأنت داخل سورية. تذكرت كم سأبعد عن البلد التي استشهد فيها رفاقي الذين شاركت معهم التظاهرات الأولى، وأولاد عمي الذين ماتوا تحت التعذيب”.

وأضاف “كنا نقول دائماً إننا سنعود ونتذكرهم. صحيح أن الحارة أو البناية لن تكون جميلة من دونهم لكننا سنرجع. لكن حين صار الموضوع جدياً – وصحيح أنه سينتشلني من شيء أعيشه وأخاف منه إلى الأفضل – لكن كان هناك غصة في القلب”.

واختصر خالد كل الحسرة في قلبه بالقول “هنا في لبنان، أنا بعيد عن بيتي في دمشق 35 كيلومتراً فقط. أي إذا حصل أي تطور أو سقط النظام وأستطيع العودة إلى سورية، فسأكون في بيتي الذي تربيت فيه خلال نصف ساعة. لكن كندا بعيدة في قارة أخرى ودنيا أخرى”.

وجع الفراق ظاهر على وجه أم خالد (50 عاماً)، التي روت عن شعورها إزاء سفر خالد البعيد، “شعور لا يمكن وصفه . قطعة منك تخسرها. كلنا شديدو التعلق به . الجيران وأهله وخالاته وكل الناس الذين يعرفهم”.

لكنها مع ذلك تغالب دموعها ولا تكف عن الدعاء له بمستقبل أفضل، لأن الهجرة إلى كندا “أكثر أماناً له ولمستقبله. نحن أخرجناه من سورية بسبب الخطر وهنا الخطر نفسه. هناك أفضل بالنسبة لدراسته”.

وأوضحت “أنا وزوجي وبناتي في مصر منذ ثلاث سنوات. وأتينا إلى لبنان لنودع خالد. علّ هذه السفرة تحمل له خيراً”.

وأملت أن “يلم الله شملنا في أي بلد كان. المهم أن نجتمع معه ولا يبعد عنا أكثر من ذلك”، موضحة أنه “شارك منذ بداية الثورة. ففعلياً منذ خمس سنوات لم نجتمع سوياً لأكثر من أسابيع كحد أقصى”.

تتكرر المعاناة بشكل أقسى مع الرجل الذي شارف على الستين دروع الحسين (أبو رائد) وعائلته، وهم لجأوا إلى لبنان منذ عام 2012 من قرية ديربعلبة في حمص وسط سورية، بعد مجزرة في قريته قتل فيها الكثير من أقربائه.

لجأ أبو رائد، وكان يعمل سائق شاحنة، إلى لبنان حيث يسكن حالياً في مخيم “شادي” للاجئين في منطقة مجدل عنجر بمحافظة البقاع شرق البلاد،. وهو أتى مع عائلته، أي زوجته وثلاثة من أبنائه الشباب، أكبرهم رائد (32 عاماً) وصالح (25 عاماً) وأصغرهم ناصر (16 عاماً)، بالإضافة إلى بناته الست.

بعد سنوات من اللجوء، تفتت عائلة أبو رائد كما شرح، فولداه صالح وناصر موجودان في ألمانيا منذ نحو 3 أشهر، بعدما هاجرا إليها بطريقة غير شرعية ولم ينتظرا الموافقة على طلب العائلة للهجرة إلى كندا وهو الأمر الذي حصل بعد سفرهما ما سيعني أن أبو صالح وزوجته سيهاجران وحيدين إلى كندا مع ابنتهما العزباء فاطمة، تاركين في لبنان ابنهما الأكبر رائد وزوجته وطفله بعد رفض طلب الهجرة الذي قدموه، بالإضافة إلى خمس من بناته المتزوجات.

وروى أبو رائد المضايقات التي تعرض له أولاده الشباب بشكل خاص ما دفعهم للبحث عن سبل الهجرة، مشيراً إلى أن ابنه صالح هو من سعى بتقديم طلب الهجرة إلى كندا، “بحلول الشهر الرابع (إبريل/نيسان 2015) أبلغنا مكتب مفوضية اللاجئين في (مدينة) زحلة القريبة (شرق لبنان) بوجوب حضورنا من أجل إجراء مقابلة”.

وأضاف “أجرينا المقابلة (من أجل طلب الهجرة)، وبعد 20 – 25 يوماً أجرينا المقابلة الثانية وبعدها يبدو أنهم نسونا بسبب الانتخابات في كندا”.

لكن المضايقات على الحواجز الأمنية والتي وصلت إلى حد مداهمة خيمة أبو رائد نفسه، جعلت الخوف يدفع صالح للهجرة إلى أوروبا مخاطراً بحياته عبر البحر من دون انتظار جواب الحكومة الكندية بالنسبة لطلب الهجرة.

وقال أبو رائد “بعد المقابلة الثانية حصل وقت انتظار كبير. قال لي (صالح): يا أبي أنا أريد أن أهاجر. هنا لا أستطيع التجديد (الإقامة) وبالتالي المضايقات تمنعني من التنقل إلى زحلة لأمارس مهنة التدريس. في كل مرة يوقفني حاجز أمن وأتعرض للمضايقة بحجة أن إقامتي غير مجددة، وأخاف أن يأتي يوم أتعرض فيه للاعتقال والسجن، لذا أريد السفر”.

ولفت إلى أن ما دعاه للموافقة أخيراً هو “تعرضنا إلى مداهمة هنا وقالوا له يا حقير جدّد (الإقامة). فوافقت لكن مع شرط تعجيزي هو أن يأخذ أخاه الصغير (ناصر) معه. اعتقدت أنه سيرفض، وبالتالي تكون حجة لأرفض سفره، فإذا به يوافق”.

تحدث عن معاناته “انهارت أعصابي، ولداي رحلا عن بيتي… صرت أدعو لهم بالتوفيق. لم يكن بيدي غير ذلك.  طارا (صالح وناصر) من يدي”.

لكن المفارقة أنه لم تكد تمضي خمسة أيام على مغادرة صالح وناصر إلى تركيا ومنها إلى أوروبا في الثالث من أكتوبر/تشرين الأول 2015 ، حتى اتصلت السفارة الكندية بأبي رائد، والذي اتصل بدوره بابنه صالح لحثه على العودة فكان جواب الأخير بأنه سيكمل طريقه إلى أوروبا.

على الرغم من ألم الفراق، يحس أبو رائد بالأمان على ولديه في ألمانيا، لكنه يشكو من تشتت العائلة في أصقاع الدنيا.

وقال الرجل الذي من المرجح أن يهاجر إلى كندا خلال فبراير/شباط الجاري بعد حصولهم على الموافقة الأخيرة، “سأصير أنا (وزوجتي وابنتي) في كندا . بناتي (المتزوجات الخمسة) وابني وزوجته وطفله سيبقون في لبنان. ولداي (صالح وناصر) في ألمانيا”.

ويبدو أن لناصر محبة خاصة، حيث لفت الأب إلى أن “ناصر قاصر، وسفره كسر ظهري. المشكلة أنه موجود بمدرسة داخلية ليس فيها إلا ألمان من الأولاد المشردين من بيوت عائلاتهم. لكن الحمد لله حتى الآن هو بخير”.

واستبعد ابو رائد العودة إلى حمص ولم شمل العائلة قريباً على الأقل، وختم بالقول: “شعوري من المستحيل أن أعبر عنه. لم يعد عندي من إقبال على الحياة . معنوياتي مهدمة ومكسرة . أنا في منطقة وأولادي في منطقة، وبناتي في منطقة أخرى. عسى الله يفرجها”.

ولم تتوقف أم رائد عن البكاء حزناً، وهي تتعلق بالذهاب إلى كندا عسى ذلك يؤدي إلى إعادة لم شمل العائلة مجدداً، وقالت: “لولا أولادي لا أسافر إلى كندا. بناتي المتزوجات وابني وابنه الصغير (باقون هنا). عمري حالياً 50 سنة، فأسأل نفسي، ماذا يجبرني على السفر إلى كندا ولماذا؟ لكن نهاجر من أجل أولادي، خصوصاً الصغير ناصر، وصالح. عسى الله يلم شلمنا هناك وألقاهم مجدداً”.

تكاد الغصة تخنق الابن البكر رائد (32 عاماً) ويدفعه اليأس والحنين العائلي إلى المجازفة بطفله وزوجته في البحر للهجرة ولقاء أخوته، خصوصا أنه يتعرض لمضايقات أمنية و”عنصرية”.

وقال “لا أستطيع أن أتخطى حاجزاً أمنياً لأن إقامتي (في لبنان) غير مجددة. أتعرض للإهانة. هناك أيضاً بعض العنصرية، نحن نتعرض للاضطهاد. ليس ذنبنا أننا لاجئون. هناك نظرة من المجتمع، ما أعنيه أن سوابق الجيش السوري حين كان هنا (في لبنان بين 1975 و2015) نحن الآن ندفع ثمنها كلاجئين”.

وأوضح “تم قبول ملف أهلي وليس ملفي. أريد أن أناشد الحكومة الكندية: حين (توفي) الطفل ايلان الكردي اهتز العالم للصورة ومن بعدها أرسلوا طلب لجوء لعائلته. إذا هاجر أهلي ولم أحصل على فرصة أن أهاجر عن طريق الأمم المتحدة أو السفارات (بشكل شرعي) فسأكون مضطراً للسفر عبر البحر، واصطحب ابني معي. ليس لدي ما أخسره. أريد العيش مع عائلتي وأبي وأمي”.

يختم رائد حديثه بكلمات تختصر معاناة عائلات سورية كثيرة جداً مزقتها الحرب كما مزقت أوصال المدن والقرى السورية، ويقول عن شعوره بالفراق وتشتت العائلة “شعور لا يوصف. هؤلاء أخوتي. تربينا سوياً والآن العائلة (الواحدة) صارت عدة عائلات: عائلة في ألمانيا، عائلة في كندا، وعائلة في لبنان”.

المصدر:
الأناضول – السورية نت
اظهر المزيد

نشــــطاء الـرأي

نشــــــــطاء الـــرأي : كيان رمزي وخط إنساني لحرية الإنتقاد الثقافي و الفكري والسياسي ، بدعم مالي مستقل Organization for peace and liberty – OPL : www.opl-now.org

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق