زملاء

ناهد بدوية : لم أبك في السجن والآن أبكي كل يوم

بكيت المرة الأولى بعد خروجي عندما سمعت قصة درعا بعد اسبوعين من بدايتها.
في سجن دوما ومن القناة التلفزيونية السورية الأولى استنتجنا ان هناك شيئا خطيرا حصل في درعا وأن الناس خرجت الى الشارع وان هناك أسلحة في الجامع العمري و بعض القتلى وتم التركيز على أن درعا منطقة حدودية وعلى المؤامرات الخارجية التي تستهدف الصمود والممانعة.
وكنا نعكس كل الكلام التلفزيوني الرسمي حتى نلامس بعضا من حقيقة مايحصل وكنا نظن أننا استطعنا استنتاج بعضا من الحقيقة.


الصدمة الكبيرة كانت عندما خرجت، عندما سمعت القصة الحقيقية وبكيت بحرقة.
إذن لم تكن الشرارة الأولى في درعا برنامجا من أجل التغيير الديمقراطي الذي نحلم به، ولا مطالبة في الحرية والعيش بكرامة ولا من أجل ان نخرج من هذا الكهف، كهف الحرب الباردة البائدة، ونلحق بالحداثة كما نتحرق جميعا.
كانت الشرارة الأولى إذن، مطلبا أقل من ذلك بكثير، كان مطلبا بخروج أطفال من السجن. أطفال؟؟ في السجن؟؟ لم أصدق، كيف؟؟؟ أطفال يلعبون ويخربشون على الحائط؟؟ ساقوهم الى السجن؟؟
الأنكى من ذلك أن أهاليهم وعشائرهم لم ينزلوا الى الشارع مباشرة للمطالبة بهم ولكنهم، وحسب التقليد الحالي السوري، طرقوا أبواب المسؤولين للتوسط من أجل أطفالهم، فكان الرد بالاهانات والتهديد والاستفزاز الصريح!!! كيف يمكنهم فعل ذلك؟؟ صدقا لم أفهم لماذا.
هل كانوا يدفعونهم دفعا للنزول الى الشارع؟؟ هل ملوا من كثرة التحضيرات لاحتمالات انتقال الثورة الى سورية ولم يحصل ذلك؟؟ هل وجدوا ان الالاف من العناصر التي جهزوها للقمع منذ أوائل شباط تأخذ رواتبها بدون أن تفعل شيئا وقد حان الوقت كي تحلل أجرها؟؟؟
وفي محاولة للفهم كل يوم، أسمع أغنية سميح شقير “ياحيف” كل يوم وأقبله من بين عينيه، ياحيف كلمة اعتاد أهل درعا توجيهها للأخ حين يخطئ بحق أخيه.
أسمع الأغنية كل يوم وأبكي وأصرخ معه: ياحييييييييييييييييييييييييف

اظهر المزيد

نشــــطاء الـرأي

نشــــــــطاء الـــرأي : كيان رمزي وخط إنساني لحرية الإنتقاد الثقافي و الفكري والسياسي ، بدعم مالي مستقل Organization for peace and liberty – OPL : www.opl-now.org

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق