زملاء

زلفى شحرور : نضال المرأة الخليجية..بين التحرر والتقدم والرجعية والتقاليد!!

تتخذ نضالات المرأة الخليجية المطلبية منحى جديدا وما نشهده اليوم في دول الخليج من مبادرات هو مؤشر لتوجهات جديدة عند الحركة النسوية تحمل طابعا مطلبيا حددت فيه احتياجاتها ومطالبها، وهى تقوى وتتعزز ،وان كانت في بداية الطريق، وتحتاج الى سنوات لتحقيق نتائج تقارب ما حققته شقيقاتها العربيات، في بداية الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، حيث ارتبطت هذه الحركة بالحركة السياسية والحزبية في بلادها، وكانت همومها النسوية جزءا من همومها السياسية.
الحركة المطلبية في الخليج تركز على جانب حقوقي بحت مثل ما حصل في الكويت، حيث تناضل للحصول على حقها في الانتخابات البرلمانية، لا على حقها في الترشيح او الحصول على كوتا برلمانية، في حين تبدو مطالبها في السعودية ابسط وتطال احتياجات يومية يفرضها الواقع.

والجديد في الامر ان تتحول نساء خليجيات الى سجينات رأي مثلما هو حاصل في عمان، وان كانت البحرين سباقة في هذا الامر وهي البلد الذي تبلورت به حركة نسوية مطلبية استطاعت تحقيق انجازات كبيرة ومهمة، وان ارتبطت بحركة سياسية معارضة.
ورفعت 500 سيدة سعودية خطابا لملك السعودية عبد الله بن عبد العزيز ، طالبنه فيها بعدم الالتفات لما تكتبه الصحف التي تريد تغريب المرأة وإخراجها من بيتها، وطالبن باتخاذ خطوات حازمة وصارمة لوقف الحملات التي تريد تغريب المرأة السعودية.
والموقعات على الخطاب 14 أكاديمية من جامعتي جدة ومكة وكليات التربية التابعة لتعليم البنات بمنطقة مكة المكرمة، بالإضافة إلى ثلاث طبيبات، وسبع من العاملات في القطاع الصحي، و93 معلمة، و12 عاملة، و93 جامعية، و79 من طالبات المدارس الثانوية، و123 ربة منزل معظمهن متعلمات.
وبدأن الخطاب حسب «الشرق الأوسط» الصادرة في 30 /7 ، بآيات من القرآن فسرت بطريقتهن أن مكان المرأة بيتها ويجب ألا تخرج منه، وأنها خلقت من أجل الأمومة ورعاية شؤون البيت، وقلن “لنا في الدول القريبة التي أخرجت المرأة من بيتها مثال في البطالة والفقر والتدهور الإجتماعي”.
واضفن ان المرأة السعودية تتعرض لحملة شعواء لاستغلالها جسديا، وامتهانها وإخراجها إلى سوق العمل، لكي تعمل مذيعة أو مضيفة طيران أو مندوبة تسويق. معتبرات أن مثل هذه المهن استغلال لجسد المرأة.
وطالبن بعدم السماح للمرأة بقيادة السيارة على اعتبار أنها تعرض المرأة للتحرش في الأماكن العامة والأسواق وأمام مدارس البنات، مطالبات بإنشاء وزارة للمرأة يديرها علماء شرعيون وتوسيع الصلاحيات لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفتح مراكز نسائية مختصة وشرعية لتطوير إمكانات المرأة وفق تعاليم الإسلام، وإيقاف القنوات الفضائية، وقمن بتحديد عدد من هذه القنوات العربية ،متهمات القنوات بعرض المرأة وجسدها كسلعة.
ويعد الطلب الرئيسي لهن بعد المطالبة بعدم السماح بقيادة السيارة، هو طلبهن الاحتكام إلى شرع الله في معاملات الدولة فيما يختص بالمرأة.
ويبقى السؤال: ما الذي يجعل المرأة اكثر عداء من غيرها لجنسها، وهل هذا الخطاب ينبع فقط من نساء عاديات لا شان لهن بالقضايا العامة، ام ان هناك اتجاهاً ما يدعم مثل هذه الافكار التي تعود بالمرأة الى عصور بائدة، ويستخدم هذا الخطاب بمواجهة محاولات عدد من النسوة التحرر من الاطار الذي رسمه لهن الرجال بعد تسليط الضوء على واقع المرأة السعودية، التي تحرم من حقوق تعطى لغيرها في بلدان اسلامية ومجاورة لها وتنتمي الى ذات التاريخ والعادات والتقاليد، من الذي يحرمها من سياقة السيارة في حين يعطي الحق لغيرها من المجندات الاميركيات اللواتي وصلن اليها بعد الاحتلال العراقي للكويت وهو ما سبب ثورة عند بعضهن، دفعتهن الى التمرد والخروج الى الشوارع بالسيارات، ولكن تم قمعهن.
وهل تشكل هذه المطالبات نوعاً من المعارضة ورسالة في مواجهة محاولات من داخل العائلة المالكة التحرك في قضايا تخص المرأة، حيث تزامنت الرسالة مع تصريحات أطلقتها الأميرة لولوة الفيصل، شقيقة الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، في مركز أبحاث الشرق الأوسط، قالت فيها إن المرأة السعودية أحرزت تقدماً كبيراً في كافة المجالات وإن كانت محجبة.
وأكدت أن تقاليد السعوديين تؤيد قيام المرأة بدور قوي وفاعل في المجتمع، حيث كانت المرأة تدير شؤون البيت في بداية الدولة السعودية عندما كان الرجال ينشغلون بالسفر والتجارة، وأن المرأة أخذت حقها في إصدار الهوية وستأخذ حقها في قيادة السيارة متى شاءت.
للكل الحق في اعتقاد ما يشاء وممارسته، لكن ان يتحول الى مالك الحقيقة وحده فهو غير المقبول، وهذا ما فعلته صاحبات البيان، وتحولن الى ناطقات باسم المرأة السعودية فهو الخطير، لانه يخرج عن اطار الموقف الشخصي الى موضوع نضالي ومطلبي ، ويقدمن في خطابهن هذا كل المبررات للاتجاهات المحافظة والرجعية في المجتمع، خاصة وان غالبيتهن متعلمات ، ما يؤثر ويضعف جهود ومحاولات الرافضات لهذا المنطق في التحرر من اسر عادات وتقاليد فرضت نفسها على المرأة لسنوات وعهود طويلة، والاولى ان ترفع الاصوات في مواجهتها.
والمفارقة الاكبر ان خطاب السعوديات هذا سبقه بايام قرار المحكمة الابتدائية، في العاصمة العمانية مسقط يوم 13 تموز 2005 بالحكم بالسجن سنة ونصف السنة، على البرلمانية السابقة والإعلامية “طيبة المعولي”، بتهمة انتهاكها قانون الاتصالات، عبر نشرها مقالات على شبكة الإنترنت، انتقدت فيها انتهاكات حقوق الإنسان في بلادها. وهو الامر الذي اعقب ترشيحها لجائزة نوبل للسلام ضمن مشروع الف امراة لجائزة نوبل للسلام.
المعولي تعتقل وتسجن لانها نادت بإجراء محاكمة عادلة للمعتقلين بصورة علنية ومكتوبة، ما حرمها من محاكمة عادلة ،لتصبح اول سجينة رأي في عمان ، وهي المنتخبة لمجلس الشورى العماني لفترتين متتاليتين: 1994-2000. تعتقل لانها عملت على نشر قيم العدالة، والمساواة. ونادت بحرية التعبير عن الرأي. وآمنت بضرورة مناقشة القضايا الاجتماعية، التي تؤثر في تطور مجتمعها وتقدمه، والتي تعتبر تابوهات، يمنع الخوض فيها، وخاصة من قبل النساء.
حادثتان تثيران القلق ، وتدعوان الحركة النسوية العربية ممثلة بمنظماتها المختلفة الحكومية منها والاهلية، الى تسليط الضوء على هذه القضايا، وضم صوتهن الى صوت المناضلات دفاعا عن حريتهن وحقوقهن وحقوق الغير، والوقوف الى جانب المعولي.
فهل تدق المعولي الابواب الموصدة في بعض دول الخليج، وهل نحتاج الى شهيدات للرأي حتى تنال النساء حقوقهن في عصر تحتل فيه مبادئ الحرية والمساواة ، وحق الاختيار موقع الصدارة في اهتمامات دول العالم الحديث، وتستخدم فيه هذه القضايا كسيف مسلط على رقاب هذه الشعوب في قضايا ذات بعد سياسي محض يراد من خلالها اركاع الامة وشعوبها؟!

زلفى شحرور

اظهر المزيد

نشــــطاء الـرأي

نشــــــــطاء الـــرأي : كيان رمزي وخط إنساني لحرية الإنتقاد الثقافي و الفكري والسياسي ، بدعم مالي مستقل Organization for peace and liberty – OPL : www.opl-now.org

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق