زملاء
ممرضات بلغاريات يواجهن حكما جديدا في قضية الايدز بليبيا
صوفيا (رويترز) – تقول سينزهانا ديميتروفا (54 عاما) إن سجانيها في ليبيا علقوها من ذراعيها في مدخل احدى الغرف وأيديها موثوقة خلف ظهرها الى أن خرج كتفاها من تجويفيهما.اما ناسيا نينوفا التي تبلغ من العمر الان 40 عاما فتقول انها حاولت الانتحار في السجن بعد أن عذبت لتعترف بتعمد حقن الاطفال بفيروس اتش.اي.في القاتل اثناء عملها ممرضة في ليبيا عام 1998.ونقلت عنها وسائل اعلام بلغارية قولها لمحكمة ليبية عام 2001 “حاولت الانتحار ليس بسبب عذاب الضمير لكن لانني لم أستطع احتمال المزيد من الصدمات الكهربائية.” وسجنت ليبيا ديميتروفا ونينوفا وأربعة عمال طبيين أجانب اخرين عام 1999 ووجهت لهم تهمة اصابة 426 طفلا بالفيروس المسبب لمرض الايدز.
وبالرغم من تراجعهما عن اعترافاتهما فان الممرضتين أدينتا الى جانب ثلاث بلغاريات أخريات وطبيب فلسطيني وحكم عليهم بالاعدام رميا بالرصاص.
ونجا المتهمون من العقوبة حين ألغت محكمة أعلى درجة الاحكام وأمرت باعادة المحاكمة منذ عام.
لكنهم الان يواجهون حكما ثانيا يوم الثلاثاء وقد يكون مصيرهم الحكم بالاعدام مجددا وهو احتمال لا تستطيع أسرهم في بلغاريا فهمه.
وقالت بولينا ديميتروفا ابنة سينزهانا لرويترز “كيف يمكن أن يتحدث الناس حتى عن أحكام الاعدام. انهم أبرياء. انني حتى لا أستطيع أن أدع نفسي أفكر في هذا.”
مصير هؤلاء العمال الطبييين في أيدي محكمة ليبية لكن التوقعات بالنسبة لهم على المدى الطويل أقل وضوحا. انهم رهينة لمسرحية اكبر تتعلق بالجغرافيا السياسية.
وتقول الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي الذي ستنضم اليه بلغاريا في الاول من يناير كانون الثاني ان على ليبيا الافراج عن العمال الطبيين بسبب الادلة على تعذيبهم والدراسات التي تظهر بدء انتشار المرض قبل وصول الممرضات الى مستشفى بنغازي للاطفال.
وهناك أسباب تدعو الزعيم الليبي معمر القذافي للافراج عنهم. فقد أعاقت القضية عملية التقارب البطيئة بين طرابلس والغرب التي تحسنت حين تخلت عن مسعاها لامتلاك أسلحة نووية وكيميائية وبيولوجية عام 2003.
لكن محللين يقولون ان اطلاق سراحهم سيسلط الضوء على النظام الطبي لليبيا الذي يشير علماء غربيون الى أنه المجرم الحقيقي في قضية تفشي فيروس (اتش.اي.في) وقد يذكي الاضطراب في بنغازي معقل المعارضة.
وقال محلل ليبي بارز ان من المرجح أن يبقي القذافي على العمال الطبيين لاستخدامهم كورقة للمساومة الى أن تسفر المحادثات عن عائد مالي من المجتمع الدولي لتهدئة أسر الاطفال المصابين.
وقال جورج جوف المحاضر المتخصص في شؤون الشرق الاوسط وشمال افريقيا بمركز الدراسات الدولية بجامعة كيمبريدج “أعتقد انه ستصدر إدانة للممرضات ثم سيصدر القذافي عفوا بعد إبرام اتفاق خاص بالتعويض”.
واستطرد قائلا “لكن الخاسر الاكبر سيكون الفلسطيني (اشرف الحجوج). فسيضيع في النسيان.” وقال جوف انه بدون دعم من القوى الغربية فان الارجح أن يتم اعدامه.
وفي الشهر الماضي كتب 114 من الحاصلين على جائزة نوبل خطابا مفتوحا للقذافي شكوا فيه من رفض الادعاء أدلة خطيرة بعضها يظهر أن انتشار المرض جاء نتيجة لاستخدام المحاقن عدة مرات وسوء اجراءات النظافة والعادات الصحية في المستشفى.
أعقب هذا بحث أكاديمي في مجلة (نيتشر) المتخصصة في العلوم والتي وجدت أن الاصل الوراثي لفيروس (اتش.اي.في) وفيروس الالتهاب الكبدي سي اللذين يصيبان الاطفال في المستشفى كانا موجودين قبل فترة طويلة من وصول الممرضات هناك في مارس اذار عام 1998.
وقال فيتوريو كوليتزي الباحث المتخصص في الايدز في جامعة تور فيرجاتا بروما والذي شارك في كتابة الدراسة “المجتمع العلمي أدى ما عليه. فقد أعطى أدلة قوية. الان الكرة في ملعب المجتمع السياسي.”
وأشار جوف الى أنه ليست هناك رغبة في الغرب في اتخاذ موقف شديد الصرامة ضد ليبيا خشية تعريض عقود استغلال احتياطيات ليبيا الهائلة من النفط للخطر اضافة الى تغريب حليف محتمل ضد المتطرفين الاسلاميين.
وفي بنغازي حيث توفي اكثر من 50 طفلا من الاطفال المصابين شهد معظم الناس تأثر أحد أفراد عائلاتهم بهذه المأساة. فهناك استياء جماهيري لا يهدأ ضد الممرضات والجهود الدولية لاطلاق سراحهن.
وكتبت صحيفة الفجر الجديد في افتتاحيتها تقول “كل من حاول التشكيك في القضية هو طرف فاعل في الجريمة.”
وطالبت طرابلس بعشرة ملايين يورو لاسرة كل طفل مصاب على سبيل “الدية”.
ورفضت بلغاريا وحلفاؤها الفكرة قائلين ان أي تعويضات ستكون اعترافا بالذنب.
لكن هذه الدول بقيادة بروكسل تحاول انشاء صندوق للمساعدات الطبية ونفقات المعيشة والتدريب والعلاج في مستشفيات اوروبية للاطفال وأسرهم.
ويقول محللون ان هذا سيستغرق وقتا ربما اكثر من عام مما يسبب احباطا لمن هم في انتظار عودة زوجاتهم وأمهاتهم وبناتهم في بلغاريا.
وقالت زوركا اناشكوفا والدة الممرضة المتهمة كريستينا فالشيفا لرويترز “نجحت ليبيا في اختلاق أعذار ذكية على مدار نحو ثماني سنوات لابقائهم خلف القضبان… سيختلقون شيئا مجددا حتى يستطيعوا الاستمرار في ابتزاز العالم.”
تحقيق من مايكل وينفري
(شاركت في التغطية كارمينا ميتيفا وتسفيتيليا الييفا)
د ز- س ح