زملاء

اسماء الشرايبي :الجمعيات المغربية تسائل الحزب الاشتراكي الفرنسي قبل الانتخابات الرئاسية والتشريعية

جمعية الوصل بباريس تناقش موضوع الهجرة والإدماج السياسي : في إطار الأنشطة التي تقوم بها جمعية الوصل، انعقدت ندوة في مقر الحزب الاشتراكي الفرنسي بضاحية بولوني بييونكور حول الموضوع التالي: الهجرة والإدماج السياسي، شارك فيها كل من النائبة في البرلمان الاوربي مارتين رور، المناضل الحقوقي ادريس اليازمي، النائبة البرلمانية البلجيكية من أصل مغربي فتيحة السعيدي والنائبة السابقة في البرلمان الهولندي المغربية الاصل خديجة عرب• ترأس اعمال الندوة وأدارها الاخ شكيب بوعلو وهو مناضل اتحادي ومناضل في صفوف الحزب الاشتراكي الفرنسي• وقد غصت القاعة بالمثقفين والمناضلين المغاربة والفرنسيين ودار نقاش غني ومثر حول المداخلات الأربع •

سيغولين رويال ستلغي قانون ساركوزي حول الهجرة: أولى المداخلات كانت للنائبة في البرلمان الاوربي السيدة مارتين رور• وقد أدانت منذ البداية كره الآخر لأسباب عرقية أو دينية• والمقصود بالآخر بطبيعة الحال هنا الإنسان المغترب، اي المهاجر القاطن في المجتمعات الاوروبية• ومعلوم ان اوساط اليمين المتطرف تبني كل ايديولوجيتها على كره المغاربيين والسود وبقية الاجانب• وقالت النائبة في البرلمان الاوروبي بأن الحزب الاشتراكي سوف يعمل على إلغاء قوانين ساركوزي اذا ما وصل الى السلطة في الانتخابات القادمة• ولكن السيدة مارتين رور قالت أيضا بأن اوربا لا تستطيع ان تستقبل كل مهاجري العالم، وبالتالي فينبغي على الاتحاد الاوروبي ان يعقد اتفاقيات شراكة لمساعدة الناس على ايجاد عمل في بلادهم اذا أردناهم ألا يهاجروا الى الغرب• على الغرب أيضا ان يساهم في المشروع التنموي لهذه البلدان التي لها مواد أولية بل وغنية من هذا الجانب لا ينقصها الا توظيف هذه المواد في بناء بلدانها ، اذا توقف الغرب كذلك عن نهبها لأنه وحتى بعد استقلال البلدان التي كانت مستعمرة سابقا، فإن الغرب يجد الطرق والوسائل لكي ينهب هذه الثروات• فمعلوم أن الانسان لا يترك وطنه عن طيب خاطر• ولولا الحاجة المادية الملحة أو الفقر المدقع أو الاضطهاد الديني او السياسي لما هاجر، لما خاطر بحياته في سبيل الهجرة بل ولما انهاها وهو في طريقه الى بلد الهجرة• وبالتالي فلكي نجعل العمال راغبين في خدمة بلادهم، ينبغي ان نقدم لهم فرصة عمل في بلادهم• وعندئذ لن يفكروا في الهجرة الى أوروبا• ثم طرحت النائبة الاوروبية هذا السؤال: لماذا لا يحق للآخرين أن يتطوروا؟ وهل التطور أو التقدم حق للاوربيين دون غيرهم؟ وقد طرحت هذا السؤال لأن بعض الغربيين تضايقوا من تقدم الصين صناعيا في الآونة الأخيرة• وقالوا بأنها تلوث الأجواء والبيئة بسبب سياسة التصنيع الكثيفة هذه• ولكن لماذا لا يحتجون على سياسة التصنيع في الغرب وهي التي لوثت الأجواء اكثر من غيرها؟ فهل الرفاهية والتقدم الاقتصادي حق للأوربيين والأمريكان دون غيرهم؟ ثم دعت السيدة مارتين رور الى تحسين الاوضاع الاقتصادية في دول الجنوب لكيلا يهاجر مواطنوها على شكل موجات متلاحقة الى الغرب• وقالت إن تحسين اساليب الحكم في هذه البلدان وعدم استغلال الثروة من قبل الأقلية الحاكمة هو أيضا شرط ضروري لكي يبقى العمال في بلدهم فلا يهاجرون الي اوروبا• ثم دعت بل وركزت على عقد اتفاقيات شراكة بين الدول الاوروبية والدول المغاربية من أجل تنظيم الهجرة بشكل يعود بالفائدة على الجميع• وقالت: ينبغي فتح مكاتب للدول الاوروبية في كل بلد من بلدان الهجرة من أجل اختيار الناس القابلين للهجرة، والذين تحتاجهم الدول الاوروبية في قطاعات معينة (دون الوقوع طبعا في فخ استغلال وتهريب العقول التي تكون هذه البلدان في حاجة اليها ايضا لنموها) وعلى هذا النحو تحل الهجرة المنظمة محل الهجرة السرية أو الفوضوية والعشوائية• وحذرت النائبة الاوروبية البعض من المتاجرة بالعمال المهاجرين واستغلالهم استغلالا لاإنسانيا• وأكدت ان هذه التجارة تدر عليهم ارباحا طائلة تفوق الارباح الناتجة عن المخدرات• ولذا ينبغي علينا ملاحقة هؤلاء الذين يحتقرون الكرامة الإنسانية لهؤلاء العمال الفقراء الباحثين بأي شكل من لقمة العيش عن طريق تنظيم هجرتهم وعملهم• على أوربا أن تحترم فلسفة حقوق الإنسان في ما يخص المهاجرين الشرعيين بل وحتى السريين هي الفكرة التي توصل بها المناضل الحقوقي والمختص في الدراسات التاريخية والعضو السابق في هيئة الإنصاف والمصالحة، والمندوب العام لجمعية جينيريك الاخ ادريس اليازمي، والذي ألقى محاضرة هامة عن تاريخ الهجرة وقال: هل تعلمون بأن الاوروبيين كانوا أكبر المهاجرين في العالم عبر التاريخ؟ لا ريب في ان هذا الكلام سوف يدهشكم وربما يصدمكم• ولكن هذه هي الحقيقة• فقبل ان تصبح اوربا مزدهرة جدا وبالتالي أرضا للهجرة، كانت تصدر المهاجرين الى شتى أنحاء العالم طيلة خمسة قرون• وقد هاجر قسم كبير منهم الى العالم الجديد: اي امريكا الشمالية والجنوبية ثم استراليات ومناطق أخرى من العالم• وكانوا يهاجرون بحثا عن الرزق تماما مثل المغاربة اليوم• واحيانا كانوا يهاجرون هربا من الاضطهاد• ولا ينبغي ان ننسى انهم هاجروا ايضا من اجل الاستعمار: اي استعمار أمريكا، وكندا، واستراليا، والجزائر، الخ••• وبالتالي فهناك عدة اسباب للهجرة لا سبب واحد • ثم اردف قائلا : واليوم يوجد مائتا مليون مهاجر في العالم• وهي نسبة قليلة لا تتجاوز %3 من سكان الكرة الارضية• ولكنها نسبة في حالة تزايد• ولكن هل نعلم بأن الهجرة جنوب – جنوب اكبر من الهجرة جنوب – شمال؟ نحن نعتقد ان الهجرة لا تكون الا من دول الجنوب الفقيرة الى دول الشمال المتطورة والغنية• ولكن هذا الاعتقاد خاطئ، ففي مصر مثلا يوجد خمسة ملايين مهاجر سوداني• ثم دعا ادريس اليازمي الى اعطاء المهاجرين الشرعيين حقوقهم كاملة في دول الهجرة، كما دعا الي احترام حقوق الانسان في ما يخص المهاجرين الشرعيين بل وحتى السريين• فالمهاجر يبقي انسانا في نهاية المطاف وبالتالي فينبغي على أوربا اذا ما ارادت ألا تخون مبادئها، ان تعاملهم كبشر ذوي كرامة انسانية• وفي ما يخص اتفاقية حماية حقوق العمال المهاجرين وعائلاتهم والتي وضعها برنامج منظمة الأمم المتحدة، فيشير اليازمي الى انه من المخجل وغير المنطقي ان توقع عليها فقط دول الجنوب، فأين هي انوار بلدان حقوق الانسان وعلى رأسها فرنسا؟ خلاصة الامر يرى الاستاذ ادريس اليازمي ان فرنسا بالمقارنة مع بلدان الهجرة الاوروبية الاخرى مازالت متأخرة بما يعادل 10 او 15 سنة في ما يخص شراكة المهاجرين السياسية وفي ما يخص حقهم الطبيعي في التصويت والمواطنة في البلدان الهجرة• وهذا ما ينقلنا مباشرة الى المداخلتين التاليتين واللتين تعتبران شهادة على الإدماج السياسي في كل من بلجيكا وهولندة• تصويت المهاجرين وقاية من العنصرية هذا ما يتجلى لنا من كلمة فتيحة السعيدي النائبة الاشتراكية في البرلمان البلجيكي التي ألقت مداخلة قيمة عن أوضاع المهاجرين في بلجيكا• السعيدي وصلت الى بلجيكا خمس سنوات فقط، نجحت في دراساتها حتى بلغت أعلى المراتب• وقد انتخبت مرتين في البرلمان: المرة الاولى عام 1999 والثانية عام 2004 وقد انتخبت علي اساس النضال ضد كل اشكال التمييز العنصري الممارس ضد العمال المهاجرين• وجاهدت من أجل ان ينال هؤلاء المغتربون حقوقهم السياسية• وتقول النائبة السعيدي بأن الشعب البلجيكي لم ينتبه الى وجود المهاجرين فعلا الا بعد قصف ريغان لليبيا عام 1982 • فعندئذ نزلت مظاهرة كبيرة الى الشارع تنديدا بالولايات المتحدة وتضامنا مع ليبيا• واحست السلطات البلجيكية لأول مرة بأهمية وجود المهاجرين انذاك• واخذت تفكر جديا في اخذ مشاكلهم على محمل الجد• وراحت تخطط لإعطائهم حقوقهم السياسية لكي يمثلوا انفسهم داخل المجالس البلدية البلجيكية وكذلك في البرلمان • وهكذا تم انتخاب ثلاثة نواب في البرلمان عام 1985 اثنان منهم مغاربة والثالث تونسي • ثم تزايد عدد المنتخبين بعدئذ• ووصل عدد المنتخبين في المجالس البلدية الى 145 عضوا من اصل 650 مقعدا تقريبا• وطرحت عندئذ مشكلة العلمانية والعلاقة بين الدين والسياسة• ومعلوم ان بلجيكا بلد علماني، متسامح ويحترم كل الاديان ولكنها بطبيعة الحال ترفض تدخل الدين في السياسة كبقية البلدان الاوروبية• فللدين مجاله وللسياسة مجالها ولا ينبغي الخلط بينهما• تصويت المهاجر يقلب التوازنات السياسية في هولندة بعد ذلك تطرقت النائبة السابقة في البرلمان الهولندي المغربية الاصل خديجة عرب الى عرض تاريخي للتجربة الهولندية في مجال الإدماج السياسي للمهاجرين، وصرحت بأن هولندا هي البلد الاوروبي الوحيد الذي للمهاجرين الحق الكامل في المشاركة السياسية اذ ابتداء من 1985 اصبح بإمكان المهاجرين ان يصوتوا ويترشحوا دون ان يكونوا حاملين للجنسية الهولندية• وهذا مكسب تحقق عندما ابتدأت هولندا في السبعينات تدرس موضوع اشراك مواطنيها المهاجرين في السياسة الهولندية، الشيء الذي لفت الانتباه الى أن هناك ايضا مواطنين اجانب، مهاجرين يعيشون في هولندة ولهم كامل الحق في هذه المشاركة، وذلك استنادا الى اعمال رجل حقوقي هولندي ووزير سابق للعدل كان قد نشر مقالا في هذا الاتجاه منطلقا من الفصل 21 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان والذي مفاده ان لكل فرد الحق في الاشتراك في ادارة الشؤون العامة لبلاده اما مباشرة او من خلال ممثلين يختارهم اختيارا حرا، فبلد الانسان لا ينحصر في بلده الاصلي او الحامل لجنسيته، وانما هو ايضا البلد الذي يعيش ويقيم فيه• ولذلك لا يجب اذن اعتبار الجنيسة كمعيار لاشراك الفرد في الحياة السياسية• ولكن الطريف في الامر ان هذا الحق والمكسب الذي يناضل من أجله بعض المهاجرين في اوروبا ، والذي كان من ضمن المشاكل التي طرحت ونوقشت خلال اعمال المناظرة التي اقيمت مؤخرا بالرباط، الطريف في الامر ان الاحزاب السياسية الهولندية هي التي منحته للمهاجر وعوض الترحيب به في اوساط الهجرة والجمعيات الديمقراطية لاقى موجة هائلة من الانتقادات والرفض الناتج عن شكوك حول مصداقية هذا الإدماج• وتجيشت كل الجمعيات لتوزيع منشورات تندد بهذا القرار وتطالب المهاجرين بعدم الوقوع في الفخ وبعدم التصويت• ولكن مع ذلك ظلت مشاركة المهاجرين في عمليات التصويت جد ضعيفة حتى وان كانوا هم المتضررين من الاوضاع المابعد 11 شتنبر والمابعد اغتيال السينمائي فان غوغ وزعيم حزب اليمين المتطرف فورتاون• وهذا ناتج بطبيعة الحال عن عوامل عدة تتحمل فيها القنصليات والوداديات مسؤولية كبيرة في تخويفها للمهاجر من ممارسة حقه في التصويت، بالاضافة الى الأمية والى صعوبة التأقلم مع الطرق الحديثة في عمليات التصويت والمعتمدة على الكمبيوتر في ذلك• لحسن الحظ فقد تحسنت الأمور بعد ذلك نظرا للدور الايجابي والفعال الذي لعبته الأحزاب السياسية في اشراك مهاجرين وادماجهم في لوائحها الانتخابية• وقد لاحظ المهاجر كيف ان مشاركته يمكنها ان تقلب الاوضاع الانتخابية والخريطة التمثيلية وهذا أمر لا يستهان به• وبالاضافة الي ذلك اصبح عنده وعي بأن مطالبه تتعدى مطالب العيش والحياة اليومية الى مطالب المواطنة الكاملة• لقد تحققت الخطوة والقفزة الرائعة في تاريخ المهاجر: من هجرة الى مواطنة •

اظهر المزيد

نشــــطاء الـرأي

نشــــــــطاء الـــرأي : كيان رمزي وخط إنساني لحرية الإنتقاد الثقافي و الفكري والسياسي ، بدعم مالي مستقل Organization for peace and liberty – OPL : www.opl-now.org

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق