جورج كتن : (من أجل) الأمازيغي ابن خلدون ( = أوخلدون باللغة الأمازيغية )*
وإذا كان من حق العرب اعتبار الفرنسيين والإسبان والإيطاليين مستعمرين سابقين لبلدان شمال إفريقيا فإن الأمازيغ إذا استمر التعريب القسري المسلط عليهم سيضعون العرب أيضاً بين ممارسي السياسة الاستعمارية.
وإذا كانت الدعوة للقومية العربية في المشرق ردة فعل للتتريك العثماني أوائل القرن الماضي فإن التعريب الجاري منذ الاستقلال في بلدان شمال إفريقيا تسبب بردة فعل متشددة في صفوف الأمازيغ ضد الإلحاق والتذويب وإصرار على أن شعوب المغرب الكبير كلها أمازيغية كرد على الادعاء بأن المغرب الكبير كله عربي.
(… )
إن المؤامرة المزعومة للتفتيت والتقسيم مرض عصابي أصاب قوميين عرب حاربوا طواحين الهواء وتخيلوا وطناً واحداً من المحيط للخليج ثم فسروا الوقائع المخالفة لتصوراتهم على أنها مؤامرات على متخيلهم واستهانوا بالوطنية القطرية أي التمسك بالوطن الواقعي كما هو في كل بلد من بلدان المشرق وشمال إفريقيا لتعارضها مع متخيلهم الواحد الموحد.
هموم القوميات تبرز الآن إذ لم يعد من الممكن تجاهلها في عالم الانتشار الديمقراطي وكلما خطت دول نحو الديمقراطية تقدمت خطوات أوسع في مجال الاعتراف بتعدد مكونات مجتمعاتها القومية والثقافية. وكمثال فإن المغرب الأكثر ديمقراطية – نسبياً- هو الأفضل في التعامل مع الأمازيغية, رغم ضآلة ما تحقق حتى الآن. بينما في ليبيا النظام الأكثر استبداداً وشمولية في شمال إفريقيا هو الأكثر قمعاً للأمازيغية حيث يعتقل كل من يتكلم الأمازيغية التي وضعها القذافي في مصاف الإمبريالية !!!
من جانب آخر فالحركة الأمازيغية طرف مشارك بقوة في عملية دمقرطة بلدانها التي توفر الأساس المناسب لحل مسألة الهوية المتعددة . فالديمقراطية والعلمانية وإنهاء الصراعات القومية وتعايش المكونات المختلفة في كل بلد هي العوامل الأهم في تسريع التنمية واللحاق بالمسيرة الإنسانية المتقدمة.
إن الصَهر الذي جرى قديماً لقوميات وثقافات بالقهر وتشويه التاريخ وإزالة التراث … يستحيل تكراره في العهود الحديثة إذ أصبح متعارضاً مع القوانين الدولية لحقوق القوميات المضطهدة . والأنظمة المستبدة باتت عاجزة عن الاستمرار في التعامل مع شعوبها كملكية خاصة تفعل بها ما تشاء ، فهي مراقبة ومعرضة للضغوط من شعوب العالم ومؤسساته الدولية وبرلماناته ومنظماته المدنية المدافعة عن حقوق الإنسان والقوميات.
ــــــــــــــــــــ
جورج كتن : كاتب من سوريا ـ دمشق
dimah@scs-net.org
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* الإضافات بين قوسين من وضع مليكة مزان لغاية تخدم المقال ونوايا كاتبه الحسنة والمعروف بالتعاطف مع القضايا العادلة للقوميات الأخرى غير العربية .