سعدي عبد الرحمان : رسالة احتجاج إلى الشاعرة الأمازيغية مليكة مزان : لا للسلم في زمن يشهد أبشع أشكال الإقصاء ضد الشعب الأمازيغي
هذا الوضع الصعب الشاق يدفعنا إليك ، إلى ثقافتك ، إلى علمك لا من أجل الترف والاستعطاف والكلام الرقيق ، بل من أجل فضح كل أساليب هذا الاستغلال والظلم الدائمين ، من أجل كشف كل تناقضات هذا النظام الديكتاتوري الذي طالما استعبد الإنسان الأمازيغي ، والعمل على توعية هذا الجمهور من العمال ، رجالا و نساء ، مادام أي نضال ثوري لن يتحقق إلا بوجود عاملات أكفاء وعمال أكفاء في مقدمة الجماهير المظلومة .
نحن بحاجة إلى مثقفين مرتبطين ارتباطا وثيقا بطبقة الشعب ، منغرسين في أحشاء هذه الجماهير لزرع وبث الوعي في كيانهم بالمهام التي تنتظرهم للخروج من هذا المأزق البرجوازي الرديء خروجا ثوريا ، معلنين بذالك بزوغ فجر الحرية ، رافعين رايتنا الحمراء ، راية العمال الأمازيغ بل عمال كل العالم .
هنا فقط سيزول البغض والحقد والأنانية ويسود الود والوئام والتآخي والتعايش ، وحينها سيسترجع الأمازيغ تاريخهم المسلوب ووجودهم المنتهك وأراضيهم المغتصبة أرض تامازغا .
في البداية أتقدم إليك بكل تحياتي العالية أيتها المرأة المناضلة الشاعرة الأمازيغية الرزينة المسالمة التي تدعو إلى السلم والسلام والتسامح والمواطنة والتساكن والحب والإخاء والتعايش مع الآخرين .
نعم أكيد وأكيد جدا أن هذا كله من صفات الإنسان الأمازيغي الحر الذي حكى عنه التاريخ في بلاد تامازغا : إنه كريم ، لطيف، محترم وحر طليق يستقبل الغريب بكرم وحسن الضيافة . هذا التاريخ الذي بترته ودفنته كليا الأيادي الخبيثة ، أيادي الأشرار والخونة المتعجرفين الذين استقبلهم سكان تامازغا في الماضي بقلوب رحبة واسعة.
هاهم الآن فوق كراسيهم وداخل دواوينهم يصنعون تاريخهم بدماء الأمازيغ ودماء كل المظلومين في هذا الوطن والذين نتجنب الحديث عنهم خوفا وطاعة وسجودا وركوعا لهؤلاء الأسياد الذين لا يشفقون ولا يرحمون أبناءنا .
إن وجودهم وحياتهم مرهونان بدمائنا أيتها الشاعرة المناضلة التي تتحدث عن السلم والسلام في زمن يشهد أبشع أشكال التقتيل والقمع الهمجي الذي يتعرض له أبناء هذا الشعب من قبل الأوليكارشيا الكومبرادورية وعملائها المحليين سواء الإقطاع الإمازيغي أو غيرهم من الوصوليين والانتهازيين الذين يتهافتون على فتات البرجوازية.
إن هؤلاء العملاء للإمبريالية الغربية والإقطاع الشرقي ” عرب الخليج ” لم يتوانوا يوما في قتل وإعدام وشنق واستغلال أبناء هذا الشعب ، لقد أعلنوا الحرب عليهم منذ زمن طويل ، حرفوا كل التاريخ واستعملوا كل ما أتوا من أساليب التضليل والخداع للمزيد من امتصاص دماء الشعب دون رحمة ولا شفقة .
هنا استوقفك ، سيدتي المحترمة ، كيف لا تبصرين ما آلت إليه أوضاع نسائنا في الريف والبادية المغربيين ( أزيلال ، خنيفرة ، الراشيدية ، الشمال ، الجنوب ، كل المناطق المغربية ) ؟! إنها مثيرة ورهيبة وسيئة جدا إذ تفتقر إلى أدنى شروط الحياة الإنسانية .
هناك لازالت المرأة عبدة ترزح تحت نير الاستغلال البشع المزدوج من قبل الرجل والمجتمع ، وقناً مازالت في ملكية الأب والزوج ، يستغله الأول ليراكم ثروته ، والثاني لإنجاب الأطفال ” الورثة ” وخادمة في البيت والمزرعة تكدح مقابل قطعة من الخبز وكوب من الشاي يقطع أحشاءها طوال العمر.
كيف ، وأنت المناضلة ، لا تعلمين ما آلت إليه وضعية المرأة العاملة في معامل النسيج ( طنجة ، الدار البيضاء ، فاس ) والضيعات الفلاحية ( أكادير ، مكناس) التي ليست بضيعات ، بل هي جحور وميادين جحيم حقيقية ؟!
هناك فتيات صغيرات في عمر الزهور ونساء في عقدهن الخمسين ، بعدما تقاعدن من الإنجاب ، تنهش أجسادهن وتنتهك حرمتهن يوما بعد يوم ، يقمعن باستمرار ويستغلن استغلالا مزدوجا فظيعا .
باختصار إنهن في سجون العدو البرجوازي من أجل امتصاص دمائهن مقابل ريالات لا تسد حتى الرمق لتجديد قوة عملهن المنهوكة ، إنها حياة جهنمية رهيبة تتبجح بها الأوليكارشيا والبرجوازية المحلية وكل عملائهم الانتهازيين بشعاراتهم الجوفاء من قبيل : تحسين شروط العيش لدى المواطنين ، تحسين أوضاع النساء ، محاربة الفقر، إدماج المرأة في التنمية ، الديموقراطية ، الحق ، القانون ، التنمية البشرية ، محاربة الأمية ، التعليم للجميع ، الأمن ، الآمان …
إنها أوهام وأكاذيب النظام الديكتاتوري وعملائه بعدما اقتسموا كعكة هذا الوطن مع أسيادهم الإمبرياليين ، وفي الواقع هي أساليب التضليل والتنويم والخداع لإبقاء الشعب على ما هو عليه ، أي مستغلا ، راكعا ، ساجدا وخادما للأوليكارشيا التي تعيش حياة البذخ مقابل الفقر والتجويع لهذا الشعب .
كيف تسمحون لأنفسكم ، أنتم معشر المثقفين ، أن تلزموا الصمت حيال هذا الوضع المأساوي الذي يرزح تحت وطأته أبناء هذا الوطن الذين تكتوى جيوبهم ، يوما بعد يوم ، بنيران الأسعار الملتهبة بعدما أقدم عملاء النظام الخائن على تمرير القانون الخاص بتحرير الأسعار للمزيد من بؤس الشعب والزج بأبنائه في مستنقعات المجاعة ( ناهيك عن الأمراض والأوبئة والجهل ” خصخصة التعليم والتطبيب ” )، ما يعني بالتالي الرجوع بنا إلى قرون الإرهاب الإقطاعي وعهد العبودية المتوحشة ، كيف تسمحون ؟!
هكذا تمادى النظام الأوليكارشي في خصخصة كل القطاعات الاجتماعية ، في غياب أدنى رد فعل من المناضلين الأحرار الذين يرفرفون في سماء المثالية بعيدا عن واقعنا المر ، لإرضاء السوق الإمبريالية التي احتدت تناقضاتها ، وها نحن الفقراء ندفع ثمن هذه الأزمات غاليا .
هذا الوضع الصعب الشاق يدفعنا إليك ، إلى ثقافتك ، إلى علمك لا من أجل الترف والاستعطاف والكلام الرقيق ، بل من أجل فضح كل أساليب هذا الاستغلال والظلم الدائمين ، من أجل كشف كل تناقضات هذا النظام الديكتاتوري الذي طالما استعبد الإنسان المغربي ، والعمل على توعية هذا الجمهور من العمال ، رجالا و نساء ، مادام أي نضال ثوري لن يتحقق إلا بوجود عاملات أكفاء وعمال أكفاء في مقدمة الجماهير المظلومة .
نحن بحاجة إلى مثقفين مرتبطين ارتباطا وثيقا بطبقة الشعب ، منغرسين في أحشاء هذه الجماهير لزرع وبث الوعي في كيانهم بالمهام التي تنتظرهم للخروج من هذا المأزق البرجوازي الرديء خروجا ثوريا ، معلنين بذالك بزوغ فجر الحرية ، رافعين رايتنا الحمراء ، راية العمال الأمازيغ بل عمال كل العالم .
هنا فقط سيزول البغض والحقد والأنانية ويسود الود والوئام والتآخي والتعايش ، وحينها سيسترجع الأمازيغ تاريخهم المسلوب ووجودهم المنتهك وأراضيهم المغتصبة أرض تامازغا .
وأخيرا أخجل أن أقول لك ، سيدتي ، أنك ترتكبين حماقة بشعرك اللطيف الرقيق ولباقتك الطيبة ، وندائك الساذج للسلم والوئام في زمن الرصاص والحرب والقمع والاستغلال الرهيب ضد من تدعين انتماءك إليهم : “الأمازيغ المظلومين ( لا الإقطاع الأمازيغي الذي يعمل بكد واجتهاد لخدمة الأليكارشيا” ) .
تحياتي العالية لك ولكل نساء العالم ،
وعلى درب النضال سنسير قدما نحو الحرية من قبضة الاستغلال البرجوازي الوحشي .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سعدي عبد الرحمان
abderrahmane_saadi@hotmail.com