تحقيق لـ ” الحقيقة ” يكشف عن فضيحة في قضية فتح الإسلام … فمن يقرأ !؟
-
معلومات أمنية إسرائيلية تؤكد أن زعيم جماعة ” فتح الإسلام ” العقيد شاكر العبسي عميل للمخابرات الأردنية منذ مطلع التسعينيات ، وكان على صلة بضابطين من المخابرات الأردنية أحدهما مسؤول عن المكتب السوري والآخر يعمل في المكتب الفلسطيني
-
الفريق مصطفى القيسي كلف شاكر العبسي بمهمات تتعلق بمصير المفقودين الأردنيين في سورية وأخرى على الأراضي اللبنانية
نـزار نيـّوف ـ بروكسل ، نسيم آلوني ـ تل أبيب : بتاريخ 29 تشرين الثاني / نوفمبر من العام الماضي نشرت صحيفة ” المستقبل ” الحريرية تقريرا على الصفحة الأولى بالبنط العريض سرعان ما تناقله عنها جميع وسائل إعلام ” الهشك بشك ” التي لا تعيش إلا على ” التركيبات ” و ” الأفلام ” التي تكاد تكون مستنسخة عن ” أفلام ” مراسل ” السياسة ” في لندن حميد غريافي الذي أصبح مرجعية ثقافية للمعارضة السورية الخدامية ! في التقرير المشار إليه ، واستنادا إلى معلومات مصدرها دون ريب المقدم الجاسوس وسام الحسن (*) رئيس شعبة المعلومات في الأمن الداخلي اللبناني ، ذكرت الصحيفة أن النظام السوري “أرسل إرهابيين إلى مخيمي البداوي وبرج البراجنة لاغتيال 36 شخصية لبنانية” ! وأشار التقرير إلى أن ” موقوفين لدى مخابرات الجيش كشفا الوقائع الكاملة وبينا الصلة التكاملية مع المخابرات السورية ” . وسمت الموقوفين على أنهما السوري محمد صالح سالم و السعودي حسام محمد سعيد صيام !
وبغض النظر عن استحالة وجود أي نظام مجنون على وجه الأرض ، سواء أكان من طينة نظام صدام حسين أو النظام السوري ، يفكر باغتيال 36 مسؤولا دفعة واحدة مع كل هذه التظاهرة الاستعراضية ( إرسال 150 مسلحا إلى المخيمات مع كامل أسلحتهم ) كما لو أن هؤلاء المسؤولين سرب من البرغش أو الذباب ، أو كأن الموضوع أشبه بحفلة عرس أو حفلة دعارة جماعية ؛ نقول بغض النظر عن ذلك كله ، سنفترض أن الموضوع صحيح من ألفه إلى يائه وليس فيلما ” غريافيا ” ، وسنتعامل معه على هذا الأساس ، لكن علينا أن نسوق الوقائع التالية قبل ذلك كله :
ـ بعد اعتقال الشخصين الموما إليهما بأيام قليلة بدأت التسريبات تشق طريقها عبر زواريب صحيفة السلطة الحريرية ، المستقبل ، وشقيقاتها ، عن أن المعتقلين اعترفا بالتحضير لأعمال إرهابية وأنهما كلفا باغتيال 36 شخصية لبنانية .. إلى آخر الادعاءات المذكورة . وبالطبع لم يكن هناك لا ادعاء قانوني ولا تحقيق يحضره محامون كما يقضي قانون أصول المحاكمات الجزائية اللبناني الذي لم يستطع غازي كنعان ولا 30 سنة من التشبيح المخابراتي السوري مسخه على غرار شقيقه السوري ، ولا محاكمة علنية .. ولا .. ولا أي شىء من هذا . فقط تسريب ” خشاني ” أخشن من أن يستسيغه حتى شخص أجدب ! وبعد يوم أو يومين اختفى الموضوع من التداول كما لو أن الجن الأزرق ابتلعه !
ـ في 11 شباط / فبراير الماضي ، أي قبل جريمة “عين علق” ـ بكفيا بيوم واحد ، أقدم مسلحون من ” فتح الإسلام ” على اعتقال ( نعم اعتقال !!؟؟) ثلاثة عناصر من قوى الأمن الداخلي اللبناني في مخيم نهر البارد قرب طرابلس ..مع سيارتهم العسكرية ! ومن المعلوم أن هذا الجهاز الأمني اللبناني تابع كليا وبالمطلق إلى آل الحريري وحكومتهم ، و في المقدمة من ذلك المقدم الجاسوس وسام الحسن الذي يشغل وظيفة رئيس شعبة المعلومات في الجهاز المذكور . ويعرف الجميع من وسائل الإعلام التي غطت الحدث على نحو مكثف وواسع أن القضية جرت تسويتها بـ ” بوس الشوارب ” خلال ساعات . فأطلق سراح العناصر الثلاثة مع سيارتهم .. رغم أن ” فتح الإسلام ” ، وحسب زعم المافيا الحريرية ، ذراع ضارب للمخابرات السورية ! كيف جرت تسوية القضية بـ ” تبويس الشوارب” ، ولماذا لم تكن هناك مداهمات ولا اعتقالات لأي من المعتدين على عناصر الأمن الداخلي !؟ لا أحد يعرف . وممنوع على أحد أن يعرف . على الجميع أن يبلع الموضوع كما لو أن الناس قطيع من البهائم والمجترات التي تمشي على أربع !
بعد جريمة عين علق نشر الصحفي الأميركي سيمور هيرش ، بطل اكتشاف الجرائم الأميركية في فيتنام العام 1969 ( الذي نال عليه جائزة نوبل الصحافة ـ بوليتزر) ، وبطل اكتشاف فضيحة سجن أبو غريب ( الذي نال عليه ست جوائز أخرى ) ، تقريره الشهير ” إعادة التوجيه ” الذي لاقى ضجة عالمية لم تهدأ حتى الآن . ومن المعلوم أن هيرش كشف في تقريره عن علاقة السلطة اللبنانية وجهازها ” الأمن الداخلي ” و ” تيار الحريري ” بعصابة ” فتح الإسلام ” ؛ وشرح ـ استنادا إلى معلومات استقها من ضابط مخابرات بريطاني سماه بالاسم ولم يغفله ـ كيف أن تيار الحريري سارع إلى استقطاب هذه العصابة وتمويلها بمجرد انشقاقها عن ” فتح الانتفاضة ” التابعة للنظام السوري . هذا فضلا عن إيراده أدلة على أن الإدارة الأميركية بدأت تنفيذ عمليات سرية في لبنان . وهو ما أكدت عليه أعمال ” قمة المخابرات ” التي عقدت في فلوريدا قبل أيام ونشرنا بعضا من أوراقها في هذا الموقع . مع الإشارة إلى أن ” قمة المخابرات ” مؤسسة عالمية يهيمن عليها جهازا الموساد والسي آي إيه .. وليس علي دوبا أو رستم غزالي ! وفضلا عن هذا كله ، من المفيد الإشارة هنا إلى أن الإعلام الحريري نفسه ، وليس غيره ، كان أول من نقل تصريحات للعميد سلطان أبو العينين مسؤول حركة ” فتح ” الرسمية في لبنان ، وهو حليف آل الحريري وسلطتهم ، أكد فيها حرفيا أن ” فتح الإسلام ” منشقة عن ” فتح الإنتفاضة ” ، وأن عناصرها كانوا يقاتلون في العراق مع ” القاعدة ” قبل انتقالهم إلى لبنان . وقد عاد أبو العينين وأكد هذا الكلام في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية ضمنته في تقريرها الذي أشارت فيه ـ نقلا عن مصدر لبناني ( وسام الحسن ) (2) ـ إلى أن عناصر ” فتح الإسلام ” المعتقلين اعترفوا بالمسؤولية عن جريمة عين علق ـ بكفيا !
” الحقيقة ” ، التي تؤرشف وتحتفظ بنسخ من كافة ” الأفلام الغريافية ” و ” الخشانية ” ، لأنها تعرف أنها إنتاج صحافة ” الهشك بشك ” وزعرانها ، اكتشفت أن صحيفة ” المستقبل ” كانت نشرت ” الاعترافات ” التي أذاعها وزير الداخلية اللبناني حسن السبع أول أمس في مؤتمره الصحفي قبل ثلاثة أشهر ، وتحديدا في 29 تشرين الثاني / نوفمبر الماضي ! وقبل ذلك كان تقرير وكالة الأنباء الفرنسية المذكور قد نقل عن مصدره نفسه ( وسام الحسن ) أن المجموعة المعتقلة كانت تخطط لاغتيال 36 مسؤولا لبنانيا .. أي ما كانت ” المستقبل ” أشارت إليه قبل ثلاثة أشهر من اعتقالهم ! ( انظر الصورة ) .
لم نكتف بذلك ؛ فخلال أربع وعشرين ساعة استنفر الزميل نسيم آلوني علاقاته في إسرائيل ، وإرشيفه الشخصي ، واستطاع الحصول على المعلومات المؤكدة التالية :
ـ إن زعيم حركة ” فتح الإسلام ” شاكر العبسي ، وهو فلسطيني ـ أردني ، عميل للمخابرات الأردنية . وكان على علاقة وثيقة مطلع التسعينيات بضابط في المخابرات الأردنية يدعى البيك ( المقدم ) جهاد الذي كان مسؤولا عن المكتب السوري في الجهاز المذكور . كما وكان يتردد على ملازم أول يدعى عبد الله يعمل في مكتب معني بالشؤون الفلسطينية . ولمزيد من الدقة نشير إلى أن مكتب المقدم جهاد ( ويحمل الرقم 97) كان في الطابق الأول من مبنى المخابرات العامة القديم في منطقة ” العبدلي ” ( قرب جسر الداخلية ) ، أما مكتب الملازم الأول عبد الله فكان في الطابق الرابع من المبنى نفسه . كما أن الفريق مصطفى القيسي ، رئيس المخابرات العامة الأردنية آنذاك ، استقبله أكثر من مرة وكلفه بمهمات داخل سورية ولبنان منها الحصول على معلومات تتعلق بالفرع 251 ( الفرع الداخلي ) في المخابرات العامة السورية وبعض الأردنيين المفقودين في السجون السورية ، فضلا عن معلومات عامة تتعلق بحركة ” فتح الانتفاضة ” التي كان آنذاك من ضباطها الصغار. ولعل الأهم من ذلك كله أن المخابرات الأردنية لم تعتقل شاكر العبسي حين كان ” سياح نياح ” في الأردن ، وما بين الأردن والعراق . هذا في الوقت الذي اعتقلته المخابرات السورية ( المفترض أنه عميل لها ) وحكمت عليه أمام محكمة استثنائية بالسجن ثلاث سنوات نفذها بالكامل ولآخر ساعة منها . علما ( ويا للمفارقة ) أننا كنا ، إلى جانب منظمات حقوقية أخرى ، من الجهات التي نددت باعتقاله ومحاكمته أمام محكمة استثنائية وطالبت بإطلاق سراحه! وبعد إطلاق سراحه عادت السلطات السورية وأصدرت مذكرة اعتقال بحقه تحت رقم 3308 تاريخ 28/1/2007 !
ليس هذا دفاعا عن المخابرات السورية ؛ فهذا آخر ما نفكر به ونحن من أبرز ضحاياها ومن أبرز من ارتكب مجرموها بحقه وحق أفراد أسرته جرائم لا تزال آثارها على أجسادنا ؛ إذ في سجلها من الجرائم ما تقشعر له الأبدان ، سواء في سورية أو لبنان أو خارجهما . ولكنه ـ أولا وقبل كل شيء ـ دفاع عن كرامتنا كبشر نرفض أن نتحول إلى خراف أو حمير يتوجب عليها أن تأكل كل ما يوضع في معلفها من حشائش ” خشانية ” و ” غريافية ” !
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1 ) ـ نتحمل المسؤولية القانونية كاملة عن اتهامه بالجاسوسية ، ويستطيع الادعاء علينا أمام أي قضاء أوربي يشاءه في دعوى مشتركة يقيمها مع وليد جنبلاط والوزير حمادة . فعناويننا مسجلة في هذا الموقع وموجودة على هذا الرابط ! .
(2) ـ تحتفظ ” الحقيقة ” برسالة رسمية من أحد الصحفيين الأساسيين في مكتب وكالة الصحافة الفرنسية في بيروت تؤكد أن مصدر تسريباتهم هو وسام الحسن . ونحن مستعدون لإبرازها أمام القضاء الفرنسي وأي قضاء أوربي آخر في حال المقاضاة .
(*) ـ لمزيد من الفائدة نقترح قراءة مقال الدكتور جان عزيز المنشور في مكان آخر من هذا الموقع تحت عنوان ” فتح الإسلام ـ إعادة التوجيه ” . ونغتنم الفرصة لشكر الدكتور عزيز على تنبيهاته التي استفدنا منها .