زملاء

مليكة مزان : أبشروا أيها العنصريون : الأمازيغ لم ( ولن ) ينقرضوا بعد !

منذ أسابيع نشر السيد الوالي سلامة إحدى مقالاته بموقع الحوار المتمدن ، مقالة متحيزة للأطروحة الانفصالية لبعض أبناء الجالية العربية المقيمة بصحرائنا المغربية ضدا على الوحدة الترابية لبلدي تامازغا الغربية( = المغرب ) ، وبالتالي ضدا على وحدة تامازغا الوطن الكبير للشعب الأمازيغي بشمال إفريقيا وبجزر الكناري ، فوجهت له رسالة مفتوحة أدحض فيها قدر مستطاعي كشاعرة ملتزمة ، مزاعمه وأمثاله من الصحراويين حول ما يسمونه بالصحراء الغربية وبالشعب الصحراوي المظلوم المزعوم ، والرسالة منشورة بنفس الموقع .

بعد أيام وصلني رد السيد سلامة على بريدي الإلكتروني، لكني بادرت ونشرته في نفس الموقع تحديا مني لأمثال هذه الكتابات. ولأن كلامه مبني على كثير من التناقضات والمغالطات والأكاذيب ، وأقرب إلى هذيانِ منطق ٍ مريض فقد حملتني غيرتي الشديدة على أمازيغية أرضنا ومصير شعبنا على أن أعِد القراءَ بالرد على هذا السيد وأمثاله من الذين صاروا يعتبرون أنفسهم مثقفين صحراويين ملتزمين ، مثقفين إن كانوا يؤمنون بواجب ما نحو انتمائهم فهو واجب غير إنساني لأنه واجب إزاء انتماء لا مجد له خارج تسلطه على أراضي الآخرين ، ولا تاريخ له غير تاريخ كونه عالة على الأمازيغ ، عالة من تبعاتها لا يعرف الأمازيغ كيف ينجون

نعم صار أمثال السيد الوالي سلامة يعتبرون أنفسهم مثقفين لا يجدون شيئا يقومون به ( وقد شهد العالم لهم بكونهم جماعة بشرية تخلصت أخيرا من قساوة الصحراء ومن الخيام الخشنة المهترئة وحياة الترحال والموائد الفقيرة ) غير التعجيل بطعن الصدور الأمازيغية التي احتضنتهم ، متمتعين أثناء ذلك كله بالعيش الرغيد في الشقق والمنازل بل والفيلات الفخمة على طول وعرض صحرائنا المغربية ، وعلى حساب الأمازيغ السكان الأصليين ، والذين ، بسبب إقصائهم ، لا يجدون أمامهم غير ركوب قوارب الموت تاركين خيرات أرضهم للعنصريين من العرب ( الصحراويين منهم وغير الصحراويين ) في جنوب المغرب كما في غير الجنوب .

الجزء الأول

يقول السيد سلامة مخاطبا إياي في ما يشبه عنواناً وضعه لرسالته إلي :

مليكة الشامخة شعرياً المتخندقة سياسياً

شكرا للسيد سلامة إذ يرى أني الشامخة شعرياً ، ولكن ما من شكر له عندي إذ يتجاهل أن وفائي لشعبي الأمازيغي واستماتتي في أن أكون صوته ، عن سبق إيمان وتجند ، هما سر شموخي ومبتداه ومنتهاه ، وأني لن أكون لغير هذا الشعب حتى يكون ، تماما كما لست شيئا من دون هذا الشعب حتى ينصف !

إني منذ تخلصي من تبعات كل أشكال غسل الدماغ وتعريب الفكر والوجدان ( التي مورست على شعبي على مدى سياسة عربية عنصرية طويلة ) صرت أنذر أشعاري لخدمة انتمائي الأمازيغي وانتزاع الاعتراف به صوتا صارخا لا بد من انتصاره ، بل وصرت أسخر كل إمكانياتي المتواضعة للتخفيف من معاناته جرحا غائرا ثائرا ليس لي أن أشك لحظة في قرب التئامه.

وإن كان السيد سلامة يرى أن تخندقي سياسياً ، دفاعاً عن مصالح شعبي ، نقطة سوداء في تجربتي الشعرية فليعلم أني أعتبر هذا التخندق تجنداً مني إضافياً ، ذكياً وشجاعاً ، بل وشرفاً لي عظيماً ، كونه تخندقاً مشروعاً فرضه علي ما أراه .. من تجاهل قاتل لإنسانية الإنسان الأمازيغي ، ومن سكوت فظيع ، وطني وإفريقي وعربي وإسلامي ودولي ، لاأخلاقي ولاإنساني على كل الجرائم البشعة المرتبكة في حقه حتى الآن ، بل ومن تشجيع شنيع رسمي وغير رسمي لكل الممارسات الهمجية الهادفة إلى مزيد من سرقة أرضه ، وقطع رزقه ، وتزوير هويته ، وتمزيق وحدته وإخراس صوته ، بل وإبادته أفرادا وجماعات ، نساء ضعيفات ورجالا عزلا وأطفالا أبرياء . وليست الأمثلة على ذلك بطول وعرض شمال إفريقيا هي ما ينقص كل ذي ضمير حي ليخرج عن صمته ويصرخ بكلتا رئتيه : اللهم إن هذا منكر !

إن العمل السياسي ليبقى المكمل إن لم أقل البديل الشرعي لكل نضال ثقافي يجد نفسه عاجزاً عن إسماع صوت الحق وتفعيل كل الحقوق المشروعة لأي شعب محاصر مهدد ، بل إنه العاصم الوحيد لهذا الشعب من الاضطرار إلى خوض أي كفاح مسلح ومهما كانت عواقبه.

هذا مع العلم أني لحد الساعة لم أنتم بعد لأي حزب سياسي عربي إن وجد على أراضينا بكل شمال إفريقيا من حزب عربي واحد يبدي من النزاهة والشهامة والشجاعة ما يقنعه بتبني قضية شعبنا العادلة تبنياً حقيقياً لا تبنياً مناسباتياً حقيراً ، كما أني لم أنتم بعدُ ( وقد أفعل في المستقبل ) لأي حزب أمازيغي نابع من حاجيات شعبنا الملحة ، تتسامح معه الأحزاب العربية الحاكمة وتنفتح عليه ، بل وتساعده على ممارسة نشاطه السياسي المشروع ، ومن غير أن تمارس عليه ما مارسته ( أو ما تخطط لممارسته ) ولحد الآن من أشكال المنع والحصار ، بل مما هو أفظع من المنع والحصار : العنف الجسدي ومحاولات الاغتيال .

يقول السيد سلامة :

شكراً لك على شعرك المتميز وقصائدك الرائعة والجميلة، التي أقرأها وأتلذذ بشاعريتها ، لأني أتلمس فيها صوتاً إنسانياً مكلوماً في عشقه، ووطنه، وكرامته، ولكن فيها كذلك فرح طفولي أكبر من كل الجراح.

كيف للسيد سلامة أن يعترف لقصائدي بهذا التميز وبتلك الجمالية دون أن ينتبه إلى أن السر في جمالية أي إبداع إنساني هو الصدق، صدق المشاعر التي تنتج هذا الفن. فن هو صادر بدوره عن صدق التجربة الإنسانية التي تكمن وراءه والتي ليست ، بالنسبة لأشعاري ، غير تجربة شعبي الأمازيغي مع الاحتلال الإسباني بمدينتي مليلية وسبتة وجزر الكناري ، ومع القهر العربي الإسلامي الصحراوي وغير الصحراوي في كل أنحاء تامازغا الغالية .

إن صدق هذه التجربة ينبع من واقعيتها ، ومن كونها تجربة مرة لجماهير واسعة ولأغلبية ساحقة مسحوقة ، جماهير لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون كاذبة ولا واهمة ، ولا أن تصير على استعداد لأن تحس بغير ما تحس به من واقع عنصري مرير لمجرد تطييب خاطر أعدائها قاهريها وقامعيها .

يعترف السيد سلامة بكون صوتي الشعري صوتاً ˝مكلوماً في عشقه ووطنه وكرامته˝ ، ولكن السيد سلامة تنقصه الشجاعة والموضوعية الكافيتان لجعله يعترف أيضاً بأن قومه العرب عامة وفي كل بلاد تامازغا ( سواء كانوا مشارقة أو صحراويين أو أندلسيين أو إسلاميين أو لادينيين ) ، هم من يقف وراء كل هذه الجراح بسبب استحواذهم جميعا على أراضي الشعب الأمازيغي ، وبسبب تماديهم الأعمى في تهميش وإفقار هذا الشعب ، بل والعمل الدءوب على محو كل تواجد له على أرض أجداده الأولين .

يعترف السيد سلامة أيضا هنا بوطن للأمازيغ ، وطن يعشقونه ، وطن كلِموا فيه وأهينوا أيما إهانة بين جنباته ، ولكنه في نفس الوقت يناصر أطروحة أخرى ظالمة لا تفعل بدورها غير مزيد من التشكيك في أحقية هذا الوطن الأمازيغي في كل وجود فعلي ، معترف به من طرف الجميع وبشكل رسمي ، فهي أطروحة تناقش حدوده ، وترغب في مزيد من تمزيقه وتزوير تاريخه ، وإبادة إنسانه وثقافته ، بل وتساوم سكانه الأصليين في التنازل عن شبر منه لكل الوافدين الغرباء !!!

من أجل أن يزوق السيد سلامة كلامه عن تجربتي الشعرية كأي قارئ سطحي مجامل ها هو يتحدث عن ’’ فرح طفولي أكبر من كل الجراح ’’ يتخلل أشعاري ، في حين لا أجد شخصيا في كل أشعاري أي مكان للفرح . كل ما في هذه الأشعار صدى قوي مرير لما يمارس على ثقافتي وشعبي ، وتعبير مني كسير عن رفضي واستنكاري وتمردي .

فما هناك من شيء يسمح لي بالفرح ، سواء داخل القصيدة أو خارجها وأنا أراني العاجزة عن فعل أي شيء أمام موت عشرات الأطفال بجبالنا الأطلسية مؤخراً ، لا في حادثة سير أو من جراء فيضان أو زلزال أو بركان ، بل من قسوة البرد وسوء التغذية وشدة المرض مع انعدام أي عناية ، وفي استخفاف رسمي وشعبي شبه تام بألمهم وموتهم ، وكأنهم ليسوا رعايا ولا مواطنين ، بل ويدفنون من غير أن يصل الأمهات والآباء في موتهم أي عزاء جميل ؟!

في حين وعلى مرمى حجر من قبورهم الصغيرة ( التي لم تنشر صورها كلها اتقاء الفضيحة ) كانت كاميرات القنوات التلفزية المختلفة في مدينة إفران الجميلة تنقل مشاهد لصغار بعض الأغنياء المغاربة ( من العرب العنصريين ومن الأمازيغ المستلبين ) وهم ، بمرح كبير ، متدثرين محتمين بأجمل الملابس الصوفية وأكثرها دفء على أجسامهم المحظوظة ، يلعبون بنفس الثلج وفي نفس الطقس الشديدة البرودة الذي أتى في نفس الجبال على أطفال الأمازيغ الفقراء المنبوذين !!

في حين لو أصاب الأطفال الصحراويين في صحرائنا المغربية ( لا سمح الله ) أدنى سوء مما أصاب الأطفال الأمازيغ في الجبال لشوهد المغاربة على اختلافهم ( حكومة وشعبا ) ، وعلى رأسهم الأمازيغ ، يهرعون كلهم إلى التضامن مع هؤلاء الأطفال ، وتقديم المساعدة إليهم كل حسب طاقته ، أو على الأقل إلى التعبير عن حزنهم وتقديم العزاء لآبائهم ، إذا ما كان الموت ( لا سمح الله ) قدر هؤلاء الأطفال .

فهل للسيد سلامة أن يفسر هذا الكيل بمكيالين بغير عنصرية العرب إزاء السكان الأصليين هو الذي ما قومه في الصحراء المغربية غير صنف من هؤلاء العرب الذي يريدون بسياستهم اللاإنسانية إفقار الأمازيغ وإبادتهم ؟!

أم هل للسيد سلامة ومعه كل الصحراويين ، بعد هذا وبعد كل ما حققته لهم الحكومة المغربية من شروط العيش الرغيد الكريم والذي لم يكونوا ليحلموا ولو بأقل منه قبل استرجاع الصحراء إلى الوطن الأم أن يتجرأ ويتحدث عن أي ظلم يدعي كذبا وبهتانا أنه يصيب مواطنيه في الصحراء ؟!

على السيد سلامة أن يعترف بأن الفرح في بلادي تامازغا ، منذ زمن بعيد ، صار من حق الآخرين الوافدين ، من حقه هو مثلا وكل الصحراويين ، وأن التفاؤل في القصيدة للشعراء من ثقافة أخرى ومن شعوب أقوى ، أما أنا فحسبي أني أرفع صوتي بكل هذه المرارة لعلي أسمع الدنيا أنينَ وجعٍ واحدٍ من أوجاع قومي الأمازيغ المسالمين ، الشبه العاجزين … !

الجزء الثاني

يواصل السيد سلامة كلامه ويقول :

ولكن أشد ما أخشى على شعرك هو المذهبيات والإيديولوجيات القاتلة، لأنني أجدك شاعرة إنسانية ولكن في مقارباتك الإيديولوجية والنظرية لقضايا الإنسانية تتمترسين خلف خطاب شوفيني عنصري دوغمائي ، الشاعر كل شاعر هو رمز إنساني يتسع صدره لقضايا العالم العادلة كارها للظلم مهما كان مصدره.

كيف للسيد سلامة أن يتهمني بالعنصرية والشوفينية وهو ، في نفس الوقت ، يعترف لأشعاري بطابعها الإنساني ، مع العلم أنهما صفتان متناقضتان متنافرتان ؟؟؟

ألا يرى السيد سلامة أن تناقضه هذا يفضح حقيقة كونه لن يرضى عني ، أو لن يمنحني صفة شاعرة إنسانية بامتياز إلا إذا أخرجت أهلي الأمازيغ من دائرة الإنسان والبشر ، وتجاهلت واقعهم المزري الحقيقي ، لأتبنى قضايا غيرهم ، أناضل من أجلها ، وأموت في سبيلها ، حتى وإن كانت أقل عدالة من عدالة قضيتهم ؟!

أليس جديراً بهذا السيد أن يقوم بالكشف عن ملامح هذه العنصرية في أشعاري ، ويفضح كراهيتي للآخرين ( إن ثبتت ) ، بدل هذا الاكتفاء بتوجيه الاتهامات المجانية ( وما أسهلها ) ، والحكم على مجرد رغبتي في رد الاعتبار لشعبي نوعاً من العنصرية ، ومذهباً لاإنسانياً ، وإيديولوجيا قاتلة ؟!

ألا يستطيع السيد سلامة العربي المسلم الصحراوي أن ينظر إلى الأمازيغ بعين واقعية موضوعية ، على أساس أنهم ضحايا هيمنة عربية وثقافة عنصرية ، بل ضحايا استماتتهم في الدفاع عن أحد التجليات الأساسية لهذه الثقافة اللاإنسانية وهو الدين الإسلامي الذي يصر أصحابه الأصليون بسبب ممارساتهم الهمجية ألا يكون رحمة للعالمين ، مما قد يدفع الأمازيغ ( وغير الأمازيغ من ضحايا الإيديولوجية العربية الإسلامية ) وفي كل المستعمرات العربية إلى الارتداد والكفر بمحمد ، ودين محمد ، ورب محمد ، وباقي تعاليم تلك الثقافة / الجحيم ؟!

ألا يرى السيد سلامة أن ما يعانيه الأمازيغ في الصحراء المغربية ( كما في غيرها من تراب شمال إفريقيا الأمازيغي ) قهر عربي آخر ، وأن من واجبه ، كمثقف عربي مسلم يدعي الإنسانية ، الجهر بواقعية هذا القهر ، بل واستنكاره والعمل على إنهائه اقتداء بالمثقفين الكونيين الحقيقيين الذين لا يتأخرون لحظة في التنديد بممارسات شعوبهم اللاأخلاقية في حق الآخرين سواء كان هؤلاء أقلية أو أغلبية ؟؟؟

وللسيد سلامة من عدد من المثقفين الغربيين والإسرائليين بل ومن بعض المثقفين العرب والمُعَربين أحسن قدوة . من هذه الفئة الأخيرة أكتفي هنا بأن أذكر له السادة الدكاترة والأساتذة : مارفن زايد ، جورج كتن ، صلاح الدين محسن ، فاضل الخطيب ، كاظم حبيب ، مسعد أبو فجر ، فوزي الديماسي وغيرهم ، ومن السيدات المثقفات أكتفي بالمقتدرة وفاء سلطان التي ألقت ، مؤخراً ، خطاباً لها في أحد مؤتمرات الأقباط خارج مصر ، تعلن فيه تعاطفها مع كل المظلومين . والتي كم كنت سعيدة حين وجدتها لا تنسى أن تذكر ، من بين من ذكرتهم في خطابها ذاك ، شعبي الأمازيغي ، خاصة وأن تعاطفها هذا كان وعداً منها لي ، وثمرة حرصي على أن أحدثها ، في إحدى رسائلي إليها ، عن وجود شعب اسمه الشعب الأمازيغي ، وقضية عادلة اسمها القضية الأمازيغية .

مما سبق أخلص إلى أن كل ما يتقنه السيد سلامة هو تعبيره عن انزعاجه الكبير من دفاعي عن الأمازيغ ، ليتضح أن ما من هدف له من كل مراوغاته غير أن يحول بيني وبين فضحي لكل أعداء الأمازيغ ، بما فيهم قومه من دعاة الانفصال المستوطنين لصحرائنا المغربية ، والذين يصرون بذاتيتهم وأكاذيبهم أن يبقوا أعداءً للأمازيغ ، بدل تبنيهم لموقف آخر أكثر موضوعية وتحضراً وإنسانية !

بل هي وقاحة منه وبخل وجحود أن يستكثر على الأمازيغ مجرد قصيدة ملتزمة تدعو إلى إنصافهم ، وينسى أن هؤلاء الأمازيغ ، بفضل السمات الإنسانية الإيجابية المتأصلة فيهم ، كانوا وما يزالون المصدر الوحيد لما يتمتع به وجماعته البشرية الصحراوية في أرضنا المغربية من أمن وسلام بل ومن عيش رغيد . بل نجده وأمثالهم من المثقفين الصحراويين ، بدل أن يعترفوا للأمازيغ بهذا الجميل ، لا يفعلون شيئا غير التنظير لأطماع جماعتهم البشرية تلك تنظيراً يجعل من أطماعها حقوقا وكل على حساب الشعب الأمازيغي المضياف الكريم !

يقول السيد سلامة :

قولي هذا ليس دعوة لك أختي الكريمة، أن تغتالي السياسي بداخلك، ولكن أن تكون قضيتك السياسية مؤطرة بإنسانية جميلة منفتحة وتتسع لكل آلام الشعوب الأخرى.

بعد أن يستنكر علي كل تخندق سياسي دفاعاً عن حقوق شعبي ها هو السيد سلامة يعود ويسمح لي به ، وكأن أقصى ما علي لأنال رضاه ( وهو الضيف علي وعلى قومي ، وفى بلدي ) أن أنتظر أوامره ونواهيه ، ليتضح بهذا أن ما وراء كلامه المعسول غير نفس الهدف الخبيث .

إن السيد سلامة لا ينتظر مني نزعة أكثر إنسانية كما يدعي ، فما هناك نزعة إنسانية أقوى من هذه التي تشهد بها لي نصوصي وتوقيعاتي لعرائض التضامن مع كل الذين اتضحت للناس أجمعين عدالة قضاياهم وعلى اختلاف انتماءاتهم العرقية والثقافية والجنسية ( من أكراد وأقباط وسودان وهنود حمر … ) أفرادا كانوا أو جماعات ، بقدر ما يهدف إلى إقناعي بضرورة التخفيف من حدة دفاعي عن شعبي الأمازيغي لصالح ما يسميه شعبه الصحراوي المظلوم المزعوم !

ولأني أدرك هدفه هذا الخبيث أنصح السيد سلامة ألا ينتظر مني أن أغير موقفي إزاء شعبه الصحراوي المظلوم المزعوم إلا أن يقنعني بعدالة قضية هذه المجموعة البشرية ، مجموعة بشرية لا تنتزع من الأمازيغ جزءاً لا يتجزأ من أرضهم ، لتقيم عليها دولة عربية عنصرية تزيد من تهميشهم وإبادتهم .

نعم إلا أن يقنعني السيد سلامة بنبل أكذوبة كبيرة فظيعة كهذه ، وبإنسانية مشروع استيطاني كهذا . ولمجموعته البشرية الصحراوية مني ، بعد ذلك ، أجمل القصائد وأقوى تعاطف والتزام !

الجزء الثالث

يقول السيد سلامة :

أنا أناصر القضية الأمازيغية …

وأكاد أقول صادقة لأهلي الأمازيغ : مبروك علينا يا قومي أول الغيث هذا . إن أخانا السيد سلامة العربي الصحراوي يناصر قضيتنا الأمازيغية العادلة وعلينا أن نشكر له مبادرته الأصيلة هذه على طريق اعترافه هو وقومه أخيرا بنا !

نعم أكاد أقول ذلك لولا أني أحدس أن أول الغيث هذا مجرد كذبة يسخر بها منا السيد سلامة إذ يعرف تمام المعرفة أن من شروط الانتصار الحقيقي الكامل للقضية الأمازيغية هو الاعتراف بحق الشعب الأمازيغي في صحرائه الأمازيغية ، كما في باقي أراضيه على امتداد شمال إفريقيا. فهل يملك السيد سلامة ما يكفي من الشجاعة للاعتراف بأمازيغية الصحراء التي يريد قومه ( بل عصابته في شخص البوليساريو ) سرقتها منا ؟!

يتابع السيد سلامة اعترافاته الجميلة :

أنا أناصر القضية الأمازيغية التي عرف شعبها إبادة ثقافية …

من جملة ما يضطر السيد سلامة إلى الاعتراف به هنا ( نظرا لواقعيته ) كون الشعب الأمازيغي عرف إبادة ثقافية ، وأن هناك فعلا قضية أمازيغية عادلة ، لكنه اعتراف منه جزئي إذ أنه يقر بوجود إبادة في حق هذا الشعب ، ولكنه لا يملك ما يكفي من الشجاعة ليقول أن قومه العرب في شمال إفريقيا وفي الصحراء وغير الصحراء ، هم مرتكبو تلك الإبادة الثقافية !

يضيف السيد سلامة :

لكن لا يجب بأي حال من الأحوال أن يتحول الشعب الأمازيغي بقضيته العادلة من دور الضحية إلى الجلاد ، يضطهد الشعوب الأخرى ويؤسس لحضارته من خلال استئصال واغتصاب الأمم الأخرى.

يظهر من كلام السيد سلامة هذا أنه لا يقوى سوى على انتصار نظري للقضية الأمازيغية ، أي دون أية دعوة صادقة عملية لإنصاف الشعب الأمازيغي . سبب ذلك أن أي إنصاف حقيقي في نظره لن يكون إلا عاملا من عوامل تحول الأمازيغ من ضحية إلى جلاد ، ولنا أن نتساءل بكل اندهاش : ومتى كان إنصاف الضحية يحولها إلى جلاد ، أو يصير مساسا بحقوق الجلاد ؟!

يبدو هنا أن السيد سلامة ، بسبب ثقافته العربية ونزعتها اللاإنسانية ، لا يستطيع أن يتصور أي علاقة أخرى بين آدميين أو بين شعبين إلا علاقة الضحية بالجلاد أو علاقة المغزو بالغازي ، مع تفضيله طبعا أن يكون العربي هو الغازي دائما وهو الجلاد !

إن الشعب الأمازيغي ( وليطمئن السيد سلامة إلى هذه الحقيقة تمام الاطمئنان ) لم يسع أبدا ولا يسعى ، في مطالبته بحقوقه المشروعة في أرضه وثقافته وتدبير شؤونه ، إلى اضطهاد أو استئصال أي كان . فليس ذلك من طباع هذا الشعب ، ولا من ثقافته الأم .

كما لم يكن أبدا ، وهو صاحب التاريخ العريق والثقافة الأصيلة والحضارية الإنسانية ، ليؤسس كيانه على أنقاض الآخرين ، بل لا تعرف الإنسانية شعبا في مثل تراجع الأمازيغ أمام اكتساح الغرباء لأرضهم وثقافتهم إلا شعب الهنود الحمر في استراليا والأمريكيتين .

وللسيد سلامة من تاريخ تفاعل الأمازيغ الطويل مع الآخرين لخير دليل . بل لقد عمل الشعب الأمازيغي ، كما هو معروف، على تطوير ونشر ثقافة العرب . هؤلاء العرب المتخوفين حاليا من تمتعه بحقوقه كاملة كنتيجة حتمية لشعورهم بأنهم فعلا حاولوا إبادته نهائياً ، لولا ما يتسم به هذا الشعب من قدرة خارقة على البقاء والصمود .

قام الشعب الأمازيغي مخلصاً ، وعلى مدى قرون ، بالانتصار للعروبة والإسلام ، وكان أول ضحايا ذلك الانتصار . ذاك أن الثقافة العربية في الصميم ثقافة لاإنسانية لا يهنأ لها بال حتى ترغم الآخرين على اعتناق فظاعاتها ، بدل الحرص على نبذ تلك الفظاعات ، والسهر على ترجمة بعض ما فيها من دعوات إلى المحبة والتضامن والسلام ( على ندرتها الواضحة وطابعها النسبي الصادم ) إلى واقع إنساني جميل تستفيد من حسناته كل أمم الأرض وشعوبها !

الجزء الرابع

يقول السيد سلامة :

قدرنا أن ننتصر لكل القضايا العادلة، بدون تغليب الواحدة على الأخرى …

ينسى السيد سلامة أنه، حين يتعلق الأمر بالبرهنة على توفر الرغبة الصادقة في تغيير الواقع بنصرة الحقيقة وإنصافها وتكريسها ، لا ينبغي الحديث عن أي قدر أو قضاء ، بقدر ما ينبغي الحديث عن ضرورة استحضار العقل واحترام الحق وتطبيق القانون.

كما ينسى أنه ، عندما نكون أمام القضايا التي تبين للعقل والمنطق وضوحها وعدالتها ، لا يكون هناك أي داع للحديث عن تغليب واحدة على الأخرى ، لذا يبقى من السهل على أي كان أن يستشف ، من خلال استعمال السيد سلامة لكلمة تغليب ، أن هذا السيد في الحقيقة لا يؤمن بعدالة القضيتين معا كما يدعي ، بل بعدالة قضية واحدة فقط هي عدالة ما يسميه قضية صحراوية .

لكنه ، وهو المراوغ ، لا يريد أن يفصح عن ذلك بكل صراحة مخافة أن يفقد ما راهن عليه ( بفضل هذا المنطق الهش المريض ) ومنذ البدء ، من حصوله على تأييد الأمازيغ لما يدعيه قضيته العادلة.

ولأن السيد سلامة لا يملك أي دليل قاطع لإثبات صحة ما هو باطل أصلا ، فإنه يواصل مراوغاته ويقول بإمكان الانتصار للقضيتين معا مادامت كل منهما في رأيه عادلة ، في حين أن الواقع وكل الأدلة تقول بأن القضيتين متناقضتين متصارعتين ولا يمكن الانتصار لإحداهما دون التنكر للأخرى .

فهل بإمكان السيد سلامة حل هذا التناقض بإقرار وهمية ما يسميه قضية صحراوية ( لأنها كذلك ) لصالح القضية الأمازيغية التي يعترف بعدالتها ويقول بأنه ينتصر لها فعلاً ؟!

بشكل عام يبدو أن السيد سلامة مسكون بهاجس واحد هو إثبات ما يراه عدالةَ قضيةٍ ، إذ لا يهمه من كل المقدمات التي يضعها غير الوصول إلى ما عزم هو إيصالنا إليه مسبقا من نتيجة ترضيه وحده ، حتى ولو كان ذلك على حساب احترامنا لعقولنا ، بل نراه يهرول إلى استخلاص تلك النتيجة وكأنه يخشى ، إن لم يفعل ، أن ننتبه إلى ضعف تلك المقدمات وخطأ استنباطه حين يقول :

وبالتالي قضية الشعب الصحراوي عادلة والقضية الأمازيغية عادلة …

كما يعتقد السيد سلامة ، مخطئاً ، وبسبب ما اعتاد عليه من طيبة الأمازيغ ونزوعهم إلى التسامح والسلم ، بل وإيثارهم للغريب ولو كانت بهم خصاصة ، أنه يكفي التحدث إليهم عن ضرورة الانتصار لكل القضايا العادلة ( كمقدمة جميلة جدا ) ليسلم له هؤلاء بعدالة ما يسميه هو قضية صحراوية ( كنتيجة غير حتمية أصلا ) ، يعتقد ذلك وينسى أن طيبة الأمازيغ وميلهم إلى السلم شيء ، والجنون بارتكاب سلوك كهذا في حق انتمائهم وأرضهم شيء آخر.

يتابع السيد سلامة مراوغاته ليقول :

الأساس هو أن ننتصر للإنسان المظلوم بغض النظر عن عرقه، وأصله، ولونه. وليس أن ننتصر للأرض من خلال نفي الإنسان كما تفعل كافة الإيديولوجيات التوسعية.

لأن السيد سلامة يعرف في قرار نفسه أن الصحراء ( موضوع الصراع ) أرض مغربية أمازيغية : كان فيها الأمازيغ منذ الأزل وما زالوا فيها ، بل قضى كثير منهم دفاعا عن حريتها وكرامتها ؛ ولأنه على يقين أيضا من استحالة ترحيلهم عنها ، أو نكران حقهم فيها ، أو حتى إقناع أضعفهم غيرة ً عليها بعروبتها ، فإننا نراه هنا ينتقل إلى حديث محض عاطفي عن ضرورة الانتصار للإنسان بدل الأرض ( بل حديث ذاتي ومتحيز للإنسان الصحراوي دون غيره كما سيبدو ذلك في ما بعد ).

في حديثه الجميل هذا يحاول السيد سلامة إيهام الأمازيغ بأن الإنسان أهم من الأرض ، هدفه من ذلك فقط إقناع هؤلاء ، ودون سواهم ، بالمزيد من التنازل عن أرضهم لغيرهم ، بل عما بقي في حوزتهم منها ( إن بقي شيء ) ، هذا في الوقت الذي لا يبدي فيه لا هو ولا جماعته البشرية ، ( انسجاما مع قوله أن الإنسان أهم من الأرض ) أي استعداد ولو لمجرد التوقف عن الادعاء الكاذب بأن الصحراء المغربية أرضهم ، مع القبول بالتعايش مع الأمازيغ عليها كأقلية صحراوية وافدة وجالية عربية دخيلة لا أقل ولا أكثر .

يحاول السيد سلامة أيضا إيهامنا بأن الإنسان العربي المستوطن لصحرائنا الأمازيغية إنسان مظلوم ويجب الانتصار له ، لكنه ينسى أن هذا الإنسان هو من يتمتع الآن بكل تجليات التقدم والرخاء في تلك الصحراء ( بعد التحاقها بالوطن الأم ) ، وأنه أيضا من يمارس ظلمه على الإنسان الأمازيغي المواطن الأصلي ، سواء بإقصائه فعلا ، أو الدعوة إلى مزيد من إقصائه تحت ذريعة الحفاظ والدفاع عن الخصوصية الثقافية الحسانية للمنطقة ، هذه المنطقة التي إن كان لها من خصوصية يجب حمايتها من كل تهديد بالزوال فلن تكون سوى خصوصيتها الأمازيغية الأصلية.

لأن السيد سلامة تابَع حديثه باستنكاره لكل إيديولوجية توسعية تلغي الإنسان على حساب الأرض أرى من واجبي الأمازيغي القومي أن أذكره بأنه ما ثمة من جنس ذي إيديولوجية توسعية في المنطقة ( قديما وحديثا ) غير العرب ، وأن الأمازيغ لم تكن لهم ( على مدى تاريخهم الطويل ) أية أطماع توسعية تستحق الذكر ، حتى ابتلوا بغزو العرب لهم ، وبتأثير ثقافة هؤلاء العرب على معتقداتهم وسلوكاتهم ، فقاموا ( ويا ليتهم ما فعلوا ) بغزو الأندلس وقتل كثير من المسيحيين الأبرياء ، ممهدين بذلك لسلوكات لاإنسانية أخرى مارستها هذه الأيديولوجية العربية التوسعية في ما بعد على كل من الإنسان الأمازيغي والمسيحي واليهودي في الأندلس .

أما عن تغني الأمازيغ بأمازيغية الصحراء ودفاعهم عن هويتها هذه فلا صلة لذلك بما يُتهم به الأمازيغ من إيديولوجية توسعية ، بل هو حق لهم مشروع في جزء عزيز عليهم من أراضيهم .

كما لم يُعرف عن الأمازيغ ، طيلة تاريخهم ، أية سياسية عنصرية تقصي الجاليات الأخرى المقيمة على أرضهم . وإن كان ثمة جالية عانت من سوء المعاملة لدينا ، سواء من اليهود أو من السود ، فإن تلك الإساءة كان مصدرها دائما المسلمين والعروبيين بفكرهم الإقصائي اللاإنساني .

وأما الأمازيغ ، الذين يخشى السيد سلامة من إنصافهم ، فكانوا ومازالوا المهمشين في أرضهم ، المنفيين منها ، كما هم المسالمون فيها ، المحترمون لحق الجاليات المختلفة في العيش الكريم عليها ، وفي ممارستها لاختلافها الأصيل المشروع الجميل .

يقول السيد سلامة :

أما عني أنا فقد أخلصت لوطني الصحراء الغربية بدون تعصب، بل بتفتح إنساني يدمع لرؤية الظلم مهما كان مصدره ولونه ، ويتألم لمظاهر البؤس في العالم .

أي وطن هذا الذي يقتطعه السيد سلامة من أرض الأمازيغ ، ويسرقه منهم ، ويسميه ما يشاء من أسماء ، ليقيم عليه دولة عربية عنصرية ، يخلص لها ومن دون أي تعصب ؟!

بل أي تفتح هذا الذي يدعي إنسانيته ورقة مشاعره ( إذ يدمع لرؤية الظلم ) وهو تفتح لا يعدو أن يكون هجوماً على ملكية الآخرين ، واعتداءًا على حقوقهم ، واستغلالا لطيبتهم وتسامحهم وكرمهم ، بل وتمادياً في إلحاق مزيد من الظلم بهم حين يميل إلى التنكر لهم كسكان أصليين ويتهم كل مطلب من مطالبهم بالسلوك العنصري اللئيم ؟!

ألاَ إني لم أصادف في حياتي، وعبر كل قراءاتي وملاحظاتي وتعاملاتي مع الأجناس الأخرى ، وقاحة أفظع من وقاحة العرب ، ذاك أنهم يمارسونها باسم أجمل القيم الأخلاقية ، ويقدمونها على أساس أنها الصفاء الإنساني الذي ما بعده صفاء …

كما أنهم بفضلها، وفي كل زمان ومكان وبسهولة عجيبة لم تتوفر لغيرهم من الشعوب المتسلطة ، استطاعوا تحويل الباطل إلى حق ، والظلم إلى عدل ، والمسروق المنتحَل من أرض الآخرين ، وفكر الآخرين ، إلى ملكية وثراء …

ملكية وثراء لم ولن يفلحا أبدا في إخفاء ما يعانيه العقل العربي من عقم عربي ، ولا في استبدال الفقر العربي بأي ثراء حقيقي بعيدا عن غنائم الغزو وآبار النفط وتعدد الزوجات والعشيقات والجواري والسبايا وإصدار فتاوى التكفير والقتل والإبادة …

كل ما يملكه العرب فكر إقصائي همجي وغرائز حيوانية لم يستطع كبحها حتى دينهم الذي يبدو وكأنهم لم يخترعوه إلا بعقلية ذكورية لتكريس أمراض ذكورية أساسها التوحش والتسلط والعنف في سبيل شيء واحد : إرضاء ما لديهم من عقد النقص والكبرياء …

الجزء الخامس

يقول السيد سلامة :

أختي الكريمة، إن الشعب الصحراوي مظلوم من طرف النظام المغربي الجائر تحت خطاب الوحدة الترابية ، ومظلوم من طرف الأنظمة العربية تحت يافطات القومية المبتذلة ومحاربة التجزيء ، مع العلم أن الصحراء الغربية لم تكن في يوم ما جزء من المغرب ، ومظلوم من طرف الإسلاميين باسم الوحدة الإسلامية ودار الخلافة وبعث إمارة المؤمنين .

في محاولته الفاشلة بإقناعي بعدالة ما يسميه بقضية الشعب الصحراوي تحلو للسيد سلامة مجموعة من الادعاءات الكاذبة مثل :

ـ ادعاؤه أن الشعب الصحراوي شعب مظلوم من طرف النظام المغربي الحاكم الذي يصفه بالنظام الجائر تحت يافطة الوحدة الترابية.

لا يعرف السيد سلامة أن من أكبر المنجزات التي أعترف بها شخصيا للنظام المغربي الحاكم وأعتز بها هي تحريره للصحراء المغربية من الاحتلال الإسباني ، بل وتحريرها من هيمنة عربية أخرى لم تكن باقي أقطار شمال إفريقيا لتنجو من ويلات مثيلاتها على امتداد تاريخها القديم والحديث .

إن السيد سلامة يجهل أيضا أني ، كمثقفة أمازيغية مناضلة ، أرى من واجب هذا النظام أن يقر بأمازيغية الصحراء المغربية وأمازيغية باقي الأراضي المغربية احتراماً منه لواقعية هذه الهوية الأصلية ، واستجابة منه أيضاً لواحد من أهم المطالب الأمازيغية ، بل أرى أنه من واجب باقي الحكومات العربية العنصرية في شمال إفريقيا أن تقر بدورها بأمازيغية بلدان وشعوب هذه المنطقة .

ـ ادعاؤه أن الشعب الصحراوي شعب مظلوم من طرف الأنظمة العربية تحت يافطات القومية المبتذلة ومحاربة التجزيء ، مع العلم ( والقول له ) أن الصحراء الغربية لم تكن في يوم ما جزء من المغرب .

أولا ولآخر مرة على السيد سلامة أن يقر أن ليس هناك من أرض تسمى صحراء غربية إنما هي ( شاء ذلك أم أبى ) جزء لا يتجزأ من أرضنا الشمال-إفريقية الأمازيغية وكفى بالتاريخ والجغرافية شاهدين قويين على ذلك .

ثانيا ، وعكس السيد سلامة ، أرى في اعتراف الأنظمة العربية بمغربية الصحراء السلوكَ الناضجَ الوحيدَ الذي يُحسَب لها. وإن كانت وراء هذا الموقف من دوافع تخدم المصالح العربية العنصرية بالدرجة الأولى إلا أنه موقف أسدى ( ومن دون أن يدري ) خدمة جليلة للقضية الأمازيغية وللوحدة الترابية للوطن الأمازيغي الكبير بشمال إفريقيا إذ أن ذاك الاعتراف كفانا شر تمزيق إضافي لهذا الوطن الأمازيغي الكبير.

ـ ادعاؤه أن الشعب الصحراوي شعب مظلوم من طرف الإسلاميين باسم الوحدة الإسلامية ودار الخلافة وبعث إمارة المؤمنين.

إن كان هناك من ظلم للإسلاميين يقع على الآخرين في شمال إفريقيا فهو ذاك الظلم الذين يمارسه هؤلاء على الأمازيغ : ألا يعمل الإسلاميون على إبادة الأمازيغ ( وأمثالهم من أكراد وأقباط ودارفوريين … ) بما أخذوه منهم من أراض ، وما ألغوه من تاريخهم ، وما زوره من حقائق ، وما عربوه من أسماء ، وما أصبغوه عليهم من هوية غريبة، وما فرضوه عليهم من الذوبان ( شعبا وأرضا وثقافة) في كيان أمة عربية إسلامية ( وهمية ) ، لم يؤسسوها إلا على أنقاض الآخرين ممن صودرت منهم كل حقوقهم في الحرية والاختلاف ؟!

ألا نرى الإسلاميين لا يتأخرون لحظة في اتهام الأمازيغ بالردة ، وبالعمالة لما يسمونهم بأعداء الله ، لمجرد مطالبة الأمازيغ باحترام خصوصيتهم الثقافية وحقوقهم الطبيعية ، ولمجرد تشبثهم بلغتهم الأم ، وتفضيلهم لحرف تيفيناغ في كتابة هذه اللغة ، وقيامهم بترجمة القرآن إلى اللغة الأمازيغية ، ولمجرد مناداتهم بالعلمانية ؟!

وعليه فإني آمل من السيد سلامة أن يكف عن هذياناته هذه ، وأن يخجل قليلا وهو يحاول أن يصور العرب الصحراويين التوسعيين الانفصاليين في صحرائنا المغربية الأمازيغية بكونهم ضحايا كل سياسة عربية إسلامية ، ذاك أنه وقومه ليسوا سوى جبهة أخرى لإبادة الأمازيغ ، وربما كانوا من أكثر هذه الجبهات وقاحة على الإطلاق ، على اعتبار أنهم ، بدل الانتصار الفعلي والمطلق لحق الأمازيغ ، نراهم لا يزيدون الطين إلا بلة جاعلين تحررنا نحن الأمازيغ أكثر صعوبة .

فليرحمنا السيد سلامة وقومه من تبعات ضلال مبين ، وليعفِ المنطقة من صراع إضافي حقير حول ما تبين أنه الحق الأمازيغي القديم في كل جزء من شمال إفريقيا من جبال وصحار وسهول …

بنفس الدوغمائية والعناد يواصل السيد سلامة ما يتقنه من ادعاءات ما يقع على جماعته البشرية في الصحراء المغربية الأمازيغية ويقول :

واليوم أصبح بعض الأمازيغيين يزيدون من ظلمنا باسم الأرض الأمازيغية ، والانبعاث التاريخي لأمة من تحت الرماد .

ها هو السيد سلامة يشهد بنفسه هنا على أن الصحراء المغربية هي أرض أمازيغية ، وعلى أن هناك جرائم عربية ارتكبت في حق الأمازيغ بهذه المنطقة ، كما في غيرها بشمال إفريقيا .

هي شهادة منه غير مباشرة ، ولكنها كافية لأن نفهم منها أن أهله العرب استوطنوا أرضا أمازيغية ، وحاولوا القضاء نهائيا على أمة الأمازيغ حتى لم يبق منها غير رماد .

بل إنه يضيف جريمة أخرى لجرائم إخوته العرب حين يستعمل كلمة رماد ، جريمته هذه هي محاولته الخبيثة ( من خلال استعماله لتلك الكلمة ) إيهام الناس بانقراض الأمازيغ ، بل وبإقناع الأمازيغ أنفسهم بأنهم قد انقرضوا حتى لم يبق منهم شيء ، وبالتالي ليس من حقهم التفكير في أي وجود ، بل عليهم الانسحاب والرضا بحقيقة زوالهم إلى الأبد ( أليس هذا ما حاوله أيضا غيره من العنصريين أمثال معمر القذافي في لحظات جنونه الأخير ؟! ) .

بدل أن يستجيب السيد سلامة لصوت الضمير الإنساني ، في انسجام تام مع ما يدعيه من تسامح وانفتاح ، ويقف بالتالي إلى جانب الأمازيغ في مطالبهم المشروعة ، ها نحن نراه هنا يساعد على إقبارهم أحياء ، بل ويحاول تأليب الناس ضدهم حين يتهمهم بالظلم ، ذاك أن السيد سلامة يسمي مطالبة شعب أصيل بأرضه ، وتشبثه بالحياة وهي حقه ، وحرص هذا الشعب على الوجود والصمود .. نعم يسمي كل هذا ظلما للآخرين !

للسيد سلامة أن يسمي حق الأمازيغ في رد الاعتبار لوجودهم ما يريده من أسماء . لا غرابة في ذلك فهو عربي صحراوي مسلم ذو فكر أحادي ظلامي لاإنساني مقيت …

ولمليكة مزان الأمازيغية ألا ترى في كلام السيد سلامة غير أنانية وهمجية ، تفضحها مراوغاته الفاشلة في إخفاء حسرته المرة ، وانزعاجه الكبير حين يرى ما ظنه شعبا أمازيغيا منقرضا إلى الأبد مازال مصرا ، وبكل قوة ، على الوجود والبقاء !

الجزء السادس

قبل أن يختم رسالته حاول السيد سلامة أن يسدي إلي نصيحة ..

يقول :

إن كنت مسكونة بحقد على العروبيين ، فالأولى أن توجهيه إلى نظام الرباط الذي اقترف العديد من الجرائم ضد شعبك ، آنذاك ستكونين انتصرت لشهداء الريف وانتفاضات الأطلس ، أما أن تتقويْ على الشعب الصحراوي المظلوم فأعتقد بأن ذلك لا يشرف القضية الأمازيغية.

لا أحقد على أي كان إلا إذا كان غاصباً عنيداً لحقوق شعبي وانتمائي ، وإذا كان السيد سلامة يذكر هنا العروبيين فلأنه مقتنع بأنهم هم الغاصبون لهذه الحقوق ، إلا أنه لا يرى من عروبي غاصب لحقوقي في هذا العالم إلا نظام الرباط !

يحاول بذلك أن يجعل من هذا النظام العدو المشترك للأمازيغ وللصحراويين ، وينسى أن ما يخطط له الصحراويون من إقامة لدولة عربية عنصرية على الصحراء المغربية الأمازيغية ليس سوى إصرار مريض على ما صار نظام الرباط نفسه يتراجع عنه من إبادة للأمازيغية سواء في الصحراء أو في باقي المناطق المغربية . وذلك على الأقل من خلال ما يبدو من سلوكاته الأخيرة ، وإن كانت مترددة خجولة ، وأيضا من نواياه العديدة التي نتمنى ، نحن الأمازيغ ، أن تكون فعلا نوايا صادقة وحسنة للتصالح مع الهوية الأمازيغية الأصلية لكل المغاربة .

إن محاولة السيد سلامة جعلي أوجه أصابع الاتهام لنظام الرباط وحده تبقى مجرد مراوغة منه لي ، مراوغة إضافية فاشلة بهدف واحد أن ينسيني أطماع قومه الصحراويين الذين ليسوا في النهاية إلا نوعا آخر من العرب العنصريين التوسعيين .

في ختام رسالته ارتأى السيد سلامة أن يحييني بكلمة أزول وكلمة شكرا وأن يمضي الرسالة باسمه الكامل .
كتب :

أزول وشكراً ، إمضاء الوالي سلامة حبيب

كلمة شكر لا شك أن القراء العرب والناطقين بالعربية قد فهموها ، ولكن كلمة أزول هذه لا شك أن الأغلبية الساحقة لقراء موقع الحوار المتمدن لم يسبق أن تعرفوا عليها ولا أن أدركوا وظيفتها ومعناها ، بل لا شك أنهم لم يعرفوا كيف ينطقونها . فهل للسيد سلامة أن يخبر هؤلاء القراء ما معنى هذه الكلمة ، ولأي غرض تستعمل ، وأين تعلمها ، ومَن علمه إياها ؟

إن كان للسيد سلامة أن يقول ، في إطار شرحه لمعنى كلمة أزول ، بأنها كلمة من اللغة الأمازيغية ، فليس للسيد سلامة الذي يقطن بالصحراء المغربية أن يدعي بعد ذلك ، ودائما في إطار توضيحه لمعناها ، أنه تعلم هذه الكلمة في اليابان ، أو في الحجاز ، أو أن إنسانا صينيا أو أمريكيا هو من علمه إياها ، أو أنها تستعمل لشتم الآخرين ، أو لإهانتهم ، أو للتحريض على الاعتداء عليهم ، بل لا مفر له من أن يرد بكونه تعلم هذه الكلمة على أرض أمازيغية ، تتكلم الأمازيغية ، ومن شعب يتكلم الأمازيغية ، وأنها كلمة تستعمل من طرف الأمازيغ للتحية ، ما دام هو بنفسه قد استعملها لتوديعي في نهاية رسالته وهو يعلم ما تحمله من معاني المحبة والسلم والتحضر.

إلا أن الغريب في موقف السيد سلامة ، وعلى الرغم من وعيه التام بكونه يتواجد لحظتها في بلد أمازيغي لغته الأم هي اللغة الأمازيغية ، الغريب في موقفه كونه جلس أمام حاسوبه لا لشيء سوى لفتح ملف جديد ، يملأ بياضه البريء بكثير من الأباطيل ، محاولا إقناع شاعرة أمازيغية مناضلة مثلي بأن من حقه وقومه أن يحول هذا البلد الأمازيغي ( حيث يتواجد وحيث تعلم كلمة أزول من بين ما تعلمه من كلمات أمازيغية أخرى تزخر بها لهجته الحسانية ) إلى أرض محض عربية ، يؤسس عليها ما يشاء من جمهوريته العربية الموهومة لشعبه العربي الصحراوي المظلوم المزعوم ، وكل ذلك في تَحدﱟ منه سافِر ٍ وقِح ٍ للهوية الأمازيغية الأصلية للأرض والسكان ، ولحقوق الإنسان وكل القيم والقوانين ، وإرضاء فقط لمزاعم كل شيطان يريد أن يحول المنطقة إلى جحيم ، أكثر مما فعله حتى الآن باقي الإرهابيين !!!

الجزء السابع

خلاصة :

على الرغم من نكهة التسامح والصفاء التي حاول أن يمرر بها رسالته المتعصبة للعنصر الصحراوي الجاحد والمنتصرة للأطروحة الانفصالية الظالمة تبقى رسالة السيد الوالي سلامة محاولة منه فاشلة لجعلي أرتد عما أؤمن به من ضرورة التشبث بما هو الحق الذي يعلو ولا يعلى عليه ، أو لجعلي أخل بما علي من واجب نصرة شعبي الأمازيغي المستضعف على امتداد كل شمال إفريقيا ، هذا الشعب الذي لن يخرس صوته لا القهر ولا الموت ، ولا كل ما يتقنه أعداء قضيته العادلة من أساليب الخداع والمراوغة.

نعم إن محاولته دفعي إلى الكفر بقضية شعبي وبأمازيغية صحرائه هي محاولة فاشلة ، وستبقى فاشلة إلا إذا استطاع هو وكل العرب العنصريين الإقصائيين أن يقنعني ويقنع شعباً بكامله ، غيوراً على كل حقوقه الطبيعية والمشروعة بضرورة ..

أن يتنكر لدمائه ، أو يحتقر جذوره ، أو يتخلى عن هويته ، أو يسخَر من ثقافته ، أو يوقع على كل بند من بنود إبادته ، أو ينسحب ، كما هو فاعل بشكل مر أليم ، من كل ما ثبت بكل الدلائل الدامغة أنها أرضه ، أو يترك كل ما يملك لكل ممن هب ودب وزحف على مجاله ، أو يتسامح ، مزيداً من تسامحه المعهود ، مع كل من يستغل طيبته وانفتاحه ، ووداعته وحسن ضيافته …

وكل ذلك فقط مقابل أن يُستعبَد هو ويسود الآخرون ، مقابل أن يجوع هو ويشبع الآخرون ، مقابل أن يندثر هو ويبقى الآخرون …

وفوق كل هذا وذاك مقابل أن يضمن عدم اتهامه بالعنصرية وكراهية الآخرين ، أو بالخيانة والتعامل مع ما يسميه هؤلاء بأعداء الوحدة العربية الإسلامية التي بها يحلمون ، وإن على حساب حقوق وكرامة الآخرين ، وبهدف أن يبقى هذا العالم المجنون مجنوناً كما يفضله الطغاة المعتوهون : لا قانون فيه إلا القانون الذي يحمي مصالح الجميع إلا مصالح الأمازيغ المسالمين المساكين …

هذا هو المصير الذي يريده السيد سلامة لشعبي ، ليستفرد هو وعشيرته بخيرات جزء من تراب تامازغا أرضنا منذ الأزل ، والتي نحن منها وعنها لسنا براحلين ، ولا فيها مفرطين حتى ولو سالت من أجلها دماء الناس أجمعين .

هذه هي النزعة الإنسانية الجميلة التي يجب ، في نظر السيد سلامة ، أن أتصف بها ، وأتغاضى باسمها عن جرائم كل من يتمادى هو في غيه ، ويتمتع هو بمكتسبات ظلمه ، ليس هذا فقط بل وأن آخذه بالحضن وليذهب أهلي الأمازيغ جميعا إلى الجحيم …

هذه هي الإيديولوجية الوحيدة الكفيلة، في نظر السيد سلامة ، بتحصيني من ارتكاب أي حماقات مهددة للوجود البشري في أمنه وسلمه …

يبقى أن في قرار السيد سلامة ثمة حقائق صارخة يا ليته ، وأمثاله ، يقر بها في علانيته ، كما هو فاعل لا شك في سره ، ويعفينا والمنطقة شر حرب قد تشتعل نيرانها من جديد وفي أي وقت …

من تلك الحقائق الصارخة :

1 ـ أن الأمازيغ (أرضا وشعبا وثقافة وحضارة ) واقع حاضر مازال يفرض نفسه فرضا ، وليس بإمكان من يفتعل العمى والصمم ويدس رأسه في عتمات قلبه أن يلغيه ، فقط لأنه يتمنى ذلك الإلغاء من صميم انحطاطه وترديه ، غير آبه لما يهب على عالم الإنسان المعاصر من رياح الأنسنة وإلغاء قوانين الغاب …

2 ـ أن للأمازيغ ، كأي شعب من شعوب الأرض ، حقوقاً ، لا بد من احترامها ، إن كنا نطمح في تأسيس مجتمع إنساني حقيقي ، وضمان السلم والاستقرار ، وهي حقوق لن يتنازل عنها الأمازيغ إرضاء فقط لبعض الجهلة المتغطرسين …

3 ـ من حقوق هذا الشعب حقه في الأرض ، أرضه التي بها وجد ، وبها عُرف ، ومنها وعليها تفاعل مع باقي شعوب وثقافات العالم القديم والحديث ، إذ لا يمكن تصور حياة أي شعب من غير أرض. فالأرض مثل اللغة من المقومات الأساسية لوجود أي شعب، وإثبات تمييزه عن غيره . كما أنها من شروط بقائه واستمراره ، وليست الصحراء المغربية إلا جزءا من الأرض الأمازيغية ، وهويتها الأمازيغية حقيقة صارخة لا يمكن نكرانها .

4 ـ ضرورة التعايش ، تعايش كل الجاليات العربية واليهودية والإفريقية والأندلسية مع الأمازيغ السكان الأصليين ، وأصحاب الأرض الشرعيين ، وذلك في إطار من علاقات إنسانية راقية أسسها الاحترام والعدل والسلام ، وهي أسس لا يمكن أن تكون أو تدوم إلا بما يلي :

5 ـ الاعتراف بأمازيغية هذه الأرض التي تعيش عليها هذه الجاليات ، لا أن تفرض هذه الجاليات هويتها على الأرض .

6 ـ حمل هذه الجاليات كلها للجنسية الأمازيغية ، طوعاً أو كراهية ، وذلك لسبب وحيد كونها الجنسية الأصل ، والتي لا بديل لهم عنها مادام أفراد هذه الجاليات كلها مقيمين على أرض أمازيغية ، متمتعين بخيراتها وحمايتها .

7 ـ الإيمان ( في انسجام تام مع الواقع الذي لا واقع غيره إلا في أوهام المتعنتين ) بكون اللغة الأمازيغية هي اللغة الأم للمواطنين المغاربة ، والعمل بإخلاص على النهوض بها وتقويتها بعد كل هذا الحصار الذي ضرب عليها ، ذاك أقل واجب وطني عليهم أداؤه إزاءها ، كعامل قوي من عوامل وحدتهم والضامن الوحيد لرقيهم وتقدمهم .

إنها حقائق صارخة تفرض نفسها فرضاً على كل ذي عقل وقلب وضمير ، لكن السيد سلامة ، وفاء منه لنزعته العروبية الاستعمارية ، لا يفعل للأسف شيئا غير محاولته إخراس صوت هذه الحقائق الصارخة بما يتقنه ( كباقي إخوانه العرب) من الرقص البهلواني على وقع الكلمات الجوفاء ، والذي اعتقد ساذجاً أنه سينطلي على مناضلة مثلي فتصفق له حتى تدمى يداها !

وإنه الحلم الذي أتمنى أن أكون قد عكرت عليه صفوه ، ورددته عليه كابوساً بردي هذا النابع من وفائي لأمازيغيتي ، واستجابة لنداء أرض أجدادي وأحفادي ، أرض ليس لأي كان ، مهما بلغ جبروته وعميت بصيرته ، أن يخرس في دمي ودم باقي أبنائها اليقظين المخلصين .. صوتها وصداها !

اظهر المزيد

مليكة مزان

( زميل محرر في نشـــطاء الرأي )

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق