انشقاق حركة العدالة والبناء إلى تيارين ” أميركي ” و ” وطني ” ، وأجهزة السلطة ” تدعم” التيار الأول!
أنس العبدة و أسامة المنجد متهمان بالترويج للخطاب الأميركي ـ الإسرائيلي بشأن “المقاومة ” وبقية قضايا المنطقة ، وبالانخراط في المشروع الأميركي و … تساؤلات عن ” الغيبة الصغرى ” الغامضة لأسامة المنجد قبل حوالي ثلاثة أشهر !
دمشق ، لندن ـ الحقيقة : فجأة ، ودون سابق إنذار ، انفجر الخلاف في ” حركة العدالة والبناء السورية ” المعارضة ، التي تتخذ من لندن مقرا لها ، على صفحات وسائل الإعلام . ويتضح مما نشرته وكالة أنباء ” قدس برس ” المقربة من الأخوان المسلمين أن الخلاف هو بين تيار ” أميركي ” و آخر ” وطني ” في الحركة ، إذا جازالتعبير . وكانت الحركة قد تأسست العام الماضي في لندن تحت رعاية ناشط حقوفي عاد إلى سوريا قبل بضع سنوات ” بمساعدة رستم غزالي ووزير الخارجية ( في حينه) فاروق الشرع ” ، وفق ما أكده المحامي والمعارض البارز رياض الترك في إحدى جلساته الخاصة بفرنسا .
وقد نظر إلى تأسيس حركة العدالة والبناء ، وحرص الناشط المشار إليه على رعاية تأسيسها ، بوصفه ” جزءا من خطة منهجية وضعتها السلطة لاختراق الوسط الهلامي المحيط بعبد الحليم خدام من الأصوليين والقوميين ” ، لاسيما وأن ” حركة العدالة والبناء ” ، وكما يتضح من اسمها ، حاولت ـ دون الإعلان عن ذلك رسميا ـ تقديم مقاربة سورية لحزب العدالة والتنمية التركي ، أي إنشاء حزب سياسي ذي توجهات سياسية وطنية ـ قومية على خلفية أيديولوجية إسلامية . و من الواضح أن الدور الذي لعبه أسامة المنجد في كلية الاقتصاد والتجارة بجامعة دمشق ، التي كان أحد طلابها ، قد ساهم إلى حد كبير في تدعيم هذا التصور . فطبقا لرسالتين تلقتهما ” الحقيقة ” العام الماضي من أستاذين في الكلية ، فإن المنجد قدم تقارير منتظمة بهما ، وبأساتذة آخرين سابقين وحاليين ، إلى فرع الحزب بالجامعة على خلفية ما كانت تتضمنه محاضراتهم في الكلية من ” خروج على المنهاج المقرر”.
وفي تفسيره لسبب الخلافات في الحركة ، يقول رئيس مكتبها السياسي ، مسعف الحلفاوي ، في حديث لقدس برس إن قرارا نهائيا قد تم اتخاذه بحق رئيس حركة العدالة والبناء الدكتور أنس العبدة ومسؤول الحركة الإعلامي أسامة المنجد يقضي بسحب الشرعية منهما ” ، مضيفا ” لعدة شهور مضت عاشت حركة العدالة والبناء وضعاً غريباً شاذًا تمثل في تسلط الرئيس ومسؤوله الاعلامي على مقدرات الحركة، وتهميشهم لسلطة إتخاذ القرار الشرعية فيها والمتمثلة في المجلس التنفيذي بغية الانحراف بالحركة عن توجهها العربي الإسلامي الأصيل وإلحاقها بالمتمسحين بأذيال الإدارة الأمريكية المتنكرين لحضارة الأمة وثقافتها، من خلال تبني منطق ومواقف الإدارة الأمريكية والمحافظين الجدد عند التطرق للأحداث الجارية في فلسطين والعراق كالحديث عن “مجموعات الإرهاب الفلسطيني” و”المتمردين” على “النظام الديموقراطي” الذي تنشئه سلطة الاحتلال في العراق ” . و كشف الحلفاوي عن أن المسؤول الإعلامي للحركة أسامة المنجد يقدم خطابين متناقضين ، واحدا موجها إلى القارىء العربي ـ السوري والآخر للجهات الأجنبية ، حيث تضمن العدد الخامس من النشرة الإنكليزية ” تنكرا للإسلام كمرجعية معتمدة للحركة عبر تحاشي ذكره في القسم الإنجليزي لموقع الحركة ، ونشر مقالات تدعو لما يتناقض معه في القسم العربي ” . وأضاف الحلفاوي القول إن رئيس الحركة أنس العبدة والمسؤول الإعلامي أسامة المنجد رفضا ” سحب النشرة الخامسة بالانجليزية الموجودة على موقع الحركة على الرغم مما فيها من استفزاز بسبب معارضتها لمبادئ الحركة ومرجعيتها وأساسا ما يتعلق بالموقف من المقاومة في فلسطين والعراق “، حسب تعبيره. وكشف الحلفاوي النقاب عن ” أن جهودا سياسية كبيرة تبذل الآن تحضيرا لاجتماع أعضاء وكوادر الحركة لاختيار قيادة جديدة، واعتبر أن المؤتمر الذي سيعقد يوم الجمعة للحركة والذي تم استقدام عدد من الشخصيات السياسية له من داخل سورية ومن عدد من الدول العربية والأروبية ليست له أي شرعية وكل ما ينتج عنه لا يمثل حركة العدالة والبناء لا من قريب ولا من بعيد” كما قال .
وكان رئيس المكتب السياسي للحركة وعدد من أعضاء قيادتها قد أصدروا بيانا في التاسع عشر من الشهر الجاري أعلنوا فيه ” إسقاط الشرعية عن رئيس الحركة ومسؤولها الإعلامي ” على خلفية ” الخطاب الأميركي ” الذي انتهجته الحركة بتوجيه من العبدة و المنجد ، المتهمين من قبل بعض أوساط الأخوان المسلمين بالسفر المنتظم إلى سوريا سرا عبر الأردن !؟
ويبدو أن الاتهامات التي يسوقها مسعف الحلفاوي ليست دون أساس . فطبقا لمعطيات موثقة تلقتها ” الحقيقة ” من مصادرها في واشنطن ، قام أسامة المنجد بزيارة سرية إلى الولايات المتحدة في آب / أغسطس الماضي دامت حوالي أسبوعين اجتمع خلالها مع مسؤولين أمنيين أميركيين عبر مكتب ” جبهة الخلاص ” في واشنطن الذي تشرف عليه ضابطة الاستخبارات العسكرية الأميركية و الديبلوماسية السابقة إليزابث ماكيون ، والذي ينسق الاتصال بجماعة المحافظين الجدد و يشرف على تلقي الأموال من أجهزة الاستخبارات الأميركية التابعة لهم ، وفق تحقيق نشرته صحيفة وول ستريت جورنال في 25 تموز / يوليو الماضي . ومن المعلوم أن الإدارة الأميركية خصصت خمسة ملايين دولار لدعم المعارضة السورية ذهبت كلها تقريبا إلى ” جبهة الخلاص ” وإلى “الدكاكين الحقوقية ” المتفرعة عنها.
-
الراحلة سلوى أسطواني ـ الحقيقة
اللافت في الأمر أن أجهزة النظام السوري لم تتأخر عن الدخول على خط الأزمة في ” حركة العدالة والبناء ” من خلال مندوبتها في ” إيلاف “ السيدة بهية مارديني لدعم توجهات التيار ” الأميركي ” في الحركة إعلاميا . وكانت السيدة مارديني وزوجها واحدا من الأسباب المباشرة لوفاة الصحفية السورية المخضرمة سلوى أسطواني العام الماضي ، حيث قدما أواخر حزيران / يونيو من العام نفسه تقريرا مليئا بالأكاذيب لرئيس “فرع الأحزاب المناوئة” في الميسات بدمشق ، العميد برهان إسبل ، اتهماها فيه ” بتسريب أخبار تمس الأمن الوطني ” إلى المعارض السوري نزار نيوف ، وأنها تراسل موقع ” الحقيقة ” الذي يديره باسم رشا أرناؤوط . وكان التقرير هو الثاني أو الثالث خلال أقل من شهرين . أما الغاية الأساسية من التقارير فكانت العمل على حرمانها من العودة إلى العمل الصحفي ( بعد توقف ) . حيث كانت أبرمت للتو اتفاقا مع ” إيلاف ” لتكون مراسلتها في دمشق . وهو ما اعتبرته مارديني وزوجها خطرا على مصالحهما ! وقد وجد برهان إسبل في التقرير ” هدية ” غير منتظرة ، إذ كان ـ فضلا عن الأجهزة الأخرى ـ يبحث منذ أشهر عن الاسم الحقيقي لرشا أرناؤوط . وعلى الفور جرى توقيف سلوى أسطواني لمدة نهار كامل في أقبية الفرع المذكور رغم سنها المتقدمة ( 68 عاما) ووضعها الصحي بالغ السوء ( ديسك في العمود الفقري ، وداء السكري وضغط الدم ) . وبسبب ما تعرضت له من إهانات وشتائم من قبل رئيس الفرع وزعرانه ، فضلا عن صفعة على وجهها من قبل أحد ضباط الفرع ، وفق ما شرحته لنا في رسالة فور خروجها من الفرع ، أصيبت في اليوم التالي بجلطتين دماغيتين متتاليتين تسببتا في وفاتها بعد بضعة أيام في مشفى صيدنايا ، وتحديدا في 3 تموز / يوليو من العام الماضي . وتحتفظ ” الحقيقة ” برسالة من زوج السيدة مارديني تتضمن شتائم سوقية مقزعة بحق سلوى أسطواني يعود تاريخها إلى 29 آذار / مارس من العام الماضي