سحبان السواح : إمارة دينية إسلامية غير عربية في سورية
في تعميم صدر عن مكتب الإعداد والثقافة والإعلام القطري، وعمم على قيادات الفروع، جاء فيه أن الحزب لا يعارض وجود جماعة إسلامية يتزعمها عبد الهادي الباني. وموقفه منها ليس سلبيا. بمعنى أنه لا يجد غضاضة في أن تتحرك جماعة تدعو لإمارة إسلامية غير عربية، تخالف سنة النبي وسنة من جاء بعده بل هي تخالف النص القرآني بحد ذاته. وأعني بما تضمنه التعميم إذ يقول”هدف هذه الجماعة هو إقامة أمة إسلامية وليست عربية ، وتؤمن بعدم تحرير المرأة وعدم مخالطتها للرجال وتقف ضد عملها وخروجها من المنزل ، وتعتبر وجود التلفزيون في المنزل حراماَ.”
في البداية لم أصدق، ولكن التعميم مصور والخاتم موجود عليه.. فهل لأحد أن يعلمني ماذا يريد حزب البعث من وراء مثل هكذا تعميم.
أن يسكت عنه لغايات سياسية أمر، وأن يقره أمر آخر، فإقراره يعني الإقرار بأن حزب البعث لا يعارض سجن المرأة في بيتها، وعدم خروجها من البيت، وعلى الأساس ذاته يجب أن لا تعين المتزوجة وزيرة ولا تنتخب نائبة، ولا تعطى أي منصب حكومي وعليه أيضا يجب تسريح جميع الموظفات المتزوجات في الدولة وحبسهن في بيوتهن.
في زمن يتحرك العالم لإعطاء المرأة مزيدا من الحقوق، ومساواتها مع الرجل مساواة مطلقة ودون أي شرط، لا يجد مكتب الإعداد والثقافة والإعلام القطري لحزب البعث الحاكم غضاضة في تأسيس إمارة إسلامية من أهدافها قمع المرأة وحرمانها حتى من الفرجة على التلفزيون، يعني قبرها وحي على قيد الحياة.
في الشق اآخر من التعميم وهو الإمارة الإسلامية غير العربية وفي سورية، أين تكون هذه الإمارة، وما دور حزب البعث في إقامتها، وما دور القيادة السياسية السورية، بعد أن تصبح أمرا واقعا..
هل سيتخلى لها عن الحكم، لتصبح سورية إمارة إسلامية غير عربية، أم أنها وبمرور الزمن ستختار أرضا تسيطر عليها وتأخذ وعدا من بلفور ما، وتصطنع دولة على أرض ما، عربية كانت أم غير عربية.
ثم ألم نكتف من الإمارات العربية لنصنّع إمارة إسلامية وغير عربية، وما الغاية منها، ما الغاية الآن من هكذا تسمية إمارة غير عربية، ولست أدافع هنا عن العرب، إن كانوا موجودين أساسا أو غير موجودين، فمنطلقي هو الحديث بما هو قائم فحزب البعث حزب قومي، ومعنى قومي يعني قومي عربي، ويؤمن بأن العرب أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة.. ويؤمن بالوحدة والحرية والاشتراكية، فهل تخلى عن كل معتقداته إذ يقول ” وهناك جماعات دينية أخرى كهذه الجماعة في القطر ، وموقف الحزب منها ليس سلبياَ طالما أنها بقيت في مجال المعتقد الديني.”
أليس من الواجب أن نتساءل عن الغاية من هكذا تعميم، أليس فيه دعوة للمؤمنين الضالين والذين يريدون الانضواء تحت سلطة أي جهة دينية أو حزب ديني ما أن يذهبوا إلى هناك. فهذا حزب مضمون، والسلطة لا تعارضه، أليس بالإمكان أن يكبر هذا الحزب أو هذه الجماعة، كما سماها التعميم، بغفلة عن أعين السلطة لتصبح بين يوم وليلة ورما سلفيا قويا لا تقدر السلطة على الوقوف في وجهه.
بعيدا عن وجهة نظرنا في اعتماد أحاديث النبي لنبني عليها مجتمعنا المعاصر، ولكن هل من أحد يدلني على آية أو حديث يقر أنه ليس على المرأة الخروج من البيت، وفي عدم مخالطتها الرجال؟ كثيرة هي الأحاديث، والآيات القرآنية التي تحدثت عن حجاب المرأة، وعن عدم ملامستها للرجال، ولكن أحدا لم يقل، حتى أيام النبي، أنه ليس على المرأة مخالطة الرجال. بل أن المرأة كانت تدخل على النبي محمد ومعه صحبه لتحدثه في أمر ما أو لتشكو له أمرا ما. فقط ليكتب أحدكم على غوغل دخلت امرأة على رسول الله ليكتشف كم هو كبير عدد النساء الذين دخلن على النبي طلبا لمشورة أو لنصيحة، أو حتى ليقلن له إنه على خطأ. فعلى أي أساس تقرر هذه الجماعة حرمان المرأة من حريتها. وعلى أي أساس يصدر مكتب الإعلام مثل هكذا تعميم وما هو الغاية منه.
لسنا بحاجة إلى طالبان آخر، ولا بن لادن آخر .. ولا أي سلطة دينية في وقت نحن بأمس الحاجة للانتقال إلى العلمانية والبحث عن جماعة علمانية يرضى عنها مكتب الإعداد والثقافة والإعلام القطري ويصدر فيها تعميما كهذا التعميم.
خلف الموضوع مشكلة ما، شيء ما يطبخ في الخفاء، ونحن ننبه من هم أعلى حزبيا من مكتب الإعداد والثقافة والإعلام القطري، لاستصدار قرار بإلغاء مثل هكذا تعميم خطير.
سحبان السواح : إمارة دينية إسلامية غير عربية في سورية
النص نقلا عن موقع ألف