يجب أن لا يُعدم علي حسين سباط – توم جي . بالمر و رجا كمال
كتب : توم جي. بالمر و رجا كمال – على الرغم من الجهود الحقيقية الحثيثة التي يبذلها العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز لإصلاح المملكة وتحديثها، إلا أن ممارسات الرجعية التي يمارسها المناهضون للحضارة الحديثة هي في الواقع ممارسات فضيعة وضيعة تثير الإشمئزار.
وما قضية علي حسين سباط، مقدّم البرامج اللبناني السابق، إلا مثالا على قولنا هذا. سباط مواطنٌ لبناني كان يقدّم برنامجا تلفزيونيا مباشرا، يُبث من لبنان ويغطي منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك السعودية وهو مسلمٌ أيضا. وكان خلال بث برنامجه، يتلقى الاتصالات من بعض الأفراد الذين يتصلون به، ويقدم لهم النصح والمشورة، كما يقوم ببعض التنبؤات حول مستقبلهم. في مايو (أيار) عام 2008، وخلال قيامه برحلة للحج والعمرة إلى مكة، ألقت الشرطة الدينية السعودية القبض عليه واتهمته بالشعوذة و انتزعت منه الاعترافات وحوكم بلا محام للدفاع عنه.واستُخدِم اعترافه، الذي أ ُخذ بالإكراه، ضده وحُكم عليه بالإعدام في المدينة المنورة في التاسع من نوفمبر (تشرين الثاني) 2009.
وقد يُنفّذ الحكم في أي يوم من هذه الأيام. وما تزال منظمة العفو الدولية ومنظمات حقوق الإنسان الأخرى تطالب بالإطلاق الفوري لسراح سباط وغيره من المعتقلين المتهمين بمثل هذه “الجريمة.” وأيا كان ما يعتقده المرء حيال برنامج سباط التلفزيوني، فمن غير المعقول أن يُعدم لتهمة كالتي أدين بها هذا الرجل. وإن لم يوقَف هذا القتل، فإن تراب السعودية سيُضرّج بجريمة: جريمة قتل. وستخلِّف هذه الجريمة أرملة ثكلى وخمسة أطفال. لا بد أن يمنع تنفيذ الإعدام.
توضّح هذه القضية، بما لا يقبل الشك، القوة الهائلة التي تتمتع بها الشرطة الدينية في السعودية. فالملك عبد الله يواجه معركة صعبة في كفاحه ضد المتطرّفين: ليس فقط الإرهابيين من تنظيم القاعدة الذين يقتلون الأبرياء، بل الشرطة الدينية والقضاء الذين يقتلون الأبرياء أيضا. كلما أقدم الملك على إصلاح الدولة، أعترض المتطرفون طريقه. على سبيل المثال، قبل شهور قليلة، عندما افتتح الملك جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا، وهي أول جامعة مختلطة في السعودية، واجه موجة عاصفة من الانتقادات التي أثارها رجال الدين. وفي آخر المطاف، أفتتحت الجامعة، وما كان من الشيخ سعد بن ناصر الشثري إلا أن قدّم استقالته من هيئة كبار علماء الدين. لا شك أن تلك كانت خطوة بالاتجاه الصحيح. مع ذلك، وكما تبرهن قضية سباط والآخرين الذين حكموا بالإعدام بتهم “الارتداد” أو “السحر،” فإن مقاومة المتطرّفين ما زالت مستمرة.
ولكن الفرصة لا تزال سانحة أمام الملك عبد الله بن عبد العزيز بأن يتخذ قرارا شجاعا، كما فعل عندما جابه رجال الدين في الجدل المتعلق بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا. غير أن الملك ومؤيديه يحتاجون إلى العمل بحزم للحد من قوة المتطرفين وقدرتهم على تنفيذ اعتقالات غير القانونية، وتوجيه الاتهامات الباطلة، وانتزاع الاعترافات بالإكراه، وإقامة محاكمات غير عادلة، ولا سيما تلك التي تتكلل بارتكاب جرائم القتل (أي أحكام الإعدام). وما سباط والآخرون إلا أضحيات وقرابين بشرية يذبحها المتطرفون لا لشيء، سوى لإدامة قوتهم وسطوتهم. ولكن ماذا سيأتي بعد؟ إعدام طفل يقرأ كتاب ’هاري بوتر‘؟ لقد خلق الحوار الإيجابي الذي بدأ بين إدارة أوباما ومعظم العالم الإسلامي فرصة لواشنطن لكي تعبّر عن قلقها حول مصير سباط.
فكثيرا ما تحدّث الرئيس أوباما عن التزامه بحقوق الإنسان فعليه إذن أن يُشجّع الملك عبد الله بن عبد العزيز على اتخاذ موقف من أجل العدالة ووضع حد للأضحيات البشرية. كما تقع على عاتق لبنان مسؤولية الدفاع عن مواطنيها وحمايتهم والمطالبة بسلامتهم.
إن لحكومة رئيس الوزراء سعد الحريري علاقات خاصة مع العائلة الحاكمة في السعودية. لذلك، تحتاج هذه الحكومة، بوصفها حكومة تمثّل بلدا عربيا ديمقراطيا يمتلك صناعة قوية في مجال البث الإعلامي، تحتاج أن تبيّن أنها ستدعم حرية التعبير – و لا سيما فيما يخص علي حسين سباط والآخرون. على العاهل السعودي الملك عبد الله أن يُظهر شجاعته عبر مجابهة المتطرفين وإطلاق سراح علي حسين سباط وإعادته إلى لبنان. وإن فعل ذلك، يجب أن يحظى بدعم من جميع أمم العالم الأخرى.