ثائــر موسى : فنانون سوريون .. بعقلية أمنية نحو إقصاء الآخر
لأني لست من الناشطين على الفيس بوك ولاأملك صفحة خاصة بي ولاأزمع تأسيس مثلها فاني أستغل صفحة زوجتي العزيزة عزة البحرة لأقول بعض الكلمات للبعض من الفنانين الذي لميعد الصمت على مايقولونه مقبولا.
رغم عدم موافقتي على تصريحات العديد من الفنانين السوريين الا أني كنت دائما أحافظ على صمتي انطلاقا من حرية كل فرد في التعبير عن رأيه والوقوف في الصف الذي يرتأيه لنفسه مقتنعا بأن غنى هذه الحياة قائم على اختلافنا وأن أحد دعائم وجودنا هو احترام الآخر وحريته في التعبير . إلا أن حالة من الذهول انتابتني وأنا اسمع أحد نجومنا من الممثلين وهو يصف المحتجين الذين نزلوا الى الشوارع بالرعاع الذين لاقيمة لهم والذين لاينبغي أخذهم بعين الاعتبار , وبالمناسبة فقد كانت كلماته أكثر قسوة مما أكتب ؟!!!
وهنا أسألك أيها ” الفنان المحبوب “وأسأل بعضا آخر ممن يماثلونك في تصريحاتهم : هل كان أهالي درعا الذين طالبوا باخلاء سبيل أطفالهم وأولادهم اليافعين رعاعا ؟!!! إني هنا لست في معرض الحديث عن الأدب واللباقة في ذكر الآخر .. ولكني في معرض الخوض في تلك العقلية التي تقف وراء مثل هذه التصريحات لذلك الفنان ولتصريحات أخرى شبيهة بها للبعض من الفنانين …
إنها بالضبط تلك العقلية الأمنية التي ترى أن كل من لايوافقني الرأي هو عدوي وينبغي التعامل معه كلاميا بازردراء وفعليا بمجابهة قاسية لاتتورع عن ممارسة أشد الأفعال الهمجية بحق ذلك الآخر -العدو- .. إنها بالضبط تلك العقلية التي أدت الى تلك الأحداث الدموية في درعا ,على أيدي المسؤولين من محافظ وقوات أمن تعاملوا مع أهالي درعا المحتجين على أنهم رعاع لاقيمة لهم , وانطلاقا من ذلك ماذا فعلوا ؟؟؟؟ أطلقوا عليهم الرصاص وأردوهم قتلى !!!ألا ترى نفسك أيها ” الفنان ” أنك بتصريحاتك النارية تلك تقف صفا بصف مع من قتلوا هؤلاء / الرعاع /؟؟؟؟؟
ألا تخجل أيها ” النجم المحبوب ” مم تقول أنت وغيرك أيضا من بعض ” النجوم المحبوبين ” ؟؟؟ ثم قبل / الرعاع / من أهل درعا ..هل كانوا رعاعا أيضا هؤلاء الذين اعتصموا أمام وزارة الداخلية للمطالبة باطلاق سراح أفراد عوائلهم من معتقلي الرأي ؟؟؟؟
وهل من تضامن معهم يومها كان أيضا من الرعاع ؟؟؟ أرجو أن أسمع رأيك بالمفكر الكبير الطيب تيزيني وبالناشطة سهير الأتاسي .. وماذا عن مازن درويش ولؤي حسين الذي اعتقل لمجرد كتابته على الفيس بوك دعوة للتضامن مع أهالي درعا …وهل حين أفرجت السلطة عن هؤلاء وقبلهم عن هيثم المالح وبعدهم عن دانا الجوابرة وغيرها من المعتقلين أفرجت عنهم لأنهم رعاع لايستحقون حتى الاعتقال أم لأن هناك مايستحق أن نسمعهم لأجله …
هل إن المطالبة بإلغاء قانون الطوارىء والإفراج عن معتقلي الرأي ووضع قانون للأحزاب يسمح للجميع بمشاركة حقيقية في الحياة السياسية وكذلك قانون للإعلام لايجعله سيفا مسلطا فوق رؤوس أصحاب الكلمة الحرة …هل إن هذه المطالب هي مطالب رعاع أو مندسين أو غيرها من الأوصاف التي تكيلها لهم ويشاركك في ذلك بعض آخر من نجوم ونجمات الدراما السورية ؟؟؟؟ثم هل إن خطاب السيدة بثينة شعبان واستجابة القيادة السياسية في سوريا لهذه المطالب كانت استجابة لمطالب الرعاع والمندسين والمتآمرين على مصلحة هذا الوطن ؟!!!ألا تشعرون أيها ” النجوم المحبوبون ” بأنكم اليوم في خطابكم هذا متخلفون حتى عن خطاب السلطة في سوريا ؟!! بل وحتى عن خطاب الدكتور محمد حبش والذي لاأتفق معه فكريا فأنا انسان بعيد عن الخطاب الديني سواء المتزمت منه والمتخلف من أمثال الشيخ المثير للفتنة القرضاوي أو ممن يسمونهم بالمتنورين في مثال الدكتور حبش والذي كان أشجع منكم جميعا حين قال بأنه لايمكن أن يدافع عن قاتل أراق دماء أبناء شعبه !!!
قال ذلك في معرض تعليقه على التصرف البشع والدموي لقوات الأمن في درعا ..فماذا قلتم أنتم.. ؟؟؟ قد تجيبني أيها الفنان العتيد بديماغوجية أعدتنا على سماعها بأنك كنت تقصد بالرعاع هؤلاء المخربي والخارجين عن القانون الذين يستغلون الأحداث الأخيرة لارهاب المواطنين أو سرقة الممتلكات وحرق الأماكن العامة…وأنا هنا أقول بأنه يجب إدانة كل هذه الممارسات الاجرامية وملاحقة ومعاقبة الفاعلين أينما وجدوا وفي كل مكان …ولكن ذلك لايعطي الحق لأحد بسحب أفعالهم المدانة على الشرفاء المطالبين بحرية الرأي وبناء المجتمع المدني … كذلك فإننا نعي تمام الوعي بأن سوريا مستهدفة كدولة ممانعة ولكن من قال بأن ممنانعة المشاريع الصهيونية والأمريكية يتعارض مع ارساء دعائم الديمقراطية في بلادنا؟؟؟
أليس بناء الجبهة الداخلية على أسس مشاركة الجميع سواء بأحزاب سياسية حقيقية أو بحرية للكلمة الشريفة والصحافة الفاعلة يدعم سورية وموقفها الممانع في الصراع العربي الاسرائيلي ؟؟؟ إنها بديهيات أيها الزملاء ممن يفترض أنكم نخبة واعية مثقفة وعصرية بأفكارها … ؟؟!!! واسمحوا لي أن أقول للبعض من هؤلاء ” النجوم والنجمات .. المحبوبين والمحبوبات ” : إني ارى أن الإصلاحات في سوريا قادمة لامحالة.. وأن إنفراجا في الواقع السياسي سيخيم قريبا على الحياة في سوريا..
وأن من لديه قيمة فعلية يضيفها لهذا الوطن فإنه سيفعل.. وأن الأمور ستسير بشكل يسمح لأصحاب الفكر النظيف البعيد عن التزلف والإنتهازية بالإسهام في بناء وطننا الحبيب هذا الوطن الذي لايحتاج لا للرصاص الحي في خطاب السوري مع السوري ولا لرصاص كلماتكم الخائبة التي يعبرصداها عن فراغ قلوبكم وعن جفاف أرواحكم ولن يخدعنا زيفكم فوجوهكم تنضح بالكذب حتى لو ارتديتم آلاف الأقنعة …
سوريا لكل أبناءها ونحن حذرين من المتربصين بها ولن نسمح لهم بالنيل منها لهذا كفاكم ادعاءا بأن حب سوريا محصور بتمثيلكم البائس على خشبة مسرحكم الصدىء ..ضعوا أبواقكم جانبا وانزعوا عنكم ثياب الملائكة فأنتم في الواقع ساكتون عن الحق كشيطان أخرس …إنكم تنسون أو بلأحرى تتناسون أن سوريا تتسع للجميع فلماذا تريدون إلغاء الآخر يامن يفترض أنكم طليعيون بأفكاركم يا أيها البعض من ” النجوم والنجمات .. المحبوبين والمحبوبات “
……. إني أرى سوريا بلدا يسوده ليس فقط التسامح الديني والتعالي فوق الشعور الطائفي المقيت وهذا ما أثلج قلبي وزاد فرحي لما نراه من تلاحم الأهالي في اللاذقية بمختلف الأديان والطوائف …ولكني أيضا أرى سوريا بلدا تسوده الديمقراطية وتتواجد فيه كل الأطياف السياسية .. بعثيون وقوميون ..يساريون بمختلف تياراتهم .. واسلاميون متنورين يجيدون التخاطب مع العلمانيين ….هذه الشمس السورية ستشرق وسيغمر نورها بلادنا الحبيبة ..
المخرج السوري حتى العظم
ثائــــــــــر موسى