شكوك حول مقتل “طبيب الثورة السورية”إبراهيم عثمان وأنباء عن بقائه حياً
تفرّغت “العربية.نت” أمس واليوم الأربعاء لقصة “طبيب الثورة السورية” الدكتور إبراهيم ناهل عثمان، الذي ظهر عنه فيديو منذ 4 أيام وبدا فيه ملقى على ظهره وهو قتيل. وقالوا في الخبر عن الدكتور إبراهيم، وهو سوري أبصر النور في 1985 بالرياض، إنه لقي حتفه فجر السبت الماضي قتيلاً برصاص الأمن السوري لنشاطه مع الثوار ومعالجته للجرحى منهم، الى درجة أنهم ذكروا أنه عالج أكثر من 100 جريح وأنقذ العشرات من الموت، وكان يتجول في القرى والبلدات لإسعاف من يحتاجه.
شكوك في الحادث
لكن كيف قتل الدكتور إبراهيم؟ وأين دفنوه؟ ولماذا لم نر أي توابع لمقتله، من جنازة كبيرة مثلاً أو زيارات لقبره؟ ولماذا لم نر أي ردات فعل من عائلته بشكل خاص؟ علماً بأن معظم أفرادها يقيمون خارج سوريا وبعيدين عن أي خطر، لذلك شككوا بمقتله، وبالفيديو الذي ظهر فيه قتيلاً.
أول المشككين كان موقع “زمان الوصل”، وهو موقع سوري للأخبار معارض بسلاح الإنترنت، ويرأس تحريره الصحافي السوري المقيم في قطر فتحي إبراهيم بيوض، والذي نشر عن أحد الناشطين السوريين معلومات قال فيها إنه يتخوف “من أن تكون المخابرت أعدت لعبة لضرب مصداقية إعلام الثورة من خلال الفيديو، أو ربما يكون الدكتور نفسه أعد الشريط”، كما قال.
وأبدى الناشط تفاؤله بأن تكون شكوكه صحيحة “وأن نرى الدكتور حياً يرزق”، بحسب تعبيره للموقع، لكنه وجّه دعوة للثوار بأن يشاركوه ما يدور في صدره من شكوك، وقال: “أولاً الخبر ناقص، كيف قتل الدكتور فقط برصاص المخابرات الجوية؟ ولماذا المصور الذي صور جثته لم ينطق بكلمة واحدة؟ والمفروض هنا وبهذه الحالة أن يوضح المصور المكان والزمان.. ألخ، أضف إلى ذلك أن هناك حلقة مفقودة في معرفة أخبار ما بعد استشهاد الدكتور”، يقصد توابع القتل.
أين الجثة؟
ثم تساءل: “أين الجثة؟ هل دفنت؟ لماذا لم تصل إلى مدينته حماة؟ وإذا افترضنا أن الثوار حملوها الى الأراضي التركية، لماذا لم تعلن حكومة أنقرة الأمر؟ وإذا نقلت الى مشفى على الأراضي السورية فلماذا لم يتم تسليمها؟”.
كما تساءل عن أنه إذا تم دفن الجثة في المنطقة التي قتل فيها، فلماذا لم يتم تصوير التشييع والدفن “خصوصاً أن الشهيد يعد أحد شخصيات الثورة السلمية؟ فضلاً عن سؤال يكاد يشتت أفكاري: لماذا لم تعتقل المخابرات الدكتور عوضاً عن قتله وهو بمنطقة مكشوفة على الحدود؟”.
واتصلت “العربية.نت” بالصحافي فتحي بيوض اليوم الأربعاء، فقال إن شكوكه زادت كثيراً خلال الأيام التي مضت على الشريط، “فقد قالوا لي إنهم دفنوه في قرية “خربة الجوز” القريبة في إدلب 20 كيلومتراً تقريباً من الحدود التركية، ولكننا لم نعثر على أي أثر يدل على ذلك”، بحسب ما ذكر عبر الهاتف من الدوحة.
كما قال أيضاً إنه لم يلحظ أي ردات فعل عن مقتل الطبيب، على أهميته، وأن عدداً من الردود وصله على ما شكك به موقع “زمان الوصل”، ومنهم طبيب كتب اليه يؤكد أن الدكتور إبراهيم عثمان “لا يبدو في الفيديو ميتاً، فليس على وجهه أي أثر للموت”، بحسب ما نقل عنه الصحافي فتحي.
وذكر بيوض أن شخصاً أكد له أنه تم دفن الدكتور إبراهيم في بلدة “خربة الجوز”، فطلب من المتصل أن يلتقط صورة للقبر ويرسلها اليه، فلم يجبه المتصل الذي اختفى له أي أثر فيما بعد.
وقال الصحافي: “أعتقد أنهم يريدون جعله رمزاً للثورة فقط، أو أي شيء من هذا القبيل، ولكن لا دليل أبداً على مقتله، وقد حذرتهم من أن هذا يلحق الضرر بالثورة لأنه سيفقدها مصداقيتها فيما لو تم التأكد فيما بعد ببقاء الطبيب على قيد الحياة”، وفق تعبيره.
شهادات عن الدكتور إبراهيم
واتصلت “العربية.نت” بطبيب صديق للدكتور إبراهيم عثمان، ويعرفه شخصياً، وهو الدكتور أمجد الفرخ المقيم في دبي، فأكد أن زميله قتل فجر السبت الماضي حين كان يجلس على المقعد الخلفي من باص كان يقله مع عدد من الناشطين، ومر الباص عند حاجز أمني، فأمروه بالوقوف ولم يذعن السائق للأمر، فتم إطلاق زخة من الرصاص على الباص، “وأصابت رصاصة واحدة الكتف الأيمن للدكتور إبراهيم من الخلف، لكنها كانت منحرفة فاستقرت في القلب ومات في الحال”، كما قال.
وذكر أنه يعرف هذه المعلومات وغيرها ممن كانوا مع الدكتور إبراهيم في الباص، وقال إنه يعرف أين دفنوه، لكنه رفض أن يفصح لـ”العربية.نت” عن مكان الدفن، وقال: “لم يكن الدفن في خربة الجوز أبداً”.
وأخبرته “العربية.نت” بأن طبيباً شاهد الفيديو وأكد أن الدكتور إبراهيم بدا في الشريط حياً، ولا سمات للموت على وجهه، بل يضع إحدى يديه على خاصرته، فقال: “هذا الطبيب لا يعرف كما يبدو أن سمات الشهداء تتغير حين يستشهدون، فلا تبدو عليهم ملامح الموت أبداً”، وزاد من العيار بعض الشيء وقال: “قد يكون الدكتور ابراهيم حياً حين صوروه بالفيديو”.
وقال إن ملتقط صور الشريط لم يتحدث ولم يصدر عنه أي صوت وهو يقوم التصوير “ربما لأنه أجنبي وأراد تصويره فقط”، مشيراً إلى أنه قد يكون تركياً فرغب في تصويره مع إظهار جواز سفره ليتعرف إليه من يقرأ اسمه، علماً بأن المصور كان يمكنه أن يقول شيئاً بالتركية إذا أراد، ولو للتعبير عن هول المشهد.
الناشطة السورية ملكة الجزماتي
كذلك اتصلت “العربية.نت” بالناشطة السورية ملكة الجزماتي، وهي الآن في مدينة تبوك بالشمال السعودي، حيث يقيم شقيقها. وجزماتي البالغة من العمر 24 عاماً هي مقربة من أسرة الدكتور إبراهيم عثمان.
وقالت ملكة: “أين إبراهيم؟ من أخفاه؟ لا أدري. أنا متأكدة أنه حي في تركيا أو لبنان ربما، فقبل أسبوع كتب لي عبر فيسبوك إنه وصل الى بيروت، ولا يمكن أن يظهر قتيلاً من بعدها. وإبراهيم من النوع الذي يمزح كثيراً، وهو صاحب “مقالب” معروفة مع زملائه في الجامعة”، وفق تعبيرها.
وتساءلت ملكة: “لماذا لم يقم أشقاء الدكتور إبراهيم الثلاثة وهو محمد وأيمن وأيهم وجميعهم أطباء يعملون في السعودية، بزيارة والدتهم المقيمة عند إخوتها في دبي عندما تسلموا نبأ مقتله؟ ألا يجب على الأبناء مواساة والدتهم أيضا؟! ولماذا لم تقم شقيقتاه المقيمتان في سوريا، كبيرة العائلة الدكتورة إيمان وشقيقتها إيناس، بزيارة والدتهما أيضاً؟”.
وشككت ملكة في مقتل طبيب الثورة السورية، وقالت عن زميلها بجامعة دمشق إنه أنهى دراسة الطب وكان يعمل في المدة الأخيرة بمشفى الأسد الجامعي “ثم غادر عمله وبيته في دمشق قبل شهر ونصف الشهر والتحق بالثوار، ولم أعد أراه الا نادراً، لكني كنت على تواصل يومي معه عبر الانترنت”، وكررت تأكيدها أن الدكتور إبراهيم لم يمت أبداً.
كما اتصلت “العربية.نت” باثنين من الناشطين السوريين، وأحدهما أكد أن جميع الشكوك بمقتل الدكتور إبراهيم في محلها، “فأنا سعيت منذ جاءني نعيه لمعرفة أين دفنوه ولم أستطع”، فيما ذكر الثاني أنه مطمئن إلى أن “صديقنا ابراهيم مازال حياً، لكني للأسف لا أملك الدليل، بل شكوك قوية فقط”.
مع الفنانة السورية فدوى سليمان
واتصلت “العربية.نت” أيضاً بالفنانة السورية فدوى سليمان، التي سبق وذكرت أن الدكتور إبراهيم اتصل بها قبل ساعتين من مقتله ليخبرها أنهم يلاحقونه وأن حياته في خطر، فعرضت عليها مجمل الشكوك والشبهات الموحية بأن خبر مقتله أثار الكثير من الجدل، فقالت إنها لا تستطيع أن تؤكد الا بعد أن تتحرى المعلومات.
مع ذلك اعترفت بأن ما فاجأها هو عدم ورود أي تفاصيل عن دفنه، وعن ردات الفعل، وأخبرت أنه اتصل بها عبر “سكايب” بالإنترنت قبل ساعتين من “مقتله”، وقال لها إنه في مكان سيئ وملاحق لكنه “سيذهب الى اسطنبول”، وفق ما ذكرت عبر الهاتف من سوريا.
وسألتها “العربية.نت” عن المكان الذي تحدث منه إليها، هل من سوريا أو خارجها؟ فقالت إنه لم يقل لها وهي لم تسأله عنه أيضاً. وذكرت أنها لم تتابع الأخبار عنه فيما بعد، لكنها بعد إثارة هذه الشكوك التي طرحتها “العربية.نت” أمامها ستسعى الى مزيد من المعلومات عما حلّ بالدكتور إبراهيم.