ميس الكريدي : اعترافاتي في ليلة من ليالي القاهرة…
وليل….. ليل اعترافات مؤجلة .. …بحثت عن مدخل لحديث فيه من كل ما هو إنساني..الحب والرغبة والثورة..والحقد…الكره..ولكن ..
أنحني على مذبح سورية العظيم ..أعلن اعترافاتي…هاهنا معموديتنا بالدم..وقرباننا عيون الطفولة..وأنا نصف امرأة..نصف وحش..ومن عمق جلدي يخرج كل ما يمكن أن تحمله النفس الموؤودة تحت أنقاض القصف..
هنا القاهرة…هنا نصبح مرتزقة الثورة……هنا أنام على بؤس ليلي …واليوم أمر وغدا أمر…وخلف بابي لا يطلقون الرصاص وولدي على يدي ينام فادفأ بحضنه الذي احتاجه انا مليون مرة عما يحتاجني …..اسرق من حفيف صوته نسغا لروحي…غيوما لدمعي…يحكي لي عن أيام يتمه في غيابي..يخالجني البكاء..يغمرني الألم …أنحني لك سورية…وكلما كتبت رسائلي إليك يجلوها الغفران.واليوم نحن والموت..وبلادي ..كلنا مصلوبون على بوابة الغفران..
هنا القاهرة…على قناة من قنوات التيل يبثون فيلم المصير..تدغدغ علمانيتي منمنمات شاهين…وخوفه من الاسلام السياسي ..وذلك الفيلم الغربي الانتاج..حفر وتنزيل لامرأة من الأقليات الطائفية.مثلي…تقارب بوابات كتب الفلسفة المعروفة من عناوينها ..وخطوط فصولها العريضة.. وتحب الحياة.. تنظر للسعادة بعقل يتلوى كزهر مندى على أمواج رقصة ليلى علوي الآخذة في بحر الأنوثة غرقا..وأنا تجيش أنثاي علي في ليل لم أكمل فسيفساءه لكم ..
خارج دائرة الموت.أتطلع للشمس بعين القلق..وطعم الموت وإن كنت على شفاة نجاة..لكنه في فمي ..ينوء دما..يهب دما..وأخاف …فهل الخوف جريمة..
هنا القاهرة……يتمظهر الدين حولي..ويعجبني مرسي في بعض تلميحاته على عدوي…وتتنازعني علمانيتي ..وسفور الأنثى على وجهي..وصوت محمد منير..ولكن عصف الذاكرة يرميني بحبل من شجن لهناك في عمق داري المستلبة وسباياك ياوطن..وشباب يرخون على وجوههم ظل الإيمان..ويقاتلون ..ونحن معهم ..وراء راياتهم ..وكلها في عينهم حق..وأنا تحت كل بيارقهم أستطيع أن أجد مكاني..أصارح بشعري وكلماتي هسيس الأرض بدمعي ودفء الروح.ويغلي في القلب مرجل من ثأر ونيرون يحرق روما..ويغتصب آلهة الخصب والحب..على قارعة التاريخ..فقولوا لي من أين آتي لنفسي..وكيف أستعيد وجهي..وكيف أصبحت نصف أنثى ..نصف غول يتعامل مع منطق الدم ..يهيم فيه ويسبح فيه..وأقول أحبك..ثم أزغرد لك ياعاشقي وعاشق الله تخرج تحت الرصاص وزوادتك الكفن..
هنا القاهرة..أيها السادة…وأنا امرأة كأي امرأة تلوت على فراش حنين وقضت ليل من وجد ذات عشق ..فعندما تقيمون حدودكم حاكموني..هنا االقاهرة…وأنا تنازل عن علمانيتي لصالح الطفولة..إن تحتضنها مدنية الدولة التي نزفت بلادي في وجه الطاغية أمواجا من البشر..حلت كالتسونامي علينا فتلاشينا…وتبعثرنا …من أجل اتقلاب على موتنا..فمرحبا بضجيج الحياة..مهما يكن التالي..فهو نقيض سباتنا الطويل..
هنا القاهرة فخذ بيدي ياشيخي للهداية..إن كانت في طهارتك شفاعة سورية..
في دمشق ارتبطت بعشق مزدوج للخلاص….من عيني حبيبي استنسخت الوطن..ومن عيني الوطن…قرأت بقية الحكاية…….
ايها النابحون على هامات الشعوب……..أنا الثورة..أنا الحب..انا الأم …ومهما تنطحتم لمحاسبتنا كشعوب تتراوح أساطيرها بين عشقيين أبديين ..وفي كل تاريخ جدتي عشتار غرام الآلهة..وضجيج المنجنيقات..وبينهما تنشقت الارض الخصوبة..والمقاتل هو الحبيب..وأنا في غرامك سورية سبية..فتعال يا فارسي وحررني..ووسط كل جعجعة الخرائب ليقل لي من يجرؤ على ان يقول إن الولادة الجديدة..عار وسكب الخصوبة قوالب على قياس الوطن جريمة..على كل حال أنا هي أنا …أناي التي لا تنكرها صهيل خيول وجداني ..وانثاي التي تتطعم بالحياة..حتى تتقن معركة الموت..والنصر لنا…
ميس الكريدي : كاتبة سورية