سمير ذكرى : فؤاد ابن باباعمرو
.الى الصديق العزيز غطفان غنوم من بابا عمرو كذلك!.
كان القصف قويا و متبادلا مع الاسرائيليين على الجبهة الجنوبية في ذلك اليوم من عام1973!.ووقفت على حافة أحد المرابض انظر الى ألأسفل من الحافة بحدود المترين حيث لفت نظري شاب في 19 من عمره يقوم لوحده بحمل القذيفة و تلقيم المدفع و التسديد و من ثم الاطلاق.كان قد لحظ مراقبتي له اذ عدا عن نشاطه و حركته و قيامه بكل المهمات وحيدا كان دائم الابتسامة عاري الصدر تماما و قد ملأ العرق و الشحار الأسود و الغبار وجهه و صدره الفتيان…كان قد أمسك عصا طويلة ادخلها في سبطانة المدفع ينظفها بها من الرذاذ المتبقي من القذائف خوفا من استعصاء القذيفة في السبطانة و بالتالي انفجار المدفع لا سمح الله!.و لم استطع تمالك نفسي عن سؤاله:-وليش شالح سترتك؟!.ضحك ملء وجهه الجميل و أشار لي الى رأس العصاة الطويلة التي سحبها من داخل السبطانة و أشار لي الى رأسها حيث تكومت سترته و أضاف:ما بقى في خرق سيدي و لازم ننضف السبطانة …بتنفجر!.”و عاود الضحك مستمرا بعمله…لكنه لم يلبث أن رفع ضحكته الي متسائلا:_سيدي …هلأ بدنا نموت و ما منعرف المرأة كيف هي؟!.”و ارتفعت ضحكته أكثر…لكنني لم أضحك.لم أعتبر نفسي معنيا بصيغة الجمع التي شملني بها أنا الذي عدت لتوي من الدراسة في معهد السينما في موسكو حيث اجمل فتيات روسيا و عرفت روسيات و فرنسية و أميريكية… ركبني حزن شديد و أنا أنظر اليه يكمل ما يقوم به و قد ازدادت ضحكته و كأنه قد روى لي لتوه نكتة!. أما أنا فقد كنت أنظر اليه متفكرا:”اذا استشهد هذا المسكين يكون قد أخذوا منه كل شيء دون أن يعطوه أي شيء!.”
أما الآن فأفكر به أحيانا كثيرة:لا بد قد عاد فؤاد،وعرفت أن هذا كان اسمه،الى حمص و الى بابا عمرو حيث قال لي أنه من هناك..ياالهي لا تسمح أن يكون بيته قد تهدم أو أن يكون قد تأذى من قذيفة من ذلك المدفع الذي كان يرد به على القصف الاسرائيلي!؟.طمنوني هل منكن من التقى بفؤد من بابا عمرو ضحوك الوجه كنت قد التقيته ذات يوم من أيام حرب تشرين؟!.