توفيق الحلاق : كيف حال البلد بعد رحيل الأسد ؟
أزعم أنني من أصحاب الحظ الذين أتيحت لهم الفرصة لمعايشة أعداد كثيرة من أفراد الشعب السوري في معظم القرى والمدن السورية وكذلك في مغترباتهم وأزعم أن طبيعة هذه المعايشة كانت سبرا لأفكارهم ومعتقداتهم بحكم عملي الصحفي أي أنني لم أكن مجرد ضيف مكرم بل شبه محقق مدقق ومن ثم ناشر أمين على الشاشة أو على الورق . هدف هذا التقديم هو محاولة مني للقول : إن تقييمي لمايمكن أن يفعله السوريون بعد الاطاحة بنظام الأسد معتمد على خبرة ومعرفة أكثر منه تحليل سياسي عن بعد . لقد لمست في الغالب الأعم عند معظم السوريين رغبة عارمة في تعلم الجديد من جهة والاتكاء على الموروث الثقافي التاريخي والديني و المناطقي من جهة ثانية . لديهم أيضا شغف في إظهار أقصى مالديهم من الود والاحترام نحو جيرانهم من الطوائف والقوميات الأخرى وكأنما هم في حال تقديم أنفسهم كل ما احتكوا بهم كمحبين ولعين بهم . بل إنهم حتى في حال الثأر من قاتل أخ لهم ينصاعون لحكمة الكبار وقرارهم . ثم إنهم يتقبلون عادة من هو مختلف عن معتقدهم . رأيت مثلا في قرية نائية أستاذ المدرسة الثانوية الملح
إلا القلائل من يهتفون لإبادة طائفة ما . أعرف واحدا من هؤلاء ذبح جميع أفراد عائلته على يد إثنان من تلك الطائفة على مرأى منه وحين نشر هتافه على الفيس بوك كتبت له : إن معركتنا مع النظام وشرحت له دوافع القاتلين وأن الثأر والثأر المضاد هو مايطيل بقاء النظام ويريحه . تراجع الرجل رغم مأساته وقرر أن يحارب النظام الأصل . حين أستعرض في ذاكرتي آلاف الرجال والنساء من مختلف المناطق السورية بمافيها من إثنيات وطوائف وأستحضرهم فردا فردا أستطيع أن أتوقع ماهم فاعلون بعد سقوط الأسد ؟ سيتصرف البعض القليل بطريقة همجية لكن الأكثرية الساحقة من الشعب السوري ستكون واعية وحكيمة وستلجمهم بسرعة وتحد من حركتهم وتوقف أعمالهم .