مع سقوط المعابر الحدودية الرئيسية بين تركيا وسورية وبخاصة معبر باب الهوى والسلامة وجرابلس ثم تل أبيض يكون قد سقط الكثير من نظام الأسد، فسقوط المعابر يعني فقدان الأسد ادعاء السيادة عبر فقدان القدرة على السيطرة على الحدود، وهذا يمنح بكل تأكيد «الجيش الحر» ميزة مهمة وهي أن طرق الإمداد أصبحت مفتوحة تماماً، ولذلك تستطيع المعارضة الآن وبكل سهولة العودة إلى المناطق المحررة من دون أن يكون الأسد قادراً على تهديدها أو الإجهاز عليها.
عبرت الحدود التركية السورية باتجاه مدينة إعزاز عبر معبر باب السلامة الذي يسيطر عليه «الجيش الحر» وتحديداً لواء عاصفة الشمال الذي انتقل الآن إلى حلب للمشاركة في المعارك ضد النظام إلى جانب الكتائب والفصائل الأخرى.
التحدي الرئيسي اليوم أمام السوريين أن سورية تقريباً في منتصف المرحلة الانتقالية. فهناك أقسام كبيرة من سورية تحت سيطرة المعارضة لكن النظام ما زال يسيطر على مناطق أخرى من أهمها العاصمة، ولذلك فالتحدي يكمن في إدارة المناطق التي أصبحت في يد المعارضة انتقالياً والعمل على السيطرة على ما تبقى من أراضي الوطن وهي مسألة في غاية الصعوبة، لأنها تحتاج إلى تركيز الكثير من الجهود الأمنية والعسكرية والسياسية، وإدارة المرحلة الانتقالية تتطلب بكل تأكيد دوراً للحكومة المركزية في التمويل والتخطيط، فنظام الأسد سقط نهائياً من معظم المناطق شمال سورية سواء في ريف حلب وإدلب ودير الزور ومناطق واسعة من محافظة حلب نفسها وهو حتى لا يفكر في إرسال أي جنود من أجل استعادتها وليست له القدرات البشرية والعسكرية للقيام بذلك. صحيح أنه يقوم باستهدافها عبر سلاح الطيران ويخلف مئات المدنيين يومياً بين قتلى وجرحى، وهو ما يجعل مقاومة المعارضة أكثر صعوبة بسبب عدم وجود غطاء جوي يحمي المدنيين من استخدام الأسد للطائرات المقاتلة الروسية الصنع كـ «سوخوي» و «الميغ» وغيرها بخاصة مع استخدام الأسد للبراميل المتفجرة التي لا تملك أية أهداف محددة وإنما تكون وظيفتها الوحيدة قتل أكبر عدد من المدنيين وتدمير البنى التحتية.
في كل الأحوال تأتي هنا مسؤولية المجتمع الدولي في مساعدة المعارضين السوريين وفي إدارة العملية الانتقالية سواء عبر فرض الحظر الجوي أو تقديم المساعدة الفنية والمادية للمجالس المدنية التي تشرف على إدارة شؤون المدن التي أصبحت تحت سيطرة المعارضة.
* كاتب سوري
More Stories
البيان المشترك حول السويداء: أثر الإخفاقات الحكومية على تدويل الملف
ازدهار الرجعيات السياسية: الثورة على قيم الزيف المعاصر.
الغياب القطري عن المشهد السوري: ماذا يحدث وراء الكواليس؟