واشنطن: دمشق استخدمت الكيمياوي
المعارضة دعت المفتشين للوصول إلى موقع الهجمات خلال 48 ساعة
نقلت وكالة رويترز للأنباء عن مصادر أمنية أميركية وأوروبية قولها إن تقييما مبدئيا لأجهزة المخابرات الأميركية وأجهزة مخابرات متحالفة معها يشير إلى أن قوات الحكومة السورية استخدمت أسلحة كيماوية لمهاجمة منطقة قرب دمشق هذا الاسبوع.
وأضافت المصادر أن الهجوم حصل على الأرجح على موافقة من مسؤولين كبار في حكومة الرئيس السوري بشار الاسد. لكن المصادر التي طلبت عدم الكشف عن أسمائها حذرت من أن التقييم مبدئي وقالت إنهم في الوقت الحالي لا يزالون يبحثون عن أدلة قاطعة.
يأتي هذا التطور في وقت تعهدت فيه المعارضة السورية بضمان سلامة وأمن فريق مفتشي الأسلحة الكيمياوية الدوليين في سوريا بالمناطق التابعة لها، بعد أن اتهمتها موسكو بعرقلة مهمة الفريق، بينما جددت الأمم المتحدة الدعوة لإجراء تحقيق فوري في الهجوم الكيمياوي الذي أودى بحياة 1300 سوري في غوطة دمشق الأربعاء الماضي.
وقال المتحدث باسم الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية خالد صالح في مؤتمر صحفي بإسطنبول إنه من الضروري أن يدخل المفتشون الموقع الذي تعرض للهجوم في غضون 48 ساعة.
وكان ناشطون سوريون أكدوا اليوم الجمعة أنهم يسعون لإيصال عينات من أنسجة بشرية أخذوها من مكان وقوع الهجوم إلى فريق التفتيش الموجود على بعد كيلو مترات في أحد فنادق دمشق.
ونقلت رويترز عن الناشط أبو نضال الموجود في بلدة عربين التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة أن الفريق الأممي تحدث مع المعارضة، ومنذ ذلك الوقت جهزت عينات من الشعر والجلد والدم وتم تهريبها إلى دمشق مع أشخاص موضع ثقة، كما أكد نشطاء أنهم التقطوا صورا لمواقع قصف، كما أخذوا عينات من التربة ودونوا روايات شهود.
تشكيك روسي
وجاءت تأكيدات المعارضة هذه بعد أن اتهمت وزارة الخارجية الروسية المعارضة السورية بمنع إجراء تحقيق موضوعي حول الهجوم بالأسلحة الكيمياوية، وأضافت الوزارة في بيان “للأسف الكثير من الإشارات الضرورية من المعارضة بما في ذلك استعدادها لضمان سلامة خبراء الأمم المتحدة بالأراضي التي يسيطر عليها المسلحون غير متوفرة”.
واعتبرت موسكو أن الدعوات في أوروبا للضغط على الأمم المتحدة من أجل استخدام القوة ضد نظام الرئيس بشار الأسد بعد معلومات عن استخدامه الأسلحة الكيمياوية “غير مقبولة”.
وجاء البيان الروسي بعد اتفاق أعلن عنه بين الولايات المتحدة وموسكو حول ضرورة إجراء تحقيق موضوعي في الهجوم بالأسلحة الكيمياوية.
فقد أعلنت الخارجية الروسية الجمعة أن الوزير سيرغي لافروف اتفق مع نظيره الأميركي جون كيري خلال اتصال هاتفي عن وجود اهتمام مشترك بتحقيق موضوعي لبعثة خبراء الأمم المتحدة، الموجودة حاليا بسوريا، في إمكانية وقوع هجوم بسلاح كيمياوي في غوطة دمشق.
وفي هذا الإطار قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إنه يعتزم إجراء تحقيق “شامل ومحايد وفوري” في وقوع هجوم بالغاز في سوريا.
وجاء في بيان للأمم المتحدة الجمعة أنه من المقرر أن تصل أنجيلا كاني (مسؤولة نزع السلاح البارزة بالمنظمة الدولية) إلى دمشق غدا السبت، سعيا لدخول مفتشي الأمم المتحدة الموجودين في سوريا بالفعل موقع الهجوم المزعوم.
تفويض أقوى
وجاءت هذه التطورات في الوقت الذي صعدت فيه بريطانيا من لهجتها ضد نظام الرئيس بشار الأسد، حيث تعهد وزير الخارجية وليام هيغ بتأمين تفويض أقوى من مجلس الأمن الدولي حيال الوضع في سوريا.
واتهم هيغ نظام الأسد بالوقوف وراء الهجوم بالأسلحة الكيمياوية في منطقة الغوطة بريف دمشق، وقال إن كل يوم يمر دون أن تتمكن الأمم المتحدة من الوصول إلى المناطق المتضررة للتحقيق في مزاعم استخدام الأسلحة الكيمياوية سيؤدي إلى تآكل الأدلة أو إخفائها من قبل المسؤولين عن هذه الهجمات.
وأضاف أنه يجري محادثات عاجلة مع الأمين العام للأمم المتحدة ووزير الخارجية الأميركي ووزير الخارجية القطري خالد بن محمد العطية، للضغط من أجل الوصول الفوري لفريق الأمم المتحدة إلى تلك المناطق.
كما اتهم هيغ نظام الأسد بأن لديه شيئا يريد إخفاءه “وإلا لماذا لا يسمح لفريق الأمم المتحدة (الموجود في سوريا) الذهاب إلى هناك”.
وجدد هيغ التأكيد على أن حكومة بلاده لم تستبعد أي خيارات للمستقبل حيال النظام السوري، وأكد أن المملكة المتحدة ستكون على استعداد للذهاب إلى مجلس الأمن الدولي لتأمين تفويض أقوى لتمكين العالم من التحدث معا بقوة أكبر حيال ما يجري في سوريا، في حال لم يكن هناك أي حراك على مدى الأيام القليلة المقبلة.
حدث جلل
وفي هذه الأثناء، اعتبر الرئيس الأميركي باراك أوباما أن المجتمع الدولي بحاجة لمعرفة المزيد بشأن ما إذا كان قد تم استخدام أسلحة كيماوية بسوريا، ودعا بمقابلة أذيعت اليوم الجمعة الحكومة السورية للسماح بإجراء تحقيق شامل، وأضاف “ما رأيناه يشير إلى أن هذا حدث جلل ومثار قلق بالغ”.
وتابع الرئيس الأميركي بأن ما يحدث في سوريا بدأ يؤثر على بعض المصالح الوطنية الأساسية للولايات المتحدة، مؤكدا ضرورة حماية حلفاء واشنطن وقواعدها بالمنطقة.
ولفت أوباما إلى أن التكلفة البشرية والمالية للحرب الدائرة بأفغانستان تجعله يتوخى الحذر من التحرك بسرعة شديدة، وأضاف “فكرة أن الولايات المتحدة تستطيع حل ما يعد مشكلة طائفية معقدة داخل سوريا يكون أمرا مبالغا فيه في بعض الأحيان”.
وفي ذات الإطار، قال مبعوث الجامعة العربية والأمم المتحدة إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي إن النزاع في سوريا يشكل حاليا أكبر تهديد للسلام في العالم، خصوصا بعد استخدام أسلحة كيمياوية في هجوم بالقرب من دمشق.
وقال الإبراهيمي في مقابلة بثها تلفزيون الأمم المتحدة إن “سوريا هي بلا شك التهديد الأكبر للسلام والأمن في العالم اليوم (..) والادعاءات التي تفيد أن أسلحة كيمياوية قد استخدمت على بعد كيلومترات عن قلب دمشق تؤكد أهمية هذه الأزمة ومخاطرها ليس على الشعب السوري وحده بل على العالم أيضا”.
المصدر:وكالات