زملاء

حزب الشعب الديمقراطي يناقش القضية السورية وثورتها ، المؤتمرات وما تلاه من ارهاصات المعارضة

في سياق الحرب الضارية التي أعلنها الطاغية بشار الأسد على الشعب السوري , تتواصل وتائر العنف الممنهج , مسجلة مستويات قياسية في أعداد ضحاياها التي فاقت المئة شهيد يومياً , وفي حجم الدمار والتهجير الطائفي الذي طال العديد من المحافظات والأرياف السورية , مستخدماً الاسلحة الثقيلة , والطيران الحربي , وصولاً إلى حرق المحاصيل والغابات , كما حصل في الزاوية وجبل الأكراد , ومنطقة كسب في مجافظة اللاذقية .

على الرغم من ضراوة هذه الحرب , تسجل الثورة السورية تقدماً متنامياً في تجذرها وعمقها واتساعها , وتصعيداً لكافة اشكال المقاومة , من التظاهرات والإضرابات التي عمّت مختلف المدن . و تشهد رفداً مستمراً لحواضنها الإجتماعية عبر دخول مناطق جديدة / السويداء , عفرين , الحسكة / , وتتنوع أنشطتها وفعالياتها , خاصة في صفوف الثوار والجيش الحر . وتزداد قدرتهم على التصدّي لآلة القتل , وتوجيه ضربات موجعةإلى قوات النظام وشبيحته . كما بدأنا نشهد بوضوح حالات الانهاك والتضعضع في صفوفه , حيث تتوالى الانشقاقات العسكرية كمّاً ونوعاً , وتتزايد حالات الانسلاخ عنه لدى الكثير من الفعاليات الاقتصادية من تجار ورجال أعمال . أمّا العقوبات الدولية والعربية أخذت تفعل فعلها في تضييق الخناق عليه .


إنَّ سلوك السلطة المتوحش ، أوقع المجتمع الدولي المتقاعس في حرج كبير. فهو يسعى , رغم خلافات اطرافه , إلى تطويق الأزمة السورية ؛ لاسيما بعد أن دخلت خطة عنان طريقاً مسدوداً . في هذا السياق يأتي انعقاد مؤتمر جنيف بهدف ايجاد مخرج في ضوء رفض السلطة السورية المتكئة على الدعم الروسي والصيني ايقاف حربها على المجتمع السوري . لكن معالجاته وحلوله التي عبر عنها بيانه الختامي ، جاءت كسابقتها مخيبةً للأمال ، إذ سجل تراجعاً عن خطة عنان عبر تجاهل بندها الأول ، والقفز إلى بندها السادس, القاضي بالدخول في العملية السياسية . ونحن في حزب الشعب الديمقراطي السوري ، رغم تمسكنا بالحل السياسي , إلا أنه من الصعب الولوج فيه قبل وقف العنف السلطوي ، وتطبيق كامل بنود الخطة . فالدخول في عملية سياسية ناجحة ، يتطلب : رحيل الأسد وأعوانه ، وقبول المشاركين من أهل النظام ,الذين لم تتلوث أيديهم بدماء الشعب السوري والمال الحرام , بالنظام الوطني الديمقراطي البديل .

لقد خرج علينا مؤتمر جنيف بصيغٍ جديدة لخطة عنان ، تحمل تفسيرات متناقضة وتعكس استمرار التهرب من المسؤولية ، ومحاولة رميها على روسيا والصين . وهكذا أضحى هذا المؤتمر كغيره من المؤتمرات يقدم الفرص والمهل الاضافية للنظام ، لارتكاب المزيد من المجازر دون ظهور أي توجه جدي وفعلي لردعه . فعلى خلفية الانقسام الدولي ، حمّل الأمريكان والأوربيون الروس مسئولية عرقلة اتخاذ القرارات الحازمة . نحن إذ نشجب وندين السياسة الروسية المشينة , والداعمة لنظام القتل والاجرام , والمعرقلة لتطلعات شعبنا في الحرية والديمقراطية والكرامة الإنسانية . نعتبر الاتحاد الروسي ليس شريكاً في القتل فحسب . بل طرفاً في الصراع وجزءاً عضوياً من الازمة . ولاشك أنّ سياسته الضيقة هذه, ستدمر العلاقات التاريخية الحميمة بين الشعبين السوري والروسي .

* * *

شكل مؤتمر اصدقاء الشعب السوري في باريس دفعاً معنوياً , من خلال لقاء أكثر من مائة وسبع بين دول ومنظمة لنصرة الشعب السوري . لقد صدرت قرارات أكدّت على ضرورة رحيل الأسد كشرط لبدء المرحلة الانتقالية , وعلى وضع خطة أنان تحت الفصل السابع لاجبار النظام على وقف العنف وعلى إحالة مرتكبي الجرائم إلى محكمة الجنايات الدولية , وزيادة دعم المعارضة السورية . إلّا أنَّ هذه القرارات رغم أهميتها بقيت أقوالاً ومناشداتٍ ولم تترجم إلى أفعال جديّة وملموسة .

* * *

وبغض النظر عما يمكن أن يقدمه المجتمع الدولي من دعم لقظية شعبنا الثائر ، علينا متابعة النضال بقوانا الذاتية لتحقيق الإنتصار على القتلة . لقد آن الأوان ، بعد خمسة عشر شهراً أن نستخلص الدروس الضرورية من أجل توحيد قوى الثورة على مختلف تجمعاتها ، وبخاصة الجيش الحر الذي سيشكل القوة الضاربة للأجهاز على النظام .

لقد سبق لحزبنا أن أشار, في أكثر من مناسبة إلى ذلك . فمن الهام جداً , إضافة لتوحيد قوى الثورة ،علينا نقد تجربة الثورة وأداء الثوار بغرض تلافي الأخطاء المرتكبة ، وإعادة تنظيم الصفوف ، الأمر الذي يتطلب التخلي عن العصبيات والأنانيات التي تكونت في بعض التجمعات الثائرة . كما نرى ضرورة إعادة النظر في استراتيجية وتكتيكات الثورة . فالمهمّة الأساسية الآن , وبعد ميلان ميزان القوى لصالح الثورة , أن تنصبَّ كل الجهود على توفير جميع الامكانات لاسقاط النظام , وليس على المكاسب التي يمكن أن يجنيها هذا الفريق أو ذاك بعد سقوطه . كما نؤكد مرة أخرى على ضرورة تشكيل المجالس المحلية في كل الأماكن التي يتواجد فيها الثوار على مختلف مستويات فئاتهم .

* * *

لقد أضاع المعارضون السورييون في المهجر كثيراً من الجهد والوقت في مسائل لاتخدم الثورة , الأمر الذي أضرَّ بمكانتهم وسمعتهم , ومن المؤسف القول أنَّ المجلس الوطني لم يكن بمنأى عن ذلك . فالأداء الناجح يتحدد في التمسك باهدافها وشعاراتها , وبما يقدمونه من دعمٍ وخدماتٍ ودعايةٍ لها,والتي تصبُّ , في نهاية المطاف , في اسقاط النظام وإقامة النظام الوطني الديمقراطي البديل .

إنَّ مسألة وحدة المعارضة , التي يطالب بها المجتمعان العربي والدولي مازال ينظر إليها بعين ماقبل الثورة , حين كان الصراع يتمركز بينها وبين السلطة , لكننا نحن الآن نعيش زمن الثورة التي شكلت عن جدارة مركز الصراع مع النظام . والفرز بين أطراف المعارضة جرى منذ بداية الثورة , بين فريقٍ مشكك ومتواطيء مع السلطة , وآخر منحازٍ لها أو منخرطٍ فيها , وهذا هو الواقع الذي تعيشه المعارضة السورية التقليدية . فالجمع بينهما لايؤخر ولايقدّم في نجاح الثورة أو فشلها , لكننا ندرك بعمق , المرامي الخبيثة التي تسعى لها بعض الأوساط العربية والدولية , بهدف خلط الأوراق, وايجاد بديل عن قوى الثورة , حيث تقترب ساعة الحلول الجدية .نقصد هنا , أنَّ الفريق المشكك المشار إليه , يُراد اعطاؤه شرعيةً من أجل اشراكه في العملية السياسية , وهو أمرٌ لايستحقه أبداً , ويتعارض أيضاً مع مصلحة الثورة . من هنا كنّا واثقين من فشل هذا المؤتمر, رغم ماسجله من تراجع في المواقف السياسية للفريق المشكك بها .

* * *

المجد والخلود لشهداء الثورة السورية

الشفاء العاجل للجرحى والمصابين

الحرية للمعتقلين والعودة للمفقودين الامانة المركزية

دمشق في / 2012 / 7 / 9 / لحزب الشعب الديمقراطي السوري

اظهر المزيد

نشــــطاء الـرأي

نشــــــــطاء الـــرأي : كيان رمزي وخط إنساني لحرية الإنتقاد الثقافي و الفكري والسياسي ، بدعم مالي مستقل Organization for peace and liberty – OPL : www.opl-now.org

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق