زملاء

خوان غويتسولو :أنا مناهض للقوميات ، فالقومي يعتمد على السرد التاريخي ولا يرى تعددية العالم


لا يفتح كتاب مراكش المغربية إلا ويقرأ القارئ فيها اسم الروائي الإسباني الشهير خوان غويتسولو. استقر الكاتب فيها حتى يسترد هدوءه ويقرأ من بعد بعقله وقلبه دون أن تضطهدهما الذاكرة الأليمة، وحتى يكون حرا قدر الإمكان.

لم تكن مراكش بطبيعة الحال سوى خيار حر لكاتب لم يكف عن الرحيل في البلاد، والكتابة ثم الكتابة، ولا شيء سوى ذلك يراهن عليه، ولا شيء يريد أن يفلح وينجح في إتقانه. فالكتابة تمنحه شجاعة استثنائية.

عادت حلقة من سلسلة “وحي القلم” بثت في 22/6/2015 مع الكاتب تستعرض صورا مضى عليها ثمانون عاما، هي الحرب الأهلية في إسبانيا (1936-1939).

“في باريس تعرف غويتسولو إلى شخصين يقول إنه كان لهما بالغ الأثر في حياته، وهما مونيك لانج التي ستصبح زوجته، والكاتب الفرنسي الشهير جون جونيه”

طفولة دامية
عادت لتستذكر أرشيف هذه الحرب التي لم تخلف فقط ما يقرب مليون قتيل، بل تركت ندوبا في الأحياء عاشوا عقودا بعدها في محاولة للشفاء منها. وكان غويتسولو (1931) واحدا من الذين عاشوا في طفولتهم الصراع الدامي بين الجمهوريين والقوميين بقيادة فرانشيسكو فرانكو الذي نفذ انقلابا تسبب في إشعال فتيل الحرب.

انتصر فرانكو بمساعدة هتلر وموسوليني وحكم إسبانيا لست وثلاثين سنة حتى وفاته سنة 1975، وفي هذه المرحلة تفتح وعي غويتسولو وما أن بلغ العشرين من عمره حتى أدرك أنه لا مستقبل له في إسبانيا.

تحدث ضيف “وحي القلم” عن حسمه الواضح لعلاقته مع الانقلاب وكذلك مع الكنيسة الكاثوليكية التي لم يعد يؤمن بها لأنها ناصرت الانقلاب، بل أكثر من ذلك سمت حرب فرانكو على الإسبان “حربا صليبية” مقدسة.

في الثانية والعشرين يقرر الكاتب الرحيل إلى فرنسا بعد أن حصل على جواز سفره وتخلص من الخدمة العسكرية. في باريس سيتعرف إلى شخصين يقول إنه كان لهما بالغ الأثر في حياته، وهما مونيك لانج التي ستصبح زوجته، والكاتب الفرنسي الشهير جون جونيه.

شجرة الأدب
عاش في باريس بين اليساريين وأخذ يفضح بكتاباته سياسات فرانكو ديكتاتور إسبانيا، وتبدلت حاله من لاجئ ثقافي إلى لاجئ سياسي. قرر أن يترك البلاد لينتسب إلى وطن جديد يسميه “شجرة الأدب”، بدل الوطن بالمعنى السياسي التاريخي التي قال “إنني لا أستسيغها”.

يرى غويتسولو أن الثقافة لا يمكن أن تزدهر إذا انغلقت، مشيرا إلى أن الثقافة العربية تشربت من الآشورية واليونانية مما جعلها تزدهر، وكما هي الحال في إسبانيا في العصور الوسطى مع مدرسة طليطلة للترجمة، ولكن بدءا من محاكم التفتيش انحسرت الثقافة لحساب البحث عن النقاء الديني.

“مزيج من هويات” هكذا يصف نفسه، لكنه في كل ما يكتب لا بد أن نلمح انتماءه إلى طيف بعيد هو أمه التي قتلت في قصف بالحرب الأهلية. أما مونيك لانج زوجته التي توفيت قبل 12 عاما فقد دفعته ليكتب عن الألم والنسيان.

“يحفظ المغاربة لخوان غويتسولو  أنه دافع بشدة عن “ساحة الفناء” في مراكش ضد العولمة، وكان السبب في إدخالها ضمن التراث الإنساني العالمي”

سي خوان
“سي خوان” هكذا ينادي المغاربة كاتبنا، وهو الذي قرر السكن بينهم وشراء بيت في مراكش منذ أكثر من عشرين عاما.

يحفظ له المغاربة أنه دافع بشدة عن “ساحة الفناء” في مراكش ضد العولمة، وكان السبب في إدخالها ضمن التراث الإنساني العالمي.

لا يطيق غويتسولو الانغلاق القومي، ولكنه يستطيع المغامرة ويسافر إلى مناطق نزاع، ويكتب شهادات عن ألم الإنسان. حدث هذا في سراييفو والشيشان. أما فلسطين ففيها الكثير من الحكايات التي تروى منذ زارها في الانتفاضة الأولى 1987، حتى ما بعد أوسلو 1993، مسجلا أن معاناة الفلسطينية لم تتغير والاحتلال لم يتغير.

اظهر المزيد

نشــــطاء الـرأي

نشــــــــطاء الـــرأي : كيان رمزي وخط إنساني لحرية الإنتقاد الثقافي و الفكري والسياسي ، بدعم مالي مستقل Organization for peace and liberty – OPL : www.opl-now.org

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق