أحمد سليمان : حين أماتوا الوردة وإذ بها قد جنّتْ
وضعوا صوركِ في أورقة المدينة
أحيط بها ساتر معدني
يشبه حدود المستعمرات ،
ماذا على كائن مثلي أن يفعل ؟
هل اصعد إلى أعلى الساتر كي أضع صورتي ؟
هل اضرب الأرض كي تهوي صورتك ؟
سأكون جالسا بالقرب منك
إلى أن تتكشف نهاية الإعلان
القماش … يحتوي على صورتك ،
ماذا بعد ؟
أين أنا ؟ ،
ربما هذا الكائن وضع علامة توحي بأنني لن أعود ،
لذلك فهو منشغل بتعليق صورك على الحيطان
سوى انك مشلوحة
بمكان يحيل إلى الأبدية ،
المكان ذاك،
الشارع نفسه،
الأبنية والمارة رجال الإفك فيما يغنون ،
الأزقة المليئة بالبائسين،تجار الخوف ،
الرقيق المرخص باسم الدولة ،
وحماة السواد الأعظم ،
كل شيء ينتظرك
كما لو إنك لم تبارحي الأمكنة ،
هناك،
ستكون الحياة
اقل تشوقا للحلم،
وحيثما تلهثين ….
ستنام المدينة بلا تردد
نائمة، مـــررتُ بذات الرصيف،
مـــررتُ بخــــوف ناعـــم ووقـــت خائــــب…
رأيتـــكِ وكانت الأرض ترتجــــــــف
رأيت صــورة للــوحة عذبتني لشـــدة ألــوانها ،
مع إننا اتفقنا على أن يتم نسيان تلك اللـوحة ،
كان ذلك في مطـلع العام
و قــد أصبحنا على أعتاب ديسمـبر ،
وها أنت تبدين أمام ذات اللـوحة ،
في مكان اعتقد بأنه يخص
الجنون الذين تحلقين فيه
،ســأفضحك في جرائد
العميان لا بل في إذاعة الطرشان . ،
لستُ أمزح ، وقتٌ طويل سيمر
و الأشكال تنام بلوحة رسمتها ليلة أمس
في مطبخ جعلناه متحفا ،
سوف أُسر كثيرا إذا صرفنا النظر عن صالة الطعام ،
لكن متى سنعود إلى مدن
قيل لنا بأنها مهيأة للشعر والجنون ؟
تلك المدن التي تحدثنا عنها
ليلة خطفوا أعمارنا.
أمام صورتك رأيتهم يتهامسون
لم أتعرف على كثيرين في حشد يجتمع لرؤية صورتك ،
ألم يبدو كذلك أم إنني خرفت نتيجة لهو الإخوة المتوحشين ؟،
لا يهم ، فقد فهمت ما ينبغي ،
( إن خلاص العالم من الرعب والخوف هو أن يكون البشر بلا ثروات
لأن المال بات المغذي الأساس لصناعة الدمار والرهاب ،
أو لنقل : إن وجدت الثروات لتكن بنسبة ضئيلة ،
ذلك يكتشف اللصوص الذين يقتاتون من دماء أطفال العالم
بيد إن المال المتحصل على خلفية ذكرناها
لن يكون لإنشاء المدارس والجامعات وحتى المصحات ) .
فقد خلصت بفكرة قلتها لك ( … ) .
هكذا ، جعلتهم يتهامسون
أمام صورتك
ثم قبلت منهم كلمة لا أستحقها
أيضا رســومك خلـف السـياج ،
حسـبت نفسـي معها ،
ما أقسـاكم أيها النبلاء
مع إنني، أحببتك وأنت في المهد
تزوجنا ومازلت في الثامنة ،
بلغتِ سن الرشد وأنا في اليأس
لكِ وردتين قطفتهما من حديقة الجيران ،
برجاء ( لا تبلغي عني الشرطة ) .،
بعد أسبوع واحد لن أكتب ،
أعني في ثامن يوم من مارس ،
لأنني مشغول بإعداد الحلوى ،
سيقول محرر الصحيفة : اعدوا لنا مانشيتا يخص المرأة
وآخر عن زلزال شيلي .
رصاصتان قرب طائرة وسط سنتياغو
و ثالثة قرب ليل بكى ،
تلك كانت ثمن حرية قصيرة …
ستمر أمامي صورة إيزابيل
و سلفادور الليندي ،…
كنتِ حينها بعمر فراشة
وأنا تخطيت لتوي
أولى كلمات ولثغ ..
لم أكن أعلم كم كان ثمن السُلطة
في تلك الليلة ؟
لا أذكُر أسباب تلكَ الحرب ،
لكنها حصلت ،
بقي اثنان من عبَدة المال ،
الصغير يقول بأن أخيه
ســـرقَ متجـر الأب
أما هو ، عاش عالة بمنزل أخيـه الأوســط
حتى طال ريشه ،
حين عاد من روسيا سرق مُلكية عقار ،
ثم تفرغ لممارسة ماتعلمه
من آلية إحداث الجلطات ..
كان الضحية الأب ،
اليـوم أنا مُنشغل ،
و علـــى طريقتي ،
حتى ألاحق هكــــذا
أنـــواع من البشــــر .
اعــلم، هــكذا،
فقـــد جعـــلوا منـــك
مــلهـاة لعيادة الدولة،
تبارزوا على إنتاج أدوية
لتمر بجســـدك،
تسعة حبـــوب
كلما أفقت
من نوم طـــويل.
ستصلكم رسالة بطابع بريد مستعمل ،
لئلا تظنوا بأنني دفعت ثمنه ،
بوسعكم مناقشة ذلك
مع لصوص باب النصـــر
الشـرق ذلك الذي يُغرم فيه
من يعيش خارجه ،،،،
على الرغم من إنك في الغرب ،
المتأمل لرسومك
يعتقد بأنك تعيشين في سجـن ،
ماذا تركت للذين يكابدون
تحت وطأة الليل .
هي ذي نهايتي ،
مجرد ملصق ،
يحتوي على صورة ،
و قد حرصت على تهيئة
الشكل الذي أحبه
بيديك ستلصقينه
على باب أقرب كنيسة ،
سيكون ذلك خامس يوم ،
تماما بعدد الأشخاص
الذي اخلصوا لي طيلة حياتي ،
الوحيدة الباقية بقربي ، أنت .
مـررتُ… و أنـتِ في زحـام ،
ككُلـهم أنـتِ فـي دهشــتي
يـا أنـتِ مـؤكسدة بمـاء ،
فكـيف أحـكمتِ الصـراخ
في مـدن أماتت الكتب والشعراء .
على المرسم المهمل منذ سنين،
مَن رسمك وأنت غائبة عن وعيي ؟
لم أكن من رآك لكنهم
كانوا يتهامسون في فناء الصالة :
بأنك معبودة من ملاك،
فلـــو رأيته،
بالمطلق سأفرك اذنه بلا تردد،
منذ آخر تظاهرة لحماة البيئة
وأنت تعيثين العالم بدخان السجائر ،
وأعلم كم كنت منسية
في عيادة متخصصة بتحنيط البشر ،
ولكن السجائر تفسد هواء العالم …
لنقل بأنها مصدر رعب لإنسانيتي ،
هذا الذي يدير ظهره
فيما يضع خطوطا لرسمك على الحائط ،
هذا الواقف المتشبه بالهيب هوب ،
طلبت منه الكتابة عن فضائح الأهل في الشرق …،
فقد رمونا بأكثر من صخرة
كوننا نعيش بمكان حُــر ،
لكنهم تناسوا بأن ثمن حـريتنا كان ارخص
من الإرث الذي سيجنونه بغيابنا عنهم
، ليذهبا الى الجحيم .. ما رأيكم ؟
بأحلامهم التي تشبه فردة حذاء رديء ،
وأيضا طلبت الكتابة لوجه العالم:
أنني لم أُقتل في المكان ذاك ،
حيثما سُحِقَت وردتي ،
كما إنني أعيش هنا
بالقرب من أرق المخلوقات
و نحن سعداء
لأننا نتقاسم المرض والخوف والحرية .،
في كتاب لا افهم لغتـــه
قرأت خبرا يؤكد
بأنك ستكونين سيدة مجتمع
وأنا ألهث خلفك ،
أما كتابي الذي أحبه
يجب أن يكون بلا حروف ،
مجرد صفحات عليها صـــورك وأنا اقلبه
ـ حقا لماذا تغمضين عينيك ،
منذ زمن
وأنا ابحث عن أشياء
ينظر فيها للتقديس ،
بيد انني لست معتادا لعبادة ما ،
ولكن وجدت ما يعنيني
كنوع من الإشتغال على مخالفة السائد ،
فوجدت صورا للتعبد
وهيأت نفسي لطقس
كي ألوذ به .
رحت اُقــوّل الأوثان ،
إذ انني مقتنع بالكثير منها ،
لأنها من صناعة البشر
وهي ملموســة ،
ذلك انهم بارعون بصناعة الوهم ،
كذلك لأنهم زرعوا
نبتة الأديان وتوجوا اللـــه رقيبا
حتى عند الباعة
توجد صورا وأدلة تشير اليكِ ،
لستُ من قال عنك كلامٌ حلوٌ البتة ،
لكنني أتّبعك
كآخر نجمة أحاول لمسها .،
لستِ من عرفتها حيثما نشـــأنا ،
اليوم لمحتك على غلاف مجلة ،
لا أذكر رأيتك قبلا على هذا النحو ،
كما إني بالمطلق دهشت
حين لمحتك تنظرين إلى أعلى ،
كعادتي بمكان خفي أطأطئ رأسي .،
واضـح تشييع النهـار، فقـد أزلــي له،
أما الليـل ، حـارسـك
سـاتر أخر همه الأساس البحث عن نهار ،
لكن المشهد قاتم ، هل أصابنا الليل ؟
قفـا رأسك مدفون .. وجهك نحو الأعلى ،
تماما حين التقيتك مهزومة
في شارع العاصمة ،
كعيني حين اصطادها قناص
عن غير قصد …
كذلك عينك ،
كعيني حين تتأمل كون العالم ،
هذا الكون بلا معنى
إذ انك على رمل البحر ،
ثم إنني لست أفهم ..
لمن تلك اليد فيما أحدج بنفسي
بلا خطو أو حتى جســـد نحيل
و أنتِ مـائلـــة بُعَيدَ الصحـــــو ،
رأيتهـــم يلصقـــــون صــــور،
كيـــف نامت روحــــك أنتِ
وأنا مضــرجٌ بوحـــــل ؟؟ . ،
لو وضعتِ رسماً لصوري
أو شكل نعش ،،،
أو ليل دهمني …
هل أذنتِ لي لأكتب عنكِ ؟؟؟ .,
بيد مرتعشـــة وضعـــتُ آخـر الصـــور ،
كيــف عـــدت على ســــحاب ،
و قــد أمطـــرت صــورك تلو الصـــــور ،
أمطـــرت … إذ إن يـــدي ســــتزهر
في زحــــل ،
علميني كيف أقـــول عنكِ
و فينـي قــــول من صــــــور .
ستعودين إلى بلادي
التي هُزمتُ منها بلا سبب يقنعني ،
مثلك حين هُزمتِ ولم تقنعني أسبابك ،
سنعود معـاً ، أنت تجلسين في مقعد الطائرة ،
أما أنا داخـــل حقيبـــة .
الجسر الذي أكل من قدمي،
طاف عقلي وجفت روحي
حين رأيت الجسر
قبالة وجه يخرج من الطوفان ،
وجه ألفته منذ سنين
تاهت عيني عن عيني ،
عن مخيلتي
فيما ترسم أثركِ ،
يوم قالوا ان فتاتك قد جنَّتْ …
كما لو ان العالم انمحى
وقت نسبوا إليَّ تعب مجنون
وقع على روحك .
لا روحي متقدة
ولا عيني ناظرة ..
تاه أثركِ عني
لا قوم رابض لأجلي
لاصوت يدلكِ نحوي .
قالت لي صـــوري بأنها رأتك تتجولين
تحت البناء الذي وزعوا عليه الملصقات ،
انتظري ســـأرميك بصورة .
خانتني الظنون معتقداً إن عالمي تعطل ،
وإذ به وقع بحيرة أو تيه ،
بيد إنني على رمال متحركة
مذ كنت أتشكل … إلى يومنا أتشكل .
- كي لا نُمحى من وعينا
سألتني الحلوة التي دوختني عن معنى يفسر اقتفاء اثر الحاكميات ، في ظل مجتمعات يفترض بها أن تكون ذات مسار يواكب شكل مدني ، لم أمعن بشكل جلي في السؤال وبلا حرج منها قلت سأهدي أهلنا في ” الحاكمية السورية ” ، مزيج من فن وأدب وحرية .
هي ذي ندى عبود ، إبنة اللــــه المبدعة ، لا توافقني على أغلب ما أكتبه ظناً منها بأنني نقيض واقع عشته ، إذ إنني واقف وحدي في العراء لا بحر إلى حولي أو شجر سوى حر صيف يشعل رأسي ، فإذا كنت قد حببت أشاركها في كتاب فإن بذلك نقض لما ترسمه وتبدع فيه بجمال شد بشر كثيرين وما راقني دوماً ( ربما لكوني انتمي الى حساسية فنية مختلفة وهذه مشيئتي ) إلا إنني أشير إلى لوحاتها ودقة مواضيعها وتكاملها مع واقعها ، كون تلك اللوحات هي بالأساس رٌسِمت بروح نظيفة ، بلا أب مدرسي أو شيخ طريقة يباركها على صنيع .
أما عن قول الشعر فإنه أجمل حاكميات العشق … بل اقصر سبيل نرمي إليه احتدام الذات والعالم ، وقد خانتني الظنون معتقداً إن عالمي تعطل ، وإذ به وقع بحيرة أو تيه ، بيد إنني على رمال متحركة مذ كنت أتشكل … إلى يومنا أتشكل .
- من كتاب حاكمية العشق
- لقراءة المزيد من كتب أحمد سليمان راجع هذا الرابط
http://opl-now.org/?p=10117
الكـــتاب مصوراً مع فوتومنتاج خــاص به
http://www.nadaa.info/?p=761