د. خولة حسن الحديد : في قراءة الثورة و الريف
بعد درعا مباشرة .. أول المناطق التي ثارت في وجه النظام كانت دوما و تلبيسة و الرستن .. هذه المناطق الريفية القريبة من المدن لا يمكن تسميتها هوامش .و لا يمكن القول أنها فقيرة . لأنها ليست كذلك بحكم موقعها و مواردها و تعدد المصالح الاقتصادية فيها . عدا عن حيوية دوما و قربها من دمشق يمكن أن نضيف لتلبيسة و الرستن وقوعهما على الاستراد الدولي الذي يصل سوريا شمالا .. وهذا خلق فرص عمل هائلة لأهاليها .. و إذا ما أخذنا بالاعتبار أن أكثر من خمسين بالمئة تقريا من الشحن البري الدولي بسوريا هو من تلبيسة و الرستن و جميعنا يعرف أن سيارات الشحن و البرادات ليست رخيصة ، و إذا ما أضفنا ما ارتبط بهذا القطاع من مصالح أخرى و مهن . خلق حالة حراك اقتصادي كبيرة …. فما الذي جعل هذه المناطق أولى المناطق التي تنتفض بوجه النظام .. ؟؟ ليس الجوع و لا الفقر و لا الجهل . لأن المناطق المذكورة فيها نسبة تعليم عالية تصل لمئات من شهادات الدكتوراه أيضا ..
قراءة الثورة و جذورها الاجتماعية أبعد بكثير من تنظيرنا الفيسبوكي و تعميمنا .. نحن بحاجة لروح تشبه روح مكسيم غوركي عندما كتب سيرته الذاية و تحدث على الروح الريفية في الثورة و كان من القلة من كتبوا عن ذلك …. الحقيقة ببداية الثورة أصدر محافظ حمص قوانين و :انها فُصلت تفصيل على مقاس أهالي تلبيسة و الرستن و تم تعليقها بالشوارع و على أبواب الجوامع . و كانت قوانين خاصة بتنظيم العقارات و الاستثمارات و المعامل الصغيرة التي تم نقلها إلى منطقة حسيا و خربت بيوت الناس و منهم أنا . اللي راح لي معمل قساطل للمجاري بالملايين بالشراكة مع ابن أخي … … الثورة غيرت المفاهيم و غيرت الناس و فككت بنى اجتماعية كثيرة و أيقظت عصبيات كانت نائمة ليجري الانقلاب عليها لاحقا ….. نحتاج قراءة معمقة بعيدا عن الأحكام السريعة التي تستنبط من تقييم سلوك البعض وسط فوضى عارمة أوجدتها ظروف ما بعد الثورة …. نحتاج فعلا لشيء يسمى ” الجذور الاجتماعية للثورة ” …. و سيكون أطروحتي الدكتوراه القادمو إذا الله أعطاني عمر و رزق ..