لمى الأتاسي : الحر يموت في سوريا / لنرفع الراية البيضاء على الجبهتين
هناك مثل فرنسي يقول “الغبي هو فقط الذي لا يغير رأيه”
في بداية الثورة ظهروا الاخوان بمشروع مدني د يموقراطي محترم للاخر و حقوقه و لكن بعد حين رأينا بأن اسلوبهم و تصرفاتهم و خطابهم اثبت بأنهم يحملون فكر و سلوك و منهجية لا ديموقراطية، لا مدنية غير محترمة للأخر و فكر غير قابل بالمشاركة مع احد بالعملية السياسية .. فاضطررنا ان نغير راينا فيهم . و لكن قلنا ربما مع الوقت سنقنعهم بضرورة تطوير فكرهم و لكن مع تطورات الأحداث بات هذا مستبعد.
حيث فيما بعد ظهرت جبهة النصرة و قبلها التيار السلفي ، يقولون لنا بأنهم لا يطمحوا للسلطة و بأنهم فقط أتوا لنصرة الناس و مساندة الثورة .. لم يتطرق السلفيين لمناقشة مفهوم الديموقراطية علنا إلا قليلا و فيا بينهم لم يعلنوا عن القبول او عدمه “بالاخر” لقد ظهروا في منتهى البرائة و البساطة …و لكن سرعان ما تحول الخطاب لخطاب مفكر و معادي للقيم الغربية و كأن حربنا هي مع هي القيم الغربية و العالمية و الديموقراطية و المواثيق العالمية لحقوق الانسان ..
كانت هنا بداية ظهور التكفير و سرعان ما أصبح الكلام بين السطور أقوى من الحروف المستعملة و بدوا أكثر تشددا … و تسائلنا أين كانوا هؤلاء في بداية الثورة سياسيا فيجيبوك : “في الجامع” و يصرح ناطق باسم الإخوان المسلمين إن الثورة ثورة إسلامية لآنها “خرجت من الجوامع ” و يسأل إخواني قيادي على الأعلام” أين هي الكتائب العلمانية ؟” قاضيا بهذا على أي إمكانية نقاش مع أحد منهم .. إنهم متفقين ضمنيا على قضية الأسلمة و على ضرورة الثورة السنية.
بات واضح و بعد أكثر من عام أن هناك رابط بين الخطاب الإخواني و السلفي هم متفقين الثورة إسلامية
مع هذا تجاهلنا بدايتا كل هذا و تعاطفنا مع تفانيهم بالدفاع عن المتظاهرين السلميين و مع دفاعهم عن المناطق المداهمة و كنا في مرحلة “الدفاع ” أمام وحشية النظام و لم نرى .. لا لم نرى المشروع المخفي و قلنا بأن الشارع السوري اوعى.
تكلم الأكراد منبهين فاسكتناهم و اختلفنا معهم .. و صدقنا جملة يكرروها كلهم كثيرا ” نسقط النظام و نفكر بعدين” و لم نسأله: تريدني أن أقاتل معك الأن و فيما بعد تطردني او تأسلم الجميع و تفرض الشريعة .. و لكنهم لم ينتظروا كثيرا هذا المسمى “بعدين” ( باللهجة العامية يعني فيما بعد)
ظهرت المحاكم الشرعية و الهيئات الشرعية لتحاكم الناس و الدولة الإسلامية التي لم نختارها و لم نقم من أجلها و لم يسقط أخوتنا و أبنائنا من أجلها باتت حتمية في نظرهم .. هنا تراجعنا و بدانا نتسائل أهل نحن نقوم بنفس الثورة التي يقوموا هم بها ؟ بدأنا نفكر بالمكاسب و الخسائر و نوازن .. عن أي ثورة يتحدثون ؟ لماذا وصلنا لهنا ..
طبعا تزامن هذا التفكير مع اشتباكات مع المناطق الثائرة الكوردية التي وعت باكرا المشروع لانها احتكت بهم على الأرض و رأت تطور الخطاب الديني تدريجيا من كلمة “جهاد” لكلمة” فتوحات”
رأينا كلنا كيف تحول إسم سوريا من سوريا إلى بلاد الشام ثم إلى دا عش…كل هذا مع تحول ممنهج و متابع إعلاميا بثناء في فكر بعض الغير اسلاميين من الأصدقاء الذين باشروا الثورة معنا .. كان النقاش الضمني الذي يدور في اذهان بعض مثقفينا المحليين المسلمين : بما اني مسلم ما المشكل ان احجب ابنتي و المجتمع كفيل بان يقنعها و سيجملون القصة و يردعوها و ما المشكل بان يمنع الخمر هذه المظاهر ليست مشكل .. والمهم ان يرحل النظام و …. الديموقراطية ؟ تدريجيا تنازل عنها فهو لا يعرفها لم يجربها ، تزامنت عملية غسيل الادمغة مع خذلان الغرب لنا و احيازه للفاسدين و دعمه لقذارة المعارضة و فسادها الذي هو برمج سرا حتما من الإسلاميين و انتقوهم عمدا نرجسيين و متكبرين اغبياء وانتهازيين. لترسيخ فكرة ان النزاهة و الأخلاق لا تتواجد بدون دين و اسلامي…
نعم دا عش القاعدة الرسمية كانت أخر المطاف …. ربما و ليس معلوم بعد .. بدون رضا الاخوان مهد لهم و بدون رضا السلفيين احضروهم ؟؟؟ .. فكنا كلنا نقول و ما المشكلة ان ياتي شباب متطوعين ليساعدونا الم نساعد الجزائريين في حرب استقلالهم ؟ هذا الخطاب كان في البداية الى ان اتت عوائل اسيوية مع اطفالهم هناك فيديوهات احدهم مصور لعائلة من 150 شخص هاجرت لتستقر في بلاد الشام و تقيم شرع الله علينا !!! في اي عالم نعيش و ما علاقة هذا بثورتنا ؟ و لماذا يسكت الاخوان عن هذا ؟ لماذا تسكت جبهة النصرة و اخواتها او بناتها من الوية و جبهات ؟ و عندما نبحث جيدا نجد بان الخطاب الضمني يعتمد على التفسير و التشريع و الفتوى .. هل يجرؤ اخواني قيادي ان يعلن باسم جماعته بانه لا يتفق مع تسمية بلاد الشام ؟ هل يجرؤ ان يخرج هذه العوائل بنسائها و اطفالها من بلادنا ؟ و اما جبهة النصرة فاين وجوه سياسييها و ما هي روابطهم بداعش ؟ المخطط الجديد للقاعدة واضح ..
الثورة الاسلامية السنية العالمية أخذت منحنى جديد و تطور جديد و من جبال بورا بورا الى صحراء بادية الشام سيتطوروا الشباب ليستقروا بعدما اندمجوا و دمجوا معهم ابناء سوريا “الانصار”.. والقاعدة المهاجرين الذين وجدوا أرض خصبة من شباب اخوان و سلفيين ..
و الان يجرب البعض ان يقنعك بان الفكر الدا عشي اكثر تشدد من الفكر الاخر و لكن نسمع بان الحجاب الشرعي و الغير شرعي اصبح مفروض عرفيا في حمص و كل المناطق المحررة ؟؟
و بان هناك انتهاكات لحقوق الانسان مورست ضد الثوار الغير متدينين. منع التدخين مراقبة الجوالات و قصة شعر الشباب و زيهم .. الخ
و لكن كلنا كنا نعلم منذ البداية بأن هناك تمييز بتوزيع الاغاثة بين المتدينين و غير المتدينين و لم نتكلم !!! نعم أخطئنا …
تذكروا فيديو أخذ شعبية كبيرة في الشبكات يتحدث عن فتاة من تحت الانقاض تقول و هي بين الموت و الحياة بانها ليست محجبة لا تريد ان تتصور… هذا خطاب شجعه الجميع و اشادوا به الفيسبوكيين و هو طبعا يخدم و يستعمل خطة ترويجية.. سورية للمحجبات .. كيف لا تتحجبي و الا تخافي ربك ؟ هذه الفتاة أحسن منك و أنت سيئة … انت تكفرين بشرع الله .. الذي يفرض عليك الحجاب .. هذا يقال خلف الابواب المغلقة… و فقدت المرأة نصف المجتمع عدديا حق أساسي من حقوقها حقها بان لا تلبس حجاب ؟ اعطي قضية الحجاب كمثل و يقاس عليه الكثير و لانه يخص حرية المرأة و خصوصيتها في مجتمع لا يعترف بها.
نعم انها ثورة اسلامية بنظرهم و علينا ان نعترف و الا نكذب على انفسنا .. و ان نعترف باننا لم نعد نخوض نفس الثورة و ان نفرز بوضوح الخطين للحفاظ على شرعية الثورة الاولى التي قمنا بها ثورة حقوق الانسان العالمية و ان نقنعهم باننا موجودين و باننا نحن الاغلبية لأننا نحمل فكر ينتمي للإنسانية العالمية التي تطورت و نطالبهم و الا يعادونا و لا يحاربونا و لا يكفرونا.
علينا أن نعترف بأن التكفير اصبح عرف
و ما معنى التكفير ؟
يعني نعت اي انسان بصفات مهينة لمجرد انه ليس مسلم سني. يعني نبذه و اعطائه حقوق اقل في الوطن و المواطنة و ربما قتله.
عندما تسب اليهودي و العلوي و الشيعي ممكن تسب الدرزي و المسيحي و البوذي .. الخ .. و لكن باي حق تسب اي دين او معتقد اخر و تنعته بخنزير و تنعته بكل الصفات التي تبين بانك تشعر نفسك ” ارقى منه” .. للتذكير نشر هذه الفكرة هو خرق لمواثيق الأمم المتحدة و خروج عن عرف البشر الحديث … . النازيين نشروها فانهتهم الشعوب الاخرى .. الحسب و النسب الذي تتكلم فيه كثيرا الجماعات الاسلامية حيث هم وسط هذا الجنون العارم مهتمين جدا بتأصيل امرائهم و نسبهم للشرفاء و للرسول ص و لكن .. هنا يوجد تمييز عنصري ..
نحن امام فكر تكفيري و عنصري
كيف نقنعهم بأننا لا نريد فتوحات إسلامية ؟ كيف نقنع من هم أقرب الناس لنا من عاشوا نفس ثقافتنا الإنفتاحية في مجتمع تمتزج فيه الاديان و المعتقدات و الافكار باننا نرفض النظام و البعث لانه احادي و باننا لنفس الأسباب سنرفض سيطرة اي دين على سوريا لان سوريا تعددية هذا صلبها .. اسلمتها يعني قتلها..
كيف نقنعهم بالا يجرونا لحرب معهم ..
يقولون تعالوا حاربوا النظام معنا و في صفنا و تحت شعائرنا الاقصائية التي لا تترك اي مكان لغيرهم و هذا منذ البداية منذ ان استلم الاخوان .. تعالوا انضموا و فيما بعد اسقاط النظام نتناقش بحقوقكم …
سنجيبهم : تريدونا ان نموت مرتين ؟
المسألة ليست قومية اخرى فقط و ليست انتماء ديني اخر فقط … ليست قصة سوري كوردي او مسيحي و درزي و سمعولي ووو المسالة انتماء سوريا كلها لفضاء اخر أوسع يصبوا للحضارة غير الذي تريدون اقحامنا به .. نحن طلاب حرية و نعتبر الدين السياسي مناقض لمفهومنا للحرية و هنا خلاف جذري لا يمكن تجاوزه الأن.
نحن لا نكذب و لا نتوارى و لا نستعمل اسلوب التقية و لا ندعي امكانية تغيركم عبر فتاوى و اجتهاد .. نحن نقول لكم اننا أحرار مؤمنين و ملحدين اننا من كل المعتقدات و لكن هكذا نحن السوريون ..نحن شعب سينقرض بوجود اي تكفيري ..
نعم نرفض النظام لانه هو سبب تفشي الامراض العقلية التي اضعفت من مقدرات اجيال ذهنيا الى ان يقبلوا بداعش و الفكر الاقصائي..و النظام مسؤول عن درجة الإنحطاط الخلقي الذي حاليا ترك شبابنا فريسة سهلة للإرهاب الفكري (باعتراف القاعدة هم يرهبون).
فبدل ان نقتل مرتين مرة في سجون النظام و مرة نهائية باعداماتكم الجماعية التي ستمارسوها ضدنا (الثورة الإيرانية) .. نحن نعلن منذ الأن باننا سنقاومكم و النظام بسلمية .. لتذبحونا منذ الان.
نحن لن نقتل اي منكما فكلاكما اخوة سوريين و نحن لا نقتل سورياً .
نحن نناضل من اجل الحياة فكيف نعزز ثقافة الحرب و الموت.
لقد تراجعنا حتى عن حقنا بالدفاع عن النفس أمام وحشية النظام و أمام همجيتكم.
اقتلونا .. سنواجهكم جميعا برايات بيضاء مكتوب عليها سوريا بدون دماء… سوريا للأحرار .