طالب ك ابراهيم : ناشطة سورية بعد نجاتها – ليس بالكيماوي وحده يموت السوريون
تعرضت الناشطة السورية سعاد نوفل لإطلاق رصاص قال ناشطون إنه جاء من سيارة تابعة لعناصر إسلامية، تنتمي إلى دولة الشام والعراق الإسلامية، في محاولة لإسكاتها، حسب قولها، لكن إصابتها لم تكن خطيرة. تخفّت سعاد فترة قصيرة في مدينتها، ثم ظهرت في تركيا محاولة إعادة نشاطها المدني إلى طريقه بعيداً عن النيران.
تنتمي الناشطة سعاد نوفل إلى عائلة من مدينة إدلب السورية لكن الناشطة ولدت وتعلمت في مدينة الرقة، ووصفت في مدينتها ب”الصوت الصامت”، لأنها تفضل رفع لافتة احتجاج بدلا من الهتاف.
مدينة بين النيران
يقول مواطن من مدينة الرقة ل”هنا صوتك”: “لا نستطيع التحدث بصوت عال، ويجب ألا تذكر اسمي”. ويضيف: “نحن في وضع قاس للغاية. أصبحنا بين نارين: نيران النظام السوري بمدافعه وصواريخه ورصاصه، ونيران دولة العراق والشام الإسلامية المتشددة. في هذا الجو الخطير، كانت الشابة النقية سعاد نوفل تخرج بلافتاتها الجميلة في الشوارع، وفي الأماكن الخطيرة لتعيد الأمل الذي فقدناه. تجرأت سعاد على فعل كان يعتبر مغامرة في فترة من الفترات، وهو رفض النظام السوري ومخابراته، ثم رفض التنظيمات الإسلامية المتشددة وممارساتها، وتحت عيون عناصرها، وأمام مقراتها في الفترة التي كنا فيها خائفين. وتعرضت سعاد للتهديد وللاعتقال ثم لمحاولة قتل”.
اللافتة تواجه الرصاصة
لكن مهند الشيخ، المقاتل السابق في كتيبة الفاروق في الرقة يقول : “لا أعتبر أن النضال باللافتات مهم في الفترة التي يملك فيها الناس البنادق. ولا أظن أن النضال السلمي يؤدي إلى نتيجة. والآن خرجت سوريا من الكلمة واللافتة والصوت، ووصلت إلى القتل والرصاص والموت”.
يضيف مهند أنه يحترم المعلمة سعاد نوفل، لكنه يعتبرها خارج الواقع. ويعتبر أولئك الذين يريدون إعادة سوريا إلى التمرد السلمي واهمون. ويضيف: “بندقية واحدة تقضي على مظاهرة من ألف شخص يحملون اللافتات. والآن ينتشر السلاح في سوريا من أقصى شمالها إلى أقصى جنوبها، فكيف يمكن لحملة اللافتات أن يتحركوا؟”
من الإغاثة إلى الاحتجاج
تقول الناشطة سعاد نوفل ل”هنا صوتك”: “في بداية الثورة السورية كنا ننظم التظاهرات، ثم نقوم بإغاثة الأسر النازحة إلى الرقة. وساهمنا بمعالجة جرحى المظاهرات ،والاهتمام بعائلات الشهداء”. كانت مجموعة من إخوتها وأصدقائها تشاركها في نشاطها، في وقت غاب فيه دور المرأة في مدينة الرقة بالكامل: “ربما يكون الخوف والعادات والتقاليد، هي العائق أمام بروز دور حقيقي للمرأة السورية عموما بشكل فاعل في الثورة. وقد يكون العمل المسلح وراء اختفائها. وبغض النظر عن الأسبابن إلا أن الملاحظ غياب دورها في الساحات العامة وحضورها الهش في المؤتمرات”.
تعتبر نوفل أن كل دعوة للحراك في مواجهة النظام كانت تلقى استجابة سريعة وكثيفة من قبل السوريين “لكن اليوم، أية دعوة للحراك في مواجهة دولة العراق والشام لا تلقى الاستجابة المطلوبة”.
تؤكد نوفل أنها ليست شخصية سياسية :”أنا من الشارع الثوري الذي من شدة وجع السوريين خرج إلى الساحات ليقول أوقفوا الظلم”. وتضيف: “رجال المعارضة السورية السياسية منها والعسكرية، مرتهنون لمصالحهم الحزبية والشخصية. والثورة السورية كشفت زيف الكثير منهم ، وكشفت زيف الكثير من الأمور التي كنا نعتقدها حقائق. هؤلاء حوّلوا الثورة إلى بازار، وتحولت أوجاع الناس إلى تجارة، وباتت صور الأطفال الجوعى تباع لإثارة الشفقة”. وهي تعتقد أن النضال السلمي له تأثيره في العالم: “قد لا يسمع العالم صوت الرصاص لكنهم حتماً يسمعون الصرخات”.
سعاد الآن مضربة عن الطعام في تركيا التي وصلتها مؤخراً. تقول: “يجب فصل الجانب الإنساني عن السياسي. مصالح المجتمع الدولي شيء ومصالح المعارضين السوريين شيء وجوع السوريين وأطفالهم شيء آخر. يجب العمل الآن من أجل فتح الطرق ليصل الغذاء إلى أطفال سوريا الجائعين”. وتضيف سعاد: “ليس بالكيماوي والرصاص يموت الإنسان السوري فقط وإنما يموت من الجوع أيضاً”. وإذا لم يكن لديها القدرة على فتح طرق في سوريا من أجل إيصال الغذاء إلى أطفالها، لكن لديها القدرة على أن تضرب عن الطعام، لإيصال صوت الأطفال الجوعى إلى آذان العالم القادر: “يجب ألا يموت الأطفال بصمت، يجب علينا أن نوصل قرقعة بطونهم إلى آذان العالم”.
هنا صوتك