فواز تللو: إصدار نظام الأسد «هوية» جديدة يمهد لتقسيم سوريا
النظام الطائفي يصر على نهجه الاستئصالي الشامل ولن يقدم أي تنازل سياسي
أسامة المصري : يعتزم نظام الأسد إصدار بطاقة هوية شخصية جديدة للسوريين، ومن الواضح أن هذه الخطوة ستزيد من حدة الأزمة وتطرح مخاطر جديدة على مستقبل الأزمة وسوريا، وأتت الخطوة مع اقتراب الموعد الذي حددته الأمم المتحدة لانعقاد مؤتمر جنيف حول سوريا، وهذا ما يثير الشكوك حول نيات النظام تجاه جنيف ومستقبل سوريا، في الوقت الذي يصر النظام على قيادة الأسد المرحلة الانتقالية التي يسعى جنيف إلى التمهيد لها.
«الشرق» تحدثت إلى المعارض السوري المستقل فواز تللو، حول هذه القضايا في الحوار التالي.
-
ما هدف نظام الأسد من طرح مشروع إصدار بطاقات شخصية جديدة؟
– إن أي قرار يتخذه النظام يأتي على خلفية تحقيق مكاسب له وللزمرة الحاكمة في مواجهة الثورة، سواء كانت بشكل مباشر أو غير مباشر وهذا المشروع له بعد سياسي وآخر أمني ولكل منهما أهدافه، والأخطر هو البعد السياسي فهو سيفرز السوريين ما بين مناطق سيطرته وما بين المهجرين أو المقيمين في الأماكن المحررة ممن لن يراجعوا دوائر النظام لأسباب أمنية أو لوجستية وبالتالي يمهد ذلك لتسهيل عملية تقسيم البلاد في حال سقط النظام في دمشق، وفي جهة أخرى التلاعب في الانتخابات الرئاسية التي يعتقد أنه سيجريها عام 2014 لضمان فوزه بشكل مطلق، وإجراء انتخابات برلمانية أو محلية إذا تم تمرير الحل السياسي عبر مؤتمر جنيف 2 الذي يحافظ على النظام الطائفي كما يخطط له.
-
كيف تقيِّم مخاطر هذا القرار على المستقبل السوري؟
– إنه أخطر قرار في حال استطاع النظام تنفيذه على السوريين فهو سيقسمهم على أساس البطاقة الشخصية بين مؤيد ومعارض، وتسقط الجنسية السورية عن كل من ليس مؤيداً للأسد ومواليا له، وهذه سابقة في التاريخ الحديث والمعاصر.
كما سيطرح هذا القرار مشكلة الأشخاص الذين ليس لديهم بطاقة شخصية ويعيشون في المناطق المحررة، وباتت من حقههم الآن، وهو ما سيجبر كثيرا من السوريين على الموالاة والرضا بالذل في حال أراد الحصول على البطاقة، كما وضع الإنسان السوري أمام خيار إما أن تكون مع النظام أو أنت لست سورياً، ولابد من الإشارة إلى إمكانية أن يقوم النظام بما هو أخطر، ومنح ربما مئات آلاف العراقيين واللبنانيين والإيرانيين الجنسية السورية بينما سيحرم منها أبناء البلد، ويمهد لتغيير ديموغرافي واستيطاني.
كما يصنف هذا القرار السوريين بين موالٍ ومعارض تمهيداً للتعامل معهم مستقبلا بطريقة انتقامية في حال استمر النظام.
-
كيف سيؤثر ذلك على اللاجئين في بلاد الاغتراب؟
– هذا القرار يطرح كثيراً من التساؤلات كيف سيحصل اللاجئ على بطاقة هوية وهي الإثبات الوحيد على جنسيته وحقه في الحصول على جواز سفر في حين تضع السلطة عراقيل كثيرة لتجديده.
• في تقديرك كيف سيكون موقف المعارضة والمجتمع الدولي من هذه الخطوة؟
– المثير في الأمر التجاهل الكبير للموضوع من قبل المجتمع الدولي وأقصد به الغرب الذي يدعي كذبا صداقة الثورة السورية ويدرك أبعاد وأهداف ما يجري ولا يمانع فيه ضمنا، ومن ناحية أخرى رد الفعل السطحي للمعارضة لانشغالها اليوم (أفرادا وتشكيلات) بحجز مقعد للذهاب إلى مؤتمر جنيف2 وانعدام وجود أي جسم إعلامي أو سياسي مؤثر ومتماسك حتى في قضايا مصيرية بالنسبة للثورة، ناهيك عن غياب أي رؤية أو موقف مستقل في كل شؤون الثورة.
-
ماذا يريد النظام من هذه السياسة؟
– النظام الطائفي يصر على نهجه الاستئصالي الشامل وعدم استعداده لتقديم أي تنازل سياسي، ولا يقبل الأسد بأقل من النصر الشامل على الشعب السوري، وفيما لو نجح في ذلك ستكون هناك أكبر عملية انتقام في التاريخ الحديث، ولم يسبقها سوى ما فعله «تيمورلنك» بدمشق عندما غدر بأهلها انتقاما لصمودها العسكري في وجهه، وهزيمة جده «غازان»، وهذه تماما طريقة تفكير النظام، فبعد أن عجز عن القضاء على الثورة عسكريا استمر بالقتال عسى أن يقلب الموازين لصالحه مع سعيه للانتصار سياسياً عبر دعم حلفائه في جنيف2، ويخسر الشعب كل ما ضحى من أجله طوال ما يقارب ثلاثة أعوام من الثورة مع تأييد علني من أصدقائه وحلفائه وتأييد ضمني من الأمريكيين ومن خلفهم معظم الأوروبيين وكذلك عبر اختراق الثورة بمعارضات ضعيفة ومفككة وعاجزة في أحسن الأحوال.
-
إذاً كيف يمكن مواجهة قرار النظام هذا؟
– الأمور لم تعد تحتمل التجزئة، المواجهة يجب أن تكون شاملة في مجالات عديدة وليس مواجهة هذا القرار فقط، ويجب أن تدرك القوى الحقيقة في الثورة العسكرية والمدنية والسياسية، مخاطر ما يجري لأهمية العمل السياسي الذي يكمل النضال العسكري والمدني، ولابد من وضع رؤية واستراتيجيات سياسية وعسكرية وتوزيع الأدوار بين هذه الأطراف الثلاثة (العسكرية والمدنية والسياسية) لتنفيذها بالتعاون مع أصدقاء الثورة السورية في دول الخليج، وبشكل خاص المملكة العربية السعودية، وتركيا بحكم موقعها وفق مقاربات جديدة في السياسات، واستيعاب السوريين لمخاطر الاتفاق الغربي الإيراني وإدراكهم فشل واجهات المعارضات السياسية الحالية في أن تكون طرفاً معبراً عن الثورة، ودون ذلك ستطول رحلة الثورة وستزداد تعقيدا وسندفع ثمنا أكبر وقد لا تصل الثورة إلى ما كانت تصبو إليه حتى لو زال النظام.
الشرق