زملاء
أحمدسليمان : دفتر أبيض و خبـــز مذبوح
- غفت أول زهرة من برعم حب ما انكتب إلو يعَمّر ، قدام سطوة الملاحقة و الإعتقال ، و الخوف من مستقبل جر حياتنا وبلدنا من هيديك الأيام لهل اللحظة .
( 1 ) إيــــدي عـــا قبــــرك … نـامــي مــــــايـا
من سنين وأنا
أستلم منها خبار
أهل ورفاق سجن
وقتها أيقنت بأنو مايا
صارت أكثر من ملاك
عم يحرس منامي .
فهمت أنو الرسايل
كانت تصلني مكتوبي
بحبر سري
اليوم خبرت عَـ بكير
قالوا عنها
أكثر من حزن
وعملت الضيعة
أكتر من جنه ،
وانو الوفا كله
مخبى بعمرها الزغير
صارت مايا أكبر
من معبد ودير
ونجمة صبح ،
اليوم ، اليوم اليوم ، خبرت عَـ بكير ، اليوم .
اليوم قبل كما ساعة حلم ، غابت أحلى زهرة من عمري …
قتلوها
كلاب
البراري
السعراني
نامي مايا …
مايا إيدي عا قبرك مايا
قبل شوي
نهرني الأذى
وخطفني لبعيد
جنان تْلَتْ أخوي
بساحة ضيعة
بينهن أنتِ ممدودي
مُمّرغة بالوحل والدم …
وانا عم أكتب
مر قدامي طيف
من عشرين سني
عن جنان تْلَتْ أخوي
بساحة ضيعة
حكايي ختمت
روحي بشمع أحمر .
مايا أم زغيري
لعيلي
فيها
جرحى
ومشردين
كل ما بيخطفها
الرعد غفلي
تنزل عطراف الغيم
وتنام لما العتمي
تمشي
مايا الحاكتني
عن تاريخ العالم بجملي .
مطلعها عَلَم
والخاتمي محبي
مايا الشتلي
العاليي بالضيعة
توزع غناني
مع طلة الراعي
وبيصدَحوا الطّفالى
و العصافير
والنجمي اللي بتشبه
كتير مرتو لألله
نامت عا بكير .
( 2 ) مــــــايـا … دفتر أبيض و خبـــز مذبوح
( بعد ما كسّروني من الضرب طلع مني اعتراف رسمي :
” الشارع كان سكران وأنا أبدا ما شربت “
فقِع المحقق من الضحك على جوابي
وانا كمان ضحكت بالرغم من وجعي .
بسرعة وشوشو معلمو
ليسأل عن قصة كتاب سميك
اسمو ” النبي المسلح ”
وكرر بصوت حتى الجحش يمكن يسمعو :
” والله يا سيدي شَكلُن مألفين الكتاب مشان نشر الدين تَبَعهن ”
فجأة بينطلك مثل مظلي
ويسألنا حضرة المحقق :
طيب ما جاوبتوني ..
من إيمتا عم تنشرو هيدا الدين ؟
وكم مرة التقيتو مع ” تروتسكي ” ؟
ومن وين جبتو حق الكومبيوتر؟
ومين عم يدعمكُن بأجرة المعبد ؟
ردت مايا : الله يرحم جدك وجدي
أيام ما ورطونا بقراية الكتب
وبعدين إذا سألنا اﻷهبل
عن مؤلف الكتاب
رح يقلك صارت عظامو مكاحل .
عن أي دين عم تحكي ؟
وأي معبد ؟
الكتاب صادر من ميت سنة
الكومبيوتر صرلي من سنتين
عم قسّط حُقه
إيجار الغرفة
من وظيفتي ،
بيكفي إستهبالنا …
ماعلينا إدانة .. طلعونا
واشتغلوا لحماية الناس
وأمن البلد ) .
بتذكر سنين تاهت من عمري
سنين مغسلولهِ بمحبتك
بتذكرك مايا وحق الله
انت ما غبتِ
و اسألي الله .
لما ضبطوا
مسودة كلام
انكتب عنِك
قلتي لخفافيش الحي :
انتو مجرد أدوات
وهوي أكثر من انسان
أخذو منك كتاب ” النبي ” لجبران
و شوية وراق منقولي
من مجاميع تروتسكي
ومناشير انكتبت
عن دولة اصنام
جروكِ بجنح الليل
عَـــ زنزانة بجنبي
صرنا كل واحد
يكتب وصية عا حيطو
ونهمس لبعض
بعد شوي
صبوعلينا مية شتي
وضاعت صواتنا
بعتمي تحت الأرض
مايا ابدا مَنّا
حكايي
هي روح
كل صبايا بلادي
في منها بخان العسل والقصير
وتلبيسة والغوطة والتريمسة والقبير والحولا
وبابا عمر وعكرمة وعين حليقيم .
من سنين
لما مرضت مايا
من سنين ماتو جوز حساسين
بعد عشرين سني
انقتلت مايا .
قبلها بيومين
تهجرو العصافير والطفالى
واختفى الراعي
بوادي الضباع .
– بعدني عم اتفحص
صور تبدّلت شوي
عن ملمحا
فجأة شفت عيون
عم تهجم صوبي
فجأة جفت عيوني
وما حظيت إلا بأثر بعيد
مدري هوي وهم
أو انو عالم أكيد .
تبدلت الملامح يا الله
والعيون انطفو
مثل ما فهمت
كل واحد عندو جرح
تخطى عمرو
إلا أنا
اجتمعو فيني
كل جروحات العالم
وغرقت بنهر
مليان براكين
( 3 ) مــــــايـا … انت الهدف وانا المذبوح
بلشت من دفتر أبيض
و خبـــز مكَـــسّر
مليت من رمي الخبز
عالبط الموزع بنهر إيزار
كانو الصبايا منتشرين
من كل صوب
وانا مشدود بخيال بعيد
عين على وطن
والتانيي عا شعب عم ينذبح
وفوق جبيني
روح مــــــايـا
بترفرف من سنين .
مريت بقرب جامع
كان مسكر
وعند رَجعّتي
بلش ينزل مطر ناعم
بيشبة لمسة مــــــايـا
حبيت منظر تيابي
المبللي
إي والله … مثل تياب عاشق
ناطر خاتمي لحكايتو
وقعت بحيرة موتك
بين طعنة سكين
واللا طلقة قناص
انطفت روحي يا الله
وخبرت …
روحي انطفت يا الله
لما رشـــــــو
البشر كيماوي .
مايــا أنت الهدف
وأنا المذبوح …
بعد جلسة صفا
بكنيسي حد بيتي
سألني القس
وين سارح يا بني ؟
صفنت بنظرتو
وما عرفت أحكي
دهن جبيني بزيت معطر
بعدها مَرّر
مبخرة حواليي
وقللي إذا بتحبا
خبي صورتا
واحتفظ فيها بقلبك
ختم حديثُه
و عطاني قطعة خبز يابس
وكرر جملتُه
بعد ما غمض عينُه :
رح يباركك الرب .
تذكرت سياط
الشيخ رحمو
لما تلعثمت
بترديد آية الكرسي
اخذني بعدها بيي لعندو
وطلب منو يعلم الزغار
دين المحبة
وينس سياط عرق الرمان .
وصل الشيخ رحمو
عالإسلام بعد ما هجر
تعاليم التوراة بتأدُف
الضيعة المشلوحة
عطراف الباب
بعد هاي الحادثي
المعلمي بوعيي
قريت نشيد الإنشاد
ومزامير سليمان
وماخلصت لما شربت
مية زمزم
وما شفيت من منظر البحر
اللي انقسم بزمن
حملو الناس فيو
مصحف أبيض
يومها كان العالم أصغر
سهل التسامح
والعيش بنظافي
فجأة صرنا
بعهد جديد
كل ملّي حطت
لحاﻻ كتاب وإنشاد
وقرآن مقدس
صاروا الإخوة اعداء
قبل ما يفتحو عيونُن
وماتت الرأفي
بنفوس البشر
اختفت فكرة
تكوين العالم
ضاعت أسفار
الخلق
وقعت بلادنا
تاهت أعمارنا
خطفوا الوردات وزرعو
مدافع وبواريد
وبين كل قصف سكود
ورشاش يهبط برميل
معبا قنابل
أبشع من الخردل
والنابالم
والسارين
صار الذبح ماركة
مسجلي وحلال
مرة بإسم رئيس
عم يشتغل اجدب
ومرة بإسم عيلة مسوخ
ومرات بيطلعوا
وحوش حاطين
عاجبينن آيات
ويشرعوا الذبح بإسم الله
الخاتمي أصلاً يا بشر
لعبة هِمجّ
ترعاها أُممّ
وهون كلمة فصل
وتنديد
بإسم كل مايا
انذبحت والطفالى …
والسوريين
وبإسمي أنا المقتول
وهيدا صوتي بيصدح :
لا تغفر لَهم أبتاه
إنِهم يعرفون
ماذا يذبحون .
- الكتابة الأولى بتاريخ 19 يناير 2014 وأُعيد النظر فيه يوم الـ العاشر من سبتمبر نفس العام في بازل