تهامة الجندي : فوطة واحدة لخمس وعشرين معتقلة ينْزفْن من الخوف
من يوميات المعتقل السوري : حين كتبتُ مقالتي «سوريات تحت التعذيب والاغتصاب»() وأنهيتها بتدوين أسماء السجينات، اللاتي أُفرج عنّهن في صفقة التبادل مع المحتجزين اللبنانين في إعزاز، حينها لم أتوقع أن المصادفة ستجمعني بواحدة منهنّ، بعد ثمانية أشهر من ذاك التاريخ. صبية لم تتجاوز ربيعها السادس والعشرين، فتحتْ باب المكتب، وأطلّتْ بوجهها الأليف، وقامتها الممشوقة، ألقتْ تحيتها، وسألتْ عن المدير، عرفتُ من لهجتها أنها سورية، قلتُ: تفضلي سيعود بعد قليل، وحتى أكسر حاجز الصمت بيننا، بدأت بأسئلة التعارف التقليدية: مدينتها، دراستها، وعملها، متى خرجت من سوريا، وهل ستعود؟ بادلتْ أسئلتي بابتسامة عذبة، وإجابات مقّتضبة، من الحسكة، درستْ الإعلام في جامعة دمشق، ثم تنهّدتْ وقالتْ: قصتي طويلة ومعقدة، «كنتِ في السجن؟« سألتها على الفور، وقبل أن تجيب دخل مديري.
أضحتْ شام الحوراني() محور اهتمامنا وتعاطفنا نحن الاثنين، وهي تروي كيف اعتُقلت مرتين، مرة لدى الأمن السوري لتسعة شهور، بتهمة الإرهاب، وأخرى لدى الأمن اللبناني لعشرة أيام، بتهمة الدخول غير الشرعي إلى الأراضي اللبنانية. خرجتْ من سجنها الأول بصفقة التبادل، ومن الثاني بكفالة، وظلّ جواز سفرها محتجزا، وعليه تأشيرة دخولها إلى فرنسا. كانت تنتظر استلامه، ومغادرة لبنان بفارغ الصبر. طلب مديري أن تكتبْ ذاكرتها في السجنين، وتلكّأتْ، اقترحتُ أن نلتقي ثانية، وأكتبها عنها، قالتْ: سواء كتبتها أنا، أم كتبتها أنتِ، لن تُنشر قبل أن أصبح في فرنسا. كان طلبها مفهوما ومبرّرا، فهي تخشى على نفسها، وعلى أهلها في دمشق.
بحثتُ عن اسمها على «غوغل«، وكان أهم ما عثرتُ عليه، أنها في نيسان 2011، ناشدت الرئيس السوري عبر موقع «كلنا شركاء«، أن يوقف العنف والاعتقالات التعسّفية، ويفتح قنوات الاتصال مع المعارضة، ويسمح بالتظاهرات السلّمية. اتصلتُ بها، والتقينا مساء الأربعاء، الثاني عشر من شباط 2014، وفي طريقنا إلى حي «فردان«، كانت تتحدثْ بحيوية وود، لكن ما إن جلسنا في المقهى، وأخرجتُ أوراقي وقلمي، وبدأت بتوجيه أسئلتي إليها، حتى بدأ الشكّ يتسلل من تعبيراتها في غفلة منها، وكان الشعور بالخوف يطلّ من أحداقها، يرْشح من حركة شفاهها ويديها. أعرفه جيدا رهاب الأجهزة الأمنية، يطحننا جميعا نحن السوريين. لم أتحايل عليها، ولم أضغط، وددت لو أحميها، وفاضت أمومتي، وكنت كلما شعرت باضطرابها، أغيّر الموضوع.
لم يكن لمبادرتها في مناشدة الرئيس أثراً على اعتقالها، كانت واحدة من المبادرات العديدة، التي أُطلقت في بداية الثورة السورية، لمناشدة القيادة بعدم التصعيد، جميعها لم تلقَ آذان صاغية، وكان الحل العسكري سيد الموقف. أوضحتْ شام، وأضافتْ: اعتُقلتُ على خلفية ذهابي إلى أميركا لحضور مؤتمر لحقوق الإنسان، حين عدتُ إلى سوريا، اتصلوا بي، وأبلغوني أن أراجع الفرع 40، الفرع الذي كان في تلك الفترة يراقب الإعلاميين والنشطاء، ذهبت إلى استجواب، يُفترض أنه يحترم حقوقي، لكن في الربع الساعة الأولى، تم إصدار مذكرة توقيف بحقي، على خلفية أنني إرهابية، وتم تحويلي إلى فرع أمن الدولة 251، (فرع حافظ مخلوف) بتاريخ 1/11/2012. اعتُقلت شهرا كاملا من دون توجيه تهمة لي، سوى أن موقفي كان مع الانتفاضة الشعبية، الموقف بحد ذاته كان تهمة، ثم تم تحويلي في الشهر الثاني إلى شعبة المخابرات العامة، وبقيت، أيضا، شهرا هناك.
خلال شهرين من تواجدي في الأفرع الأمنية، جرت الكثير من الحوارات بيني وبين ضباط الامن، حُقق معي أكثر من مرة، خصوصا في الفرع الأول، ووُجهت لي الكثير من التهم الباطلة: التواصل مع سفارات أجنبية، دول معادية، اتباع أردوغان، نتآمر على النظام، العلاقة بتنظيم «القاعدة«، وأحيانا بالشيخ العرعور. نراسل «الجزيرة« و«العربية« ونبعث بتقارير لـ«شام الإخبارية«، وأكثر ما لفت نظري، أن الضباط كانوا يدركون أن التهم جاهزة ومعلبة، هم أنفسهم كانوا يملّون من التحقيق والكلام، ويسخرون.
كنت أجيبهم أنه ضمن إطار عملي الصحافي، كان يحق لي اللقاء مع أطراف النزاع، التقيت مع أشخاص عدة من الجيش الحر والنظام، كما التقيت عارف دليلة قبل اعتقالي بأسبوع، لم أنكر ذلك. ومن وجهة نظري لم أُسئ إلى البلد أو القوانين، كنت أقوم بعملي الصحافي، وأبين حقيقة ما يجري على الأرض.
كانوا يسألونني عن قياديّي الجيش الحر، وكيف يمكن جلبهم؟ عوملت في أمن الدولة على أساس أني إرهابية، وأدعم لوجستياً الإرهاب والجيش الحر، وفي حقيقة الأمر، لم أفعل أكثر من أني نشرت ثلاث مقالات في «كلنا شركاء«، المناشدة، وكيف تصرف عناصر الأمن في منطقة بساتين المزة، وواحدة عن أوضاع النازحين الحماصنة في مخيم اليرموك، والرابعة في صحيفة «الشرق« السعودية عن تلاعب الامن بالليرة السورية. هذه كانت المقالات التي كتبتها، والملفت أنهم أحالوني إلى محكمة الإرهاب.
أثناء التحقيق لم أتعرض للتعذيب الجسدي أو الاغتصاب، استعملوا معي التعذيب النفسي، وضعوني أربعين يوما في المنّفردة، مكان وسخ جدا، وكانوا يعاقبوني أحيانا بالحرمان من الطعام. بعد التحقيق حولّت إلى محكمة الإرهاب، والنائب العام أصدر قرار بإيداعي في «سجن عدرا« لحين الطلب، وبقيت في السجن من دون أي محاكمة من 1/1/2013 حتى 15/3/2013.
ظروف السجن لم تكن سهلة، السجن خاضع للأمن السياسي، وافتُتح فيه مهّجع خاص بسجينات محكمة الإرهاب. المهجع في الطابق الأول، ضيق جدا، بلا نوافذ، وكنا أربعين سجينة، نحس أننا نختنق من نقص الهواء، الفرش على الأرض، وأسرّة للقديمات من ذوات المحاكم العسكرية، برد ولا توجد تدفئة، ولا مياه ساخنة، يوجد سخانين نغلي عليهما القهوة والشاي، ونسخّن الماء بالطناجر للحمام، ولكل واحدة دور كل عشرة أيام، عانينا كثيرا من الجرب والقمل. يقدّمون لنا وجبة واحدة في اليوم على الغذاء، صحن برغل أو أرز فقط، وبكميات قليلة، ضجيج دائم والزيارات ممنوعة.
بعد أن ازداد عددنا كثيرا، اضربنا عن الطعام لمدة ثلاثة أيام، من أجل تحسين ظروف الاعتقال، لم تستجب إدارة السجن لمطالبنا، تم عزل منظّمات الإضراب في زنزانات انفرادية وضرّبهنّ، افتتحوا مهجعا آخر، ووزعونا إلى قسمين. في 15 آذار تم استدعائي إلى قبو التحقيق، كان القرار مسبقا بتوقيفنا بتهمة القيام بأعمال إرهابية (المادة 15)، ونُقلت إلى المهّجع الجديد في السجن نفسه، لكن ظروفه كانت أفضل، كنا 15 سجينة، يحق زيارتنا مرتين في الأسبوع، من قبل المحامين والأهل فقط، الزيارات الخاصة ممنوعة، وزيارات الأهل من وراء الشباك فقط، ممنوع استخدام الهاتف، مع أن القانون يجيز لنا ذلك، فترة توقيفنا غير محددة، إلى أن يأتي قرار إخلاء سبيلنا من فرع الأمن.
في السجن لفت انتباهي أن ثلاثة أرباع المعتقلات، لم يكن لهنّ علاقة مباشرة بالثورة، اعتقالات عشوائية على الهوية والمناطق، وتتم على الحواجز الأمنية، وهؤلاء المعتقلات، كن يعاملّن كأسرى حرب مخطوفين، ريثما يقوم الجيش الحر بتحريرهن من خلال صفقات تبادل الأسرى، يتعرضّن للإهانة والتعذيب، وكان هناك معتقلات حوامل أجهضّن، امرأة في الخمسين من عمرها اعتُقلت فقط لأنها من عدرا، وأُوقفت شابة لأن خطيبها كان مع الجيش الحر، كان ثمة معتقلات مؤيدات للنظام، خَرَجْن معارضات، وكنت أشعر أنهم بتلك الاعتقالات العشوائية، يحاولون تشويه ملف المعتقلين، وتشويه صورة الثورة.
المعتقلات اللاتي لهن علاقة بالثورة، كن يبقين في الأفرع الأمنية أشهرا منّسيات، من دون تحويلهن إلى سجون مدنية. بعض المعتقلات تعرضّن لضرب شديد مثل فاتن رجب، دلال أبو قياس، أمل صالح، منى الوادي، المحامية ميسر حديد، ورشا مخزي. فاتن رجب أكثر من تعذّبت، وهي دكتورة في الفيزياء، من دوما، وضعت في زنزانة منفردة في المخابرات «الجوية« لسنة كاملة، ولم يصدر بيان واحد للمطالبة بالإفراج عنها، كانت من الأسماء المغيّبة تماما، دلال أبو قياس مهندسة كهرباء من درعا، وُضعت في المنفردة بفرع الجوية لمدة أشهر، وتعرضت للتعذيب، ولم يتم تحويلها حتى اليوم إلى المحكمة، أم لطفلين ظلت ستة أشهر في الجوية تخضع للتحقيق. حورية عياش قضت عشرة أشهر في الجوية، نصف الفترة كانت في المنفردة، وكل هؤلاء المعتقلات ذات ملفات سرّية، بأرقام وليس بأسمائهنّ الحقيقية.
ثمة معتقلات أمهات مثل: نسرين السعد، عبير رافع، هبة الزرقان، مد الشربجي، فضيلة البدوي وفداء الشمالي. هناك معتقلات تحت سن الثامنة عشر، مثل: ريما برماوي، رزان بطالو وجنا الصيصان. كان يتم ابتزاز معظم المعتقلات من أجل إجراء مقابلات مع قناة الدنيا، وتصويرهن كإرهابيات، والإدلاء بتصريحات عن تورطهن بنقل السلاح، لقاء إخراجهنّ من المنّفردة، وتحويلهنّ إلى سجن مدني، وثلاثة أرباع المعتقلات أجريّن مثل تلك اللقاءات، مثلما حدث مع نسرين السعد. تعرفت بكل هؤلاء السجينات أثناء فترات التنفس في الباحة، معظمهنّ لم يكن أحد يزورهنّ، لأن أهاليهنّ في أماكن بعيدة، كنّ ضحايا أكثر مما كن معتقلات.
كنت من الأوائل اللاتي تم تحويلنا إلى محكمة أمن الدولة، وكنت أشعر بخوف شديد، نسمع عن أحكام جائرة وطويلة، وهناك إشاعات كثيرة عن إعدامنا بعد تحويلنا إلى السجن، كان لدينا إحساس بأننا لن نخرج أبدا من السجن، وكان تعامل الضباط معنا قاسيا، وازداد خوفنا مع الحصار الذي فُرض على السجن، أثناء محاولة كتائب الجيش الحر في دوما وحرستا، تطويق السجن وتحرير السجناء. الثلاثة أشهر الأخيرة، كانت هي الأصعب عليّ، الخوف يكبر مع الأعداد الهائلة، التي تدخل إلى السجن، وتتكوّم فيه، ولا تُحال إلى المحاكم، ولم نكن مشمولين بأي عفو رئاسي قد يصدر، لأن العفو يطال المجرمين فقط، وليس النشطاء والسياسيين. كانت تُنفذ إعدامات ميدانية في السجون الأخرى، كسجن صيدنايا، وكان يتم نقل البعض إلى سجون سرية، ويغيب عن العالم، كنا نشعر بالحنق والحزن الكبيرين، لدرجة أننا نظمنا إضراباً للمطالبة بالإفراج عنا، وكانوا يقولون: أنتنّ صفقات تبادل.
لم يكن في السجن أدوية ولا أطباء، وحين تمرض إحدانا، كنا نحس بها، ونحاول التخفيف عنها. في اللحظات الإنسانية الخالصة كنا نصلي صلاة الجماعة، أو نقيم مائدة جماعية، كان عندنا شعور جمعي، كل ليل نبكي كأمهات، ونودع بعضنا أثناء إخلاء السبيل، كان بيننا نساء شجاعات جدا من المعضمية ودرعا، لم يتراجعّن عن دعم الثورة، كن يخفّن الموت فقط، ولا يأبهّن بالسجان. حين بدأ القصف على السجن أثناء تطويقه من الجيش الحر، وحُبسنا داخل الأبواب، هذا ولّد شجاعة لدى الجميع، قوينا، وحدث ما يشبه العصيان، كنا نغني أغاني الثورة، وكانت رايتنا ترتفع مع رايات الجيش الحر. دُفعتنا كانت أقوى دفعة، كنا طبيبات ومهندسات وصيدلانيات، وأقمنا القيامة في السجن، عوقبنا جميعنا، الناشطات نُقلّن إلى المنفردة، واُعدّن إلى الأمن السياسي مرة ثانية، والأخريات تعرضّن إلى عقوبات الحرمان من التنفس، ومن التلفزيون، وزيارات الأهل.
في كل فترات الاعتقال القاسية، لم تنقصنا المفارقات الساخرة، والكوميديا السوداء. في الفرع الأول والثاني كان من الممنوع دخول كل الأغراض النسائية، وكانت المعتقلات أثناء الدورة الشهرية يستخدمّن الجوارب، أو يمزّقن قمصانهنّ الداخلية. في فرع الخطيب 241، كنا 25 معتقلة في غرفة مترين بمتر، دفعة كبيرة من زملكا وجوبر من معتقلات الثورة، جميعنا نزفنا في وقت واحد من الخوف، دققنا الباب، وطلبنا مقابلة مدير الفرع، وفوضنا من تتحدث عنا، جاء المدير، وقالت المفوّضة: «بدنا فوط نسائية، الدم صار للركب«، أرسل لنا فوطة واحدة، وقال: اقتسموها فيما بينكنّ.
كنا نحاول سرقة المحارم من على مكتب المحقّق، وحين تعود إحدانا من غرفة التحقيق ومعها محّرمة، كنا نحتفل بها، أما التي تعود خالية الوفاض، كنا نوبخها، ونقول «بعتناكي لحتى تجيبي محارم، ولا لحتى تعترفي عنا؟«. في الفرع الثاني قامت السجينات للدبكة (وأنا الحاصودة) قال الحارس: «ولك نزعتوا سمعة الفرع، عمرو ما حدا دبك هون، ما نكون سامعين صوت الضرب«.
فجر الجمعة في السجن، كنا نقف في خطين متوازيين، ونصلي، وكانت يسرى من «النصرة« تؤم بنا، دخل المدير، وسألنا بغضب ماذا يجري؟ (الصلاة ممنوعة)، جلست المعتقلات، وظلت يسرى واقفة بغطاء رأسها، أجابته: نصلي، وأنا أنظم الصلاة. نزع حجابها، وداسه ببوطه العسكري، داسونا وضربونا، ورشوا علينا غازات مسيّلة للدموع من أجل تفريق صلاة الجمعة.
في رأس السنة بعثت لنا إدارة السجن علبة حلوى معفّنة، رفضنا قبولها، وقلنا أرسلوها للشباب، وفي اليوم التالي عاقبونا، لأننا أرسلنا للشباب علبة حلوى معفنة، وتسمم بعضهم منها. مرة تعطلت كاميرا المراقبة في مهجعنا، فنادينا الحارس وقلنا له: «صلح الكاميرا، بلكي حكينا شي ما سمعتوه«، كنا نقف أمام الكاميرا، ونقول: يا دولة، يا حكومة، جيبولنا معجون اسنان. هذا عدا الخناقات بين البنات، واحدة مع الثورة السلمية، وواحدة مع المسلحة، أو المعارضة.
كنت سأدخل شهري التاسع في السجن، فقدت الأمل من الخروج تماما، مرضت أسبوعا كاملا، واكتأبت. ثم أتت محكمة الإرهاب، بدأت تفصل في الدعاوي، وتحيلها إلى جنايات، أذكر أني تشاجرت مع مدير السجن، ووصفته بالواطي، وكلب النظام، شحطني الضباط إلى المنفردة، وأعتقدت أني لن أخرج منها أبدا. في 15/7 أرسلت المحكمة قرارا بإخلاء سبيلي، فرحت كثيرا، وشعرت بالنصر. الحكم صدر بموجب وساطات، وضغوطاً على القاضي من قبل منظمات حقوقية، طالبت بالإفراج عني، أُدرج اسمي في صفقة التبادل مع الأسرى اللبنانيين، كنت مع عشرين معتقلة، وردت أسماؤنا في الصفقة، نقلونا إلى الأمن القومي، بقينا عشرة أيام، كان الأسبوع الثاني من رمضان، تمت الصفقة، وخرجنا في 20/7/2013.
أثناء اعتقالي، كان أهلي يعانون الخوف والقلق الشديدين، مما يسمعونه عن وفاة المعتقلات تحت التعذيب، وتغييبهنّ. ظلوا شهرين لا يعرفون أين أنا، وبعد أن عرفوا مكان سجني، صاروا يذهبون كل يوم للمراجعة بشأني إلى القصر الجمهوري، محكمة الإرهاب، وزارة العدل، مجلس الشعب، ووزارة المصالحة الوطنية. وحين خرجت من السجن، كان خوفهم وخوفي كبير من أن أُعتقل مرة أخرى.
غادرت شام مملكة الرعب، ولم تغادرها كوابيسها. كم من السنوات تلزمنا حتى نتعافى؟
نوافذ