زملاء
نور بيطار : الرأي الغربي والعالمي .. كيف يمكن تحريكه .. هل من رأي آخر ؟
يجري استعمال الكيماوي في الغوطة ولكن لا يجري تداول الخبر في الإعلام الغربي، لم يختلف الظرف فالسلاح نفسه والفاعل نفسه والضحية نفسها، والبلدة نفسها أيضاً.. وذات الصراع لكنه الخبر هذه المرة لم يجد طريقه للجمهور الغربي
قبل حادثة الكيماوي في آب الماضي جرى استخدام الكيماوي مرات كثيرة في نطاق ضيق نسبياً، وكذلك لم يجد طريقه للجمهور الغربي والرأي العالمي.
الذي ميزه في تلك المرة هو توافر إرادة دولية لتوظيفه معنا، و لو شاءت توظيفه علينا لفعلت وهي اليوم قادرة أيضاً وهذا أمر لم يعد يغيب على أحد.
بالمقابل يصلني على بريدي الالكتروني رسائل من مؤتمرات صحفية يجريها في ألمانيا سوريون ينحدرون من أقليات، نسبوا أنفسهم للثورة ضد الأسد في بادئ الأمر وحصلوا على تراخيص قانونية كجمعيات ناشطة في الإغاثة للسوريين، لكنها الآن لا تخفي لئمها وبراكين الغيظ البادي في كل حرف وكل حركة، وخلاصة مؤتمراتها باستمرار أن في سوريا حرب أهلية .. بين إسلاميين خلفهم أطراف أجنبية وبين نظام ديكتاتوري خلفه أطراف أجنبية.. والضحية باختصار ليس عموم الشعب السوري.. إنما الأقليات التي تمثل ما لا يقل عن 45% من الشعب.. حسب زعم القائل، وهنا لا نريد الوقوف مع أثر هذه مثل هذه الدعوات في تمزيق الطيف السوري وتبديد جهود المشاركين من الأقليات بالثورة ليفوز الصغار بفرصة الحضور تحت الأضواء أو مسايرة بعض الأهواء.
لا يخفى أبداً على أي متابع له صلات مع الدوائر السياسية في أوربا وأمريكا، حجم الانزياح الكبير الحاصل في قناعات الغربين بمستقبل الصراع وأولوية التحرك فيه، حيث النبرة الغالبة الآن هي التخويف من التطرف الإسلامي، فيما كانت النبرة السابقة التعاطف مع الشعب المظلوم.
ونحن ندرك أن هذا الموقف يستند لقرارات سياسية وليس لقراءات ميدانية.. بمعنى أنهم يرون المصلحة الغربية في ظهور عدو ديني في الشرق الأوسط يترك لهم أبواب التدخل مفتوحة في كل الأوقات ويحول دون قيام استقرار استراتيجي وبالتالي يدفع بالعقول والشباب إلى القارة العجوز.. و يجعل الخيرات والموارد عرضاً في بازار السلاح
وكما ندرك هذا .. هم أيضاً يدركون حجم السخافة والكذب في ادعاءات الأقليات التي أشرت لها.. و أولئك الثرثارون الوظاوظ أصحاب الادعاءات يدركون بأن كذبهم مفضوح لدى صناع القرار الغربيين.. لكن إرخاء الحبل لهم يدفعهم للطمع بالتمادي.. والنتيجة لكل تلك الهرطقات أن لا حياة لمن تنادي .. وتسقط كل المخاوف والاحتقانات بسؤال من سائق تكسي عندما تخبره بأنك من سوريا فيقول لك.. وأين تقع هذه؟
الواقع أنني شبه فاقد الأمل من معنى تحريك الرأي العام الغربي بالطرق التي نعرفها.. المنشورات واللقاءات والمظاهرات والدعوات.. كلها لا تصل لشيئ معتبر لأن الإنسان الغربي لا يعتبرها أصلاً ولا يحب أن يسمع ما يستفز دموعه
بحملة دعائية واحدة من الحكومة المركزية لزرع قناعة معينة في الأوساط الشعبية في أي بلد أوروبي.. تقوم مثلاً بإدراج خبر عن كارثة إنسانية في سوريا .. أو مثلاً خطر أمني قادم من سوريا.. بإعلان قصير لمدة خمس ثواني على رأس كل ساعة يملئ الشاشات في محطات القطارات والباصات والمرافق العامة ليوم واحد فقط .. سيكون هو الموقف الشعبي وانتهى الأمر.
أريد أن أقول أن الوصول للرأي الغربي والدولي يمر حصراً عبر الرقابة المركزية لصناع القرار السياسي في العالم الغربي. لن يسمحوا بمرور أي وافد من سوريا لمجرد الاستجابة لأصوات المتظاهرين في الساحات.. أكان الوافد خبراً أم لاجئاً.
الأكثر جدوى هو العمل على صعيد التواصل في الدوائر الدبلوماسية.. حيث توجيه الدفة.. و هو بذاته بحاجة لامتلاك تصور حول ماذا نريد.. وهذا التصور غائب لا يزال.. إلا اللهم ما يمكن أن نراه في خطة التحول الديمقراطي التي يروج لها رضوان زيادة والتي تحسن قليلاً من صورة المعارضين لنظام الأسد.. ومع ذلك فيها غير كافية لانفصالها عن الكيانات الداخلية.. وليت أن الأوراق المطروحة في الداخل ترقى لوصف مشروع.. لكن الحقيقة أن المشروع غير موجود لا في التصور ولا على الورق.. حتى عند من يرفعون شعار مشروع أمة.. ومن هنا يجب أن نبدأ.. و أما الرأي العالمي والغربي فيأتي في ترتيب متأخر من سلسلة الأولويات والاستحقاقات التلقائية.. يعني تحصيل حاصل.
نور بيطار.. الناطق الإعلامي لمجلس قيادة الثورة في دمشق