بيان للرئيس أوباما بشأن العراق
الرئيس: أسعدتم صباحًا. على مدى اليومين الماضيين، والطيارون الأميركيون ومساعدوهم يؤدون عملهم بشجاعة ومهارة في سماء العراق.
أولا، شنّت القوات الأميركية غارات جوية موجّهة تستهدف القوى الإرهابية خارج مدينة أربيل لمنعهم من التقدم إلى المدينة وحماية الدبلوماسيين والعسكريين
الأميركيين. وحتى الآن، دمرت هذه الهجمات بنجاح الأسلحة والمعدات التي كان يمكن أن يستخدمها الإرهابيون ضد أربيل. وفي الوقت نفسه، تواصل القوات الكردية الموجودة على الأرض الدفاع عن المدينة، وتقوم الولايات المتحدة والحكومة العراقية بتعزيز وزيادة مساعداتنا العسكرية للقوات الكردية أثناء قتالهم.
ثانيا، لا تزال الجهود الإنسانية مستمرة لمساعدة الرجال والنساء والأطفال العالقين في جبل سنجار. وقد قامت القوات الأميركية حتى الآن بعمليتي إنزال جوي ناجحتين – قدمت خلالهما الآلاف من وجبات الطعام وغالونات المياه إلى هؤلاء الرجال والنساء والأطفال اليائسين. والطائرات الأميركية في وضع الاستعداد جاهزة لضرب إرهابيي داعش الموجودين حول الجبل لمساعدة القوات في العراق على كسر الحصار وإنقاذ أولئك العالقين هناك.
والآن، حتى ونحن نتعامل مع هذه الأوضاع العاجلة، فإننا نواصل اتباع استراتيجية أوسع نطاقا في العراق. سوف نقوم بحماية مواطنينا الأميركيين في العراق، سواء كانوا دبلوماسيين أو مدنيين أو عسكريين. وإذا قام هؤلاء الإرهابيون بتهديد منشآتنا أو موظفينا، فسوف نتخذ الإجراءات اللازمة لحماية مواطنينا.
سنستمر في تقديم المساعدة والمشورة العسكرية للحكومة العراقية والقوات الكردية في معركتهم ضد هؤلاء الإرهابيين، كي لا يتمكن الإرهابيون من تأسيس ملاذ آمن ودائم لهم.
سوف نواصل العمل مع المجتمع الدولي للتعامل مع الأزمة الإنسانية المتفاقمة في العراق. حتى وفي ظل تركيز اهتمامنا على منع حدوث عمل من أعمال الإبادة الجماعية، ومساعدة الرجال والنساء والأطفال العالقين على الجبل، فإن عددًا لا يحصى من العراقيين قد فروا أو طردوا من منازلهم، بمن فيهم العديد من المسيحيين.
صباح اليوم، تحدثتُ مع رئيس الوزراء البريطاني كاميرون والرئيس الفرنسي أولاند. ويسرني أن كلا الزعيمين قد أعرب عن دعمه القوي للتدابير التي اتخذناها، ووافق على الانضمام إلينا في تقديم المساعدة الإنسانية إلى المدنيين العراقيين الذين يعانون كثيرًا. إن أميركا، مرة أخرى، تعتز بالعمل جنبا إلى جنب مع أقرب أصدقائنا وحلفائنا.
وعلى نطاق أوسع، تعمل الأمم المتحدة في العراق بصورة عاجلة للمساعدة في الاستجابة لاحتياجات هؤلاء العراقيين الذين فروا من المناطق الواقعة تحت التهديد. وقد دعا مجلس الأمن المجتمع الدولي إلى بذل كل ما في وسعه لتوفير الغذاء والماء والمأوى. وخلال محادثاتي مع الحلفاء والشركاء في جميع أنحاء العالم، سوف أستمر في حثهم على الانضمام إلينا في هذا الجهد الإنساني.
وأخيرًا، ما زلنا ندعو العراقيين للعمل معا وتشكيل حكومة شاملة جامعة يحتاجها العراق الآن. ونائب الرئيس بايدن يواصل التحدث مع القادة العراقيين، وفريقنا في بغداد على اتصال وثيق مع الحكومة العراقية. إن كافة الطوائف العراقية مهددة في نهاية المطاف من قبل هؤلاء الإرهابيين الهمج، ولذا فمن الضروري أن تتحد جميع الطوائف العراقية للدفاع عن بلادهم.
وتمامًا مثلما نركز على الوضع في الشمال الذي أثّر على الأكراد والأقليات العراقية، فإن السُنة والشيعة في مناطق مختلفة من العراق قد عانوا بشدة على أيدي داعش. وبمجرد أن تتشكّل حكومة شاملة، فإنني واثق من أنه سيكون من الأسهل حشد كل العراقيين ضد داعش، وحشد المزيد من الدعم من أصدقائنا وحلفائنا. وفي نهاية المطاف، لا يمكن أن يضمن أمن واستقرار العراق سوى العراقيين أنفسهم. فالولايات المتحدة لا تستطيع أن تفعل ذلك نيابة عنهم، ولكننا يمكن أن نكون، بل وسوف نكون، شركاء في هذا الجهد.
وثمة شيء واحد أخير – إننا، ونحن نمضي قدمًا، سنستمر في التشاور مع الكونغرس والتنسيق الوثيق مع حلفائنا وشركائنا. ولأننا أميركيون فسنواصل إبداء الامتنان لرجالنا ونسائنا العاملين في القوات المسلحة الذين يقومون بتنفيذ عملياتنا هناك. فعندما جرى استدعاؤهم، كانوا على أهبة استعداد – كما هي عادتهم دائمًا. وعندما أوكلت إليهم المهمة، أنجزوها بامتياز – كما يفعلون دائما. وعندما نراهم يؤدون عملهم بكل هذا الشرف والحماس، إذ يقومون بالذود عن إخوتنا المواطنين وإنقاذ أرواح لم يقابلوا أصحابها أبدا، فهذا يجعلنا نشعر بالفخر والاعتزاز بأننا أميركيون – وسنظل دائمًا نشعر بذلك.
وأما بعد، فاسمحوا لي أن أتلقى بضعة أسئلة.
سؤال: السيد الرئيس، إلى أي فترة من الزمن ترون استمرار هذه الغارات الجوية؟ وهل هدفك هناك هو احتواء تنظيم داعش أم تدميره؟
الرئيس: لن أعطي جدولا زمنيًا محددًا، لأنه وكما قلتُ من البداية، أينما وحينما يكون العاملون الأميركيون والمنشآت الأميركية تحت التهديد، فإن من واجبي، واجبي بصفتي القائد الأعلى للقوات المسلحة، التأكد من أنهم يتمتعون بالحماية. ونحن لن ننقل سفارتنا في أي وقت قريب. كما أننا لن ننقل قنصليتنا كذلك في أي وقت قريب. وهذا يعني أنه بالنظر إلى البيئة الأمنية الصعبة، فإننا سنواصل التحلي باليقظة وضمان أن مواطنينا سالمون وآمنون.
إن هدفنا الأوليّ هو ليس فقط أن نتأكد من أن الأميركيين يتمتعون بالحماية، ولكن أن نتعامل أيضًا مع هذا الوضع الإنساني في سنجار. نحن على ثقة من أننا يمكن أن نمنع داعش من الصعود إلى أعلى الجبل وذبح الناس الموجودين هناك. ولكن الخطوة التالية، والتي ستكون معقدة من الناحية اللوجستية، هي كيف نوفر ممرًا آمنا للأشخاص الهابطين من الجبل، وأين يمكننا نقلهم في نهاية المطاف بحيث يكونوا آمنين. هذا هو نوع التنسيق الذي يتعين علينا القيام به مع الدول الأخرى.
لقد سرّني للغاية أن أحظى بتعاون كل من رئيس الوزراء كاميرون والرئيس أولاند بخصوص تلبية بعض الاحتياجات العاجلة من حيث عمليات الإنزال الجوي وبعض الأصول والدعم اللوجستي الذي قدموه. ولكن هناك مجموعة أوسع من التساؤلات التي ينخرط فيها خبراؤنا الآن مع الأمم المتحدة ومع حلفائنا وشركائنا، وهو كيف يمكننا إنشاء ممر آمن أو أي آلية أخرى لكي يتمكن هؤلاء الناس من الانتقال. وهذا قد يستغرق بعض الوقت- لأن هناك تقديرات متفاوتة حول عدد الناس هناك، ولكنهم بالآلاف، ونقلهم ليس بالأمر البسيط في هذا النوع من المناخ الأمني.
ومع ذلك، وفقط من أجل إعطاء الناس جدولا زمنيًا على وجه التقريب – فإن الجدول الزمني الأهم الذي أصب اهتمامي عليه الآن هو التوصل إلى تشكيل حكومة عراقية ووضع اللمسات الأخيرة. لأنه في غياب حكومة عراقية، فمن الصعب جدًا أن يبذل العراقيون معًا جهدًا موحدًا ضد داعش. يمكننا شنّ ضربات جوية، ولكن في النهاية لن يكون هناك حل عسكري أميركي لهذه المشكلة. وإنما سيتحتم أن يكون هناك حل عراقي تؤيده وتدعمه أميركا والحلفاء والدول الأخرى. وهذا لا يمكن أن يحدث على نحوٍ فعال إلى أن تكون هناك حكومة عراقية شرعية.
إذن أصبح لدينا الآن رئيس، وكذلك رئيس لمجلس النواب. وما نفتقده حتى الآن هو رئيس للوزراء وتشكيل وزارة يمكنهما المضي قدما إلى الأمام، ثم البدء في التواصل مع مختلف الجماعات والفصائل داخل العراق، وإعطاء سكان المناطق السنية الثقة في أن داعش ليست اللاعب الوحيد في المنطقة. كما سيتيح لنا ذلك بعدئذ أن نحدد قوات الأمن العراقية، القادرة والمتمكنة من أداء وظيفتها، والتي تدرك مَن الجهة التي ستكون مسؤولة أمامها، والهدف الذي تقاتل من أجله، والتسلسل الهرمي للقيادة. كما أن ذلك سيوفر البنية الأساسية التي يمكن أن يجري فيها تعاون أفضل بين إقليم كردستان وبغداد.
إذن، فإننا سندفع بقوة من أجل تشجيع العراقيين على تشكيل حكومتهم. وإلى أن يتم ذلك سيكون من الصعب تحقيق توحيد الجهد الذي يتيح لنا، ليس فقط أن نتخذ موقفا دفاعيا، وإنما أن نقوم ببعض الهجوم كذلك.
سؤال: السيد الرئيس، شاركت الولايات المتحدة في حربين طويلتين في أفغانستان والعراق يشوب نتائجهما عدم اليقين. كيف يمكنكم أن تؤكدوا للشعب الأميركي أننا لن نُستدرج لحرب ثانية في العراق؟
هل كانت تقديراتكم أقل من قوة داعش الحقيقية؟ أخيرا، أنت ذكرت أن الولايات المتحدة أدخلت شركاء دوليين في المجهول الإنساني. هل تفكرون بمفاتحة شركاء دوليين بخصوص إجراءات عسكرية لمنع انتشار داعش؟
الرئيس: حسنا هناك نقطتان. أقول أولا، كنت واضحًا جدا في أننا لن نرسل قوات قتالية إلى العراق من جديد. ونحن سنحافظ على هذه السياسة لأنه ينبغي أن نكون قد تعلمنا درسا من حملتنا الطويلة والمكلفة جدا في العراق. وهذا الدرس هو أن جيشنا لديه الكفاءة الكبيرة بحيث يمكننا أن نبقي المشاكل، أينما وجدت، تحت السيطرة إذا وضعنا ما يكفي من أفراد وموارد فيها. لكن هذا الوضع يمكن أن يدوم فقط إذا استطاع الناس في هذه البلدان أن يتوصلوا بأنفسهم إلى أنواع التوافقات السياسية والحلول الوسط التي يقضيها أي مجتمع حضاري.
ولهذا باعقادي أنه سيكون خطأ جسيما لنا أن نعتقد أنه بمقدورنا أن نمضي بكل بساطة وبكلفة زهيدة في ضبط الأمور من جديد بمعزل عن بعض التحول الأساسي في مواقف مختلف الفصائل العراقية. ولهذا السبب فإن من الأهمية البالغة أن تكون لدينا حكومة عراقية مسؤولة وعاملة ميدانيا، نستطيع أن نساعدها وأن نتواصل معها، ولديها القدرة على تشكيل تحالفات في المنطقة. وحالما يتم إرساء وضع كهذا، ففي اعتقادي أنه سينتهي بنا المطاف أن نصبح واحدة من بلدان كثيرة يمكنها أن تعمل سوية للتعامل مع الأزمة الأعمّ المتمثلة في داعش.
ماذا كان سؤالك الآخر؟ هل أننا أسأنا تقدير قدرات (تنظيم) داعش؟ الجواب هو أنني أعتقد أنه ما من شك في أن تقدم التنظيم وتحركاته خلال الأشهر القليلة الماضية كانا أسرع من تقديرات الاستخبارات، وكما أعتقد، فإنه تجاوز توقعات صناع السياسة داخل العراق وخارجه. وجزء من ذلك، في رأيي، هو عدم التقدير الكامل لمدى ما كانت قوات الأمن العراقية تفتقده من حافز أو قدرة للمحافظة على مواقعها ضد عدو مهاجم- خاصة عندما تكون بعيدة عن بغداد. إذن فهذا سبب آخر لمدى الأهمية الكبيرة لتشكيل الحكومة العراقية- لأنه يتعين أن يكون هناك إعادة بناء، وإدراك لمن ستكون القوات الأمنية العراقية مسؤولة أمامه، والسبب الذي تقاتل من أجله. ويجب أن تكون هناك مشاركة من السنة لدحر داعش.
وأعتقد أننا بدأنا نرى أصلا- وسنشهد حتى أكثر– إلى أي درجة وصل نفور السكان في المناطق التي وقعت تحت سيطرة داعش- بسبب الهمجية والقسوة اللتين تستخدمهما. لكن من أجل ضمان أن السنة في العراق سيرفضون صراحة كل هذه الأنواع من التعديات، يجب أن يشعروا بأن لهم مصلحة في تشكيل حكومة وطنية ذات قاعدة أعرض، وهم في الوقت الحالي لا يشعرون بذلك.
إذن، فإن النتيجة هي أن ما شاهدناه على مدى الأشهر القليلة الماضية يبين وجود ضعف في الحكومة العراقية. لكن ما شاهدناه كذلك هو دعوة لليقظة والانتباه بالنسبة للعديد من العراقيين في بغداد ممن أدركوا أنه سيتعين عليهم التفكير مجددا في كيف يجب أن يتصرفوا إذا أرادوا توحيد شمل بلادهم. وكما يرجى، فإن ذلك التغيير في المواقف سيُستكمل بتحسين الجهود الأمنية التي يمكن أن نساعد فيها، والتي يمكن أن تحقق فارقا.
سؤال: أنت أعربت للتو عن الثقة في أن الحكومة العراقية يمكنها أن تمنع وجود ملاذ آمن في نهاية المطاف. لكنك وصفت كذلك التعقيدات الموجودة في الحكومة العراقية، ومدى التطور الذي تتصف به داعش. فهل من المحتمل أن ما وصفته وما يستغرقه تحقيق طموحاتك يتطلب سنوات وليس مجرد شهور؟
الرئيس: لا أعتقد أنه سيكون بمقدورنا أن نحل هذه المشكلة في غضون أسابيع- إذا كان هذا ما عنيته. أعتقد أنه سيستغرق بعض الوقت. وقوات الأمن العراقية، من أجل أن تقوم بعملية هجومية وأن تكون قادرة على العمل بفاعلية بدعم من سكان المناطق السنية، سيتعين عليها أن تعيد تشكيل نفسها، وأن تعيد التزود بالإمدادات، وأن يكون لديها استراتيجية أكثر وضوحًا. وهذا كله سيعتمد على وجود حكومة يكون لدى الشعب العراقي والمؤسسة العسكرية العراقية ثقة فيها. وبإمكاننا نحن أن نساعد في كل تلك الجهود.
وأعتقد أن جزءا مما يمكننا أن نقوم به في الوقت الحالي هو إتاحة فسحة لهم كي يقوموا بالعمل العسير المطلوب. وإذا نجحوا في ذلك فإن الشيء الوحيد الذي تبدّل، حسب اعتقادي، هو أن الكثير من البلدان المسلمة السنية في المنطقة التي كانت مرتابة أو حذرة من الحكومة العراقية أصبح الآن من المحتمل بدرجة أكبر أن تنضم إلى الحرب على داعش، وهذا سيكون مفيدًا إلى درجة كبيرة جدًا. لكن هذا سيكون مشروعًا طويل الأجل.
وجزء مما شاهدناه هو أن أقلية سنية في العراق، بالإضافة إلى غالبية سنية في سوريا كانتا تشعران بعدم الرضى والعزلة والنفور من قبل حكومتيهما. وهذا الوضع أرضية ناضجة لأولئك الجهاديين والمتطرفين للقيام بعملياتهم. وإعادة بناء الحكم الرشيد في تلك المناطق، وبناء شرعية حكم مستقر ومعتدل في هذه المناطق سيتطلب فترة من الزمن.
والآن هناك بعض الموضوعات المثيرة للقلق في الوقت الراهن التي يجب أن نهتم بها. فعلينا أن نتيقن من أن داعش لن تشارك في أفعال يمكن أن تشل بلدا معينًا بصورة دائمة. فهناك بنى تحتية أساسية داخل العراق يجب علينا أن نهتم بها. وفريقي كان على علم حتى قبل دخول داعش مدينة الموصل، بأن مقاتلين أجانب وجهاديين كانوا يتجمعون في سوريا، والآن في العراق، ممن قد يشنون هجمات محتملة خارج تلك المنطقة ضد أهداف غربية وأميركية. لهذا سيكون هناك عامل مكافحة الإرهاب الذي نقوم أصلا بالاستعداد له وكنا نعمل من أجله بلا كلل منذ فترة طويلة الآن.
سوف يكون هناك عنصر عسكري في عملية حماية أبناء شعبنا ، لكن الحملة الطويلة الأجل الرامية لتغيير ذلك المناخ بحيث يشعر الملايين من السنة الذين يقطنون في تلك المناطق بأنهم مرتبطون بحكومة وطنية تخدمهم بشكل جيد، فهذه عملية طويلة الأجل. وهذا شيء ليس بمقدور الولايات المتحدة القيام به، فقط الشعب العراقي نفسه هو الذي يستطيع فعل ذلك. يمكننا أن نساعد، وبمستطاعنا إسداء النصح والمشورة، ولكننا لا نستطيع فعل ذلك نيابة عنهم. وليس بمقدور الجيش الأميركي القيام بذلك نيابة عنهم.
ولذلك فهذا يعود بنا إلى سؤال سابق حول مشاركة الجيش الأميركي. طبيعة هذه المشكلة أنها ليست مشكلة يمكن للجيش الأميركي حلها. إذ يمكننا المساعدة ومن الواضح أنه يمكن لقواتنا المسلحة أن تلعب دورًا هاما للغاية في تدعيم الجهود التي يبذلها الشريك العراقي وهم يتخذون الخطوات الصائبة من أجل المحافظة على وحدة وتماسك بلدهم، ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك نيابة عنهم.
السؤال الأخير.
سؤال: لقد أنفقت أميركا 800 بلیون دولار في العراق. هل تتوقع أنك ستطلب من الكونغرس أموالا إضافية لدعم هذه المهمة؟
الرئيس: حاليا، نحن نعمل في إطار قيود الميزانية التي لدينا بالفعل. وعلينا أن ننتظر لتقييم ما يحدث مع مرور الزمن. لدينا بالفعل الكثير من الأصول في المنطقة. ونحن نتوقع أننا حينما نضع ميزانياتنا الأولية، أنه قد تطرأ بعض الأمور التي تتطلب منا المشاركة. وفي الوقت الراهن، على الأقل، فإنني أعتقد أن كل شيء على ما يرام.
وفي حال، وإذا ما دعت الحاجة إلى أموال إضافية للتأكد من أن العاملين الأميركيين والمنشآت الأميركية محمية، عندها بالتأكيد سوف نقدم هذا الطلب. ولكن في الوقت الراهن، ليس هذا الشغل الشاغل لنا.
السؤال الأخير.
سؤال: السيد الرئيس، هل أصبح لديكم رأي مختلف بشان قرار سحب جميع القوات البرية من العراق؟ هل تتوقف لتفكر مرة أخرى في ما إذا كانت الولايات المتحدة – تفعل الشيء ذاته في أفغانستان؟
الرئيس: الأمر المثير للاهتمام هو الدرجة التي يتردد بها هذا السؤال، كما لو أن هذا القرار كان قراري. قمنا في ظل الحكومة السابقة، بتسليم مقاليد الأمور في البلاد إلى حكومة عراقية منتخبة ديمقراطيا ذات سيادة. وحتى يتسنى لنا إبقاء قواتنا في العراق، كنا بحاجة إلى دعوة من الحكومة العراقية ونحن بحاجة لتأكيداتها بأن موظفينا لديهم حصانة تحميهم من الملاحقات القضائية إذا كانوا، على سبيل المثال، يقومون بحماية أنفسهم وانتهى بهم الأمر إلى التورط في اشتباك بالأسلحة النارية مع العراقيين، فإنهم لن يحالوا إلى النظام القضائي العراقي.
غير أن الحكومة العراقية، بناءً على اعتبارات سياسية خاصة بها، وهذا يعود في جزء منه إلى أن العراقيين ملّوا من الاحتلال الأميركي، فقد رفضت الحكومة العراقية أن تقدم لنا هذه التأكيدات. وعلى هذا الأساس، تركنا. وقد عرضنا ترك قوات الإضافية هناك. ولهذا فإنني عندما أسمع الناس يقولون، هل أنت، يا سيادة الرئيس، نادم لأنك لم تترك المزيد من القوات، فإن هذا يوحي بأنه كان علي تجاوز هذه الحكومة ذات السيادة التي كنا قد سلمناها مقاليد الأمور مرة أخرى، وقلنا، هل تعرفون ماذا، أنتم دولة ديمقراطية، وذات سيادة، إلا إذا قررنا أنه من الجيد لكم إبقاء وحدة من قوات المارينز قوامها 10 آلاف أو 15 ألف أو 25 ألف جندي في بلدكم، فإنه ليس لديكم خيار- وهو أمر يتعارض نوعا ما مع الحجة التي نطرحها برمتها حول تسليم مقاليد الأمور في البلاد إلى العراقيين، وهي حجة لم أطرحها أنا وحدى، ولكن طرحتها الحكومة السابقة.
لذلك دعونا نكون واضحين تماما: كان السبب في أنه لم تكن لدينا قوة متابعة في العراق هو أن العراقيين كانوا – أغلبية العراقيين لم يكونوا يريدون بقاء القوات الأميركية هناك، إذ إنهم من الناحية السياسية لم يتمكنوا من تمرير هذا النوع من القوانين المطلوبة لحماية قواتنا في العراق.
ورغم كل ما قلته، فإذا كانت الحكومة العراقية في الواقع قد تصرفت بالطريقة التي تصرفت بها على مدى السنوات الخمس الأخيرة، السنوات الست، حيث إنها أخفقت في تمرير التشريعات التي من شأنها دمج أبناء الطائفة السنية، ومنحهم الشعور بالتملك؛ وإذا كانت قد استهدفت بعض القيادات السنية وسجنتهم؛ وإذا كانت قد نفرت بعض القبائل السنية التي كنا قد جلبناها إلى صفنا خلال ما يسمى بالصحوات التي ساعدتنا في قلب الموازين وتحويل دفة الأمور (لصالحنا) في 2006- إذا كانوا قد فعلوا كل ذلك، وكانت لدينا قوات هناك، فإن البلد لم يكن قد بقي متماسكا أيضًا. والفرق الوحيد سيكون أنه يوجد لدينا عدد قليل من الجنود على الأرض وسيكونون عرضة للخطر. ولكن مهما كان عدد القوات التي لدينا، سوف يتعين علينا الآن تدعيمهم، وكان ينبغي عليّ حمايتهم، وأمامنا مهمة أكبر بكثير. ولربما، تعين علينا في نهاية الأمر زيادة أعداد القوات البرية للتأكد من أن تلك القوات لم تكن معرضة للخطر.
وهكذا فهذا التحليل برمته زائف، وغير صائب. ولكنه كثيرا ما يتم ترويجه وطرحه هنا من قبل الأشخاص الذين يحاولون في كثير من الأحيان الدفاع عن السياسات السابقة التي صنعوها بأنفسهم.
وفي المضي قدما فيما يتعلق بأفغانستان، فإننا سوف نترك قوة متابعة هناك. وأعتقد أن الدرس بالنسبة لأفغانستان ليس حقيقة أنه توجد لدينا قوة متابعة قادرة على تدريب ودعم الجهود الأمنية الأفغانية. إنما أعتقد أن الدرس الحقيقي في أفغانستان هو أنه إذا كانت الفصائل الموجودة في هذا البلد الذي عانى لفترة طويلة من الحرب الأهلية لا تتمكن من إيجاد وسيلة للتوصل إلى تسوية سياسية؛ وإذا كانت تتخذ مواقف متطرفة وكانت مواقفهم، أنهم يريدون الحصول على 100 في المئة من مطالبهم، والجانب الآخر لا يحصل على أي شيء، عندها لن يتماسك المركز.
والأخبار السارة هي أننا جزئيا بفضل العمل الممتاز الذي قام به جون كيري وآخرون، بتنا الآن نرى المرشَحين في الانتخابات الرئاسية الأخيرة قد بدآ يعملان سوية ويتفقان ليس فقط على المضي قدما في عملية المراجعة والتدقيق حتى يتسنى التصديق أخيرًا على إعلان الفائز في الانتخابات، ولكنهما اتفقا أيضًا على أنواع التسويات السياسية المطلوبة للحفاظ على سير العملية الديمقراطية.
لذلك فهذا يعتبر درسا حقيقيا في رأيي لأفغانستان يأتي من العراق وهو، إذا كنت تريد لهذا الشيء أن ينجح، ثم إذا كان ذلك قومية مختلفة، أو ديانة مختلفة، أو مناطق مختلفة، فلابد أن يستوعب كل منكم الآخر، وإلا فإنهم سوف ينزلقون ثانية في الأنماط القديمة للعنف. ولا يهم كم عدد القوات الأميركية هناك- إذا حدث ذلك، فإن الفوضى ستعم في نهاية المطاف.
شكرا جزيلا، أيها السادة.
انتهى الساعة 10:54 صباحا بتوقيت شرق الولايات المتحدة
البيت الأبيض
مكتب السكرتير الصحفي
واشنطن
9 آب/أغسطس، 201