كارولين عاكوم : مؤشرات عن تسوية لمحاربة “داعش” قد تدفع نحو التخلي عن الأسد
يبدو أنّ الحراك السياسي الإقليمي – العربي على خط الأزمة السورية عاد إلى الواجهة بشكل كبير في موازاة الحديث عن الضربة العسكرية المرتقبة ضدّ «داعش» في سوريا. وفيما توقع عميل سابق في مجال مكافحة الإرهاب بالاستخبارات الأميركية أن تبدأ الضربات الجوية ضد التنظيم الإرهابي خلال أيام قليلة، يرى فريق في المعارضة احتمال تغير أولويات المجتمع الدولي بشأن سوريا، من باب محاربة «داعش»، ويعتقد فريق آخر أنه وانطلاقا من المجريات السياسية، فإن الأمور قد تتجه وفق السيناريو العراقي، وتؤدي إلى إعادة إحياء مؤتمر جنيف، وبالتالي إزاحة الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة.
وفي هذا الإطار، رأى ماجد حبو، عضو هيئة التنسيق الوطنية، المعروفة بـ«معارضة الداخل»، أن التسوية السورية قد تكون من باب محاربة «تنظيم داعش»، وأوضح في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن هذا الأمر قد يؤدي إلى إعادة ترتيب الأولويات ليصبح «داعش» هو الخطر الأكبر الذي يعمل على محاربته من قبل تحالف إقليمي دولي وتأجيل البحث في مصير النظام السوري، بل والقيام بعمليات تجميلية لإظهاره بمظهر المحارب للإرهاب.
ولفت كذلك إلى أن هناك سيناريوهات عدّة، كلها مكتوب لها النجاح أوالفشل، منها، تطبيق النموذج العراقي الذي يحتاج إلى التنسيق الإيراني، ويؤدي إلى التخلّي عن الرئيس السوري بشار الأسد كما تخلّت عن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، أو تسويق لنظام الأسد لإبقائه في السلطة مع تقليص صلاحيته بتعديل دستوري، مقابل تسوية محلية تقضي بمشاركة أطراف سياسية من المعارضة في المرحلة الانتقالية، مشيرا في الوقت عينه إلى أن الأسد لا يزال يرفض تقديم أي تنازل ولا سيما الكتلة الأمنية في النظام، مما يشكّل عائقا حقيقيا أمام أي تسوية، وأضاف: «لكن المشكلة في سوريا تكمن بأنّ الجيش لا يزال يعتبر أن ممثّله هو الأسد ولا بديل عنه كما أن النظام يرفض المشاركة السياسية بحجة محاربة الإرهاب».
ويعتبر عضو الائتلاف الوطني سمير نشار، «أن المجتمع الدولي على قناعة تامة بأن النظام و(داعش) وجهان لعملة واحدة، والتصريحات الغربية لا تشير إلى أن محاربة (داعش) قد تؤدي إلى تغيير في الأولويات، بل على العكس من ذلك، التغيير الذي حصل في العراق وأدى إلى التوافق الإقليمي على التخلي عن المالكي، من شأنه أن ينسحب على سوريا، وذلك من خلال إعادة تحريك مؤتمر جنيف من حيث توقف، للبحث عن حل سياسي يقضي بتنحي الأسد». واستبعد نشار في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن يكون هناك أي حل سياسي يبقي على الأسد في السلطة، موضحا: «قد تقبل بعض القوى السياسية المعارضة المتناثرة بهذا الحل، لكن الأمر لن يمرّ بالنسبة إلى القوى الثورية العسكرية والإسلامية».
ولا يستبعد حبو أن تلتقي واشنطن وحلفاؤها في منتصف الطريق مع النظام من باب محاربة «داعش»، بعدما بات التحالف من «تحت الطاولة» قائما بين الطرفين من خلال التعاون الأمني، من دون الاعتراف الرسمي بأنّ النظام شريك في محاربة الإرهاب أو أنّه جزء من هذا الإرهاب، وأوضح أنّ هناك تعاونا أمنيا منذ أكثر من ستة أشهر بين الطرفين لمتابعة المتطرفين الذين قدموا إلى سوريا.
لكن من جهته، رأى نشار، أن المعلومات التي تشير إلى تعاون أمني بين النظام وأميركا ليست دقيقة، مضيفا: «أعتقد أن واشنطن أصبح لديها الخبرة في طبيعة النظام السوري وتعرف السياق الذي ولدت فيه المجموعات المتطرفة ودوره في جلبها إلى سوريا، وكان يزعم أن الثورة السورية هي إرهابية ونتيجة مؤامرة دولية على رأسها أميركا، وها هو اليوم يقدّم أوراق اعتماده لواشنطن في محاولة للظهور بأنه محارب للإرهاب».
وحول المعلومات التي تشير إلى أن الضربة الأميركية ضدّ داعش، قد تنفّذ في الأيام القليلة، استبعد نشار الأمر، مشيرا إلى معلومات تفيد بأن «داعش» بات قاب قوسين من السيطرة على المطار العسكري في دير الزور، ليصبح بالتالي مسيطرا بشكل كلي على «الرقة ودير الزور»، وهو الأمر الذي ستستفيد منه أميركا، لإضعاف النظام أكثر على غرار ما فعلت في العراق. مع العلم، أنّه وبعد يومين من إعلان وزير الخارجية السوري وليد المعلم، استعداد دمشق التنسيق مع واشنطن في الضربات الجوية ضد «داعش»، توقع فيليب مود، العميل السابق في مجال مكافحة الإرهاب بالاستخبارات الأميركية، أن الضربات الجوية الأميركية ضد تنظيم «داعش» في سوريا ستبدأ خلال أيام قليلة. ولفت في حديث لقناة «سي أن أن» إلى «أن للتنظيم القدرة على توجيه ضربات إلى أميركا، مما يجعله خطرا عليها، مؤكدا أن القرار بضرب داعش داخل سوريا قد اتخذ، والأمر بات مسألة وقت لجمع معلومات استخبارية تتعلق بأمور مثل معرفة الأماكن التي قد يلجأ إليها عناصر التنظيم بعد ضرب مقارهم، مراهنا على الضربات ستبدأ بعد أسبوع أو اثنين». وعن إمكانية ضرب التنظيم في سوريا عبر الطائرات الأميركية قال مود، وهو محلل شؤون مكافحة الإرهاب القناة والمسؤول السابق بمكتب مكافحة الإرهاب لدى وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية: «يمكننا وقف تقدم داعش على الأرض في سوريا عبر استهداف مدافع التنظيم وآلياته خلال محاولاته مهاجمة مقار عسكرية في سوريا، أما الأمر الثاني فهو ضرورة معرفة ما إذا كان لدى أميركا القدرات الاستخبارية من أجل معرفة هوية من يمارس دور القيادة والسيطرة داخل التنظيم وليس معرفة هوية الذين يقاتلون على الأرض فقط».
وتابع بالقول: «علينا التعرف على من يقومون بالتجنيد والتدريب وجذب المقاتلين الأجانب. لقد نفذنا ضربات جوية ضد الخطوط الأمامية لداعش، لكن علينا اليوم ضرب خطوطه الخلفية، وبعض تلك العمليات لا بد أن تحصل في سوريا.
في غضون ذلك , نفى المكتب الإعلامي بوزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة أن يكون هناك أي تنسيق بين المعارضة السورية والولايات المتحدة الأميركية حول معلومات استخباراتية متعلقة بمواقع «داعش» في سوريا، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط»، على لسان مصدر فيه، أن واشنطن «لم تنسق بتاتا مع وزارة الدفاع بالحكومة المؤقتة أو هيئة أركان الجيش السوري الحر حول معلومات مرتبطة بأهداف عسكرية محتملة تستهدف (داعش)»، كما نفى أن يكون «الجيش الحر» على علم بأي تفاصيل مرتبطة بهذا الملف.
الشرق الأوسط