عصام خوري : انهيار دولة الأسد
غالبية المقالات المعارضة لنظام الاسد تتناول الواقع السوري على انه حظيرة لهذه الاسرة، وجميع الشعب عبارة عن غنم يقوده بعض الرعاة الاجراء عند الاقطاعي الاكبر القابع في قصر المالكي، ولكن الحقيقة الادارية لهذا الواقع مختلفة وفيها الكثير من المتداخلات التي لا نستطيع سوقها للقارئ مباشرة لكثرة المعطيات فيها، وتعدد مدارس الفشل الاداري عند مؤسسات عائلة الاسد.
سوريا الاسد بعمقها هي بحر من الاسرار لا نستطيع دراستها الا ان فندنا واقعها الاداري وفق طبيعة تطور أي مؤسسة من مؤسسات العالم، فمؤسسة الحكم هي في النهاية وظيفة ادارية محكومة بقوانين العمل المؤسساتي، التي تعتمد المراحل الثلاث التالية:
1- مرحلة النشأة: ويحدث فيها الكثير من الفوضى والعمليات الارتجالية وصولا لنظام مؤسس يضبط العمل “وهذا الامر تم منذ عام 1970وصولا 1985″ حينها رسخت الدولة الامنية مرتكزاتها بشكل لا يقبل النقض، فقمع الاسلام السياسي وهجر، وقمعت حركات اليسار المختلفة واعتقلت كل كتلها، وروض الاسد الاب فكر الاسلامي السياسي ببديل صوفي يمجده ويمجد الرب.
2- مرحلة الاستقرار “الازدهار”: وهي مرحلة لم تكن ناجحة في سوريا من حيث العمار حيث انخفضت سعر الليرة السورية من 3ليرات للدولار الواحد، وصولا لمبلغ يقارب 50ليرة للدولار الواحد. ولكن كان هناك ورشات لتنظيم البنى التحتية ومد الطرقات واستلام تمويلات ومنحات خليجية ومنحات روسية تعليمة وتكثيف في البناء الجامعي في المدن المركزية، واستمرت هذه المرحلة لعام 3004، وفرضت الاشتراكية السوفيتيه منهج الفكر الاشتراكي الذي يدعم الحصص التموينية فلم نرى جائعا في سوريا، وابرز سيئات هذه المرحلة هي غياب الحريات السياسية بشكل كامل والاستعاضة عنها بتنامي الحريات الدينية الغير انقلابية، وتم تدمير البرجوازيات التقليدية الوطنية واستبدالها بشخصيات وصولية مرتبطة مع الاجهزة الامنية والعسكرية المختلفة.
فعليا الاسد الاب حول الدولة السورية لدولة لصوص على ان يكون عقاب أي لص جاهزا له ان قرر ان يتعالى عن الموقع المرسوم له. طبعا تخلى الاسد عن اية موارد من قبل مؤسسات الدولة لكل لصوصه واكتفى بثروة واحدة له ولاسرته واقاربه وهي ثروة النفط التي لم تدخل بميزانية الدولة، وقسم هذه الثروة لاقسام عدة، ونستطيع تقسيمها الى ثلاث اقسام:
1- قسم ترفيهي مخصص لاسرته واقاربه.
2- قسم من اجل التسلح، لترسيخ معايير دولته العسكرية والامنية.
3- قسم للتدخل السريع بحال أي خطر اقتصادي مفاجئ.
طبعا الشعب السوري لم يكن مرفها في هذه المرحلة، ومصادر الترفيه محدودة جدا “بضعة مطاعم، وعدد محدود من الفنادق” فالدولة السورية رغم انها من اغنى البلدان في الموروث الثقافي والاثري في العالم الا انها كانت افقر البلدان في المجال السياحي، لذا كان الفقير السوري لا يشعر بالفارق المادي الكبير مع الاثرياء، فكلاهما يعيش وكلاهما لا يتكلمان بالسياسة او الاقتصاد او الفكر والسينما والمسارح، وكلهم يمجدون القائد الخالد ويحلفون باسم الحركة التصحيحية.
3- عصر الانحطاط: وهو عصر قضت فيه السلطة الامنية على كل المعارضين كما قضت فيه على كل حركات المجتمع المدني، وبادرت لعمليات خلق مكونات مدنية خاصة بها مكرسة تجربة سوزان مبارك ومؤسسة القذافي الخيرية، كما ابتلع بعض مدللي عائلة الاسد اقتصاد الجمهورية العربية السورية، وقرروا الانفتاح الاقتصادي على اقتصاديات متفوقة عليهم كالاقتصاد التركي مما سبب انهيار الطبقة الوسطى السورية وانهيار آلاف ورشات العمل، فتحولت الصناعة الحلبية والدمشقية الى دكاكين تصريف للمنتجات التركية والاسرائيلية المستثمرة في تركيا. والغريب ان النظام لم يطور خطابه الاعلامي والتعليمي بما يتوازى مع تطورات الاقتصاد وافتتاح بورصة دمشق، فادى هذا الامر لتنامي الفجوة الثقافية والمعرفية الاجتماعية بين افراد المجتمع مما ولد احتقان لا سابق له، فكانت أي شرارة اجتماعية قادرة ان تفجر المجتمع وتفتت المؤسسة الحاكمة او تهشمها.
طبعا أي امة او مؤسسة في العالم لتنهض من جديد يفترض بها ان تلتزم بقوانين عمل المؤسسات التي تعتمد التالي:
1- مؤسسات تأهل نفسها وتدارك الاخطاء: وتعتمد آليات هامة منذ بداية عصر الانحطاط مثل:
1- فصل العناصر المسيئة.
2- تحويل العناصر القيادية المؤسسة والمتعنتة بالسلطة الى خبراء او حكماء للدولة “مجلس شيوخ” او رموز.
3- تقسيم المؤسسة الى اقسام، وفق التالي:
1- حل المؤسسة القديمة بشكل كامل، والبدأ بتاسيس مؤسسة جديدة بالتعاون مع عناصر منتجة تعتمد نظامها الداخلي اكثر عصرية.
2- البقاء على المؤسسة القديمة وتركها حتى تتفكك، وانشقاق قسم عنها والبدأ بتاسيس مؤسسة جديدة.
2- مؤسسات ترفض ان تؤهل نفسها: وهذه المؤسسة حكما ستنهار، ولكن خطوره عمل هكذا مؤسسات انها تمحي كل انجازاتها في النهاية، لان الفئات التي كانت مستفيدة من خدماتها لن تفقد الخدمات وحسب بل ستنتظر وصول مؤسسات اخرى لمناطقها الجغرافية كي تملأ الفراغ التي شغلته المؤسسة السابقة، واحيانا كثيرة تسعى هذه المؤسسة لايهام أي مؤسسة جديدة بانها لن تنجح في هذه المنطقة بدونها وان رفضت تسعى لعرقلة عملها مما يحول هذه المؤسسة الى عدو للفئات المستهدفة.
ووفق العرض السابق سارسم طبيعة عمل المؤسسة الحاكمة في سوريا:
تقدر قوة أي مؤسسة بمدى قدرتها على ان تطيل عمر فترة الاستقرار والازدهار، ولكن عندما تصبح قنوات الفساد في هذه المؤسسة جزءا لا يتجزء من كينونة عملها، فيجب على القيمين على هذه المؤسسة ان يتداركوا الامر ويقيلوا قسم كبير من هيكلها والبحث عن اعضاء مسؤولة وقادرة على العمل، الا ان النظام السوري فعل عكس ذلك تماما فبعد ان اعترف الرئيس السوري ان الدولة السورية تعيش الفساد، لم يغير أي من الوزراء السياديين لا بل حافظ على رئيس الحكومة محمد ناجي عطري في سبعة تعديلات وزارية متوالية، وحافظ على قادة الاجهزة الامنية الذين هم راس فساد الدولة والحاكمين الفعليين لها.
من هنا يظهر الرئيس السوري الشاب رئيسا فاشلا بكل المقاييس. فهو لم يستطع ان يقوم بعملية تصحيحية لفساد دولته لانه كما يبدو مستفيد من هذا الفساد، وعندما تدخل صهره “العميد آصف شوكت” الذي يشير جميع من قابله انه رجل يمتلك ذكاء سياسي مقارنة بعائلة الاسد” كان الامر اقصائه عن شعبة المعلومات العسكرية، فانزعج الاخير وترك موقعه وبات مقيما في فندق افاميا في مدينة اللاذقية لعدة اشهر، وربما لو لم يكن زوج بشرى الاسد لكان انتحر كما يحدث عادة مع كل وزراء الحكومة المغضوب عليهم كالزغبي وغازي كنعان.
اندلعت الاحداث في سوريا فاستعان النظام باذكى رجاله الامنين “اصف شوكت” وتاسست خلية الازمة، وقسم العمل لشقين:
1- عمل امني:بقيادة خلية الازمة التي يرأسها “باختيار” ظاهريا وواقعيا كان محركها الاول آصف شوكت.
2- عمل سياسي:بقيادة اسماء الاسد ومؤسساتها التي اتخذت على عاتقها السعي لاستقدام خبراء لتعديل الدستور وبعض القوانين الادارية. وترك للرئيس الشاب ان يظهر بالاعلام بمظهر المتلقف للمبادرات الشعبية واسس ما يسمى لقاء الوفود الشعبية، لفهم وجع الشعب المنتفض!!..
ولكن كما يبدو ان اسرة الاسد لا تستطيع تحمل الضغوط السياسية هذه، فعادت لطبيعتها الامنية الشرسة، وكما يبدو اصطدمت مع خلية الازمة الامنية التي كانت تتعاطى بنوع من العنف المعتدل، وفجأة تم تصفية خلية الازمة برمتها، طبعا النظام اتهم الغرب الامبريالي ابالامر، ولكن الكثيرين استغربوا الحدث لانه تم بدون اصوات انفجارات مدوية وفي مربع امني شديد السرية، ولا يستطيع اختراقه الا مقرب اول من اسرة الاسد.
طبعا لا يهم من قتل خلية الازمة هذه، ولكن من الهام ان نفهم ان القضاء على هذه الخلية انهى فترة السلطة الامنية السورية، وحولها لسلطة امنية ايرانية، وهنا انتهت دولة سوريا الاسد، وظهرت دولة قاسم سليماني.
فعليا المؤسسة الايرانية اذكى باشواط من اسرة الاسد الحاكمة لانها تريد في البداية مصلحة دولة ايران وليس مصلحة الوطن السوري، واكبر تأكيد على هذا الامر انها تجاوزت مباشرة مرحلة “اقالة العناصر المسيئة، ولم تحول رئيس الدولة لمنصب رفيع وتترك الصلاحيات لرئيس الوزراء” بل على العكس انتهجت سياسة تقسيم الدولة السورية الى قسمين:
1- قسم خاضع للدولة السورية: سعت لان يزاول اعماله بطريقة ادارية اعتيادية، ووزعت الجيش على اطرافه لحمايته من أي اختراق، وكل منطقة اختراق له سعت لتدميرها بشكل كامل، وفي كل فترة راحة سياسية دولية له كانت تطلق العنان لعقاب النشطاء المعارضين المقيمين فيه، مما دفع غالبيتهم للهرب نحو الخارج كلاجئين، او جعلتهم ينضموا للمعارضة التي تبرر عمل الجماعات المسلحة، وتركت بعض المعارضين الهرمين كواجهة تبرز وجود معارضة شكلية لا تأثير لها على الارض، ولا مانع كل فترة ان توجهه لها بعض الصفعات.
2- قسم خاضع للجماعات المسلحة: على الرغم من عفوية العمل المسلح في غالبية سوريا، الا ان اطرافا سياسية كانت تسعى لعسكرة المجتمع السوري واغلبها تابعة “للاسلام السياسي”، وهذه الاطراف كانت تسعى لامرين تجاه اسرة الاسد وهما:
1- الثأر: وهدفه اذلال النظام بكل رموزه، سواء اكانت بعثية او علوية او غيرها من الاقليات المستفيدة ورجال الاعمال مرتبطين عضويا بالنظام.
2- كسب الشعبية الاجتماعية: الاسلام السياسي “الاخوان، السلفيين” لا يمتلك شعبية ممنهجة بسوريا نتيجة قمعه تاريخيا، لذا عسكرة المجتمع السوري لن توفر فقط الثأر بل ستخلق تبعيات جديدة للاسلام السياسي ضمن فئات المجتمع، تدفعه ليكون القوة السياسية والعسكرية الاولى في المجتمع في حال انهار البعث والجيش كما حدث في العراق بعد حرب 2003، لذا كان هذا الفريق يستبسل الوسيلة للحصول على التدخل العسكري.
في حين كانت اطراف علمانية معارضة تحارب فكرة التدخل العسكري، ليس لانها تحب النظام السوري القميء بل كانت ترفض ان تتحول الديكتاتورية العسكرية الفاشلة الى ديكتاتورية دينية رجعية، الا ان هذه المعارضة لم يكن لها ثقل سياسي لانها غير مسلحة في دولة مصنفة وفق الصليب الاحمر على انها دولة نزاع عسكري.
طبعا المخطط الايراني كان يدرك تماما هذه المعادلة، وسعى لان يشرذم الدولة الخارجة عن سلطة النظام، فابتدع ثقافة الافراج عن الارهابيين سواء من السجون السورية، او من سجون العراق بالتعاون مع الرئيس المالكي، وتنامت قوة تنظيم ISIS في العراق والشام لمرحلة بات فيها المسيطر الاول على مساحة جغرافية كبيرة، في حين بقية الجماعات المسلحة الاخرى “الكتائب الاسلامية، حركة حزم والفرقة 13 وجبهة ثوار سوريا، النصرة ” موزعة في اماكن مفرقة واكبر تمركز لها هو في حلب وادلب والقنيطرة وجنوبي درعا.
طبعا دولة الجماعات المسلحة كانت دولة فاشلة، ولم تستطع ان تقدم بديل مقنع للشعب السوري “الفئة المستهدفة من التغيير”، وقسم كبير من السوريين رحلوا من هذه الدولة الفاشلة الى دولة النظام القمعي، فهي على سلبياتها لكنها توفر الحد الادنى من الخدمات للحياة.
طبعا هذا الواقع لم يساهم به الايرانيين وحدهم، بل كان نتيجة لجملة استراتجيات دولية من ابرزها:
1- حل المشكلة القومية الكوردية: جميع المجريات توضح تماما رغبة دولية بان يكتسب الاكراد وطن قومي خاص بهم، يضمن فيه حقوق الاقليات القومية والدينية “الايزيدية، الكاكائية، المسيحية، الاشوريين، السريان، الكلدان، الصابئة” ضمن الدستور، وفعليا كان هجوم ISIS مبررا قويا لتسليح الكرد العراقيين تسليحا نوعيا لا يمتلكه الجيش الطائفي في العراق. فالغرب يرغب بدولة علمانية على حدود ايران الاسلامية، ومجاورة لتركيا العلمانية.
2- تفتيت القدرات الكيمائية السورية: لانها تمثل تهديد حقيقي على المجتمع الدولي، خاصة ان وصلت تلك الاسلحة لجماعات ارهابية ومافيا السلاح الدولية.
3- تفتيت ترسانة الصواريخ السورية وسلاح الجو: لانه يشكل تهديد على دولة اسرائيل التي تمتلك اهم لوبي مؤثر على البيت الابيض وعلى الكرملين.
4- القضاء على ابرز مقاتلي حزب الله اللبناني: المدرج بقسمه العسكري على لائحة الارهاب الدولية، في معارك حرب العصابات القائمة في سوريا.
طبعا الاسباب الاربعة السابقة دفعت نحو تأخير الدعم الدولي للجناح السياسي للمعارضة، مما ولد هوة شاسعة بين الجناح المسلح للمعارضة والجناح السياسي، ومع توالي الوقت انقسم التيار المسلح المعارض لولاءات اجهزة الاستخبارات الدولية ولفرق الاسلام السياسي المختلفة، وقسم كبير من اللصوص والمرتزقة باتوا يؤسسون جماعات مسلحة مستغلين حالة الفوضى العارمة وباتوا يلقبون انفسهم باسماء الصحابة ورموز دينية اسلامية قناعة منهم ان السلطة الدينية حتى وان كانت صورية فهي حقيقة تحمي سرقاتهم، وبدل ان يخضعوا للسلطات القانونية التي ابتكرتها المعارضة السياسية باتوا يؤسسوا محاكم شرعية خاصة بهم يرأسها شيخ او شاب منتحل العمل الديني.
الحقبة الاميركية ونهاية الدور الايراني:
تمتاز دولة ايران بحنكة سياسية عالية على عكس حكومات دول منطقة الشرق الاوسط، فهذه الدولة قررت دعم الشيخ روحاني المعتدل ليراس الحكم، رغم ان سلطة المحافظين في الانتخابات الايرانية كانت في اوجها، وكما يبدو ان مرشد الثورة ادرك بعد الربيع العربي والثورة الخضراء الفاشلة في ايران انه بحاجة لخبرات الاعتدال لتقود المرحلة سياسيا.
ولما ادركت دولة ايران عدم جدية واسراع حكومة البيت الابيض للملف السوري كما حدث في ليبيا ومصر، كلفت الحرس الثوري الايراني بمتابعة هذا الملف، وكان من ابرز انجازاته اغراق حزب الله في المستنقع السوري، وتجيش النزاع السني-الشيعي في المنطقة، وهذا الامر يناسب حكومة طهران الدينية القوية ويبرر وجودها امام الشيعة في العالم، ويهمش من انتقاداتها لانتهاك حقوق الانسان وقمعها للكتل العلمانية الايرانية.
وايضا هذا النزاع يدعم حكومة اسرائيل التي باتت محور اعتدال حقيقي مقارنة بين كتلتين بشريتين ضخمتين همهما الاول تصفية نزاع تاريخي بهمجية قل نظيرها، وبالفعل نسي الاعلام العربي مفهوم النزاع “العربي-الصهيوني” الذي لطالما تاجرت به الحكومات العسكرية لتبرر قمعها لاي حركة تحرر.
الا ان الامور لا تسير دائما كما يشتهي المصمم الاقليمي “ايران، قطر”، فولاية الرئيس الاميركي اوباما ستنتهي في العام 2018، ولا يمكن ان يسمح الحزب الديمقراطي الاميركي ان يبدو الرئيس الاسد ومن ورائه قاسم سليماني منتصرين على الرئيس اوباما، وان تم هذا الامر فسيعني خسارة الديمقراطيين للانتخابات القادمة امام أي مرشح جمهوري حتى وان كان ضعيفا. فالشعوب تعشق المنتصر وترذل الخاسر.
وفعليا استطاع الاميركين والمجتمع الدولي ان يحققوا بتريثهم في الملف السوري النقاط التالية:
1- تدمير السلاح الكيمائي.
2- تهشيم الجيش السوري وضرب الكثير من دفاعاته الجوية.
3- ضمان مديونية طويلة الامد في حال بدأت ورشات اعادة الاعمار في سوريا.
4- قتل اعداد كبيرة من حزب الله، وضمان كراهية كبيرة من العرب لهذا الحزب ولأمينه العام.
5- تجميع عدد كبير من ارهابي العالم في سوريا والبدء الممنهج بعمليات تصفيتهم وهذا امر يحقق خطاب القسم للرئيس اوباما “الذي وعد فيه بمحاربة الارهاب”.
6- سحب الجنود الاميركيين من المنطقة، وضمان ضرورة وجود القواعد الاميركية في هذه المنطقة بمباركة من الدول التي كانت تعادي الولايات المتحدة.
7- جعل شعوب العالم المتطورة تتخوف بشكل واضح من الارهاب خاصة مع اقترابه من حدود اوروبا في دولة سوريا المجاوره لهم، الامر الذي يستدعي تحالف دولي عسكري وامني يقلل من الانفاقات الاميركية على هذا الملف، ويحمل اعباء كبيرة في هذا الملف على الدول الاعضاء في هذا الحلف.
8- ضمان كراهية المسلمين للتطرف وسعيهم نحو البحث عن خيارات سياسية واجتماعية “دينية” تبعد عنهم هذه التهمة.
9- ادراك الشعوب العربية ان اولويتهم ليست في محاربة اسرائيل فقط، بل في تطوير مؤسساتهم ليصبحوا شعوب منتجة للحضارة وليس مستهلكة لها فقط، فدولة تركيا تتخاصم واسرائيل سياسيا الا انها تتعاون معها في الامور الاستراتيجية والتنموية رغم انها دولة مسلمة وحكامها من قادة الاسلام السياسي في العالم.
10- اشعار حكومات السنة النفطية ان سندها الوحيد هو الولايات المتحدة، والا سيوجهها الخطر الايراني او خطر دولة ISIS.
11- ضمان كراهية الدول السنية لدولة روسيا والصين ومصالحهما في المنطقة، مما يجعل اولوية الجهاد الاسلامي في حال رحيله عن العراق وسوريا ان يتحول نحو القوقاز او آسيا الوسطى “ايران، الصين”، وبهذا الشكل تكون الصفعة الروسية-الصينية في مجلس الامن لاميركا قد ردت وبقوة.
طبعا النقاط سالفة الذكر بمجملها تدلل ان الاميركيين باتوا يعدون سكينهم للتقطيع، وهذا الامر ادركه الايرانين بعد الضغط الاميركي بضرورة تنحي المالكي عن حكم البلاد، فترافق تنحى المالكي عن السلطة في العراق بابعاد قاسم سليماني عن ملفات المنطقة وتسليمها للخارجية الايرانية المرنة، مما يعطي انطباعات جديدة قد نلمسها في الفترة القادمة من ابرزها:
1- تخفيض حزب الله لوجوده في الداخل السوري، ونشر قواته فقط على الحدود السورية اللبنانية بالتعاون مع الجيش اللبناني.
2- تحالفات سياسية جديدة في لبنان قد تجمع “معراب وحزب الله والحريري وجنبلاط” في خندق واحد عنوانه بقاء دولة لبنان دون تطرف، وسيدعم هذا الملف اميركيا وفرنسيا.
3- انسحاب كبير في المليشيات العراقية من الشوارع السورية، وبقاء قسم بسيط مأجور منهم تحت رعاية رجال اعمال النظام السوري كمقاتلين مأجورين.
4- تطبيق حظر جوي جزئي في سوريا وتحديدا في الشمال السوري.
5- قصف مقرات ISIS وتقوية الجيش الحر عبر دعمه ماليا ولوجستيا بالإضافة لتفتيت الكتائب الاسلامية وضمان انضمامها لهذا الجيش الذي سيحمل علم الاستقلال بدل علم “لا الله الا الله”، وقد يساهم الجيش التركي ميدانيا في هذه المعارك مع مجموعات برية عربية.
6- تقوية العشائر السنية العراقية وتطوير وجودها السياسي في الحكومة العراقية كي تكون رأس الحربة في تدمير تنظيم ISIS، ودفعه ليترك ثروة النفط والغاز.
7- بعد تدمير ما يمكن من تنظيم ISISمن المرجح ان تنتقل القيادة السياسية للداخل السوري وتباشر من سوريا توسعها ضد النظام السوري، على ان يترافق هجوم الجيش الحر بحملات جوية ضد المضادات الجوية للنظام السوري مبررة بقرار مجلس الامن المدرج تحت الفصل السابع “فالنظام السوري كان يشتري النفط والغاز من تنظيم ISIS، أي انه احد ممولي هذا التنظيم”، طبعا هذا الضغط العسكري لن تمنعه دولة روسيا التي فككت في شهر اغسطس “اب” صفقة بطاريات “اس 300″ التي يفترض ارسالها لسوريا، مما يعني ان الغطاء الدولي سيرفع عن الاسد الشاب ويدفعه اما للرحيل او ملاقاة مصير مهين كما حل في القذافي وصدام حسين، فالاسد شريك غير موثوق امام المجتمع الدولي.
وفق تصوراتنا السابقة ندرك ان مرحلة التقسيم لمؤسسة الدولة السورية التي قام بها الحرس الثوري الايراني، ستنتقل ادارتها للاتراك بدعم من الناتو، والمؤسسة الجديدة في الشمال السوري على الرغم من فشلها السابق الا انها ستكون مدعومة وبشكل كبير في المستقبل وربما ستدير مؤسسات حكومة النظام التي لم تدمر بالتعاون مع قسم عسكري وامني كان يعمل سابقا تحت امرة الاسد، طبعا لن تكون المرحلة القادمة وردية، ولكنها مرحلة ضرورة في مخاض بناء مؤسسة الوطن المدمر.
عصام خوري : منسق مركز التنمية البيئية والاجتماعية