زملاء

رامي زين الدين : السويداء للأسد .. الكرسي إلك والقبر لأولادنا.. طفح الكيل!

السويداء

لا يخلو يوم في محافظة السويداء (جنوب سورية)، دون أن تمر على الأقل جنازة واحدة لعسكري قتل أثناء الخدمة في الجيش، لا تكاد دموع الأمهات تجفّ وهنّ تستقبلن أخبار موت فلذات أكبادهنّ، الحزن يغيّم على أجواء المحافظة وسيارات النعي تجوب الشوارع معلنةً أن فلان قتل خلال تأدية واجبه الوطني، داعية الناس لتشييعه في اليوم التالي، وأن آخر وصل خبر مقتله دون أن تصل جثته.
قضى خلال الحرب مئات الشبان من أبناء السويداء، ورغم محاولات الأهالي الضغط على النظام لحصر خدمة أبناءهم ضمن السويداء، إلا أن عمليات التجنيد، الإجباري والاحتياط، لا تزال على قدم وساق، في ظل تهرّب غالبية الشباب، حيث وصل عدد المتخلفين عن الجيش إلى 12 ألفاً حسب بعض الاحصاءات.

منذ إعلان النظام الحرب وإخراج الجيش من ثكناته، رفض عدد كبير من شباب السويداء الخدمة العسكرية بعد أن حوّل بشار الأسد ضباط وجنود الجيش إلى مجرمين وقتلة، وقد أصدر عدد من رجال الدين بياناً بحرمة الصلاة على كل درزي يموت خلال مشاركته القتال مع القوات النظامية، ومن اللافت في موقف أبناء السويداء تشارك المؤيدون والمعارضون في غياب الرغبة بالاتحاق بالجيش.

شهدت الأيام الماضية حادثة هي الأولى من نوعها في السويداء حيث قامت مجموعة من الشبّان بتوزيع منشور كتبوا فيه: (طفح الكيل.. أبناء السويداء يقتلون في الرقة وغيرها.. من أجل من؟..إلى متى؟.. الكرسي إلك.. والقبر لأولادنا!) والجديد في هذ المنشور أن الذين وراءه هم فئات لا تحسب على المعارضة وإنما تعبّر عن موقف الأغلبية المحايدة والمؤيدة، وقد تم توزيع المنشور في نواحِ متعددة من مدينة السويداء مثل المدارس والأحياء السكنية.

يعتقد البعض أن النظام يتحفّظ على إرسال القتلى بدفعات كبيرة إلى ذويهم حتى لا يزيد من حالة الاحتقان الشعبي، وقد نقل منشقون عن الجيش أن النظام يضع أبناء السويداء في الصفوف الأولى خلال المعارك والاقتحامات.
وقد وصلت العديد من الجثث إلى المشفى الوطني كان القتلى فيها مصابون بأعيرة نارية في خلف الرأس أو الظهر، فيما يبدو أنها عمليات اغتيال يقوم بها عناصر مكلّفون بمراقبة أداء الجنود الذين يرفضون إطلاق النار على المدنيين. كما أن مئات من العسكريين بعداد المفقودين ويعيش ذويهم على أمل أن يكونوا أحياء.

قصص مأساواية
الكثير من القصص والحكايات يعيشها أبناء السويداء المطلوبون للخدمة العسكرية والرافضين لها، أبو عمر شاب ثلاثيني متزوّج ولديه طفلين، من قرية محاذية لمدينة السويداء، مطلوب للاحتياط، كان يعمل على سيارة بيك آب لتوزيع المواد الغذائية على الأرياف، ترك عمله مؤخراً واستقر في قريته لا يبرحها أبداً، خوفاً من إلقاء القبض عليه بعد أن تم تعميم اسمه على الحواجز، يقول حسان: “لقد قطعوا رزقي، أنا الآن دون عمل ولا أريد الالتحاق بالجيش، لأن أولادي أحق بي من تلك الحرب، لست معارضاً للنظام ولست معه كذلك الأمر، أريد فقط أن أعيش بسلام مع عائلتي”.

وفي حكاية أخرى لم يجد حسان (24 عام) من طريقة يتهرب عبرها من الالتحاق بقطعته العسكرية بعد إجازة حصل عليها بشقّ الأنفس، إلا بمحاولة كسر رجله، حيث طلب من قريبه طبيب أن يساعده في الأمر، ولمّا رفض تولّى شقيق الأمر، وبالفعل حصل على إجازة لمدة 15 يوماً، ثم اضطر بعدها للاتحاق بالجيش، يقول شقيق حسان الذي: “تشعر العائلة بالقلق على شقيقي ولا ندري إن كان سيعود في المرة القادمة سالماً أو شهيداً”.

هناك فئة من الموظفين امتنعوا عن الذهاب إلى وظائفهم بعد أن تم إبلاغم بأنهم مطلوبون للاحتياط، أبو سهيل أحد هؤلاء، ويعمل موظف في دائرة حكومية، يقول أنه ترك الوظيفة بعد أن تم إبلاغه أنه مطلوب للاحتياط ويتابع: “لست مستعدّ للقتال إلى جانب أي طرف في هذه الحرب، لقد خرجت بمسيرات التأييد، ولكني وصلت اكتشفت أن الجميع يقاتل لمصلحته والشعب وحده من يدفع الثمن، على المسؤولين أن يرسلوا أبناءهم للقتال وليس أبناء الفقراء الذين لا حول لهم ولا قوّة”.

في ميزان الأسد
يعاني شباب السويداء المغتربين في الخارج من عدم القدرة على العودة في إجازاتهم إلى سورية، خوفاً من إجبارهم على الانخراط بالحرب لاسيّما أن معظمهم مطلوب للاحتياط، ومنهم من اعتقل في مطار دمشق، وآخرون قبض عليهم على الحواجز العسكرية التي تقطّع أوصال السويداء، ويرفض النظام واسطات رجال الدين من للإفراج عن بعض المطلوبين للجيش، ويأتي الرفض أبناء السويداء الالتحاق بالجيش بعد يقينهم أنهم ليسوا إلا أدوات لخدمة كرسي الحكم، سيّما أن الخناق الاقتصادي يشتد على الناس وأوضاع الفقر والبطالة تتفاقم، وحالات الهجرة تتضاعف، وشكل تعويض وزارة الزراعة في حكومة الأسد لأهالي العسكريين القتلى بعنزتين لكل عسكري في العام الماضي، استفزازاً لأهالي السويداء معتبرين أنها إهانة مقصودة بحقهم، وأثار نقمة كبيرة في الشارع حتى بين صفوف الموالين للنظام داخل المدينة. 

أورينت نت  

اظهر المزيد

نشــــطاء الـرأي

نشــــــــطاء الـــرأي : كيان رمزي وخط إنساني لحرية الإنتقاد الثقافي و الفكري والسياسي ، بدعم مالي مستقل Organization for peace and liberty – OPL : www.opl-now.org

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق