هذا ما قالته ريحانة الإيرانية لأمها قبل إعدامها
- ريحانة ورسالتها المؤلمة .. لا أريد لعينيّ أو قلبي الشاب أن تتحول إلى غبار. أتوسل إليك أن يتم أخذ قلبي والكلى والعيون والعظام وأي شيء يمكن زرعه بعيداً عن جسدي، ما أن يتم شنقي، ويعطى لشخص يحتاج إليه كهدية. لا أريد أن يعرف المتلقي اسمي، أو يشتري لي باقة ورد، أو حتى يقوم بالدعاء إلي.
بعد أن نفذت السلطات الإيرانية حكم الإعدام الصادر بحق الشابة ريحانة جباري التي أدينت بقتل رجل استخبارات إيراني حاول اغتصابها، مثيرة حملة ضد قرار الإعدام، تم الكشف عن وصية ريحانا الأخيرة التي سجلتها بصوتها لوالدتها قبل أشهر(في أبريل الماضي) من تنفيذ إعدامها؟
وفيما يلي الرسالة الكاملة:
“عزيزتي شوليح، علمت اليوم أنه قد جاء دوري الآن لمواجهة القصاص. أنا متألمة أنك لم تعلميني بنفسك أنني قد وصلت إلى الصفحة الأخيرة من كتاب حياتي، ألا تظنين أنه كان يجب أن أعرف؟ تعرفين كم أنا خجولة من حزنك. لماذا لم تعطيني الفرصة لتقبيل يدك ويد أبي؟
سمح العالم لي أن أعيش لمدة 19 عاماً، وكانت تلك الليلة المشؤومة هي الليلة التي كان يجب أن أقتل فيها. كان سيتم إلقاء جسدي في ركن من أركان المدينة، وبعد بضعة أيام، كانت الشرطة سوف تستدعيك لمكتب الطبيب الشرعي للتعرف إلى جثتي، وهناك كنت ستعلمين أيضاً أنني تعرضت للاغتصاب، ولم يكن سيتم إلقاء القبض على القاتل، لأننا لا نمتلك ثرواتهم وقوتهم، ومن ثم كنت سوف تقضين حياتك في معاناة وعار، وبعد سنوات قليلة كنت ستتوفين نتيجة هذه المعاناة، وكان كل شيء سينتهي هناك.
رغم ذلك، ومع تلك الضربة اللعينة، تغيرت القصة. جسدي لم يلق جانباً، ولكن في قبر سجن إيفين وعنابره الانفرادية، والآن في السجن الذي يشبه القبر في شهرراي، ولكنك تعرفين جيداً أن الموت ليس نهاية الحياة.
لقد علمتني أننا نأتي إلى هذا العالم لاكتساب الخبرات وتعلم الدروس، وأنه مع كل ولادة توضع مسؤولية على كتف شخص ما. لقد تعلمت أن على الشخص أحياناً القتال. أتذكر عندما قلت لي إنه للخلق قيمة ينبغي على المرء أن يثابر حتى لو كان عليه أن يموت.
أنت علمتني أنه عندما أذهب إلى المدرسة ينبغي علي أن أكون سيدة في وجه النزاعات والشكاوى. هل تذكرين كم كنت شديدة بشأن الطريقة التي نتصرف بها؟ وكانت تجربتك صحيحة.
ولكن عندما وقع هذا الحادث تعاليمي لم تساعدني. تقديمي إلى المحكمة جعلني أبدو كأنني قاتلة بدم بارد ومجرمة بلا رحمة، لم أذرف الدموع، لم أتسول.
وتابعت: “هذا البلد الذي زرعت حبه في داخلي لم يكن يريدني أبداً، ولا أحد دعمني عندما كنت تحت ضربات المحقق أبكي وأسمع أكثر المصطلحات إهانة. وعندما نزعت عن نفسي علامة الجمال الأخيرة، وحلقت شعري، كوفئت بـ11 يوماً في الحبس الانفرادي.
عزيزتي شوليح، لا تبكي على ما تسمعينه الآن. في اليوم الأول الذي عمد فيه وكيل الشرطة إلى إيذائي من أجل أظافري، فهمت أن الجمال ليس أمراً مرغوباً في هذا العصر، لا جمال المنظر، ولا الأفكار والرغبات، أو الكتابة، أو حتى جمال العيون والرؤية، ولا حتى الصوت.
أمي العزيزة، لقد تغيرت أيديولوجيتي، أنت لست مسؤولة عن ذلك. كلماتي لا تنتهي، وأعطيتها كلها لشخص ما حتى عندما أعدم من دون وجودك ومعرفتك، يسلمك إياها، لقد تركت لك الكثير من المواد المكتوبة بخط اليد كتراث لي.
ومع ذلك، أريد شيئاً منك قبل موتي، وعليك أن تقدمي لي هذا الشيء بكل قوتك وبأي شكل من الأشكال، في الواقع هذا هو الشيء الوحيد الذي أريده من هذا العالم، من هذا البلد ومنكم.
أمي الطيبة، أكثر شيء عزيز علي في حياتي، أنا لا أريد أن أتعفن تحت التراب، لا أريد لعينيّ أو قلبي الشاب أن تتحول إلى غبار. أتوسل إليك أن يتم أخذ قلبي والكلى والعيون والعظام وأي شيء يمكن زرعه بعيداً عن جسدي، ما أن يتم شنقي، ويعطى لشخص يحتاج إليه كهدية. لا أريد أن يعرف المتلقي اسمي، أو يشتري لي باقة ورد، أو حتى يقوم بالدعاء إلي.
أنا أقول لك من أعماق قلبي إنني لا أريد أن يكون لي قبر لتأتي إليه وتحزني وتعاني. أنا لا أريدك أن تقومي بارتداء الملابس السوداء، وابذلي قصارى جهدك لنسيان أيامي الصعبة، وامنحيني للريح لتأخذني بعيداً.
العالم لم يحبنا. والآن أنا أستسلم لذلك وأحتضن الموت، لأنه في محكمة الله سوف أقوم باتهام المفتشين، وسوف تتهم القاضي، وقضاة المحكمة العليا في البلاد الذين ضربوني عندما كنت مستيقظة، ولم يمتنعوا عن مضايقتي.
في العالم الآخر، أنا وأنت من سيوجه التهم، وغيرنا هم المتهمون. دعينا لنرى ما يريده الله. أحبك”.