- حوصرت في دمشق وأصبحت إمكانية التحرك شبه معدومة، فاضطررت للخروج بعد حكم الاعدام بحقي
- فراغ الساحة من القوى الوطنية المعتدلة سيؤدي إلى ملئها بقوى وتيارات لا تخدم الثورة السورية
- هناك قلق وطني عام حول شكل الدولة القادم ، وماهي آفاق الخروج من الحرب
- كمناضلين ديمقراطيين لن نسمح باستمرار اختطاف الطائفة وأخذها كرهينة في قبضة الاستبداد
- أنا ابنة الساحات و الاعتصامات، أنتمي للعمل الميداني و أرى هذه الساحات ما تزال بحاجتي وسأبقى وفية لها
حوار – لونا أبيض : مستشارة رئيس الحكومة المؤقتة،ابنة حزب العمل الشيوعي، نائبة رئيس تجمع أنصار الثورة، رغدة حسن، المرأة المناضلة في الكواليس الرافضة للظهور الإعلامي مكتفيةً بالعمل الشعبي، التقت “صدى الشام” برغدة حسن، للوقوف على تفاصيل العمل السياسي والثوري منذ بداية الثورة السورية وحتى توليها العمل في جهاز الحكومة المؤقتة.
-ما هو سبب امتناعك عن الظهور على وسائل الإعلام ؟
كان لي بعض اللقاءات مع الصحافة العالمية سابقاً، بعض وسائل الإعلام العربيةتحاول أن تنقلني من خانة السياسة إلى خانة أخرى أراها تنتمي للتكوينات ماقبل الوطنية، وأنا أنتمي للسياسة بوصفها فعلا وطنيا، أما بخصوص الانتماء إلى مكون اجتماعي بعينه ” الطائفة العلوية “، فذلك يبقى في خانة الانتماءات الاجتماعية والثقافية والتي لا تصلح للاستثمار السياسي أو الإعلامي، أنا ابنة هذا المكون اجتماعياً وثقافياً ولكنني في السياسة أنتمي لكل مشروع وطني سوري يحافظ على الهوية السورية بتنوعها وغناها .
-رغدة حسن كمعارضة سياسية قديمة منذ التسعينيات وقد خضت تجربة مريرة من الاعتقال والتعذيب كيف ترين وجه المعارضة الحالي؟
مع بالغ أسفي أقول أن هذه المعارضة لا تليق بما قدمه الشعب السوري من تضحيات قبل الثورة و إلى وقتنا هذا، نتطلع وندعم كل خطوة تقرّب المعارضة التي تنطّحت لتمثل الثورة منذ البداية، ونالت اعترافاًدولياً وسورياً في الأشهر الأولى للثورة على أمل أنها بمستوى أهداف وآمال الشعب السوري العظيم، لكنها في كل خطوة لا تقدم إلا الخذلان تلو الآخر لنا.
-البعض يأخذ عليك التعامل مع حكومة ذات طابع إخواني كمستشارة لرئيس الحكومة المؤقتة وأنت القادمة من جذر يساري؟
بعد الملاحقة الأمنية لي ولعائلتي اضطررت لمغادرة البلاد متخفية باتجاه لبنان، وهناك بدأت تغدو الصورة أكثر وضوحاً كوني ابتعدت عن الحدث وما يخلقه من انفعالات وعواطف مربكة تؤثر على وضوح الرؤية وصوابية الموقف، و أدركت بأن فراغ الساحة من القوى الوطنية المعتدلة سيؤدي إلى ملئها بقوى وتيارات لا تخدم الثورة السورية وبعيدة كل البعد عن أهدافها، عدت متسللة إلى سوريا وتواصلت مع العديد من النشطاء المدنيين الذين أفضت بهم الملاحقات الأمنية إلى الدول المجاورة، وكانت هناك بعض الاستجابات، إلا أن حركة الواقع و العنف المفرط للسلطة حال دون عودة الكثير،فلم نستطع ضمن إمكانياتنا المتاحة أن نملأ الفراغ الحاصل بعد أن استغلت القوى المتطرفة و أصحاب الأجندات الخاصة غياب القوى الوطنية المعتدلة لتذهب بالثورة إلى التسلح الذي مهّد له شعبياً عنف النظام، حوصرت في دمشق وأصبحت إمكانية التحرك والعمل ضيقة و شبه معدومة،فاضطررت للخروج بعد حكم الاعدام الأول الذي صدر بحقي من قبل النظام الاسدي وعدت الى لبنان ثانية.
بعد تشكيل الحكومة المؤقتة، قبلت دعوة رئيس الحكومة للعمل مع فريق الحكومة، أذكر أنه قال لي “كيف تريدون جسماً وطنياً يخدم الثورة خالِ من الوطنيين”، إنها مؤسسة للشعب السوري،قامت لخدمته وتقديم قضيته للعالم، إنني معنية بها كمؤسسة سأقف إلى جانبها و سأعمل ضمنها ولن أتخلى عن مسؤولياتي، ومن العبث أن نترك الساحة مجدداً، علينا أن نعمل بروح الفريق بعيداً عن الفردانية والشخصنة، هذه المؤسسة للجميع، وعلى الجميع المبادرة لإنجاحها .
-ما رأيك بحكومة أحمد طعمة وآلية عملها؟
حين قدمت الى عينتاب كانت الحكومة آنذاك حكومة تسيير أعمال، ولم نكن قادرين على العمل إلا ضمن هذا الشرط ، الآن بعد أن نال الثقة مرة أخرى وشكل حكومته الجديدة ننتظر منه أن يعمل بما يتناسب مع وقع الحدث والثورة، الدكتور طعمة شخص وطني وقد دفع ضريبة مواقفه في معتقلات الأسد، كل هذا يجعلني آمل منه أن يغير آلية عمل الحكومة ويقدم ما هو في خدمة الشعب السوري، ومن واجبنا أن نعمل على تفعيل آليات العمل الإداري و إزالة كل العقبات البيروقراطية التي قد تشكل إعاقة لحركة مؤسسات الحكومة، مما يجعلها متأخرة عن حركة الحدث والضرورات .
لم يزل أداء الحكومة ليومنا هذا .. أقل مما تقتضيه الظروف التي يعيشها شعبنا ، كلنا أمل أن تستدرك الحكومة العثرات والأخطاء المتراكمة، ونأمل بأن تتبنى كادراً من التكنوقراط الذي يستطيع القيام بالواجبات و المسؤوليات التي تفرضها خصوصية الظرف السوري .
-هناك محاولات لتشكيل تعبيرات سياسية تراعي مصالح الأقلية العلوية وتمثل خياراتها السياسية، ما هو موقفك من هذه التشكيلات وهل تستطيع أن تحدث فارقاً في الحل السياسي في سوريا ؟
أنا مع أي تعبير سياسي يستطيع أن ينقل مصالح الطائفة العلوية لتتموضع في خانة التغيير الديمقراطي مع باقي المكونات السورية، ليس من العقلانية أن نترك مكون أساسي من المكونات السورية مصطفاً وراء الاستبداد ونكتفي بإلقاء التهم دون أن نوّفر لهذا المكون خياراً وطنياً يرعى مصالحه و يحقق له علاقة متوازنة ضمن العقد الاجتماعي الجديد مع باقي المكونات، ومن غير المقبول أن يبقى النظام كمرجعية للأقلية العلوية وباقي الأقليات.
لن يكتمل المشهد الوطني دون انخراط الجميع في مشروع التغيير الجذري، علينا جميعاً أن نستأصل الجذور العميقة للاستبداد .
-أنت ابنة الساحل السوري كيف ترين احتمالية سقوط نظام الأسد وهل أنت مع مخاوف الطائفةالعلوية؟
المخاوف مشروعة في ظل غياب الإجابات السياسية، التي تحمل نفعاً وطنياً عاماً وهذه المخاوف لا تنحصر فقط عند الطائفة العلوية، إنها مخاوف كامل المكونات السورية، هناك قلق وطني عام حول شكل الدولة القادم، وماهي آفاق الخروج من الحرب و إنهاء حقبة الاستبداد، ويبقى لهذه المخاوف خصوصية عند الأقليات و خاصة عند الطائفة العلوية بعد أن اختطفها النظام و احتمى بها من استحقاقات التغيير التي تهدده كبنية وأفراد، مما يجعل دور الطائفة العلوية في إحداث التغيير المنشود دوراً أساسياً لا يمكن تجاهله ونحن كمناضلين ديمقراطيين لن نسمح باستمرار اختطاف الطائفة وأخذها كرهينة في قبضة الاستبداد، إن نزول الطائفة العلوية إلى الشارع و انقلابها على الأسد،هو بمثابة ورقة النعوة لنظام الأسد .
-ما هو موقفك من المؤتمرات التي تحضّر في روسيا والقاهرة، و ما الذي يجعلكتفضلين العمل بصمت بعيداً عن ضجيج المؤتمرات ؟
لا أرى فيها أكثر من تحريك للساحة السياسية الراكدة منذ مدة، وما زلنا بعيدين عن إمكانية الحل السياسي .إن أي حل لا يأخذ بأهداف الثورة كشرط أساسي لا يمكن أن يمتلك المشروعية بعد الأثمان الباهظة التي دفعها و مازال الشعب السوري .
أنا ابنة الساحات و الاعتصامات، أنتمي للعمل الميداني و أرى هذه الساحات ما تزال بحاجتي وسأبقى وفية لها، اليوم أنا كعضو مجلس إدارة في تجمع أنصار الثورة نعمل جاهدين على الحفاظ على النبض الثوري و العمل المدني و أجد توازني و ضالتي الثورية في هذا التجمع ، حيث نحتاج لهيئة تعمل على خدمة الشعب السوري، فالمعارضة السياسية تاهت عن سبب تشكيلها الأساسي ولحقت المؤتمرات المكلفة والتسويات والصفقات الممهورة بدم الشعب، أنا و رفاقي لانثق إلا بساحات الثورة.
النص الأصلي موقع “صدى الشام” وتم استبدال العنوان من قبل نشطاء الرأي
مرتبط