زملاء
غســـان المفلـح يكتــب عن الأســـدية والكـــردية
- السياق الذي شكل سورية ، لم يكن مطروحا فيه قيام دولة كردية في اي منطقة بالشرق الاوسط ، لأنه أساسا لم يكن هنالك دولة كردية مستقلة، تم احتلالها واقتسام أراضيها.
- لو استطاعت المعارضة ان تحقق أهداف السوريين من غير الكرد ، لقلنا أنها شوفينية … هذه المعارضة لم تشكل هيئة من هيئاتها دون ان يكون للكرد حصة فيها
- الأسدية في مسارها استطاعت اللعب على المسألة الكردية متداخلة مع المسألة الطائفية في تركيا . ساعدت عبد الله اوجلان في تشكيل اكبر حزب كردي من أجل الاسدية وتحصينها.
عندما نفتح حقل المزاودة نجد خطابا عنصريا من الطرفين. تفوح منه رائحة سحق الآخر. العرب كذا.. الكورد كذا.. في هذا الخطاب: الطرفان يستحقان الموت. ليس الشعب السوري هو من احتل المناطق الكردية في سورية. ليس كل الكرد السوريين ضد الحرية من الاسدية. الكرد كانوا موجودين في دمشق رؤساء ووزراء منذ قيام الدولة السورية في سايكس بيكو 1916.
السياق الذي شكل سورية سياقا دوليا، لم يكن مطروحا فيه قيام دولة كردية في اي منطقة بالشرق الاوسط ، لأنه أساسا لم يكن هنالك دولة كردية مستقلة، تم احتلالها واقتسام أراضيها. هذا من جهة ومن جهة أخرى لاذنب للكرد إذا أرادوا تأسيس دولة قومية كردية، فهذا حقهم . التداخل الكردي في سورية عقد الأمر. كما هو حال التداخل البعثي الأسدي والصدامي عقدها أيضا في الجزيرة السورية ومنها المناطق الكردية.
شيطنة السوريين من غير الكورد تماما كشيطنة الكرد. وجهان لعملة واحدة. هنالك في المساحتين قوى سياسية تتحرك وفقا لاجنداتها وارتباطاتها الاقليمية والدولية. مثال داعش والبي كي كي- بفرعه السوري-. المعارضة السورية كردية وعربية وغيرها فشلت مع الجميع، وليس الامر مع الكرد فقط. فشلت مع العرب السوريين قبل أن تفشل مع الكرد السوريين. لكن هل قيادة قنديل سورية؟ هل تعنيها سورية أم يعنيها الاسد والاسدية أكثر؟ لو استطاعت المعارضة السورية ان تحقق اهداف السوريين من غير الكرد ولم تحقق أهداف الكرد السوريين، لقلنا أنها شوفينية وضد طموحات الكرد. هذه المعارضة لم تشكل هيئة من هيئاتها دون ان يكون للكرد حصة فيها، وربما من حيث الثقل أكبر مما يساوي وزن الكورد الفعلي في الثورة. الاسدية في مسارها استطاعت اللعب على المسألة الكردية متداخلة مع المسألة الطائفية في تركيا. ساعدت عبد الله اوجلان في تشكيل اكبر حزب كردي في تاريخ تركيا، ليس من أجل حل القضية الكردية لا في تركيا ولا في غيرها وإنما من أجل الاسدية وتحصينها.
هذا ما حصدت نتائجه الأسدية في موقف جماعة اوجلان من الثورة السورية. جاءت إيران بعدها لتقطف الثمن خلال الثورة وتصبح هي المحرك الاكبر والداعم الاساسي لهذا الحزب. على الرغم أن وضع الكرد في تركيا افضل من وضعهم في إيران وسورية حقوقيا وسياسيا واجتماعيا. ألا يدعو للتساؤل مثلا أن كرد عبد الله اوجلان، لا يناضلوا في إيران بينما يحاولون شق الكرد الايزيديين عن كردستان العراق بقيادة كاك (مسعود البارزاني)؟
نأتي للأسدية. لايزال حتى اللحظة كل نشاط الفرع السوري للبي كي كي هو تحت وصاية الاسدية الايرانية. حسنا هذا تكتيك سياسي!! أم تبعية؟ هذا السؤال ليس مجال الاجابة عنه هنا.
باستثناء حركة الزعيم الكوردي (صلاح بدر الدين) في سورية. نريد أن نعرف أي حزب كردي واجه الاسدية ؟ فقط في فترة بداية التسعينيات حاول حزب اليكيتي بزعامة فؤاد عليكو الخروج عن هذه الحالة فتم اعتقال مجموعة من نشطائه وتم الحكم عليهم بثلاث سنوات أو خمس سنوات سجن لم أعد أذكر. بالمناسبة لهم مني الف تحية لأننا تشاركنا نفس السجن في صيدنايا. أعيد وأذكر هل وجدت القضية الكردية عمقا شعبيا كما وجدته ابان الثورة السورية، في أي دولة أخرى فيها كردستان؟ هذا ما أخاف الأسدية وجماعة اوجلان فبدأوا بمحاولة استعادة المبادرة من خلال إثارة المزيد من الخطابات الشوفينية.
جاءت داعش فيما بعد وكلنا يعرف أن داعش وقيادتها ليس فيها من السوريين أحد، إما عراقيين أو توانسة أو شيشان. لماذا يتحمل الشعب السوري وزر هؤلاء؟ مع داعش فتحت باب المزاودة.. أصبح كل السوريين داعش حتى الذين هتفوا “آزادي” في درعا وحمص وحماة والدير وبقية مناطق سورية. كلا الطرفين الآن لا يهاجمان الأسدية، لا قوات أوجلان ولا داعش.
قبل الثورة السورية لم تستطع الفعاليات الكردية ايصال صوتها للشعب السوري عن قضيتها وعدالتها. لاأظن أن هذه قضية يتحملها الشعب السوري، بل يتحملها الاسد وقمعه من جهة، وتقصير القوى الكردية من جهة اخرى. هل بعض الناشطين العرب عميان عن (عامودا) المدينة الكردية البطلة وماذا فعلت بها قيادة قنديل لأنها خرجت ضد الأسدية؟ و(كوباني) أو(عين العرب) التي سلم أهلها لداعش ذبحا، لأنها مدينة انتفضت ضد الأسدية في بدايات الثورة. فكما عند المكونات السورية الأخرى هنالك أسديين وغير أسديين أيضا عند الكرد كذلك.
فشل المعارضة السورية ليس لأنها شوفينية، بل لأسباب أخرى تماما. رفقا بنا ياجماعة.. الكرد السوريين حتى لو استقلوا يبقوا جزء من شعبنا ومن تاريخ سورية وثورتها. لكن لاتخافوا حركة صالح مسلم وقيادة قنديل ليس في نيتها الانفصال عن الاسدية وعن إيران هنا الجزء الرئيس من المشكلة وتسعير هذا الخطاب الشوفيني المقيت.
الموضوع ليس انتهازية اسدية بل هو موضوع سيطرة اسدية ايرانية الآن على المجال الحيوي للبي كي كي بكل فروعه. على المعارضة السورية غير الكوردية ان تدرك ذلك ويخفف نشطائها الشوفينيين من العرب غلوائهم . الحرية لا تجزأ لمن يريدها.. إذا اردتها لنفسك فعليك ان تريدها لغيرك .. الشعب السوري منهك بجراحه وليس في وارد هذا الخطاب الشوفيني المتبادل ، بين ناشطين موجودين في أوروبا .. التواضع والموضوعية في رؤية اللوحة والتعامل معها مطلوب في هذه اللحظة من عمر شعبنا السوري بكل أطيافه ، لأن الحرية للجميع ليست بعيدة.
- كاتب وسياسي سوري
أورينت نت