ما احتمالات بقاء الأسد وبنية نظامه؟
لم يعد يهتم رئيس النظام السوري بشار الأسد إلا بالبقاء وحماية الطرق المؤدية إلى دمشق، ولم تعد هضبة الجولان مهمة حاليا لنظامه.. هذه خلاصة تقديرات إسرائيلية للوضع في سوريا، صدرت مشفوعة بإشارة إلى أنه تجري مراقبة المتغيرات على تلك الساحة.
وتشير التطورات على الأرض إلى أن النظام السوري وحلفاءه أكثر انشغالا بالمعارك في حلب لتعزيز موقع النظام عسكريا، إلى جانب تعزيزه عبر انتخابات لم تحظ دوليا إلا بدعم روسي باعتبارها محاولة لتجنب أي فراغ تشريعي في سوريا.
أما وفده فيجري في جنيف مفاوضات حول المبادئ الأساسية لتسوية الأزمة في البلاد. وتصر المعارضة السورية على رفض بقاء الأسد في مرحلة الانتقال السياسي، واعتبرت هذا شرطا لمشاركة النظام في هيئة حكم من التكنوقراط للحفاظ على استمرارية مؤسسات الدولة، باستثناء المؤسسة العسكرية والأمنية التي سيعاد تشكيلها.
حلقة برنامج “حديث الثورة” سلطت الضوء على دور بشار الأسد وبنية نظامه في مستقبل سوريا، بين طروحات المعارضة والقوى الكبرى.
عضو وفد المستشارين للهيئة العليا للمفاوضات يحيى العريضي قال إن تصريحات رئيس وفد النظام السوري بشار الجعفري تشير إلى أنه ليس هناك جدية في التوصل إلى حل سياسي، بينما جاءت المعارضة لطرح الأمور بجدية وللتجاوب مع تطلعات الشعب السوري الذي يريد إنهاء شلال الدم في بلاده.
في المقابل يرى مدير مؤسسة “غنوسوس” الإعلامية عمار وقاف أن النظام يريد حلا سياسيا يقوم على المشاركة عبر حكومة وحدة وطنية وكتابة دستور جديد، ولا يقبل بحل يُفرض من الخارج.
وحاول الخبير في النزاعات الدولية بجامعة جورج تاون الأميركية في الدوحة إبراهيم فريحات التمييز بين مستويين: الأسد والحلقة المحيطة به وبين مؤسسات الدولة، مؤكدا أن هناك شبه اتفاق دولي على ضرورة رحيل الأسد، لكن المشكلة الأكبر هي في “النظام”، هل يتم هدمه بالكامل مع ما في ذلك من مخاطر كما حدث في العراق وليبيا، أم تتم محاولة إصلاحه، وفي ذلك خطورة أيضا كما حدث في اليمن؟
من جانبه قال الباحث السياسي السوري المعارض ياسر سعد الدين إنه لا يمكن فصل رأس النظام عن أركانه، لأن سوريا تُحكم منذ خمسين عاما بواسطة “عصابة”، مشيرا إلى أن العالم بأسره يشترك في “الجريمة ضد الشعب السوري”.
واتفق العريضي مع سعد الدين في أن القوى الدولية تسكت عن جرائم النظام السوري، كما أن هناك قوى أخرى كروسيا تدعم النظام، مشيرا إلى أن هناك مئات الآلاف من الوثائق التي تدين النظام، لكن العالم لم يتحرك للتحقيق فيها.
وعن هذه الوثائق، قال وقاف إن “الرئيس الأسد ممسك بزمام الأمور في سوريا، لكن طريقة تعامل الدولة مع الأزمة لم تكن بدرجة كبيرة من الكفاءة، كما أن سياسة التعذيب موجودة في كل دول المنطقة”.
وأضاف أن هناك إشكالية في خطاب المعارضة السورية التي تركز على رحيل الأسد، وهو ما يرفع سقف توقعات المعارضين قبل أن تصل إلى لا شيء.
ورفض فريحات إقرار انتهاكات النظام السوري بدعوى أنها موجودة في دول أخرى، بل يجب محاكمة المتورطين في هذه الانتهاكات أيا كان مصدرها.
وأكد أن النظام السوري استطاع تغيير جزء من المعادلة على الأرض عبر تحالفاته مع روسيا وإيران وغيرهما، كما أن الدول الكبرى تتعامل مع سوريا كبورصة قتل وتهجير، محاولة استثمارها سياسيا.
البقاء لا الجولان
وعن التقديرات الإسرائيلية التي تتحدث عن أن الأسد يهتم فقط ببقائه وحماية الطرق المؤدية إلى دمشق دون الاهتمام بالجولان، قال سعد الدين إن “نظام حافظ الأسد هو من سلّم الجولان لإسرائيل”.
من جهته، قال العريضي إن إسرائيل في ارتياح ما دام النظام ممسكا بالسلطة، وهو ما جعلها تسعى للمحافظة على بقائه.
واتفق فريحات مع ذلك، مؤكدا أن النظام السوري حفظ أمن إسرائيل من جهة الجولان طيلة أربعين عاما، كما أن إسرائيل حريصة على بقاء نظام الأسد -وكذلك روسيا وأميركا- حتى يكون هناك بديل آخر.
لكن وقاف قال إن التقديرات الإسرائيلية “لا معنى لها”، مشيرا إلى أن الأماكن الوحيدة التي قصفتها إسرائيل خارج حدودها منذ حرب 1973 هي أماكن المقاومة سواء في سوريا أو لبنان، ولذلك فهي تستشعر خطرا من سوريا.