مآساة السوريين تتحول الى فيلم “الخوذ البيضاء” ويحصد جائزة الأوسكار
- لدى تسلم الجائزة ، تلا مخرج الفيلم أورلاندو فون إينسيدل كلمة قصيرة لرائد صالح، جاء فيها ” نحن ممتنون لأن الفيلم ألقى الضوء على عملنا؛ لقد أنقذنا أكثر من 82 ألف مدني. أدعوا جميع الذين يصغون إلي إلى العمل من أجل الحياة، من أجل وقف نزيف الدم في سوريا ومناطق أخرى في العالم “.
سلط حفل الأوسكار مجددا أضواء العالم على منظمة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)بعد الإعلان الليلة الماضية عن فوز فيلم “الخوذ البيضاء” بجائزة أفضل فيلم وثائقي قصير، حيث سبق أن رُشحت المنظمة لجائزة نوبل للسلام، وما زالت تحظى بالمزيد من الاحتفاء العالمي رغم محاولات النظام السوري لتشويه سمعتها.
وتم تصوير الفيلم في المناطق التي تتعرض للقصف الجوي بسوريا، حيث أظهر بالصوت والصورة العبء الذي يحمله متطوعو المنظمة لإنقاذ الضحايا من تحت الأنقاض بإمكانيات بسيطة.
وقال الناقد السينمائي الفلسطيني سعيد أبو معلا للجزيرة نت إن تصوير فيلم وثائقي تحت القصف يعد من أخطر أنواع العمل الفني، وبالتالي فإن محاكمته فنيا كفيلم أنتج في ظروف عادية يعد ظلما له، ومع ذلك فإن الواقعية والتصوير الميداني لما نسمع عنه فقط يعد سمة أساسية للفيلم، والقضية التي يحملها تجعله وثيقة أساسية لإدانة القتلة والموت.
ورأى أبو معلا أن الفيلم يعبر عن عمل ملحمي إنساني لحماية المواطنين في ظل بطش نظام حاكم، وأن فوزه يشكل انتصارا للقضية السورية والحياة التي يحاول هؤلاء المتطوعون حمايتها.
ملصق الفيلم الوثائقي “الخوذ البيضاء”
حملة تشويه
ومن غازي عنتاب (جنوب تركيا)، قال مدير الدفاع المدني السوري رائد صالح للجزيرة “إننا نعتبر مهمة إنقاذ أهلنا من تحت الأنقاض وخدمتهم أمانة برقابنا”، مضيفا أنهم يؤمنون بعد فوز الفيلم بجائزة الأوسكار بأنهم باتوا يحملون أمانة أكبر، وهي إيصال صوت الضحايا والحديث عن معاناتهم أمام العالم.
وتابع قائلا إن الصور التي خرجت اليوم من مدينة أريحا بريف إدلب كانت مؤلمة جدا؛ فبالتزامن مع الإعلان عن الفوز بالجائزة أعلن الدفاع المدني عن إخراج طفلة حية من تحت الأنقاض بعد قصف جوي، وقال “هذه جائزة كبرى تستحق الحديث عنها”.
وأوضح صالح أن المنظمة تعرضت لدعاية مضللة من قبل قنوات النظام وروسيا منذ ترشحها لجائزة نوبل للسلام العام الماضي، مؤكدا أنهم يكتفون بالرد عبر أعمالهم المتجسدة على أرض الواقع وإنقاذ الضحايا في المناطق التي تتعرض للقصف الجوي، حيث يكون متطوعو المنظمة أول من يتواجد في مناطق القصف، حسب قوله.
وفي ما يتعلق بمستقبل المنظمة، أكد صالح أنهم يعملون على وضع رؤية على المدى البعيد منذ منتصف العام الماضي، حيث يدربون فرقا قادرة على التعامل مع مخلفات الحرب وينشرونها بكثافة في أنحاء البلاد، لا سيما بعد تلوث مناطق كثيرة بمخلفات القنابل العنقودية والقديمة نسبيا التي يستخدمها النظام في القصف، ما استدعى منهم التعاون مع منظمات دولية لتنظيف المناطق المدنية كي تتاح للناس العودة إلى مناطقهم بعد انتهاء المعارك هناك، وذلك فضلا عن التخطيط لتزويد فرق الإنقاذ بآليات متعددة الاستخدامات ليكون لها دور في إعادة إعمار سوريا بعد انتهاء الحرب.
واختتم مدير الدفاع المدني السوري بقوله “نحن واثقون من أننا قادرون على إعادة بناء جسور الثقة بين أطياف الشعب، وأننا قادرون على خدمتهم بدون النظر إلى انتماءاتهم”.
ولدى تسلم الجائزة، تلا مخرج الفيلم أورلاندو فون إينسيدل كلمة قصيرة لرائد صالح، جاء فيها “نحن ممتنون لأن الفيلم ألقى الضوء على عملنا؛ لقد أنقذنا أكثر من 82 ألف مدني. أدعوا جميع الذين يصغون إلي إلى العمل من أجل الحياة، من أجل وقف نزيف الدم في سوريا ومناطق أخرى في العالم”.
عدم الحضور
وكان رائد صالح والمصور خالد الخطيب سيحضران حفل الأوسكار في لوس أنجلوس بعدما حصلا على تأشيرتين للسفر إلى الولايات المتحدة، لكن صالح قرر عدم ترك عمله بسبب كثافة غارات النظام على بعض المناطق، بينما لم يحضر الخطيب الحفل بعد أن ألغى النظام صلاحية جواز سفره لمنعه من السفر إلى هوليود.
ولم يكن حصول صالح والخطيب على تأشيرتي السفر بالأمر السهل، وذلك بعد أن أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمرا تنفيذيا يمنع دخول مواطني سبع دول مسلمة، ومنها سوريا، من دخول البلاد، وذلك قبل إلغاء الأمر بقرار قضائي.
وفي بيان منفصل، قال صالح “لسنا سعداء بما نقوم به، نحن نمقت الواقع الذي نعيش فيه، ما نريده ليس الدعم للاستمرار، لكن الدعم لإنهاء هذا العمل”؛ آملا أن “يدفع الفيلم وهذا الاهتمام العالم إلى التحرك لوقف إراقة الدماء في سوريا”.
ورُشحت المنظمة لجائزة نوبل للسلام العالم الماضي لكنها لم تفز، وفي سبتمبر/أيلول منحتهم المنظمة السويدية “رايت لايفليهود” جائزتها السنوية لحقوق الإنسان التي تعد بمثابة “نوبل بديلة”، مشيدة “بشجاعتهم الاستثنائية وتعاطفهم والتزامهم الإنساني لإنقاذ المدنيين”.