أحمد سليمان: إنتخابات لبنان تتقدمها معركة الحريات
نأمل أن ينتج عن الانتخابات ،جيل مدني شاب يحاكي تطلعات اللبنانيين، جيل معني بإعادة الحريات الديمقراطية إلى الموقع الصحيح
بينما أتابع الانتخابات اللبنانية، ألاحظ بأنها ستكون معركة طاحنة، متمنيا الحظ للمرشحين الوطنيين منهم، خصوصا الإعلاميين وبعض دعاة المجتمع المدني. بدا المشهد متشابك كبير، له دلالات مفصلية في هذا البلد الإشكالي العصي العنيد.
الحديث هنا يعود بي إلى انتخابات حصلت في سوريا أيام حافظ الأسد ، ألخصها هنا في عجالة:
مع تراجع الوضع الاقتصادي وتذمر الناس،خصوصا بعد غياب أبسط السلع وأساسيات العيش من الأسواق، ازدادت القبضة الأمنية التي وصلت ذروتها. وكالعادة أطلق النظام فجأة حزمة تغييرات شكلية كنوع من التخفيف عن حدة الإحتقان الشعبي، تم الإعلان عن انتخابات ديمقراطية للمجالس المحلية المنتدبة إلى البرلمان. التحق الشيوعيين ثم الناصريين و(السياسيين) الذين بعضهم أعلنوا بأنهم من فئة المستقلين.
لوحظ وبشكل فج ،حين استثمر النظام هذه الحالة على نسق فوضوي متعمد، حيث عمل على تمييع الانتخابات من خلال تبسيط مؤهلات المرشحين. أطلق مرشحون من فئة ضباط القصر والإعلام المقرب من الصحافة المحابية، كانت بثينة شعبان في ذات “الجوقة”.
وقتها رأينا واجهات عشائرية تتصدر المشهد ، إلى جانب المشايخ والراقصات. فاز من كل مقام واحد ، لكن ،في ذات الوقت كانت صلاحيات الجميع مُكبلة وبلا فاعلية ، باستثناء مديرة الملهى الخاص بالمخابرات وبعض أعضاء سابقين لهم حضور واضح بمجال الاستثمارات وتهريب السلاح.
رويت هذه “الهمروجة” الإنتخابية التي حصلت في بلدي سوريا، حيث تتنازعه الآن حروب بالوكالة بين دول وجماعات حزبية تتقاطع في بنيتها مع الداخل السياسي في لبنان، بل مع ثلة حزبية تحتل سلطة القرار فيه، هذه الثلة لولاها لكان لبنان أكثر عصرنة ومدنية . وما كانت الحرب في سوريا حُسمت وفق نشيد إيراني روسي من أجل ضرب المنطقة.
شاهدت أيضا في الأيام الماضية ، مثل كثيرين ،كيف لحزب يدعي محاربة إسرائيل ، في حين أنه ينفرد بزراعة الحشيش ، والإتجار بالمخدرات ويستخدام السلاح في شؤون خارج اسوار الدولة ، بل خارج الأرض اللبنانية، منطلقا من لبنان كقاعدة عسكرية ، يشارك في حروب بالإنابة عن إيران وأهدافها الجيوسياسية بدءا في العراق ، ثم سوريا ، وصولا إلى اليمن ، معادية ، هو عينه ، ذات الحزب ، يقمع المرشحين المعارضين والإعتداء عليهم ؟!
حادثة الإعتداء على الصحافي علي الأمين وتعطيل حق مقاضاة المتهمين وتمييع القضية ، أيضا شاهدت كيف تمت محاصرة بعض المرشحين ومنعهم من الترويج لبرامجهم الإنتخابية ، التي تتنادى في سيادة القانون وحماية الديمقراطية ، وإنهاء الفساد الإقتصادي والسياسي.
مع كل هذا وذاك ، نأمل أن ينتج عن الانتخابات ،جيل مدني شاب يحاكي تطلعات اللبنانيين، جيل معني بإعادة الحريات الديمقراطية إلى الموقع الصحيح، في خطوة ارتدادية لما يعانيه لبنان من الهيمنة الوراثية والحزبية التي تسيطر على الدولة ومؤسساتها.
عشتم وعاش لبنان حُر مدني ديمقراطي.