أحمد سليمان

اعترافات قنّاص ونزهة في دبابة : أحمد سليمان

نزهة في دبابة : ذهبت إلى سوق الأدوات المستعملة ، واشتريت مقوّد ومدفع مكسور. صعدت إلى دبابة مهملة ، مع انها لا تصلح إلا كموديل أثري ، لكنني أنعشتها وجعلتها كعربة خضار متنقلة .

الدبابة التي تركها جنود”الوطن” وهربوا، الدبابة التي كانت تقصف أبناء بلدي ، هي نفسها التي أقودها  كي اتسوق بها الطعام وأوزع الورود

الطفلة تمسك بدميتها
الطفل يسرق منها السكاكر

باعة يعرضون على عرباتهم مجموعة متنوعة من مقذوفات الحرب .
نزلت بالقرب من اول عربة خضار، أهداني البائع  بقايا عبوة معطلة ، مليئة بالطماطم واللوز ، كذلك أعطاني بضع طلقات متفجرة .

شعرت بالكرم الزائد من ابن بلدي ، فقدمت اليه سترة وصلتني هدية من عارضة أزياء تعيش في بلاد لا حرب فيها .

تابعت سيري على مضض ،لكن دبابتي عند كل مفرق طريق تتعطل ، شارات المرور تحترمني فلم ألحظ نورها الأحمر ، مع انني اصبحت صندوق فرجة وعجائب العيد في حارات دمشق ، ثم توقف البث ،وفقدت الاتصال اللاسلكي مع المحاربين الذين يبيعون الخضار والبليلة .

يمر بقربي ملتح ، ثم نسوة يخبئن رؤوسهن بأغطية ، ثم يمر كهل يبحث عن طعام . يرميه الشرطي أرضا ويبعده كي تمر سيارة مصفحة .
وضعت كفَّ يدي على رأسي ، وبالأخرى لمست جسم طائرة مرت من فوقي ، كدت أمسك السائق ، لكن استعجلني صوت انفجار ومشهد الناس الذين راحوا يهرولون .

قالت الإذاعة إن ” جيش الوطن ” يستعيد بلدات ، قالت إذاعتي المفضلة ، إن طائرة قصفت ملاجئ المدنيين ومدرستين ومشفى وفريق إنقاذ الضحايا .

تابعت سيري ، وقد مرَّ بالقرب مني صاروخ طائش ، ثم انفجرت عبوة، بالقرب من ذات البائع الذي كان سخيا معي وأهداني طماطم ولوز ومقذوفات متفجرة .

الصاروخ يصفر وأنا أتحزر اسم الشارع
اعرف مفتي حمل مبخرة
ودق الجرس في أحد الشعانين .

الصاروخ يصفر فوق رأسي
كذلك أبصرت راهبة تدخل الجامع .

الصاروخ يقترب من دبابتي المحشوة بالخضار
وخوري يبسمل قرب دير البلدة.
الطفلة تركض
وانا اتبعها.

الطفل يركض خلفي .
الناس يصرخون

ثم وقع البناء وأصبحنا مشهد في التلفاز.

اعترافات قنّاص:

في الأمس قصفوا الملهى الطفولي، تلاه ساحة البلدة، الشارع المؤدي إلى جدار المدرسة.

أيضا طار الجسر الذي أكل من قدمي وابتلع قلبي.

اليوم، استيقظت حين اصطدم صاروخ برأسي،

ثم انفجرت عبوة في المرسم، أيضا خسرت قصائد انهيت كتابتها بلا وعيي.

كانت عاشقة عظيمة لولا انها انتحرت بالقرب من أول تجربة اعتراف، مع انني لم أتبوأ بحرف صريح ، حتى القُبلة والورود التي وزعتها ليست لي، ربما استعرتها من مناماتي . انا كائن يمتاز بشغب طفولي، الهزائم التي عشتها تتخطى سنوات عمري، استسلمت للخيبة بعدد سكان الأرض، لكنني امتلك آبار موصولة بمستوعب للخمور السحرية.

اصلح للعمل بأي مشروع خاسر، اساعد من يبتزني، كي استعجل اخراجه من عالمي، كذلك أهديه ابتسامتي. لهذه الأسباب، اطلب من بنات الأرض ألا يكثرن من الإنتحار، إلا إذا ثبت بأنني اتكلم بلطف وذكاء غير معهود.

– هذا القمر لا يشبهك

هذه الشمس لي وحدي

فأر الحقل يرقص بالقرب من الوسادة، الديك الذي يقف فوق رأسي، الأرنب مصلوب خلفي، حتى الدب الذي أفرك اذنيه يشهد.

انتِ سيدة بلا مجتمع، مع انني كنتُ بالنسبة اليكِ كل الجماهير.

بالضبط، كثيرا ما كنا ننشغل بتحنيط الوقت.

نحرص على هندسة الأخطاء وإصدار بيانات التنديد.

 

  • أحمد سليمان
اظهر المزيد

نشــــطاء الـرأي

نشــــــــطاء الـــرأي : كيان رمزي وخط إنساني لحرية الإنتقاد الثقافي و الفكري والسياسي ، بدعم مالي مستقل Organization for peace and liberty – OPL : www.opl-now.org

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق