أحمد سليمان : من الأول إلى الأولويات … سلام مفخخ و دستور بلا مواطنين
- في كل مؤتمرات جنيف ، بدت مجرد فخاخ، أو مخدر ريثما يتم الإجهاز على المعارضة، بشقيها السياسي والعسكري
- إعادة رسم سياسة خارجية تحترم الشؤون الداخلية للدول المجاورة خصوصا لبنان. الى جانب استقالة بشار أسد
- لا يجوز السير الى اي نمط فدرالي، قبل العمل على تشكيل الدولة المركزية التي يفترض أن يتمخض عنها لاحقا طبيعة الادارات .
استقالة بشار الأسد ، وتحديد صلاحية الأجهزة الأمنية ،الى جانب لا مركزية القرار على المدن الرئيسية وان يكون لكل منها إدارة ضمن الوطن السوري، بمعنى أدق تفكيك دولة المافيا الأسدية وإعلان قوانين عصرية تتلائم وحداثة الإنسان .
هكذا كان لسان حالنا ، قبل الثورة بسنوات، تم الإعلان عن ذلك بكل وضوح وبلا مواربة ، بوسع من يشاء مراجعة ذلك التحرك ( مانفيستو استقل ) المنشور في 27/ 05 من العام 2006 . لم تكن السجالات صدفة ، واغلب الذين كانوا معنا في تلك الحملة أحياء ومن لحم ودم .
المطالب تلك ، تفرع عنها عناوين عدة ، منها إعادة رسم سياسة خارجية تحترم الشؤون الداخلية للدول المجاورة خصوصا لبنان .الى جانب استقالة بشار أسد نظرا لعدم كفاءته بإدارة شؤون البلاد .
الحديث وقتها كان يحدد مفاهيم وقيم ديمقراطية ، لم تكن هذه المجازر ، أو براميل الموت ، او نابالم .ولم يكن بيننا من يدعو إلى كفاح مسلح . كل ما في الأمر وجدنا أن رئيس الحكم ذاهب في مراهقته الى ما هو اسوأ .الاعتقالات لم تتوقف ، كذلك أكاذيب “الوعود بالإصلاح ” .
أما الآن ، ونحن في النصف الثاني من عام 2018 ، وبعد أن قتل قرابة مليون إنسان ، واختفاء وسجن عشرات الآلاف ، وتهجير نصف السوريين ، وتدمير البلاد ، اضافة الى اعادة تعويم ذات النظام ورئيسه السفاح. نستمع الى تسريبات تتجه نحو عزل سلطات المركز وجعل لكل مدينة برلمان مستقل !!
في الحالة السورية هذه ، تمثل تلك التسريبات تشريعا لتغييب أي دور (للدولة المركزية ) بالتالي لا يجوز السير الى اي نمط فدرالي ، قبل العمل على تشكيل الدولة المركزية التي يفترض أن يتمخض عنها لاحقا طبيعة الادارات للمدن والمناطق السورية . فإذا ذهب اصحاب التسريبات فيما يخطون ، سيكون ذلك قائم على إرادة خارجية ، تلك الإرادة تضع في الاعتبار مصالح غير وطنية ، تتقاسم البلاد عبر ثلاثة رؤساء ، اثنان منهما على أساس ديني / طائفي ، وثالثهما يلعب دور المكمل لاسطورة حماية الأقليات. بهذه العقلية الخرقاء سيحكمون سوريا .
فخاخ جنيف :
في كل مؤتمرات جنيف ، بدت مجرد فخاخ ، أو مخدر ريثما يتم الإجهاز على المعارضة ، بشقيها السياسي والعسكري ، بموازة ذلك فشل المجتمع الدولي بتقليل الفجوة بين النظام والمعارضة من خلال تسهيل ارضية جديدة اعتقد بأنها ستلاقي ترحيبا .
تمثل ذلك حين صدّر النظام شخصيات الى الخارج ، أدعى هؤلاء بأنهم يمثلون طرف معارض على نسق جديد ، قالوا إن همهم المصلحة العليا للشعب السوري ، ثم أعلنوا بأنهم يعملون على أولويات إغاثية في الوقت الذي يطبق النظام حصاره على عدد من المدن والمناطق التي تسيطر عليها المعارضة . بدءا بريف حمص ، وحلب ، ثم الغوطة ، وصولا درعا.
استقر المشهد بأكثر فظاعة ، في درعا ، بل في الجنوب عموما ، وقبل ذلك شهدنا سيناريوهات مماثلة ، أسفر عنها المجازر والدمار . بالتالي ، نحن أمام كارثة عنوانها الأساس ارساء دعائم الاحتقان بين السوريين ، ذلك وليد قوة متغطرسة،سيكون لها أثر مشابه لحالة ما سمي رسميا ( الاستقرار ) في بداية ثمانينيات القرن المنصرم . استقرار فرضه حافظ الأسد في حربه على السوريين كافة ، بما فيهم الداعمين لقضايا التحرر والدفاع عن البلاد ، كانت حربه تحت مسمى ملاحقة الارهابيين في حماة وحلب .
بيان جنيف 2012 ، والذي تمخض عنه القرار 2254 ، هذا القرار الذي يستبعد مشاركة أطراف النزاع من تطبيقه . لكننا اليوم نلاحظ روسيا وإيران من موقعهم كداعمين أساسيين للنظام .
يدفعان باتجاه فرض السلام ( وضرب كل المناطق التي بيد المعارضة ، وأثناء ذلك تم تهجير الساكنين الى مناطق سورية أخرى ) بما يتناسب مع مصالحهم ، تماشيا مع الرغبة الأمريكية التي هي بالأساس كمراقب لكافة تفاصيل الفخ الذي ينصبونة تحت مسمى انتهاء الحرب .
كذلك نلاحظ ترتيب آخر ، على نسق واحد ، مع تطمينات تركية تهدف حماية المناطق السورية التي تحت سيطرة الجيش التركي الى جانب مجموعات عسكرية معارضة .
يقول بيان جنيف :
(أ) إقامة هيئة حكم انتقالية باستطاعتها أن تُهيّئ بيئة محايدة تتحرك في ظلها العملية الانتقالية . وأن تمارس هيئة الحكم الانتقالية كامل السلطات التنفيذية . ويمكن أن تضم أعضاء من الحكومة الحالية والمعارضة ومن المجموعات الأخرى، ويجب أن تُشكّل على أساس الموافقة المتبادلة؛
(ب) الشعب السوري هو من يقرر مستقبل البلد . ولا بد من تمكين جميع فئات المجتمع ومكوناته في الجمهورية العربية السورية من المشاركة في عملية الحوار الوطني. ويجب ألا تكون هذه العملية شاملة للجميع فحسب، بل يجب أيضا أن تكون مجدية
(ج)على هذا الأساس، يمكن أن يعاد النظر في النظام الدستوري والمنظومة القانونية. وأن تُعرض نتائج الصياغة الدستورية على الاستفتاء العام.
(د)بعد إقامة النظام الدستوري الجديد، من الضروري الإعداد لانتخابات حرة ونزيهة وتعددية وإجراؤها لشغل المؤسسات والهيئات الجديدة المنشأة ).
مشاريع غير سورية:
ان التصعيد الذي طال مدينة درعا (جنوب سوريا) جاء على نفس القدر من التكتيك والتطبيق الإرهابي من قبل روسيا وايران ، وقد رأينا قبل ما حصل في ريف حمص ، كذلك في حلب ، وليس أخيرا في الغوطة الشرقية . ان ما حصل أساسا ، قائم بتفويض دائم من قبل ذات النظام الأسدي المجرم .
ان هذه الخرائطية المبرمجة على كامل الساحة السورية ، لن تجلب اي سلام ، إنما هدفها إسكات السوريين ، وفرض آلية تطبيق مندغمة مع مشاريع غير سورية ، تدار بالمطلق من قبل ذات الدول التي تحتل سوريا .
ما وصلنا إليه في سوريا ، هو أبعد من مواجهة العقلية التي كانت تدير البلاد بالقمع والزنازين والإرهاب المنظم ،فقد تخطى القصف بالبراميل المتفجرة والنابالم والطائرات والكيماوي. أعني بشار الأسد وعائلته المتوحشة منذ أيام حافظ الأسد .. هؤلاء، اصبحوا مجرد أدوات تديرها دول لها مجموعاتها الإرهابية .. بالتالي ، ان التوحش الحالي له غطاء قانوني ، يستمد شرعيته من مجلس الأمن الذي بات مكبلا من ذات الارهابيين الذين يديرون الحرب – دولا ومجموعات متداخلة – وقد تمكنوا إحداث شرخ مأساوي عبر ضرب السوريين ببعضهم .
بالتالي ، المستجدات ، سيتم إعادة إنتاج نموذج تقسيمي ، له إدارة مركزية (نظام شكلي) لها مراجع وفق المحاصصات الدولية ، واضعة بالاعتبار الشرخ المجتمعي الذي تمت هندسته ( دينيا ، طائفيا ، قوميا ، مناطقيا ) على نحو ما ، ديموغرافية قاتلة . هكذا شكل من التلاعب هدفه تفخيخ الاستقرار ، ومن شأنه ان يكون ركيزة لضرب المنطقة برمتها .
ملحقات للقضية
https://opl-now.org/archives/250
للمشاركة بدارة حوارية أو التوقيع يرجى الضغط
http://ehamalat.com/Ar/sign_petitions.aspx?pid=53