أحمد سليمان: فالنتاين سوري … وحب ممرغ بالدم و الثورة
فالنتاين سوري و حب ممرغ بالدم … قتلوه وهو يردد ” مرتي تاج راسي “
كتب أحمد سليمان : لأننا في حالة حرب مفتوحة مصدرها صناع القتل ، سوف نتذكر معا فالنتاين سوري لم يقتل بمقصلة كما حصل مع قديس الحب ، إنما قتل مسحولا … بالهروات والركل … مضروبا بأخامص السلاح ، ثم طلقة أنهته .
كان يرد على سؤال قاتليه ” مرتي تاج راسي ” جملة لم تذكر في كتب أو أشعار ، ولم نسمعها في مجتمعات شرقية ، ، ترك للإنسانية حكمة نقرأ أثرها في ضمير شعوب وبلدان تعيش حالات حرب أو ثورة .
الفالنتاين السوري قُتل دفاعاً عن عالمه ، حكاية عشقه ، ربما الثورة ساهمت بإعلانها ، رجل أربعيني ينطق حبه مرة واحدة .. حبه لتاج رأسه زوجته ، حبه ايضا لعائلته وأبنائه ، لحظة فاجعة كان العالم يراقب روحه كيف كانت ترفرف .
أعداء الحياة ، صناع القهر والإذلال ، الأدوار تختلف لكن الغباء واحد موحد ، لا عيد يفهمون أصله ولا دين يتفقون بشأنه ، يتمسكون بالتسلّط يهرولون بدمى تم اختراعها في سراديبهم ، يخرجون علينا بلحاهم وسيوفهم يهرولون وكراسيهم ملتصقة بأطيازهم .
صناع العدم ، في جاهلية العصر السوري المؤلم … قتلوا قبلاً عاشق الحب في معبد وثورة ، عاشق رفض أن تُمس وردته سـر مُحياه ، ســر محبته لدرب قاده الى رجم ومقصلة ، حلبي الهوى واللكنة ، ســوري القلب والثورة .
قبله كان قديس بارك العشاق ، وكان حتفه بمقصلة ، بين هاتين الثورتين ، شعوب نهضت وأخرى سُحقت ، ملوك رحلوا ورؤساء تغطرسوا واستفاقوا إما على بركة ماء أو دماء
بين الروايتان ، خيط جامع بين حالتي قتل عَمد ، والقاتل هنا من أجل دين أرضي ، أما المقتول فهو قديس مُدان لرفض إملاء وثني آنذاك، على خلاف ماحصل لـ فالنتيان الحلبي السوري ، كون هذا الأخير قُتل عقاباً على مشاركته في ثورة شعبية ، والقاتل هنا هدفه نفاق أعمى إيمانا منه بطاغية أخرق ، هذا يحصل الآن في سوريتنا المستحيلة المُعذَبة .
فالنتاين السوري يُسحل ويُهان ويُعذب علنا على مرأى العالم .. ثم يُقتل من جيش يفترض به ان يحمي أبناء الوطن ، أما القديس فالنتاين ، المتربع على عرش عشاق العالم منذ عقود فله حكاية تتمثل بتحصين الحب والدفاع عن رابط يتوج ما بعد العشق .. لكنه يُساق بهدوء مع بضع حراس الى سجن ثم إلى يُقطع رأسه .
المهم في الروايتان أعني فالنتاين السوري ، والقديس سان فالنتاين ، إنهما قُتلا دفاعاً عن مبدأ ، كيان بشري ، لحم ودم وحرية فكرة .
– فالنتاين القديس كقصته ، يوجه البشر إلى حق ويباركهم لحظة صدق وإكتشاف للذات ، قاده ذلك الى إعدام في مقصلة .
– أما فالنتاين السوري يجمع العالم بأسره بأنه قُتل دفاعاً عن عالمه وعشقه .. زوجته حبه وروحه كما يصفها قبل أن يتم قتله .
نحن أمام فالنتاين جديد ، لكن المكان في حلب ، والقاتل يعمل في جيش عائلي لرئيس مجرم ، جزار وأحمق ، قاتل يسحل ويمثل بـ فالنتاين بعد 17 قرن ، لكن بقصة واضحة وجلية ، مصورة ، تبين اي نوع من الوحوش الذين قتلوا عاشق لحبيبته ، وما استسلم العاشق السوري لإغواء تحريره مقابل ان ان يُخبر عن مكان أبنائه .
– حظي سان فالنتاين وعيده منذ قرون خلت بما تعدى الحب نفسه لدى عشاق الأرض ، بمنأى عن رابط دين أو سواه ، فهو مرجع لكل من يؤمن بفكرة الحب التي تصنع الحياة على اختلاف العرق والدين والبلاد .
كأن بنا نحن أمام فالنتاين غربي عاش بهيئة مشرقي حلبي سوري ، بعد مقصلة عمياء قبل أكثر من 17 قرن .
الأول مات مرة واحدة وعاشت فكرته ، الثاني مات ألف مرة ، وتكاد ميتته ومقتلته ان تتلاشى في زحمة الموت بين قصف نابلم و براميل متفجرة وكيماوي خانق
لنا فالنتيننا الــ حلبي السوري المقتول .. المصوّر بواسطة خلوي تم تسريبه لوسائل إعلام عالمية حيث تم شحطه مسافات وهم يلصقون به شتائم نابية لهدَّ رجولته واغتصاب وعيه الشفوي الفطري ، فيما يرددون دعنا نختلي بزوجتك ونتركك ، قل لنا أين أولادك ونحررك ، انت منهزم وجبان .. وهكذا كلام عنفي الى جانب ضرب وركل و هرس لجسده ، ثم أجهزوا عليه ببضع رصاصات وما بينهما كان يردد مرتي تاج راسي …
المجد للعاشق السوري المقتول … الذي كان يردد ( مرتي تاج راسي )
- أحمدسليمان https://opl-now.org/
هنا مضمون الحوار بين شبيح في جيش الأسد وبين الشهيد قبل ان يتم قتله
يقول الشهيد : ” كرمال الله بس خليني ودع ولادي” …
يرد عليه الشبيح : ” بخليك تشوفهم بس بتخليني *** مرتك “…
يقول الشهيد ” أعوذ بالله أنا مرتي روحي…. أنا ولادي روحي” …
يعيد الشبيح سؤاله :
يجيب الشهيد ” كرمال الله ياشباب بس أودع ولادي”…
يكرر الشبيح سؤاله ” بتخليني *** مرتك” …
يقول الشهيد : ” مرتي بنت عمي مرتي تاج راسي ” ..
يستغرب الشبيح ويقول : ” اش هالحيوانات هدول ” ..
- عيد فالنتاين :
- تعددت الروايات عن حقيقة احداث هذ العيد وهنا مُلخص : قبل ما يزيد على 1700 عام في وقت كانت الوثنية هي السائدة عند الرومان ،
وكان الرومان يحتفلون في 14 فبراير بملكة آلهة الرومانيين جونو ، وكانت تتفسخ وتنحل أثناء احتفالهم بهذا العيد ،
فتقوم الفتيات بكتابة أسمائهن في أوراق ثم يضعنها في زجاجات فارغة، ثم يأتي كل شاب فيختار بالقرعة اسم عشيقته ليحتفل بها في هذا العيد،
واستمر الحال على ذلك حتى القرن الثالث الميلادي الذي كان يحكم الرومان فيه الإمبراطور كلاوديس الثاني ، والذي قام بعدة حملات حربية باءت بالهزيمة والفشل ،
فأدرك أن سبب ذلك هو صعوبة جمع رجال الجيش بسبب ارتباطهم بزوجاتهم وعشيقاتهم ،
مما حدا به إلى إصدار أمر يمنع القساوسة فيه أن يتموا للجنود عقود الزواج ،
فاضطر القساوسة جميعهم للاستجابة لأمره إلا قسيساً كان يدعى : ( فالنتاين ) فقد أبى الانصياع لأمره ،
وكان يتم عقود الزواج سراً ، لكن سرعان ما افتضح سره، وبان أمره، فتم اعتقاله وإدانته بمخالفة الإمبراطور وحُكِم عليه بالإعدام،
وأثناء إقامته في السجن تعرف على ابنة السجان، والتي كانت تزوره متخفية، مصطحبة معها وردة حمراء لإهدائها له، فوقع في حبائل حبها وغرامها، وخرج عن تعاليم شريعته النصرانية التي تُحرِّم على القساوسة الزواج أو عقد العلاقات العاطفية،
ثم إن الإمبراطور قد دعاه إلى عبادة آلهة الرومان مقـابل العفو عنه، ولكنه رفض ذلك وثبت على نصرانيته فنُفِذ فيه حكم الإعدام في يوم 14 فبراير عام 207 م .
نّشر لأول مرة في 13 فبراير، 2013