مؤتمر المسار الديمقراطي يهدف تقسيم سوريا
أولئك الذين عارضوا الحركات الشعبية والثورات السلمية، أو ما يُعرف بثورات الربيع العربي، يجدون أنفسهم الآن يدفعون ثمن أفعالهم المناهضة للتحرر من الطغمة الأسدية. فكما تمت تصفية قدرات تنظيم داعش الإرهابي وتدمير عتاده الحربي، ستأتي اللحظة التي يُحاسب فيها كل من سعى لمحاربة وتهميش الثورة السلمية التحررية في سوريا.
وفي هذا السياق، يأتي مؤتمر بروكسل المعروف باسم “مؤتمر المسار الديمقراطي السوري” ليعكس تعقيدات القضية السورية، حيث يُقاد من قِبَل قوى ترتبط بخلفيات أيديولوجية وقومية ودينية متطرفة، وتلقى دعمًا من إيران، وتتماشى في أهدافها مع النظام السوري. ورغم رفع هذه القوى شعارات تدعو إلى “المسار الديمقراطي”، إلا أن جوهر هذا المسار يهدف إلى تقسيم سوريا وإدارتها من قبل مجموعات مرتزقة تحتل الأراضي السورية. يُعتبر هذا المؤتمر المشبوه وسيلة للالتفاف على مطالب الشعب السوري، مما يجعله عائقًا أمام تحقيق تغيير حقيقي وديمقراطية فعلية.
وتتجلى أمثلة مشابهة في تاريخ الغرب، حيث قوبلت الحركات التحررية بقمع مشابه، لكن مآل التاريخ كان لصالح هذه الحركات. ففي أوروبا، تعرض المعارضون في إسبانيا خلال حكم الديكتاتور فرانكو لقمع وحشي استمر لعقود، لكن مع وفاة فرانكو والتحول الديمقراطي، واجه مؤيدو النظام القمعي ضغوطًا سياسية واجتماعية، مما أعاد إحياء مطالب العدالة ومحاسبة مرتكبي الجرائم.
وفي ألمانيا الشرقية، سعى النظام الشيوعي لتكميم أفواه المطالبين بالحرية، لكن بعد سقوط جدار برلين في عام 1989، واجه المسؤولون السابقون محاسبة شعبية، وحدثت تغييرات جذرية لصالح الحرية.
وفي أمريكا اللاتينية، نجد أيضًا أمثلة عن حركات تحررية قُمعت في ظل الأنظمة الديكتاتورية، كما في تشيلي والأرجنتين، إلا أن هذه الأنظمة سقطت لاحقًا، وحوكم القادة على جرائمهم ضد الإنسانية، وعادت مطالب الشعوب للواجهة.
تُظهر هذه الأمثلة أن التاريخ يميل إلى دعم الحركات التحررية، حتى بعد سنوات من القمع، وتوضح أن أولئك الذين قاوموا هذه الحركات يجدون أنفسهم في نهاية المطاف أمام حساب تاريخي وحاجة ملحة لتحقيق العدالة.
أحمد سليمان