كارثة التدافع في الجامع الأموي

كتب أحمد سليمان: اليوم… ذُهلتُ مما سمعتُ وشاهدتُ وقرأتُ عن هذا الحادث الموجع. حادثٌ وقع في الجامع الأموي بدمشق، اليوم الجمعة 10 يناير 2025، حيث شهدت فعالية نظمها الشيف أبو عمر الدمشقي لتوزيع وجبات طعام مجانية تدافعاً مأساوياً. وأسفر الحادث عن وفاة أربع نساء وإصابة 16 شخصاً، بينهم خمسة أطفال تعرضوا لكسور ورضوض، إضافة إلى حالات إغماء متعددة.
خلفيات الحادثة:
جاءت هذه المبادرة الفردية في ظل ظروف معيشية صعبة تعيشها معظم المناطق الفقيرة والمهمشة في سوريا، حيث تتزايد الحاجة إلى الدعم الإنساني. لكن الحادثة كشفت عن غياب واضح للتنظيم والتنسيق مع الجهات المختصة، مما أدى إلى وقوع الكارثة. ازدحام شديد وغياب خطط لإدارة الحشود كانا السبب الرئيسي وراء التدافع.
ردود الفعل والانتقادات:
على الرغم من أن الشيف أبو عمر أعرب عن أسفه الشديد لما حدث، مشدداً على حسن نيته في مساعدة المحتاجين، إلا أنه تعرض لانتقادات واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي. البعض اتهمه بالسعي وراء الشهرة أو القيام بمبادرة استعراضية دون دراسة كافية لتبعاتها.
ومع ذلك، فإن إلقاء اللوم بالكامل على الشيف أبو عمر ليس عادلاً. فالمأساة تسلط الضوء على تقصير المؤسسات المسؤولة عن إدارة الأماكن العامة مثل الجامع الأموي، التي كان من المفترض أن تضع خططاً تنظيمية لمنع مثل هذه الحوادث، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة.
انعكاسات الحادثة:
الحادثة ليست مجرد خطأ تنظيمي أو سوء تقدير، بل هي شهادة على عمق الأزمات التي تعاني منها الفئات الأكثر ضعفًا في سوريا. إنها تذكير بأن آلاف السوريين، الذين أنهكتهم سنوات الحرب والجوع، مستعدون للمخاطرة بحياتهم للحصول على وجبة مجانية، مما يعكس حجم المعاناة الإنسانية التي تعيشها هذه المجتمعات.
دعوة للتغيير:
بدلاً من تبادل الاتهامات، يجب أن تكون هذه الحادثة نقطة انطلاق لتبني سياسات أكثر مسؤولية في التعامل مع المبادرات الفردية، وضمان وجود تنظيم وتنسيق مناسبين. كما يجب أن تتحمل المؤسسات الإنسانية والبلدية مسؤولياتها في دعم هذه المبادرات لتصل المساعدات إلى مستحقيها بأمان وكرامة.
تحية إجلال للنساء اللواتي فقدن حياتهن في هذه الحادثة، ودعوات بالشفاء العاجل للمصابين. هذه الأرواح ليست مجرد أرقام في سجل المآسي، بل دليل حي على الحاجة الملحة لتحرك فوري لمعالجة الأزمات المتفاقمة في سوريا.

أحمد سليمان