أحمد سليمانتقارير حقوقية

تقرير صحفي: رفع العقوبات عن سوريا – لحظة مفصلية في مسار شعب لم يتنازل عن حريته

أحمد سليمان : في تحول تاريخي يأتي بعد أكثر من 14 عامًا من المعاناة والتضحيات، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع العقوبات المفروضة على سوريا، في استجابة لتحولات داخلية وصفها بـ”النهضة الوطنية السورية”، مؤكدًا أن “الشعب السوري يستحق فرصة جديدة، بعيدًا عن منظومة الأسد التي أجرمت بحقّه”.

من الجريمة إلى العقوبة: خلفية العقوبات الدولية:
فُرضت العقوبات على النظام السوري ابتداءً من عام 2011، بعد سلسلة من الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها بحق المدنيين، تمثلت في:

  • قتل المتظاهرين السلميين وتعذيب المعتقلين والاختفاء القسري.
  • استخدام الأسلحة الكيماوية في مناطق مدنية مثل الغوطة وخان شيخون.
  • تدمير مدن بأكملها باستخدام الطيران الحربي والأسلحة الثقيلة.
  • فرض الحصار والتجويع، وتهجير مئات آلاف السكان قسرًا.
  • إخضاع السيادة السورية لنفوذ خارجي متعدد.

بلغت هذه العقوبات ذروتها مع “قانون قيصر” عام 2019، الذي شدد القيود على النظام والمتعاونين معه، لتتحول سوريا إلى واحدة من أكثر الدول المعزولة اقتصاديًا وسياسيًا.

14 عامًا من التضحيات والصمود:
منذ انطلاق الثورة السورية في مارس/آذار 2011، دفع السوريون ثمناً باهظاً في سبيل الحرية والكرامة. تجاوز عدد الضحايا نصف مليون قتيل، وملايين اللاجئين والنازحين، وآلاف المختفين قسرًا. وبرغم القمع، ظلّ الحراك الشعبي متمسكًا بمطالبه، ما أفرز واقعًا جديدًا في الداخل والخارج السوري، وجعل لحظة رفع العقوبات ثمرة لهذا الصمود الطويل.

فرصة التحول: مبررات رفع العقوبات:
القرار الأميركي برفع العقوبات جاء استنادًا إلى تطورات ملموسة، أبرزها:

انبعاث حراك شعبي متجدد، يرفض العودة إلى منظومة الاستبداد.

تأسيس مؤسسات وطنية مدنية بديلة عن أجهزة النظام.

استعداد مجتمعي واسع لإعادة الإعمار بقيادة سورية خالصة.

تزايد التأييد الدولي لمسار سياسي ديمقراطي جديد في البلاد.

مسؤولية دولية في لحظة مفصلية:
رفع العقوبات لا يُعفي المجتمع الدولي من مسؤولياته الأخلاقية والسياسية تجاه سوريا. بل على العكس، فإنه يتطلب خطوات متزامنة لدعم التحول الديمقراطي المنشود، وأبرزها:

1. تشجيع الاستثمارات المباشرة في مشاريع إعادة إعمار سوريا ومؤسساتها الوطنية، بعيدًا عن شبكات الفساد و”أمراء الحرب”، خاصة من قبل الاتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة، والدول الخليجية وعلى رأسها قطر والسعودية والإمارات.

2. دعم تأسيس جيش وطني سوري، يمثل جميع مكونات الشعب، ويُدرّب على أيدي خبراء ألمانيا الإتحادية ، وذلك وفق المبادرة التي أعلنتها وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك.

3. تفعيل القضاء الوطني لمحاسبة المسؤولين عن الجرائم بحق السوريين، وضمان عدم إفلاتهم من العقاب، خصوصًا من يواصلون تهديد أمن المجتمع الأهلي.

4. تهيئة بيئة آمنة للاجئين الراغبين بالعودة الطوعية، تكفل أمنهم وكرامتهم وحقوقهم في الممتلكات والسكن.

آمال متجددة ببناء وطن ديمقراطي:
اليوم يفتح السوريون صفحة جديدة في تاريخهم، مستندين إلى تضحيات جسيمة وآمال متجددة ببناء وطن ديمقراطي قائم على سيادة القانون. إن رفع العقوبات يجب ألا يكون نهاية الضغط على مرتكبي الجرائم، بل بداية شراكة استراتيجية بين الشعب السوري والمجتمع الدولي، لتمكين سوريا من استعادة مكانتها كدولة حرّة ومستقلة.

صادر عن نشطاء الرأي
إعداد: أحمد سليمان

اظهر المزيد

نشــــطاء الـرأي

نشــــــــطاء الـــرأي : كيان رمزي وخط إنساني لحرية الإنتقاد الثقافي و الفكري والسياسي ، بدعم مالي مستقل Organization for peace and liberty – OPL : www.opl-now.org

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق